بنفسج

حديث الش@داء: هكذا غردت هبة أبو ندى

الخميس 02 نوفمبر

*نحنُ في غزة عند الله بين شهيد وشاهد على التحرير وكلنا ننتظر أين سنكون، كلنا ننتظر اللهم وعدك الحق.

*منطقة الزهرة في غزة تهدد كاملة، الأربعة وعشرين برجًا تقصف الآن، مدينة بأكملها تستشهد برجًا برجًا، يا الله يا الله!بالنسبة للمشاهير العرب إللي ما حكوا عنا، اسمعوا، ما تنادوا حد إللي مش شايل القضية لحاله ما بنشيله إياها بالناقص هامل من الهمل.

*قائمة الأصدقاء عندي تنكمش، تتحول توابيت صغيرة تتناثر هنا وهناك، لا يمكنني إمساك أصدقائي وهم يتطايرون بعد الصواريخ، لا يمكنني إعادتهم من جديد، ولا يمكنني أن أعزي فيهم ولا يمكنني البكاء لا أعلم ماذا أفعل! كل يوم تنكمش أكثر هذه ليست أسماء فقط هؤلاء نحن بوجوه وأسماء مختلفة فقط. يا رب ماذا نفعل يا رب أمام وليمة الموت الضخمة هذه. لا توجد أي أيقونة هنا تعيدهم ولو كذبا.

*في الجنة توجد غزة جديدة بلا حصار تتشكل الآن .. ! إذا متنا اعلموا أننا راضون وثابتون وبلغوا عنا أننا أصحاب حق.

*صورنا العائلية، كيس من الأشلاء، كومة من الرماد، خمسة أكفان ملفوفة بجانب بعضها متفاوتة الحجم، الصور العائلية في غزة مختلفة لكنهم معًا كانوا معًا ورحلوا معًا.

*نحن بالكاد أحياء وبالكاد ننجو يعلم الله ذلك، لكننا حفظنا عن غيب أسماء الذين خذلونا والذين نصرونا ليسوا بالذاكرة بل الأبدية سنحملهم في نعوشنا حين نموت سنحملهم حتى ينهزم الباطل وينتصر الحق.

*الأمنية إللي إحنا أهل غزة عارفينها: كل يوم أنا كنت أختار أواعيك، ليش أنا لابسة جلباب وأنت لابس كفن؟ آه اختلفت المناسبة أنا رايحة على الموت وأنت رايح ع الجنة! يا خسارة كان رحنا سوا يا ريت.

*كلَّما اعوجَّ خطُّ على خريطةٍ فلسطين بين المدن، صححه الرصاص. الممحاة للصغار، المدن تصحح الأخطاء بالرصاص، غزة مثالًا..

*"البنت إللي انخطبت للشب إللي بتحبّه بعد سنين من العذاب استـشـ&ـدت، والدار إللي تجهزت للعريس والعروس صار حصى، ورمل الطفل إللي أجا لأبوه وأمه بعد سنين حرمان عجنه الصـ!ر9خ، والأم إللي كانت هي الدار وحسها راحت هي والدار، ولاد الصف إللي كانوا يتخانقوا ع البنك الأول راحوا، والمعلمة والدكتـ.ـور والصـ.ـحفي ... ضل الصورة والصـ.ـرخة والـ.ـدَّ م .. ونعـ.ـوش من أول غـ.ـzة لآخرها نعُوش، يمكن ما يضل حدا عايش عشان يشيلها!!

*إحنا قديه مكلومين بس واللّٰه بالخذلان أصعب من الصـ!ر9خ واللّٰه".

* يا عالم وين نروح والله لو يقتلونا كلنا مرة وحدة أحسن مش رح نستسلم ولا رح نسلم يقتلونا كلنا مرة وحدة وخلص بدل ما بنشوف موتنا هيك، يا رب عاجزين نعيط حتى من الفاجعة

*لما نروح لربنا ما رح نحكيله ينتقم من إسرائيل رح نحكيله يحاسب العرب والإخوة في الشق الثاني من الوطن بالأول.اليوم في كان قصف عمارة قرايبنا جنب دار خالتي الله نجاهم بمعجزة بنسألهم مين بالعمارة عاش ومين مات حكولنا كلهم ماتوا كلهم.

*بطلنا نعد والله بطلنا نعد.بطلنا نعد بغزة بطلنا نعد شهدا ولا جرحى ولا أيام ما في معنى لشيء، بطلنا نعرف حتى شو ندعي! حسبنا الله ونعم الوكيل في هذا العالم عربًا وعجمًا.

*الأمر كالتالي كلنا في حقل مفتوح سنابل منهكة من الحصار والموت يحمل منجلا ضخما ويلوح به علينا يمينا ويسارا، كلنا نموت والحقل يفرغ منا والسنابل تتطاير! مات أطفال لم يستخدموا أسماءهم بعد!

*بالنسبة لنا لا فرق بين الإسرائيلي القاتل والأوروبي المتعاون والعربي الصامت والآخرين الذين ينظرون لنا كلهم قتلة، كلهم. تحت القصف في غزة من ذروة موتنا نسمع الشعراء، لقد قال تميم بالنيابة عنا كل ما يجب أن يقال، هذا بيان ختم بالدم وثقيل وعال هو الدم، إن عشنا تذكرنا تميم وإن متنا تذكروه بالنيابة عنا والعنوا السياسيون عربا وعجما وابصقوا في وجوههم لأننا لن تستطيع. عليك السلام يا غزة.

*الأستاذ بحكي لمحمد اطلع عاللوح واكتب الجواب، محمد وصل اللوح ولف عالصف ما لقى حد من صفه، التفت عالاستاذ ما لقاه التفت ع الشباك شاف الصاروخ وبعدها لقى الكل ولاد صفه والأستاذ وأهله بمكان تاني أخضر وكبير وهادئ، وأخيرا كلنا مع بعض بمكان أحسن للأبد بس مين ضل بغزة؟

*نحن في الأعلى نبني مدينة ثانية، أطباء بلا مرضى ولا دماء، أساتذة بلا ازدحام وصراخ على الطلبة، عائلات جديدة بلا آلام ولا حزن، وصحفيون يصورون الجنة، وشعراء يكتبون في الحب الأبدي، كلهم من غزة كلهم. في الجنة توجد غزة جديدة بلا حصار تتشكل الآن.

*سمعنا تصريحات وتضامن من أسماء أجنبية أكتر ما سمعنا من مسؤولينا والله ما رح ننسى والله. هذه الأيام أجسادنا من هواء وذاكرتنا من حديد

* الصوت الذي نسمعه هو صوت الموت الذي تجاوزنا ليختار غيرنا، ما زلنا أحياء نسمع صوت موت آخرين نعرفهم نقول: الحمد لله لم يكن آخر صوت سمعوه هو صوت الصاروخ.من يسمع صوت الصاروخ ينجو.ما زلنا أحياء حتى إشعار آخر

* الذين هم خارج غزة يعلمون أخبار غزة وصور غزة أكثر منا نحن لا نعلم ما يحصل هنا نحن معزولون عن العالم، ولا نعلم من بقي منا على قيد الحياة، لا تبرحوا مهما حصل ومهما سمعتم عنا. لنا الله.

*ننقطع فترات طويلة من التواصل كلنا معزول في مكانه ثم نحاول بمرارة أن نفتح أي وسيلة للتواصل فتصدمنا أسماء الشهداء، الشوارع والعائلات تفرغ من أبنائها يا الله.

* شجر العائلات يتساقط كاملا لا أفراد ولا فروعا، تهوي الشجرة بكل من فيها بشكل مفجع وغزة تتحول إلى يباب المدينة مقبرة مفتوحة ممتدة من عتبة الجامعة العربية حتى منبر الأمم المتحدة، ونحن نحدق في قبورنا بصمت وثقل وتسليم بالله.

*غزَّة فعلت أقصى ما يمكنها فعله في مواجهة هذا الظلم، تجاوزت الخيالات وارتفعت عن سقف الممكن والمستحيل، حطَّمت كل التماثيل واللاءات واخترعت صمودًا سيظل يدرَّس في التاريخ وينسب إلى غزة وعندما تنسلخ الأكاذيب ويتساقط السياسيون المنافقون وتنهار الإنسانية الزجاجية على نفسها ستبقى غزة رمزًا أسطوريًا غيرَ مفهوم وغير ممكن، رقمًا قياسيا لا يمكن للمدن والحضارات والجيوش تحقيقه إلا بزمان الأنبياء والمعجزات.

*لقد فعلنا ما يجب علينا فعله لنسترد حقوقنا ولنقاتل ونصمد بالنيابة عن الأمة والمظلومين في العالم لا شيءَ لنندم عليه ولا لنحزن عليه، أمام الله وأمام أنفسنا نحنُ أصحاب حق وجزءنا من العهد كان أن نصمد ونحاول وما بعدَ ذلك هو أمرُ الله آمنا به وعليه توكلنا، إن قضينا فتلك شهادة شرف وإن بقينا فلنروي الحكاية ونضعَ قصتنا في عيون العالم أجمع وما بين هذا وذاك لنا طقوسنا في البكاء والصبر والحزن والتذكر والأمل واليأس.

*صفحاتنا الشخصية بيوت عزاء، خيام تأبين، جرائد نعي، ننتقلُ من صفحة إلى صفحة كأننا نمشي في ساحة جنائز متشعبة ومفتوحة على بعضها، يا الله ما أثقل هذهِ الأيام!

*طلع النهار بعدَ ليلةٍ جنونية، تصلنا الأخبار من هنا وهناك حول المفقودين والشهداء والجرحى والناجين ومع أن هذا المشهد مر علينا آلاف المرات وكم حربًا تكررت وكم ليلة كتلك الليلة إلا أنَّ الفقد لا يتكرر كل فقد هو فقد أول وكل وداعٍ هو الوداع الوحيد لأهله وكل فقيد هو حالة فريدة من الفجيعة، هذا ما لا يُعتاد عليه وما لا يمكن تمرين القلب عليه وترويض النفس هذا مما يشلعنا ويحطمنا كلَّ مرة كأول مرة! لكِ الله يا غزة ويا أهلها.

*أتَى الليل وغزة كلها ستكون تحتَ النار ووداعةُ اللهِ أعلى وأكبر من نارهم وصواريخهم، لا نعلم ماذا سيحدث لكن هذهِ المرة مختلفة نعلم ذلك وندرك حجم الحدث وثقل اللحظات هذا تاريخٌ يتغير وجغرافيا تتحول ونحنُ التاريخ والجغرافيا هنا.

*جهزنا حقائبَ الطوارئ، شحنا هواتفنا استودعنا أنفسنا وأهلينا وبيوتنا لله، دعاؤنا في قلوبنا تسابيحنا على ألسنتنا، اسم الله على هذهِ المدينة وما فيها ومن فيها، تذكروا لا تبرحوا مهما حدث، هذهِ مدينة يحبها الله وتحبُّ الله والحمد لله دائمًا وأبدًا.

*رحم الله الشهداء وشفى الجرحى وصبَّر قلوب المكلومين ونصرنا عليهم بإذنه.إيمانُنا بالمعجزات في ميزان حسنات الأسرى الستة الذين خرجوا من سجن جلبوع، من يومها ونحن ننتظر ما هو أعظم.

*أيُّ كاتب مجنون هذا الذي وضعَ كل الأحداث الصادمة في حلقة واحدة، لكنَّ شبابنا لا يجيدون كتابة المسلسلات الخيالية يجيدون كتابة الواقع بالدم والنار!أيتها الحلقة المهيبة لا تنتهي كلنا شهود الدهشة.

*ننامُ ونحنُ نفكِّر بأشيائنا العادية جدًا، امتحان ما بالجامعة، شراءُ قطعة ثياب جديدة، قلقٌ على التقديم لوظيفة ما ثمَّ فجأة يتغيَّر صوتُ المنبه، تلغى الامتحانات، تعلَّق المدارس والجامعات، ينبعث البارود من كل مكان، تتحول الجزيرة للون الأحمر، نفتحُ المذياع، التلغرام، نعيدُ جدولة كل الخطط في رأسنا، في غزة يتغيَّر كل شيء في لحظة!