بنفسج

"تيا جعلتني أمًا": ولادتي بلا بنج في الحرب

الإثنين 25 مارس

بمناسبة يوم الأم، جاء الوقت لأحكي عن تجربتي ومعاناتي لأكون أمًا لطفلة جميلة جداً اسمها تيّا.قصتي بدأت في اليوم ال 18 من الحرب بتاريخ 25 أكتوبر، وقت جاء موعد ولادتي وذهبت إلى مستشفى العودة في النصيرات، وأقل ما يقال عن تجربة ولادتي بأنها كانت تجربة بدائية جدًا، لا يوجد فيها أدنى المقومات التي أحتاجها. بداية، لم يكن هناك سرير يحتويني لألد عليه واضطررت للانتظار مدة طويلة حتى توفر لي بعد طول انتطار. 

 عشت كل ولادتي لوحدي؛ "إذ منعوا أمي من الدخول برفقتي، في الوقت الذي كنت فيه أشعر بالرعب، ومحتاجة حد يطمني ويكون معي خاصة إنو القصف كان شغال حوالين المستشفى وأنا بولد في بنتي، ٥ كانوا حواليّا بيولدوا في نفس الوقت،  يعتني بنا دكتور واحد، كنت أعاني في الولادة وحدي من غير أيه محاولة ليساعدني أحد أو يخفف عني الوجع الذي لا أستطيع وصفه، كنت أصرخ وأبكي من الوجع، لا يوجد دكتور ولا ممرضة ولا ماما، ولا يوجد أي مجهود أو طريقة لتخفيف الوجع الذي لا يطاق، بعد مدة طويلة جدا، جاء الدكتور ليراني، وبكل بساطة قرر ما يستنى عليّا عشان هما محتاجين السرير للحالة اللي بعدي وما بينفع أطول…

قصني الدكتور من غير بنج، ووقتها أنا صرخت أصعب وأكبر صرخة بحياتي، كان كل وجع الولادة كوم  ووجع القص من غير بنج كوم تاني وكان أصعب وجع أنا واجهتو بحياتي، ولا يمكن في يوم من الأيام تخطي تلك اللحظة."جاءت ابنتي (تيّا)بخير وسلامة الحمد لله، وضعوها على صدري ولكني لم أشعر بشيء، كنت معلقة بتلك اللحظة، لحظة الوجع والخوف والوحدة، ولم يكن أحد معي.

بلش الدكتور يغرزني من غير بنج، كنت حاسة بالإبرة والخيط وهما بيفوتوا جسمي، لدرجة إني قمت وصرت أترجى الدكتور (مع عياط كتير قلتلو أمانة أمانة ي دكتور بنجني أنا مش قادرة أتحمل الوجع)، وقفت إيدو وقلتلو أنا ما بدي أتغرز خلص أمانة سيبوني والله منا قادرة ولا متحملة. كانت تلك اللحظة أصعب ثاني لحظة في ولادتي، الوجع في هديك اللحظة ما فيه عقل بيقدر يستوعبه، دقايق كانت مليانة بالدموع والوجع والصراخ والوحدة والخوف والاحتياج، دقايق أنا مش قادرة أتجاوزها ومعلقة فيها لليوم…انتهت ولادتي وأخرجوني من غرفة الولادة وأجلسوني على كرسي بلاستيكي لعدم توافر أسرة كافية، وأنا لم أكن قد تجاوزت ألم الغرز.

٣ شهور بعد ولادة ابنتي ظللت أعاني وأعيش على الأدوية والمسكنات، ولم يكن هناك أطباء لأفهم سبب الأوجاع التي لا تنتهي.
شاءت الأقدار وسافرت إلى مصر بتاريخ 12 ديسمبر،  وأول ما قمت به هو التوجه إلى طبيب حتى أطمئن وأفهم وأتعالج، وهنا كانت الصدمة الكبيرة…

"الدكتورة أخبرتني إني محتاجة ٣ عمليات، وانو ولادتي كانت خطأ وصار عندي مضاعفات لازم نعالجها، التغريز كان خطأ والالتئام كان خطأ ( تقريباً تشوهت) والجسم أعطى ردة فعل سببت مشاكل كتيرة لليوم، صرت أم من خمس شهور ومن خمس شهور أنا معلقة بهداك اليوم، من خمس شهور بعاني وعايشة ع الأدوية والمسكنات، من خمس شهور حاسة بالوحدة والكسرة والخوف والحسرة والوجع، صح أنا صرت أم بس ع قد ما انوجعت وانكسرت بهداك اليوم ما قدرت أستوعب انو صار عندي بنت، كنت بنام وبصحى بدموع عنيّا، بطلت أقدر أحكي مع الناس ولا مع أيه حد حواليا ولا حتى مع بنتي، كل اشي كان صعب وموجع كتير.

لحظات كثيرة تمنيت أن تكون ابنتي كبيرة وأخبرها بوجعي حتى تأتي إلى الدنيا. كتير لحظات حضنتها وعيطت بحضنها اللي كان مهربي من الدنيا ومهربي من هداك اليوم اللي ملاحقني بأحلامي كل ليلة…

تمنيت يا أمي يا حبيبتي أن تأتي إلى دنيّا أحسن، إلى الدنيّا اللي أنا كنت رسمالك إياها، تمنيت تيجي وأنا صحتي ونفسيتي مناح وقادرة أكون شخص مليان حب وحياة، بس أنا آسفة كل إشي كان خارج إرادتي، حتى صحتي خارج إرادتي يا تيّا يا حبيبتي. 
لم أستطع تجاوز مكالمة هاتفية تلقيتها تقول: (انتي ليش عاملة ولادتك قصة، ما كل النسوان بيولدوا). فلو حانت ولادتي كباقي النساء لما احتجت ثلاث عمليات حتى أعالج ولادتي الخطأ. 

عمليتي الأولى ستكون بعد رمضان، ادعولي الله يهونها ع قلبي ويشفيني، ادعولي الله يتلطف بعقلي وقلبي وأقدر أطلع من هداك اليوم وهداك التاريخ، عارفة إنو همي صغير جنب هم شعب بحالو، وعارفة انو أنا أحسن من غيري وغيري أحسن مني، بس والله ي رب الهم والمرض أكلوني وأخدو روحي وحياتي وكل إشي كان بيدل عليّا، والموجود حالياً جسد لوحدة كان اسمها سجى…

بحبك ي تيّا♥️