بنفسج

أنا وحسن... في معاني الحب الذي يجمعنا

الإثنين 29 يونيو

من أين لكِ التي تجعلك تنتظرين رجلًا لم تلتقِ به يومًا، لم تعيشي معه يومًا؟ ألا ينتابك خوف من المستقبل! تخوّف من الانتظار الذي لا يعرف مداه؟ هذه الأسئلة التي تكاد تكون جزءًا أساسيًا لحكاية خطوبتي والأسير حسن سلامة، أسئلة قد تعوّدت على سماعها، ولكنني أتلقاها بتفهم للخصوصية الكبيرة التي تكتنف حكايتنا، وحتى لا أطيل كثيرًا، أحببت أن أجيب عبركم عن هذه التساؤلات، ولكل متابع قد تخطر بباله هذه الأسئلة، وحتى لا يقول هنا لماذا الاهتمام بهذا الأمر، وأنه يتوجب عليّ عدم الالتفات إليها، لكنني فضّلت الحديث كون قصتي باتت قصة عامة معروفة لدى الكثيرين.

| الحب.. ترياق الصبر على عناء الفراق 

السر الذي يعطيني هذه القوة لأتحمل ألم ثماني سنوات متواصلة من الحرمان والبعد مع عدم اللقاء هو الحب، طاقة الحب التي زرعها الله في قلبي هي مصدر قوتي، فالله الذي ألّف بين قلوبنا، وهو الذي هيئ الأسباب التي كانت في نظرنا مستحيلة لتتم خطوبتنا ونعيشها واقعًا جميلًا اليوم، هذا الحب الذي يسكن قلبي يجعلني أتحمل كل عناء الفراق وألمه، لا يعني ذلك أبدًا أن الحب أمر سهل! فالحب هو التضحية التي قبلت بها برضًى تام أن أرتبط بأسير يواجه الحكم المؤبد، وأنا أرى بالتضحية هنا سر سعادتي.

الحب هو مصدر الأمل الذي يمنحني طاقة متجددة مع كل يوم يأتي، أن الغد القادم أجمل، وأن موعد اللقاء يدنو ويقترب، فأنا بالأمل أرقب حسن وأنتظره.. الحب هو السكينة والطمأنينة التي يودعها الله في قلبي، فالله لن يضيع هذا القلب ولن يرده خائبًا، لذلك، تبددت معه كل مخاوفي، فما كان مستحيلًا بأمر الله تم، فلم الخوف من مستقبل أمره وقدره بيد الله!

في قصتي أنا وحسن عقبات قد يراها البعض ثقيلة، صعبة، لا تُطاق! ولكن سر هذه القصة هو الحب.. طاقة الحب التي زرعها الله في قلبي هي مصدر قوتي، فالله الذي ألّف بين قلوبنا، وهو الذي هيئ الأسباب التي كانت في نظرنا مستحيلة لتتم خطوبتنا ونعيشها واقعًا جميلًا اليوم.
 
هذا الصبر الذي يغذّي نفسي مع كل أيام وسنوات البعد ليجعلني أقوى وأشد وأصلب. من يملك في داخله قوة الحب، فلا خوف عليه إن طالت الأيام، لكن هذه الطاقة تثمر إن نمى هذا الحب بصدق وإخلاص وثبات.

الحب هو الذي يجعل صبري مع طول الأيام جميلًا دون أن يصحبه ضجر أو تذمر، هذا الصبر الذي يغذّي نفسي مع كل أيام وسنوات البعد ليجعلني أقوى وأشد وأصلبهذا الحب الذي منحني كل هذه المعاني الجميلة، كان له انعكاس آخر على حسن الذي كان يمكث في زنازين العزل الانفرادي ما يقارب 13 سنة بشكل متواصل. هذا الحب الذي زرعه الله في روحه وقلبه جعله يتحدى حكمه وينتزع به حقه بالحياة ليتحدى بذلك أيضًا محتله وجلاده. لقد غيّر وبدل في حسن الكثير، حتى بات يُعرف بين رفقائه بالأسر بحسن الجديد. فحسن الجديد أنتظره أنا زوجته أشاركه حياته بكل تفاصيلها، حسن الجديد الذي حوّل الحب الوقت الكئيب في زنزانته إلى كلمات يخطّها برسائل الحياة التي كانت تصلني وأعرف خلالها حسن، هذا الحب الذي جعل حسن يتوق للحرية أكثر من أي وقت مضى ويؤسس لحياته لما بعد التحرر.

الحب في قصتي أنا وحسن تجاوز الصورة التي ترسخت في أذهان البعض أن الحب لا يأتي إلا باللقاء الدائم، وأن من غاب عن العين غاب عن القلب، وأنه مرهون بصورة الوجه وسماع الصوت، فنحن حتى هذا اليوم لم نلتق وجها لوجه، لكننا تلاقينا عبر صورنا التي تبادلناها سوية، فتحدثت العيون، وأخبرت كل منّا بالحب المكنون فينا. أما صوته فلقد سمعته للمرة الأولى بعد سنتين من خطوبتنا، أما أنا فكان يصله صوتي عبر أثير الإذاعات التي تصل زنزانته.. طالت الأيام واشتدت غيبتها لكن لم يغب هذا الحب عنا، فوالله ما مضى وقت إلا وكان الحب بيننا أعمق وأشد بفضل الله علينا.

فلكل من يستهجن صبرنا بعد كل هذه السنوات، أقول بثقة، من يملك في داخله قوة الحب، فلا خوف عليه إن طالت الأيام، لكن هذه الطاقة تثمر إن نمى هذا الحب بصدق وإخلاص وثبات، إن نمى في سبيل الله ولأجل الله..