بنفسج

منصات التواصل الاجتماعي: معلقات رثاء

الأربعاء 08 نوفمبر

أكثر من ١٠٠٠٠ قصة رحلت، آلاف الأحلام اندثرت، آلاف الروايات تحولت إلى همس، تحولت الحياة بتفاصيلها: بيوتًا وحارات وأزقة، وجلسة عائلية أمام التلفاز، وتحوق حول موقدة، دردشات نساء الحارة على عتبة المنزل، ولعب الأطفال في حوشه، مناكفات أولاد الحارة، وطريق طلاب الجامعات والمدارس كل يوم، كل ذلك تحول إلى الإحساس بالخوف والتوجس والرعب، صوت الزنانة يخترق الآذان، غبار القصف سوداوي صوت القذائف، مرعب شكل المباني المهدمة محزن… هذه بيوتنا وحاراتنا وشوارعنا ودكاكينا القريبة كلها صارت رمادًا…

كل هذه القصص خرجت من تحت الأنقاض، من بين الأجساد الملقاة، من مجموعة أشلاء في كيس بلاستيكي، من طفل ناج وحيد، من جدة فقدت أحفادها، وصحافي فقد عائلته وهو يغطي الحرب، من مسعف يجد أباه على أرضية غرقة الطوارىء… من هؤلاء وذويهم من غردوا، برسائل صوتية وجدناها بعد رحيلهم، تغريدة لأم فقدت أبناءها جميعًا، منشور لأب مكلوم، صرخة لجدة لم تفرح بأحفادها

آباء وأمهات يرثون أبناءهم

أسماء.png

"17 يوم يا ماما .. انتو إلي نجيتو مش أنا
، أنا ضليت بأكتر عالم مرعب وحقير حرمني منكم بلحظة غدر ..

رضيت والله رضيت بقضاء ربنا بس انكسر ضهري يا ماما ومش هاين علي قبلها بيوم كنتو تحكولي " يا رب يا ماما ما يقصفنا الصاروخ يا رب ما تنكسر دارنا ونموت ،
سامحوني يا ماما لو بايدي بحميكم وبخليكم بحضني لو بايدي بنكمل حياتنا الي كنا مبسوطين فيها مع بعض ..

الجنة بتلبقلكم ومكانكم يا روحي .. ما رح تصحوا مفزوعين من صوت الصاروخ ولا تخافوا بعد هيك يا ماما خلص".

وينشر وائل الدحدوح مراسل الحزيرة وهو من فقد عائلته أثاء العمل، في يوم ميلاد ابنه محمود، محمود مفعم بالحياة يكون هو المناسبة ذاتها في كل مناسبة، في عيد ميلاد أمه وإخوته ينشر السعادة في البيت، رحمك الله يا روح الروح وكل عام وأنت بخير.

 

الدحدوح.png

كريم.. وداعًا أيها الصغير

كريم.png
تسمية

وليس أصعب من رثاء والد طفله الجميل، لا يمكن أن يتسع القلب لحزن كهذا.. يقول محمود :" بكرة ٥/١١ يعني عيد ميلاد كريم التاسع يا الله قديش كان الو بستنا بهاليوم من أكتر من ٣ شهور وهو بحسبلو وعزم كل أولاد أعمامو وعماتو مقدمًا إنو بدو يعمل حفلة .. لحد قبل ميستشهد بساعتين وإحنا بنتغدا قلي ضايل ١٠ أيام لعيد ميلادي .
اللي مهون علينا يا كريم إنك عند ربنا مع سيدك سمير وستك عزيزة وعمك أيمن ومرتو وأولاده سمير ويامن وميرا وعبود ومع عبد الله ابن عمك حسين وأمو ومع عمك اسماعيل ومرتو ومحمد وزينة ومع عمك أحمد وصاحبك أمير ويوسف ولارا وصالح ومع عمك حبيبك وصاحبك إبراهيم، ومع خالتك رولا وخالتك ليان وابن خالك وسام محمد ..


اعملوا مع بعض عيد ميلاد وانبسطو فوق ما إنتو مبسوطين.. خد هدايا يا كريم والعاب قد مبدك والعب بلياردو وبلاي ستيشن براحتك مش حقلك بكفي يلا ع النوم
كل عام وانت بخير يا حبيبي ... كريم بسلم عليك سمير أخوك والله بسأل عنك كتير وأمك كل ليلة بتحكي مع صورك تعال النا بالمنام شوي، بس قل لسيدك سمير قبل بلاش يسأل عنك وين رحت .. الله يسهل عليك يا نوارتنا.

أطفال يأتون بشق الأنفس ويذهبون في ثوان

خالد نهائي.png

وعن عشرات القصص لأطفال يموتون أو يبقون أيامًا تحت الأنقاض بعد أن أنجبهم آباءهم بشق الأنفس وبعد إجراءات طبية امتدت لسنوات.تقول إحداهن: "بعد انتظار خمس سنوات .. عن طريقة الزراعة. آجى خالد الطفل الوحيد لأمه وأبوه ..خالد عمره سبع سنوات بعمر ابني عامر. كنت جارة أهله بتل الهوا فوق بنك فلسطين قبل خمس سنوات .. كان خالد الابن المدلل والقريب على أهله كان ذكيًا، ومليان طاقة وحب وكمان شعرو كيرلي وحلو .. أمه جدعة وأبوه من أحسن الناس. كان عايش خالد وسط حب الجميع وحنان عيلته .. راح البيت وراح خالد وراحت معه كل الضحكات والفرح والعيلة.

بس يصير شي لطفل أجنبي بتقوم الدنيا وبجرى حكام العرب على فرنسا يولعو الشمع وبتنقلب الصفحات بجمع التبرعات والحزن، وبتحول العالم لكائن إنساني بس يُق تل خمس آلاف طفل من بينهم خالد وخمس آلاف عيلة وبيوتهم وذكرياتهم ما حد بجيب سيرة .. العالم يالي إحنا فيه كوكب الأرض عالم منافق واسمه أرض لأنه واطي وقذر ومنافق ولا يكترث الا للعرق والعنصرية التي تمثله.

وكيف إن يفقد المرء شريكة عمره وقرة عينه ورفيقة حياته كما أحمد شتات الذي قال في منشور قبل أيام: زوجتي وقرة عيني خفيفة الظل الصديقة الصدوقة رقيقة القلب القريبة الحبيبة الدكتورة دعاء عصام شموط شهيدة بإذن الله....

وهناك آباء فقدوا كل أبنائهم وزجاتهم، بقوا يصرخون فوق الأنقاض مثل محمود أبو زايد، فقد ماريا وعبد الله وحنين وجميلة ووجيه وزوجته هيام ومن ثم قصف الاحتلال بيت عمه فارتقى 21 شهيدًا من العائلة...فمن بقي ليرثيهم! وكيف يُنعى صالح الحناوي، الطالب الوسيم من كلية القانون، كان صالح يحب الياسمين، كتب على صفحته: لا تحلموا بعالم سعيد ما دامت إسرائيل موجودة...سنعمل بوصيتك يا صالح: لن نصالح، ولن نسعد يومًا والاحتلال جاثم في أرضنا.