بنفسج

مستشفيات ومدارس: لماذا تُقصف مراكز الإيواء؟

الإثنين 06 نوفمبر

لماذا يستهدف العدو المدارس والمستشفيات/ أو لماذا يستهدف العدو مراكز الإيواء؟ سؤالان مرادفان لا يفتآن يتقدمان ويطرحان في كل يوم تتقدم فيها الحرب.منذ بدء حرب الطوفان ودول الجوار تحذر من موضوع التهجير القسري لأهل غزة، أو ما قد يصلح تسميته بنزوحهم "الترانسفير" إلى محيط غزة وتحديدًا إلى مناطق الجنوب، وهي صحراء سيناء.

وفي ما تحذر دول الجوار وترفض التهجير، وخصوصًا مصر والأردن، فإن "إسرائيل" والولايات المتحدة على حد سواء، تدعوان إلى تهجير الأهالي، بل إن "إسرائيل" تشرع بخطوات ممنهجة لتحقيق هذا الهدف، فهي تمطر بالمنشورات بواسطة الطائرات على الأهالي تطلب منهم النزوج إلى الجنوب، وأي جنوب، هل إلى صحراء سيناء!

استهداف مراكز الإيواء: إحصاءات أولية 

مدارس 3.jpg
الاحتلال يقصف مدرسة الفاخورة التي تضم آلالاف النازحيين الفلسطينيين- غزة/طوفان الأقصى

صحراء سيناء منطقة مفتوحة شاسعة، وتلبي أحد سناريوهات "إسرائيل" للتخلص من المقاومة وأهلها في غزة. لم تنجح خطواتهم وتهديداتهم، إذ إن الأهالي، وعددهم 1.4 مليونًا، فضلوا أن يأووا أنفسهم، نساءهم وأطفالهم في المستشفات ومراكز الأنروا بما فيها المدارس، ظنًا منهم أنها مناطق محصنة، يحميها القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني والشرائع الدولية بما فيها الأمم المتحدة ومعاهدة جنيف، وغيرها الكثير الكثير من المعاهدات والمواثيق. ولا تعتبر مسألة تهجير أهل غزة جديدة؛ فبعد حرب عام 1948 طرحت مسألة نزوح أهل غزة وضمها إلى سيناء، فألحقت للحكم العسكري المصري دون ضمها.

في ما نحن نفجع كل يوم بمجزرة تستهدف مراكز الإيواء، إذ استشهد أكثر من 500 آمنين في ساحات المستشفى المعمداني وجلهم من الأطفال والنساء، ومن ثم مستشفى الشفاء، وكذا مشتشفى الصادقة التركي. وقصفت مدرسة الجورة واستشهد 12 معظمهم من الأطفال، كما قصفت مدرسة تابعة للأونروا في مخيم المغازي للاجئين بالمنطقة الوسطى بغزة. وقد أصيب العشرات (بمن فيهم موظفون يعملون في الأونروا) ولحقت أضرار هيكلية جسيمة بالمدرسة. وقصفت مدرسة قرب مستشفى ناصر بمدينة خان يونس. ومعظم الذين يؤوون إلى المدارس مواطنين نزحوا إلى المدارس للاحتماء من الغارات الإسرائيلية التي دمرت منازل العديد منهم، خاصة في شمال غزة.كما شنت الطائرات غارة على منزل قرب مدرسة أحمد عبد العزيز التي تأوي نازحين في منطقة الحاووز بمخيم خان يونس جنوب القطاع، ما أوقع ش@داء وجرحى.

ويضم قطاع غزة المحاصر 64 مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وفي وقت سابق أعلنت الوكالة أن 18 منشأة لها في قطاع غزة تضررت جراء القصف الإسرائيلي الذي لا يتوقف. ومع استمرار القصف العنيف، أعلنت الوكالة أنها تمكنت من إيواء 137.500 فلسطيني، واستشهد 29 من موظفيها نصفهم من المعلمين في قطاع غزة منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

ثم بدأ الطيران الإسرائيلي باستهداف منازل في محيط المستشفى الإندونيسي شمالي القطاع، ومنازل أخرى في محيط مستشفى القدس التابع لجمعية الهلال الأحمر غربي مدينة غزة، ومحيط مستشفى غزة الأوروبي جنوبي القطاع، ومحيط مستشفى الصداقة التركي. ثم بعد ذلك بدأ يقصف بساحات المستشفيات، أو طوابق منها، إذ أعلنت وزارة الصحة في غزة أن الطابق الثالث والأخير من مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني تعرض لقصف الطيران الإسرائيلي، ما أدى إلى وقوع أضرار جسيمة. واستشهد 124 من الكوادر الصحية وجرح أكثر من 100 وتضررت 50 مركبة إسعاف، بينها 25 تعطلت عن العمل بشكل كامل، كما تم إغلاق 12 من أصل 35 مستشفى في القطاع. وتوقف 46 مركز رعاية صحية من أصل 72 عن العمل جراء القصف ونفاد الوقود.

لماذا تُقصف مراكز الإيواء؟ إجابات متعددة 

مدارس 2.jpg
لا مكان آمن في غزة، لا جريمة حرب في حرب إجرامية

أولاً: حرب انتقامية في وجهها الأول: لا يخفى على أحد، أن هذه الحرب الجنونية هي حرب انتقامية، يحاول فيها جيش الاحتلال أن يعيد لنفسه قليلًا من هيبته التي لم تُبقِ منها المقاومة الفلسطينية شيئًا في يوم العبور المقدس 7 أكتوبر 2023، فغزة يجب أن تُباد بكل من فيها وما فيها، قصف جنوني بدأ على مساكن المواطنين دون سابق إنذار، أبراج تسقط على رؤوس أصاحبها، حصار مُطبق على غزة، لا حرمة لأي شيء في غزة بعد اليوم، فلماذا تسلم المدارس ومراكز الإيواء؟

ثانيًا: تغييب صورة الهزيمة إعلاميًا: كيف يُمكن أن تغييب صورة هزيمة الجيش الذي لا يُقهر عن الإعلام؟ أمران لا ثالث لهمها، تصدير الكذب وبيعه إعلاميًا، فهذه حرب تدافع فيها "إسرائيل" عن نفسها، ضد المقاومة التي تقطع رؤوس الأطفال والنساء، وبالكثير من الدم، وتحريك عاطفة الشعوب إلى مشاهد القتل والإبادة الجماعية، تصدير " القوة" وبيعها إعلاميًا، ولسان حال قادة الكيان تقول: " ليكن الجيش إجراميًا، ولا يكون منهزمًا، فهزيمة الجيش، تعني غياب الأمان، هجرة المواطن الإسرائيلي، وعدم وفود مهاجرين جدد، وتعني في النهاية، تفكك الدولة.

ثالثًا: ضرب الحاضنة المجتمعية: " ألس تلك النساء من يتزوجن المقاومين ويكون الأسر بهم؟ لا بأس في قتلهن إذن"، هكذا صّرح من يدير الحرب من الأمريكان، ليتم تنفيذ المخطط، فأكثر من 70% من الش@داء هُن من النساء والأطفال، يقتل الاحتلال في كل ساعة 6 أطفال و4 نساء، يترصد لهن في مساكنهن، في المستشفيات، في مراكز الإيواء، فالمكان لا يهم، والقتل مشروع، والهدف الانتقام من الحاضنة المجتمعية للمقاومة.

رابعًا: لا ماكن آمن في غزة: في يومها الأول، انتهج الاحتلال سياسة الأرض المحروقة، فلا مكان آمن يلجأ إليه المواطن في غزة. حاول الاحتلال في البداية تهجير أهالي الشمال إلى الجنوب، من خلال إلقاء المنشورات التي تحثهم للهجرة إلى الجنوب، امتثل بعض المدنيين لهذه التعليمات، لتتم ملاحقتهم في الشاحنات التي تقلهم وتحولهم إلى أشلاء متناثرة في الشوارع، ليعود كثير من أهالي الشمال إلى بيوتهم، يوزع الاحتلال منشورات على كل مناطق غزة، ويدعوهم إلى النزوح، فإلى أن ينزح المواطنون إذا كانت كل المناطق هي أهداف للطائرات الجبانة؟

خامسًا: تجفيف مصادر الصمود: هو حصار للقتل والانتقام، للتجويع والإجبار على الاستسلام، تدمير كل "فكرة" أمان راكمها الفلسطيني من خبرات الحرب السابقة، لا ماء ولا كهرباء ولا طعام، يُحكم الجيش  الإسرائيلي الخناق على هذا الشعب كلما فشل في المواجهة العسكرية، فالضوء الأخضر مُعطى وله أن يفعل ما يشاء في حربه " الدفاعية"، كما يُصدر لنا الغرب، فيقصف المدارس والمستشفيات، والجرحى في سيارات الأسعاف، محيط المستشفيات والمدارس، أين تختبئ المقاومة؟ أخبرونا أين السنوار؟ نعدكم أن نخفف الحرب عنكم، كما وخرج وصّرح وزير الدفاع "الإسرائيلي" مخاطبًا أهل غزة.

سادسًا: تمرير مشروع التهجير الفاشل: وربما تكون هذه هي النقطة الأهم؛ فمنذ أيام الحرب الأولى أيضًا، حاولت الولايات المتحدة وطفلها المدلل "إسرائيل" تمرير مشروع تهجير أهلنا في غزة إلى سيناء، ولتكون وجهتهم الثانية هي تهجير أهالي الضفة إلى الأردن، عارض هذا المشروع حلفاؤهم العرب من دول الطوق- مصر والأردن-، لينخفض سقف هذا المشروع تدريجيًا، فيُصرح وزير الخارجية الأمريكي بأنه خروج مؤقت برغبة أهالي غزة، فإن كان مشروع التهجير فاشلاً، فالبديل هو الانتقام من كل من أفشل هذا المخطط.

سابعًا: تدمير البنية التحتية: حتى وإن انتهت الحرب، فلا يريد هذا الكيان لأهلنا في غزة أن يعيشوا، فلن تتوفر أدنى مقومات الحياة، فقد دمّر الاحتلال كل البُنى التحتية، أكثر من 12% من المساكن دُمرت في غزة، شتاء قاس ينتظر غزة، هُدمت المساجد والكنائس، المخابز وشبكات الصرف الصحي، الجامعات والمدارس، فغزة بكل ما فيها مقاومة، وخصم لعدوها.