بنفسج

التلاعب بالعقول: عن الدعاية الإعلامية الكاذبة للاحتلال

السبت 14 أكتوبر

سياسة دول عظمى تقوم على "البروباغندا"، تغذى العقول يوميًا بملايين الصور، والمقولات statments والادعاءات arguments والأيقونات Icons والعلاماتsemantics ، التي تصنعها مؤسسات إعلامية ضخمة وتروح لها، فتصنع منها رواية كاملة في دلائل وبراهين تصبها في صور زائفة. وهي غالبًا ما تركز على الجانب العاطفي للمتلقي، أطفال ونساء ومضامين إنسانية تخصهم.

منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر، والعدو ومن يواليه من الحلفاء والمؤسسات والدول، يحاولون تصدير أفكار واحدة للعالم أجمع وهي أن المقاومة تقتل النساء والأطفال وتقطع رؤوسهم، وتربط في عقول الجماهير أنهم داعش، والكل يعلم هذه التسمية وكيف ترتبط في عقول الجماهير بـ "وحشية، دموية، قتل بدم بارد".

يتيح القانون الدولي في مواد واضحة وصريحة للمستَعمَر حق الدفاع عن نفسه ومقاومة المحتل، وما قامت به المقاومة في فجر اليوم من الحرب هو حق متاح، إذ أنها هاجمت مستوطنات وكيبوتسات أُقيمت بغير وجه حق، يقطنها صهاينة مجندون ومجندات، ومعسكرات تعج بالسلاح والعتاد. وقد أظهرت صور وفيديوهات كثيرة حرص فيها أفراد المقاومة على الأمهات اللات يحملن أطفالهن وأطلقوا سراحهن منذ اللحظات الأولى وقالوا لهن أنهم يتخلقون بأخلاق الإسلام. وأكد الناطق الرسمي باسم القسام بأنهم يعملون بوصايا الرسول صلى الله عليه وسلم: فلا يؤذون طفلًا ولا شيخًا ولا يقطعون شجرة.

والفرق بين الدعايتين أن أولاهما تتبع للقوة العظمى في العالم، أطلقها وزير الخارجية الأميريكي الذي قال إنه هرع إلى إسرائيل بصفته يهوديًا، وتباكى على الأطفال الذي قال بأن رؤوسهم قطعت، وأن صور أطفاله لم تبارح مخيلته عندما رآهم. فسمعه العالم أجمع! ومن يسمعنا نحن؟

صوت المقاومة فهو صوت المستعمَر الذي يُطمس عدا عن أنه يُقال بلغته الأم، لغة لا يفهمها كل العالم، فمن ذا الذي يُسمع صوته للعالم، والصحافيون الأجانب ينقلون الصورة الزائفة لقنواتهم، والأقلاء من يتحدثون الإنجليزية من صحافي غرة، أو المتطوعين الذين يعيشون في غزة.

يقع على عاتقنا الآن استكمال الصورة الحقيقية للمقاومة، ودخض الادعاءات الزائفة التي يروج لها الاحتلال وحلفائه لكسب الرأي العالم العالمي والدعم الدولي، وهم يعلمون  أنهم يستطيعون تغيير وجه العالم بمقولاهم الزائفة من خلال آلاتهم الدعائية والإعلامية الضخمة.

يتلاعبون بالعقول من خلال التقانة الحديثة، وتنقل عبر القنوات العالمية والمؤسسات الإعلامية والنشرات الإخبارية ومنصات السوشال ميدي، ويساندهم المؤثرون والمشاهير من أصحاب الماركات العالمية الشهيرة، بل تقول إنها تدعم الاحتلال بكل ما أوتيت، مثل: ماكدونالدز، ستاربكس، بيتزا هت، نستلة، وغيرها.

من جهتنا، علينا أن ننقل الحدث بلغة يفهمها العالم وترويجها عن طريق ربطها بالمضامين الإنسانية والحقوقية، فغزة تدك صباح مساء، ويستخدم الفسفور الأبيض المحرم دوليًا، تقطع عنها الإمدادات والمساعدات وتكاد مستشفياتها تتوقف عن العمل لنفاد المواد الطبيعة، وقد قصفت بعضها، واستهدفت سيارات الاسعاف، واستشهد العديد من المسعفين والكوادر الطبية، ومعظم القتلى من النساء والأطفال، ومسحت سجلات كاملة من العائلات في غزة، وسويت المساكن بالأرض، كما أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي أوامر بقطع الماء والمهرباء والوقود، وهوجمت المعتقلات وتعرض الأسرى لإجراءات قمعية، وهي كلها إجراءات يحرمها القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف. وتعتبر هذه اللانتهاكات من أسوأ المجازر التي مورست في العالم أجمع، إذ تمارس بتغطية دولية، هكذا على مرآى من العالم!

إسرائيل تخترق والعالم يصفق لها ويصدق دعايتها، معتمدة على الرسائل الزائفة ذاتها: انظروا، حماس تقتل أطفالنا وتغتصب نساءنا. بل إنهم يحولون صورًا عن طريق الذكاء الصناعي إلى أشلاء أو جثامين محروقة، وقد أُثبت بالدليل أنها زائفة.

يقع على عاتقنا الآن، إطلاق حملات عن طريق المنصات والقنوات، تواجه الآلة الدعائية الصهيونية باللغة ذاتها التي يستخدمونها، بصورنا الحقيقية وواقعنا الحقيقي، وإن كلًا منا يقف على ثغرة فلا يؤت من قبلها، من استطاع أن يخرج بفيديو بالإنجليزية وينشرها على الصلفحات العالمية فليفعل، من استطاع التواصل مع مؤثرين يتحدثون الإنجليزية فليفعل، من استطاع التواصل مع مؤسسات حقوقية عالمية فليفعل. ولا يستهن أحدنا بالرأي العام ونقل الرواية الفلسطينية الحقيقية، حتى لا يموت أطفالنا مجهولي الهوية!