بنفسج

"خايفيين يستشهدوا": قلن عن ذويهين الأسرى

الخميس 26 أكتوبر

يقول صديق مقرّب حُكم والده مدى الحياة ويقبع في سجن هاداريم ل أكثر من 20 عامًا حتى الآن: "منذ بدأ الاحتلال يستخدم الأسرى كورقة ضغط على المgاومة الفلسطينية في غزة، لا ننام ونحن ننتظر أخبارًا للاطمئنان عن الوالد، والسماع عن أصدقائه في الأقسام. في الحقيقة نحن نعيش لحظات مرعبة وكأننا ننتظر حدوث الأسوأ".

وصديقة تقول: "منذ الفجر ...أصحو لأتفقد من بقي من غزة، من استشهد، ومن اعتُقل من الإخوة والأخوات في الضفة، نستفيق كل يوم على أعداد هائلة، ناشطون وناشطات، وصحافيون وصحافيات، وغيرهم من الناس العاديين، أو النشطاء السابقين".

طوفان الأقصى: اعتقالات بالجملة في الضفة والقدس 

أسرى 4.jpg
 

استشهد 73 معتقلًا، من أصل المئات الذين توفوا لأسباب صحية أو غير معلومة، في تاريخ الحركة الأسيرة منذ عام 1967، يُضاف إليهما شهيدان منذ 7 من أكتوبر. ومنذ حرب طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الحالي، والاحتلال يكثف اعتقالاته بشكل كبير وواسع يشمل كل مناطق الضفة، نشطاء وغير نشطاء، إناثًا وذكورًا، من كافة الحركات والتوجهات والفصائل، إذ كان عدد المعتقلين قبل الحرب حوالي 5000 أسيرًا وأسيرة، وزاد عددهم خلال حرب الطوفان إلى أكثر من 7000 أسير وأسيرة. 

ويقدر نادي الأسير أن 95% من الأسرى والأسيرات يتعرضون للتنكيل، كما يتعرض الأسرى لضغط مضاعف هذه الأيام؛ إذ يحرمون من الفورة، والكانتينا، وقد قلّت الاتصالات أو فُقدت في بعض الأقسام، وسحبت أجهزة التلفاز والراديوهات، وهي المصدر الوحيد للأسرى لسماع الأخبار. كما يتعرض الأسرى للتفتش العاري، وخصوصًا أسرى سجن النقب، ومنهم من تعرض للضرب بالعصي وأصيب إصابات خطيرة، ومنهم من وُضع في العزل الانفرادي، كما يلجأ الاحتلال إلى قطع الكهرباء ومنع دخول الدواء والماء الصالح للشرب.

" خايفيين يستشهدوا": قلن في ذويهن الأسرىأسرى 5.jpg

تقول أمان منصور، زوجة الأسير أمير منصور: "هذا الاعتقال المشاعر فيه متضاربة، على الرغم من أنه الاعتقال الرابع لزوجي منذ زواجنا، إلا أنه على خلاف الاعتقالات السابقة، إذ جاء بعد سلسلة ممارسات واقتحامات همجية مارسها الاحتلال بحقنا، من تكسير البيت وتهديد العائلة وترويع الاطفال في مشهد لا يفهم منه إلا الانتقام".

وبالفعل، يبدأ الاحتلال بممارسة الضغط والتنكيل منذ لحظات الاعتقال الأولى، إذ يتعمد إهانة الأسير أمام زوجته وأطفاله، والنيل من معنوياتهم؛ إذ يفتش البيت والأماكن المحيطة، ويمتلئ الحي بالجند المدججين بالأسلحة، ويقيد الأسير إلى الخلف، ويُجثى على ركبتيه، ثم يحطمون مقتنيات المنزل ويعيثون فيه فسادًا، إلا أن يُقاد الأسير إلى منطقة مجهولة، ويستغرق المحامون أيامًا في بعض الأحيان للوصول إلى معلومة تفيد بمكان التحقيق الذي اقتيد إليه الأسير.

تكمل آمان: "الجانب الآخر من هذا هو سيطرة شعور العجز علينا لانقطاع أخبار الأسرى عنا، بما في ذلك سياسة الاحتلال بتصفية الأسرى، إذ أصبحت سياسة واضحة وصريحة، وفي أي لحظة صرنا ننتظر خبر استشهاد أسرانا، وسط سكوت رهيب عن قضيتهم من المؤسسات الأهلية والدولية! ولكن الجانب الأهم هنا هو شعورنا العجيب باطمئنان رباني لوجود مقاومة رفعت رأسنا ومرّغت أنف الاحتلال بالتراب، وحدها قادرة على كسر قيود السجن وقهر السجان".

أما آيات دراغمة فتقول: "أبوي مضى في السجن عشرين سنة إلا شهر، ضايله سنتين وشهر بخلص محكوميته. خايفين عليه، وامبارح خوفنا أكثر، لأنه صاحبه استشهد، كلنا كنا متخيل كيف بده يستقبل هالخبر وكيف رح يكون تأثيره عليه.

وتقول مجد ابنة الأسير عدنان حمارشة: "أبوي مريض وبتحملش ضرب ولا تعذيب، صرلنا سنين بنستنى فيه معقول ما نشوفه؟! والله حرفياً بس بستنى بلحظة يوصلنا خبر استشهاده. بس لما نصفن بالي بصير بغزة بنقول إلي بنقدمه قليل قدامهم وبخف خجلنا وعجزنا، وبنحس إنه بنقدم ولو قليل في المحنة إلي آخرها نصر بإذن الله".

أما يمان منصور ابنة الأسير عدنان عصفور، فتقول: "شعور مختلط .. بين دفع ضريبة وجهاد بأضعف الإيمان في ظل ظروف الضفة.. وبين خوف وترقب وتوتر كل لحظة من الأخبار الغامضة والوضع السيء بالسجون".

أمهات الأسرى: خوف يدافعه صبر واحتساب


أسرى 3.jpg
 

وتضيف أم بكر بلال أم لأسيرين مؤبدات داخل السجن: "طول عمري أقول يا رب أشوف ولادي قبل ما أموت، اليوم كلي خوف أنهم يموتوا قبلي ومن دون ما أشوفهم مع الإجرام إلي بمارسه الاحتلال مع الأسرى، بس إحنا نذرناهم لربنا، طلعوا من السجن أو استشهدوا، ربنا وليهم وهو الناصر والمعين".

أما دعاء دويك ابنة الأسير عزيز دويك، فتقول، ولسان حالها الخوف: "أبوي مش صغير 75 سنة. أبوي ما بتحمل البرد أبدًا ،كيف إذا إنهم بضربوه أو بفلتوا الكلاب عليه . بقول أديش أبوي انحبس قبل وأديش كنا نتألم، كنا نعيش مشاعر إنا نفتقده ونشتاقله وكنا نتخيل يوم الإفراج، بس هلأ عم بنخاف من كل خبر ومن كل رسالة أو اتصال، خايفين يكون خبر يفجعنا لا سمح الله".

يستمر الاحتلال في حملة اعتقالات يومية كان آخرها اعتقال العشرات ليلة أمس، من ضمنهم المناضلة سهير البرغوثي "أم عاصف" وعمرها 57 عامًا، من بلدة كوبر، علمًا بأنها تعاني من مشاكل صحية قد تهدد حياتها. والكاتبة والصحافية المعروفة لمى خاطر ، وكأن بالاحتلال يقول لها: "ستدفعين ثمن الكلمة".