بنفسج

ليسوا أرقامًا: الش@يدة رنا عبدالكريم الغفري

الإثنين 01 يناير

فلسطينيات رائدات الشهيدة رنا الغفري.jpg
فلسطينيات رائدات الشهيدة رنا الغفري.jpg

منذ اليوم التاسع من أكتوبرِ هذا العام، لم تسطَعْ شمسُ غزّة الأبيّة إلّا وحملت ذرّاتُ ضيائِها في السّماءِ أرواحًا ذَنبَها الوحيد أنها تَفخَرُ بهويّتها الفلسطينيّة، شُبّانًا وشابّات، شيوخًا وعجائز، وأطفالًا وعائلاتٍ كاملة، الكلّ استشهد لتحيا غزّة، كانت منهن الشهيدة رنا عبدالكريم الغفري. ولو أردنا أن نسطّر قصص استشهاد جميع أولئك الأبطال، لما كانت الأقلام والدفاتر كافية، فالألم والخوف والصرخات الباكية، لا يُمكن التعبير عنها ولو كتبنا آلاف الصفحات.

والاحتلال منذ اليوم من الحرب وصواريخه تذهب مستهدفة بطريقة مقصودة للقضاء على خيرة أهل غزة وعلمائها والنشطاء وأصحاب العقول فيها، ظنًا منها أنها تجفف بذلك منبع العلم والتعليم والثقافة، وأنها تقضي على المفكرين والناشطين في غزة، فتقل الأطباء والأساتذة والعلماء والمفكرين وبارزين في المجتمع. اليوم، قصّتنا القصيرة الحزينة تحكي بعضًا من حياة الناشطة المجتمعية والنسوية الشهيدة رنا عبد الحكيم الغفري، ابنة رجل الاعمال الفلسطيني المعروف عبد الحكيم الغفري.

مَن هي رنا عبد الحكيم الغفري

رنا عبدالكريم الغفري، ناشطة مجتمعية ونسوية، من مواليد حي التفاح، وهي زوجة وأم لطفلين، درست إدارة وأتمتة المكاتب في جامعة الأزهر، وألحقته بدبلوم تربية طفل. 
 
هي المسؤولة الإعلامية في لجنة حماية حي التفاح، ومديرة المنظمة الأهلية لجمعية أصدقاء القلوب الرحيمة، حملت هم الارتقاء بحيها حي التفاح، فاقدت الكثير من الحملات الطوعية التي تهدف لخدمة الحي وسكانه، وحل مشاكلهم، وكان الشباب لها عونًا في ذلك، كما دعمتها بلدية غزة المتمثلة برئيسها الدكتور يحيى السّراج. 
 

رنا عبدالكريم الغفري من مواليد حيّ التّفاح في مدينة غزة، درست إدارة وأتمتة المكاتب في كلية الدراسات المتوسطة في جامعة الأزهر، بالإضافة إلى دراستها دبلوم تربية الطفل في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية في غزة، وهي أم لطفلين.

عُرفت رنا كونها ناشطة مجتمعية ونسوية، وهي المسؤولة الإعلامية في لجنة حماية حي التفاح، التي أسست عام 2019، كما أنها مديرة المنظمة الأهلية لجمعية أصدقاء القلوب الرحيمة التي أسّست عام 2012. لم يمنعها كونها مربّية وأمًا أن تسطّر إنجازات مذهلة بكونها قائدة لمشروع ومبادرات عظيمة عادَت بالفائدة على الكثير من العائلات الفلسطينية في حيّ التّفاح.

عملت رنا برفقة مجموعة كاملة من الشّبان والشابات في حيّ التفاح وبتشجيع وإدارة من مركز العمل التنموي، وقادت مجموعة تطوعية تحدّد الانكشافات والمشاكل في الحيّ وتعمل على إيجاد حلول مناسبة، وقادت العديد من المبادرات الشبابية والتوعوية بمساعدة بلدية غزة والأهالي الموجودين في المنطقة، وكان الهدف الأول والدائم هو العمل على تغيير حي التّفاح للأفضل سواء كانت التغييرات ملموسة أو معنوية.

تلك كانت كلمات رنا التي أشادت فيها بالمساعدات التي لاقَتها من سكّان حي التفاح في جميع المبادرات التي قادتها، كما بأشادت بالمساعدات التي قدّمتها بلدية غزة، وقد شكرت خلال لقاء تلفزيوني سابق لها على قناة القدس اليوم الفضائية الدكتور يحيى السّراج رئيس بلدية غزة، وذلك على انخراطه في المساعدة من حيث الماديات والمعدّات وغيرها.

رنا الغفري: قائدة مبادرات لجنة حي التفاح

رنا الغفري في إحدى فعاليات لجنة حي التفاح.jpg
صورة للأستاذة رنا الغفري وهي تتصدر إحدى مبادرات لجنة حماية حي التفاح في مدينة غزة 

عرفت رنا بنشاطها الاجتماعي والتنموي، وكانت من مؤسسات مراكز العمل التنموي في غزة، وكانت أولى مبادرات لجنة حي التفاح هي مبادرة "قافلة طبية"، التي تمت بمشاركة أطباء ومسعفين في منطقة شعف الحدودية، حيث تم عَمل ورش توعوية حول الإسعافات الأولية، وفي عام 2019، قامت رنا وفريقها بمبادرة تم فيها تزويد شارع السكة القديم بوحدات إضاءة شمسية، ورُكبت ألواح الطاقة الشمسية فوق المسجد الموجود في المنطقة.

في عام 2020، خرج الفريق بمبادرة "سلامتك أولًا"، التي ضمّت فحص طبي لكبار السن وحملات توعوية عامّة، ولكن لم يستطع الفريق إتمام خطّة هذا الحملة بسبب جائحة كوفيد-19، ومع ذلك، لم تلغى المبادرة إنما تغيّرت الخطة وقتذاك، ووزعت طرود صحية للأهالي الفقراء في المنطقة، بالإضافة إلى عمل جلسات توعوية على الإنترنت على تطبيق زوم.

عام 2021، أدخلت حملات جمع التبرعات ضمن المبادرات، ومن المبادرات الملموسة في الشارع كانت مبادرة عمل شبكة صرف صحي في شارع سكيك الذي كان بطول 880 مترًا، بالإضافة لمبادرة "أمل" التي تجزّأت إلى مرحلتين؛ الأولى تم فيها عمل صيانة لمحطة التحلية الموجودة في بداية شارع النخيل في شعف، والمرحلة الثانية كانت من خلال العمل في مركز الحرية الطبي هناك، حيث زودت المركز بالمعدات الطبية المنقوصة التي يحتاجها المركز.

شعلة التطوع وأم المبادرات: يقتلها الاحتلال 

رنا الغفري رفقة أعضاء متطوعيين من مبادرة حماية حي التفاح.jpg
الشهيدة رنا الغفري رفقة عدد من متطوعين مبادرة حماية حي التفاح 

في عام 2022، كانت مبادرة مطافي، جاءت كمبادرة فريدة من نوعها بسبب الطريقة اللطيفة التي روّج بها فريق رنا لعمل حملة وجمع التبرعات الخاصة بالمبادرة. خصّت هذه المبادرة الدفاع المدني في المنطقة، الذي كان لديهم أكثر من مشكلة يجب معالجتها، وكانت المشكلة الأهم فيها هي توقف المضخة الموجودة في سيارة الدفاع المدني عن العمل، وعدم القدرة على استبدالها بسبب التكلفة الباهظة، فاقترح فريق المبادرة صيانة المضخة على أيدي مهرة.

أهم ما ميّز هذه المبادرة هي الطريقة التي تمت فيها، حيث لم يكن الأمر مجرد تبرعات، إنما قامت رنا وفريقها بالتخطيط ليوم مميز دعت فيه جميع أبناء غزة للمشاركة، وخططت ليومٍ حافلٍ بالفعاليات اللّطيفة: فقرة موسيقية وفقرة دبكة وفقرة شعر، بالإضافة إلى فقرات ترفيهية، وقد كَسَبت رنا قلوب الجميع بهذه المبادرة.

قتل الاحتلال رنا في 17 ديسمبر 2023، حيث نالت وسام  الشهادة مع شقيقاتها مروة والدكتورة سميرة الغفري وأطفالهم في قصف إسرائيلي على منزلهم في غزة، في حي الدرج - السدرة.

شاركت رنا في مجموعة كبيرة من الأعمال الخيرية والتطوعيّة، حيث كانت وفريقها تترأس شخصيًا حملاتها التطوعية والمبادرات الخاصة بحلّ أي مشكلة تواجه الأهالي. كانت تعاين بنفسها جميع المشكلات، وتَعهد بكل مصداقية بحلّها، ولم يتوانى السكّان والأهالي ولو للحظة عن مساعدة رنا ودعمها ماديًا ومعنويًا، لحل المشاكل التي تواجه قريتهم.

وضعت الغفري علمها ووقتها وجهدها في خدمة أبناء وبنات مدينة غزة، وخاصّةً في منطقتي حي التفاح والدرج. رنا الأم، الأخت، المربّية، ابنةُ غزّة المعطاءة، والتي كانت لكلّ ثانية من وقتها معنى.  قتل الاحتلال رنا في 17 ديسمبر 2023، حيث نالت وسام  الشهادة مع شقيقاتها مروة والدكتورة سميرة الغفري وأطفالهم في قصف إسرائيلي على منزلهم في غزة، في حي الدرج - السدرة. أنهى الاحتلال حياة رنا، وأنهى معها آمال أهالي حي التّفاح، ولكنّهم سيرونها بالتّاكيد في كل إنجاز قدّمته خلال مسيرتها المميزة.