بنفسج

الفسفور المحرّم دوليًا: سلاح الاحتلال المفضل في الحرب

الخميس 12 أكتوبر

استغرق الاحتلال وقتًا طويلًا ليستوعب حجم الهزيمة التي أعقبتها عملية "طوفان الأقصى"  ردًّا على كل الانتهاكات والجرائم والاعتقالات التي ارتكبها في الأشهر الأخيرة بالقدس، والضفّة والداخل المحتلّ، إلى أن أعلن وزير الدفاع الإسرائيليّ "يوآف غالنت" في التاسع من الجاري حصارًا شاملًا على غزّة يقضي بمنعها من الماء والكهرباء والغذاء، واستهداف المدنيين من خلال القصف المستمرّ للمنازل والمستشفيات ودور العبادة، ووصل به الحدّ إلى استعمال الفوسفور المحرّم دوليًا وذلك وفقًا لشبكة قدس الإخبارية ولمصادر محليّة في منطقة الكرامة شمالي قطاع غزة. 

الفسفور: محرّم دوليَا وفقًا للمعاهدات الدولية

فسفور كوفر.jpg

تم تحريم الفوسفور لأول مرة في اتفاقية جنيف سنة 1980؛ حيث منعت المادة الثالثة من الاتفاقية التي تتعلق بالأسلحة الحربية من استخدامه في المناطق السكنية الآهلة بالمدنيين، وحدّت من الاعتماد عليه في الأهداف العسكرية المحاذية للمناطق المدنية باعتباره سلاحًا حارقًا يحدث انبعاثات حرارية هائلة ويتسبّب في حروقٍ بالغةٍ للأشخاص، كما يصل أثره إلى المدى البعيد، ووصفت استعماله ب"جريمة حرب". 

لكنّ الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة لم تكن المرة الأولى التي استخدم فيها هذا السّلاح؛ فقد أثبتت التقارير الطبية في المستشفيات وجود آثار للفوسفور في أجسام الضحايا خلال العدوان على غزة سنة 2008 فيما عرف بعملية الرصاص المصبوب -أو "الفوسفور المصبوب"-، كما أكّدت تقارير منظمة هيومن رايتس واتش على استخدام إسرائيل لهذا السلاح في المناطق المأهولة بالسّكان وعدم التزامها بالاقتصار على استعماله في الميادين المفتوحة، مؤكّدة بأنّ هذا الاستخدام لم يكن عارضًا بل كان متكرّرًا وتمّ رصده في مواقع متباينة، ما يدلّ على أنّ إسرائيل تتقصّد استهداف المدنيين، وقتلهم، ولا يهمّها التفريق بينهم وبين العسكريين. ففيم تتمثّل أضرار الفوسفور الأبيض الذي تجعل من استعماله جريمةً حربية لا تتوانى إسرائيل عن ارتكابها في كلّ فرصةٍ مواتية؟ 

الفوسفور الأبيض: سلاحٌ متفجّرٌ بأضرار جسيمة  

يُعرّف الفوسفور الأبيض بأنّه مادة شمعية سامة بلورية تميل للاصفرار، تتحوّل إلى لون غامق بعد تعرّضها للهواء، يتمّ استخدامها كقنابل مدمّرة من خلال تفاعلها السريع مع الأكسيجين الموجود في الهواء، والذي ينتج حرارةً هائلةً تبلغ حوالي ألف درجة مئوية.
 
فور ملامسته للجلد، فإنه يستمرّ في الاشتعال حتى يصل إلى طبقات العظام، كما أنّه يؤدي إلى القتل بمجرد حرقه لـ10 بالمئة فقط من الجسم. 

يُعرّف الفوسفور الأبيض بأنّه مادة شمعية سامة بلورية تميل للاصفرار، تتحوّل إلى لون غامق بعد تعرّضها للهواء، يتمّ استخدامها كقنابل مدمّرة من خلال تفاعلها السريع مع الأكسيجين الموجود في الهواء، والذي ينتج حرارةً هائلةً تبلغ حوالي ألف درجة مئوية، مصحوبةً بدخان أبيض كثيف. كما يتميّز بخاصية الانتشار التي توسّع من نطاق آثاره إلى حوالي 150 متر من موقع سقوطه. فور ملامسته للجلد، فإنه يستمرّ في الاشتعال حتى يصل إلى طبقات العظام، كما أنّه يؤدي إلى القتل بمجرد حرقه لـ10 بالمئة فقط من الجسم. 

يتسبّب الفوسفور الأبيض كذلك بأضرار جسيمة لكل من القلب، والكبد، ويؤدي استنشاقه لوقت قصير إلى تهيّج القصبات الهوائية وتضرّر الرئتين، وحدوث نخر في الفك. وقد يتسبب التعرض له عن طريق الفم إلى حدوث ضرر حاد وتسمّم شديد في الجهاز الهضمي يؤدّي إلى الوفاة بعد مدّة أقصاها 48 ساعة. علاوة على كلّ هذه الأضرار، ورغم إمكانية الوقاية منه من خلال التدخل الطبيّ العاجل؛  فإنّه يتميّز بخاصية الترسّب التي تهدّد سلامة البيئة وتخلّ بالنظام الغذائيّ؛ فخطورته لا تنتهي بمجرّد انتهاء الحرب، بل تمتدّ لأبعد من ذلك وتسبّب تلوّثًا يمسّ مصادر الماء والطعام، الأمر الذي يجعل من تحريمه قرارًا ضروريًّا يواصل الاحتلال انتهاكه على مرأى ومسمع من أجهزة القانون الدوليّ. 

وقد أثبت هذا الاحتلال الوحشيّ الذي يحاول أن يلمّع صورته أمام الرأي العام الدوليّ من خلال التصريحات التي أطلقتها جهات إسرائيلية رسمية، على نحو تصريح وزير الدفاع الإسرائيليّ يوآف غالانت: "نحن نتعامل مع حيوانات بشرية"، بالإضافة إلى خطاب منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية غسان عليان "بدكم جهنم، رح تحصلوا على جهنم. مع وحوش بشرية كهذه سنتعامل كما يجب"، أنّه وعلى غرار الفوسفور المحرّم والمتفجرات المعدنية مستعدٌّ لفعل أي شيء من أجل إحداث إبادة جماعية لا تفرق بين الرجال والنساء والأطفال، ولا بين العسكريين والمدنيين مادامت هذه الإبادةُ ستساعده في إحكام قبضته على أرضٍ لم تكن يومًا من نصيبه.