بنفسج

غزة: شعورنا بالذنب والتزامات الحياة...خطوات لتجاوز الأزمة

الأحد 28 يناير

لا يخفى على أحدٍ منّا تلك الغصّة التي باتت في حلوقنا كشوكٍ وعلقم، ممتزجةً بما يعتصر القلب من حزنٍ وألمٍ وغضبٍ وشعور عجزٍ، ونحن نرى ما يصيب أهلنا في غزة من ظلمٍ وقتلٍ وقصفٍ وتشريدٍ على يد عدو محتل يتفنّن بشتى أنواع الجرائم والتعذيب.

نتمنى لو أن الزمن يقف بنا، ولو أن عجلة الحياة تتوقف عن الدوران، فنحن لا نستطيع إكمال السير بحياتنا، وأن نعيش يومنا بشكل طبيعي كأن شيءٍ لم يكن وأهلنا في غزة لم تلتئم جراحهم بعد، فما زال العدوان مستمرًا، وما زالوا يعانون من قسوة التهجير والتعذيب والرعب والفقد بل والجوع أيضًا. هذا ما شعرت به، وهكذا كان حال كلّ من حولي وكل من أعرف خلال هذه الفترة المؤلمة، ولا يمكننا أن ننكر أو نستنكر على من يجد صعوبة في العيش بشكل طبيعي.

ولأن ديننا دين سعيٍّ وعمل، ولأن المؤمن القوي أحبّ إلى الله من المؤمن الضعيف، ولأن أهوال يوم القيامة لم تثن نبينا -صلى الله عليه وسلم- من أن يأمُرنا بغرس الفسيلة التي بأيدينا، ولأن عدونا واحد وهدفه منذ سنين إضعاف أمتنا الإسلامية وتأخرها وقعودها. أكتب لكم اليوم هذا المقال بخطوات نصحت بها العديد من مراجعاتي أثناء جلسات التدريب بعد أن تكررت شكوى واحدة منهن: "لا نستطيع العمل يصعب علينا العيش بشكل طبيعي وأخوتنا في غزة صابهم ما أصابهم"، ولعلكم تجدون في هذه الخطوات ما يساعدكم على التعامل مع ما نشهده من أزمات وأحداث هذه الفترة.

أولاً: لا يُسئَل الخالق عن قضائه في المخلوق

لله في خلقه وأمره شؤون، وما يحدث الآن له حكمة عند الله، ويكفي أهل غزة شرفًا وتكريمًا من الله أن قد اصطفى منهم هذا الكم من الشهداء، ويكفيهم عزةً وفخرًا أنهم قد علموا الأمة الإسلامية، بل والعالم أجمع، دروسًا بالصبر وقوة الإيمان.

 

هل تعلم هذه المشاهد كم كانت سببًا بدخول العديد من الأجانب في الإسلام؟ وهل تعلم هذه المواقف كم كانت بمثابة صفعة على وجه كلّ مسلمٍ غارقٍ بغفلته فأيقظته وأعادته إلى صوابه؟إ

 

لله في خلقه وأمره شؤون، وما يحدث الآن له حكمة عند الله، ويكفي أهل غزة شرفًا وتكريمًا من الله أن قد اصطفى منهم هذا الكم من الشهداء، ويكفيهم عزةً وفخرًا أنهم قد علموا الأمة الإسلامية، بل والعالم أجمع، دروسًا بالصبر وقوة الإيمان.

هل تعلم هذه المشاهد كم كانت سببًا بدخول العديد من الأجانب في الإسلام؟ وهل تعلم هذه المواقف كم كانت بمثابة صفعة على وجه كلّ مسلمٍ غارقٍ بغفلته فأيقظته وأعادته إلى صوابه؟إ

ربٌّ كريم حليم، أحنّ على العبد من الأم بولدها، ربّ قادر مقتدر جبار منتصر، أمره بين الكاف والنون: هل يعجز عن وقف شلال الدم النازف في غزة؟ وهل يعجزه نصرهم على عدوهم؟ألا تؤمن أن بكلمة منه سبحانه يقدر أن يخسف الأرض بالصهاينة المجرمين ويدكهم دكًا؟

إذًا، لله في خلقه وأمره شؤون، وما يحدث الآن له حكمة عند الله، قد ندرك هذه الحكمة وقد لا ندركها، ففي كثير من الأحيان العقل البشري والنظرة القاسرة تعجز عن إدراك حكمة الله، لكن سواء أدركنا أم لم ندرك، نحن مأمورين بتمام التسليم والرضا واليقين بالله سبحانه وتعالى وأقداره..

ويكفي أهل غزة شرفًا وتكريمًا من الله أن قد اصطفى منهم هذا الكم من الشهداء، ويكفيهم عزةً وفخرًا أنهم قد علموا الأمة الإسلامية، بل والعالم أجمع، دروسًا بالصبر وقوة الإيمان بالله وعدم الاعتراض على أقداره، تجد الواحد منهم يقف على أنقاض منزله يحمل بين يديه جثّة طفله ومن حوله أشلاء بقيّة أفراد أسرته وتراه يردد بتمام الرضا "الحمد لله كله فدا الوطن".

هل تعلم هذه المشاهد كم كانت سببًا بدخول العديد من الأجانب في الإسلام؟ وهل تعلم هذه المواقف كم كانت بمثابة صفعة على وجه كلّ مسلمٍ غارقٍ بغفلته فأيقظته وأعادته إلى صوابه؟إذا استرسلت لكم في ذكر الدروس المستفادة والحكم الخفية من وراء ما يحدث لن يكفيني مقال ولا مقالين، ولن يبقى متسع لإكمل باقي نقاط المقال الذي أقدمه لكم اليوم..

ثانيًا: الشحن الدائم للطاقة: بعد أن راجعت نفسك وصححت ظنك ومعتقداتك عن الله سبحانه وعن كل ما يحدث، أنصحك الآن بالشحن الدائم لطاقتك الروحية وقوتك الإيمانية، حافظ على صلواتك بوقتها أكثر من ترديد لا حول ولا قوة إلا بالله، خذ حظك من القرآن الكريم، فرسائله ومعانيه بمثابة جرعة مسكّنة لقلبك، ولا تستهن بقوة الدعاء لأهلنا في غزة، وإياك أن تقول لا نملك سوى الدعاء، بل اعلم أن الدعاء شيء عظيم وأثره كبير.

ثالثًا: التفريغ النفسي والجسدي 

تختلف الصدمات بقوتها وضررها بين من يعيش وسط الأحداث وبين من يشاهدها، لكن في الحالتين تتشكل الصدمة، فكل ما نشاهده من صور وأخبار دامية ومؤلمة تتخزن في الجسد على شكل صدمات هذه الصدمات، لو لم تُحرر بشكل صحيح تتحول في الجسم إلى أعراض وأمراض جسدية أو اضطرابات نفسية.

 

نتحرر من هذه الصدمات بطريقتين أساسيتين، الأولى التفريغ النفسي، عن طريق التعبير عن مشاعرك من خوف أو حزن أو غضب..وأما الطريقة الثانية فهي التفريغ الجسدي عن طريق ممارسة بعض الأنشطة البدنية. 

 

ومن أهم التمارين البدية التي يمكن القيام بها، الجري والقفز، والتنفس بعمق،  وتدليك  العقد اللمفاوية والتربيت بوتيرة منتظمة على كامل الجسد.

تختلف الصدمات بقوتها وضررها بين من يعيش وسط الأحداث وبين من يشاهدها، لكن في الحالتين تتشكل الصدمة، فكل ما نشاهده من صور وأخبار دامية ومؤلمة تتخزن في الجسد على شكل صدمات هذه الصدمات، لو لم تُحرر بشكل صحيح تتحول في الجسم إلى أعراض وأمراض جسدية أو اضطرابات نفسية.

نتحرر من هذه الصدمات بطريقتين أساسيتين، الأولى التفريغ النفسي، عن طريق التعبير عن مشاعرك من خوف أو حزن أو غضب..وأما الطريقة الثانية فهي التفريغ الجسدي عن طريق ممارسة بعض الأنشطة البدنية. 

ومن أهم التمارين البدية التي يمكن القيام بها، الجري والقفز، والتنفس بعمق،  وتدليك  العقد اللمفاوية والتربيت بوتيرة منتظمة على كامل الجسد.

ممارسة تمارين ذهنية وجسدية لتفريغ المشاعر المخزنة أثر الصدمات: تختلف الصدمات بقوتها وضررها بين من يعيش وسط الأحداث وبين من يشاهدها، لكن في الحالتين تتشكل الصدمة، فكل ما نشاهده من صور وأخبار دامية ومؤلمة تتخزن في الجسد على شكل صدمات هذه الصدمات، لو لم تُحرر بشكل صحيح تتحول في الجسم إلى أعراض وأمراض جسدية أو اضطرابات نفسية، لذلك نحرر هذه الصدمات عن طريق:

-التفريغ الذهني: عن طريق التعبير عن مشاعرك من خوف أو حزن أو غضب.. إما التعبير الكلامي بحوارك مع من حولك أو مع صديق مقرب أو مختص، إذا لزم الأمر، أو بالتعبير الكتابي مع نفسك، خذ ورقة وقلم وعبر وفرغ كل المشاعر المكبوتة بداخلك جراء الأحداث.

-التفريغ الجسدي:

✅ تدليك العقد اللمفاوية والتربيت بوتيرة منتظمة على كامل الجسد:

وهذه من التقنيات المتبعة بالفعل في غزة، ويعتمدها أهل فلسطين عامة لعلاج الصدمات وتسمى عندهم "قطع الخوفة".

✅ ممارسة رياضة الجري أو القفز: لتحرير هرمون الكورتزول الذي يتخزن جراء الصدمة في الجسم، وغالبًا في المفاصل، ويسبب العديد من الأمراض والأعراض الجسدية.

✅ ممارسة تمارين التنفس العميق أيضًا، ما يساعد على تحرير الصدمات وتوازن هرمونات الجسم.

رابعًا: قدّم الدعم بكل ما تستطيع

تقديم الدعم.jpg
قدم الدعم بما تقدر عليه اسأل نفسك ما هو دورك وسط كل ما يحدث في غزة؟

قدم الدعم بما تقدر عليه اسأل نفسك ما هو دورك وسط كل ما يحدث في غزة؟ إذا كنت ممن منّ الله عليه بموهبة الكتابة فكلمتك وحرفك جهاد، وإذا كنت صانع محتوى ولديك عدد من المتابعين، فدورك أن تنشر ما يحصل وتساهم في أن نوصل صوتهم، إذا كنت صاحب مطعم أو بقالة فدورك أن تتوقف عن عرض وبيع وجلب البضائع الداعمة للكيان الصهيوني، ونحن جميعًا بدورنا أن نقاطع تلك المنتجات والعلامات التجارية، وإذا كنت ممن أنعم الله عليه بالمال، فالتخرج من مالك ما تدعمهم به، وإذا كنت داعٍ إلى الله أو مرشد أو واعظ، فدورك أن تقول كلمة حق في حقهم وأن تنصرهم وأن تنشر الوعي بقضيتهم.

خامسًا: احفظ طاقتك، دع عنك التوافه: وبما أن الجميع يعاني من انخفاض الطاقة جراء ما يحدث، فنصيحتي الختامية أن تحفظ طاقتك لما ينفع، دع عنك توافه الأمور ولا تهدر طاقتك بنقاشات لا طائل منها، ولا تضع وقتك بالهروب والاستغراق في مواقع التواصل الاجتماعي، اكتب مهامك ورتبها وابدأ بالأهم فالمهم فالأقل أهمية واستعن بالله ولا تعجز.

استمرارنا في الحياة والسعي والعمل لا يلغي تعاطفنا مع أهلنا في غزة، بل هو من الدين ولنصرة الدين ونصرة أهل الحق في الأرض المباركة فلسطين، لا بد أن نبقى أقوياء لكي ننتصر على عدو الله وأعدائنا الذين يسعون منذ سنين لإضعاف الأمة وفتنة العقول وضياع الأجيال بشتى الفتن والملهيات والوسائل.. لذلك لابد من أن نحقق النصر والقوة والتقدم اقتصاديًا وفكريًا وعلميًا لتكون الغلبة لنا، وهذا لا يتحقق بالحزن والقعود والعجز، أهلنا في غزة وفلسطين لن يرضوا لنا الضعف وشعور العجز والهوان وهم الأقوياء الصامدين الصابرين رغم كل ما أصابهم، القضية بحاجتنا أن نكون بكامل قوتنا فدع عنك شعور العجز وليقمْ كل واحد منّا لثغره الذي اختاره الله له ووكله به ووفقه إليه، فمقامك حيث أقامك.