بنفسج

عدم الإنجاب الطّوعي: لم قد تقول بعض النساء "لا للأمومة"؟

الإثنين 29 نوفمبر

ربما يقتضي جزء من دورة الحياة الطبيعية لكل أنثى تقريبًا أن تصبحَ أمًا في فترة ما من حياتها، وتشق طريقها في التربية الصالحة، لذا، دائمًا ما كان السؤال، بعد زواج أي أنثى بفترة قليلة: "أليسَ هناك مفاجأةٌ قريبة؟ (يقصدنَ ألستِ حاملًا؟)"، وإذا لم تخبر الجميع بخبر الحمل المفرح بعد فترة، سواء كان ذلك بإرادتها أو لم يأذن الله بعد، سيكون السؤال: "لمَ لم تَحملي بعد؟"، أو "لمَ لا تصبحين أمًا بعد؟ هل هناك مشكلة؟ اذهبي إلى الطبيب إذًا..".

معذرةً، ولكن، لمَ لا نسأل السؤال بشكل معاكس: "لمَ قد أنجب طفلًا؟". كلُّ ذلك يفتح باب المناقشة حول ما إذا كانت الأمومة مُبتغى كل أنثى فعلًا بعد الزواج، أم أن هناك آراءٌ تتعارض مع هذا الموضوع مع احترامها لغريزة الأمومة.

|عن غريزة الأمومة

غريزة الأمومة بالذات هي مصطلح امتدّ كثيرًا بعيدًا عن معناه الحقيقي، أنا لا أجرّد الأم من شعورها بالحب لمولودها، ولكن ذلك يتم بالطريقة التي يتم تناولها بخصوص غريزة الأم.
 
تشعر أغلب النساء بالرغبة بالإنجاب ورعاية جزء من جسدهنّ، ولكن للأسف، تعلم كيفية رعاية المولود غالبًا ما يكون بعيدًا عن القضية الغريزية.
 

لا يمكننا النظر إلى غريزة الأمومة بشكلٍ معلّب هكذا، ولا يمكن بعد اليوم ملامة المرأة، أو جعلها تشعر بالذنب إذا لم تشعر بالأمومة بشكلها المثالي!

  

من الناحية النظرية، يبدو مفهوم "غريزة الأمومة" رائعًا حقًا، تبدو فيه مرحلة الأمومة هي الشيء الأكثر سلاسة وطبيعية في العالم بأسره: امرأة أرادت أن تنجب طفلًا، فنقول "إنها غريزة الأمومة!". بينما يفكّر بعض الناس أن حدس الأمومة، أو أن هذه الغريزة تنطلق بشكل عفوي لدى المرأة بعد الولادة؛ ستعرف ما يريده طفلها، وما ينفعه، ويضرّه بشكل سلس وعفوي، إنها غريزة الأمومة!

هؤلاء يمتلكون فكرة خاطئة قليلًا عن "غريزة الأمومة"؛ وهي بأن الأم لا تريد أطفالًا فقط، بل تصبح أيضًا مجهّزة أتوماتيكيًا لرعايتهم، فكرتها الغريزية تستدعي ذلك، وكل ما يتعارض مع ذلك غير صحيح.

اسمحوا لي أن أدحض بعض هذه الادعاءات، بالعلم، هذه الأقاويل؛ غريزة الأمومة بالذات هي مصطلح امتدّ كثيرًا بعيدًا عن معناه الحقيقي، أنا لا أجرّد الأم من شعورها بالحب لمولودها، ولكن ذلك يتم بالطريقة التي يتم تناولها بخصوص غريزة الأم. تشعر أغلب النساء بالرغبة بالإنجاب ورعاية جزء من جسدهنّ، ولكن للأسف، تعلم كيفية رعاية المولود غالبًا ما يكون بعيدًا عن القضية الغريزية.

ذلك الترابط العاطفي الذي يحدث بين المولود والأم هو عبارة عن بدء إفراز الأوكسيتوسين أثناء عملية الرضاعة، والتغيرات المرتبطة بالحمل، والحركة الأولى للطفل في بطن أمه، تلك أمور غريزية، ولكن هذا لا يدعم فكرة التعامل مع هذه الغريزة وكأنها شيء روحاني.

في دراسة أجريت عام 2018، حول قضية الارتباط بين الأمهات ومواليدهنّ الجدد، وعلى الرغم من تغيرات الجسم أثناء الحمل، والسلوكيات مثل ملامسة جلد الطفل والرضاعة الطبيعية، فقد أظهرت النتائج أن العديد من النساء استغرقن ما يصل إلى أسبوع حتى استطعن التعبير عن شعورهنّ بوجود علاقة حقيقية ما بينهن وبين الطفل، وبعضهنّ قالت أنها احتاجت شهورًا، وعلميًا، هذا منطقي، فالمرأة قد تخوض صعوبات الحمل وتجربة ألم الولادة واكتئاب ما بعد الولادة. كل ذلك يضع في نفسها توترًا عاطفيًا.

باختصار، أظهرت الدراسة أن بعض النساء لا يتولد لديهن شعور فطري بالأمومة فور ولادتهن، بل أنهن يحاولن استجلاب هذا الشعور، أو مكافحة المشاعر السلبية تجاه الأطفال بدوافع ذاتية تمليها عليهن فكرة الأمومة، أي أنهن يجب أن يكن محبات لأطفالهن من اللحظة الأولى، وهذا ما يستدعي القول بأننا اليوم لا يمكننا النظر إلى غريزة الأمومة بشكلٍ معلّب هكذا، ولا يمكن بعد اليوم ملامة المرأة، أو جعلها تشعر بالذنب إذا لم تشعر بالأمومة بشكلها المثالي!

| لا أريد أن أكون أمًا

هناك نساء يقلنَ "لا للأمومة"، ليس لمجرد فكرة "غريزة الأمومة"، ولكن عبّرنا عن الغريزة بشكل يجعلكِ لا تنبذين امرأة لا تحبذ أمومتها.
 
المرأة التي لا تنجب بغير إرادتها، لا يرحمها المجتمع، فكيف إذا كانت هي متمنعة عن الإنجاب؟ 
 
يُصوّر الذين لا يريدون الإنجاب باختيارهم على أنهم إما "فردانيون"؛ والفرداني شخص يقوم بممارسة أهدافه ورغباته بشكل مستقل لنفسه فقطأي يؤكد على القيمة المعنوية للفرد، أو "غير طبيعيين"، أو "أنانيين"، أو "يكرهون الأطفال"

هذا الكلام السابق يؤهّبنا إلى حقيقة أنه فعلًا هناك نساء يقلنَ "لا للأمومة"، ليس لمجرد فكرة "غريزة الأمومة"، ولكن عبّرنا عن الغريزة بشكل يجعلكِ لا تنبذين امرأة لا تحبذ أمومتها، وسندرج الأسباب التي تقف بين المرأة وكلمة "أم"، ولكن قبل ذلك؛ يا تُرى، كيف ينظر المجتمع إلى الأنثى التي تتجنّب فكرة الإنجاب؟ مجتمع يربط بين الأنوثة والأمومة: كيف يُنظَر إلى النساء اللواتي يتجنبن الإنجاب؟

لا يمكن تصوّر كائن حيّ لم يتدرّج التدرّج الآتي كما يتدرّج مجتمعه: التعلم والحصول على الدرجة العلمية، ثم التوظيف والعمل، ثم الزواج، ثم إنجاب الأطفال. تعطي المجتمعات هذا التسلسل قيمة عالية، وإذا فُقد أحدها أو حتى تبدل الترتيب المفترض، هنا، يعطي عقل الإنسان الروتيني إشارة Error!

هذا الترتيب الحياتي متأصّل فينا لدرجة تنسينا خيارات الإنسان الذي يقف أمامنا، ربما هو لا يريد الزواج، وربما هذه الأنثى غير قادرة على الحمل مثلًا! ولديها مشكلة ما في الموضوع، سواء صحية أو غيرها، ولكن لا، لم يتعوّد المجتمع على احترام الخيارات، ومن هنا، ترى شخصًا درس اختصاصًا لا يحبه، أو تزوج كي لا يفوته القطار، أو أنجبت كي لا تُعيَّر!

المرأة التي لا تنجب بغير إرادتها، لا يرحمها المجتمع، فكيف إذا كانت هي متمنعة عن الإنجاب؟ غالبًا ما يُوصم الأبوان اللذان لم ينجبا، لأسباب صحية، بوصمة اجتماعية، في حين يُصوّر الذين لا يريدون الإنجاب باختيارهم على أنهم إما "فردانيون"؛ والفرداني شخص يقوم بممارسة أهدافه ورغباته بشكل مستقل لنفسه فقط أي يؤكد على القيمة المعنوية للفرد، أو "غير طبيعيين"، أو "أنانيين" أو "يكرهون الأطفال"!

تخيل أنك تنعت شخصًا لا يريد الإنجاب، ربما، بسبب وضعه المالي الذي لا يسمح؛ أنه كاره للأولاد! على الرغم من أنه يهتم بأولاد الآخرين؛ يتودد لهم ويشتري للأطفال حوله الألعاب أيضًا!

وهنا تأطير لفكرة الأنوثة، وتغليفها بالأمومة. ودائمًا ما يُنظر إلى النساء غير المنجبات على أنهنّ عاديات جدًا، ومهما علَت مكانتهنّ الاجتماعية ومهما حققنَ من إنجازات، يتم ركنها جانبًا عندما تُسأل إحداهنّ: "لستِ أمًا؟".

عدم الإنجاب الطّوعي: لم قد تقول بعض النساء "لا للأمومة"؟

امومة 5.PNG
 

بعيدًا عن الأسباب الصحية التي تمنع المرأة عنوةً من الحمل والإنجاب، فهناك الكثير من الأمراض التي بمجرد الكشف عند الطبيب، ستُفاجأ المرأة بعدم قدرتها على الإنجاب لمشكلة معينة. هنا من الممكن أن تحاول وتسعى لإيجاد حل طبّي، ولا يمكن أن نقول إنها ترفع راية "لا للأمومة"، فذلك ليس ضمن سيطرتها.

   الأنانية عندما ننجب أطفالًا لمجرد الإنجاب

هناك نساء ينظرن إلى موضوع إنجاب الأطفال أنه "أنانية بحتة"، عندما يكون لمجرد إنجاب الأطفال لكسب القبول المجتمعي. تقول إحداهنّ: "ما هو أنانيٌّ إنجابُ أطفالٍ لا تريدهم أو لا يمكنك الاعتناء بهم بالشكل الصحيح!".

إذ يأتي الرّفض الاجتماعي مع هذه الأنواع من الاعترافات، لأنه يكوّن لدى الكثيرين، للأسف، فكرة مهمة تجعل المرأة منبوذة، وهي فكرة أن هذه المرأة، بالذات، تتزوج وتمارس الجنس فقط من أجل المتعة! وهو ما يعتبره الأغلبية إهانة للتاريخ السياسي والديني الذي لطالما اهتمّ بحقوق المرأة الجنسية والإنجابية.

هذه الفكرة المكوّنة حول الأمومة وكيف يجب أن تكون رغبة لدى جميع النساء، يمكننا رؤيتها في كل مكان كإيديولوجية أو سياسة مفروضة، من مكتب الطبيب المملوء بالإعلانات والصور، إلى إعلانات مواد الأطفال أو أي شيء يخصهم، وحتى وسائل الإعلام والمسلسلات التي تصوّر الموضوع بطريقة مبتذلة، فنحن نرى الموضوع وكأنه طبيعة أو فرض.

 ▶ الوضع النفسي: شكل الحياة الاجتماعية!

بعض النساء تخاف من فكرة الحمل، والإنجاب، واكتئاب ما بعد الولادة، تخاف أن تكره طفلها بعد الاكتئاب هذا، لأن ذلك يحصل، وهو أمرٌ طبيعي، كل ما عليها فعله هو الاستعانة بأحد أفراد العائلة، واستشارة الطبيب.
 
تختلف وجهات النظر؛ البعض لديهن خوف ورهبة من هذا الموضوع، وخاصةً إذا كانت تمرّ بظروف اجتماعية صعبة جعلتها تنهار نفسيًا وتركت فيها ندبات، ربما شريكها غير داعم، ربما رأت فيه الإهمال وعدم الالتزام.
 
تحاول الأمهات أن تكنّ مثاليات على الرغم من عدم القدرة على فعل ذلك تمامًا. 

بكل بساطة وقناعة، العلاقة السيئة بين والديّ الفرد منا قد تجعله يغضّ النظر عن الزواج أصلًا، فما بالك عن إنجاب الأطفال؟ عندما يعيش الإنسان صراعًا بين أبويه، ومشاهد متكررة من العنف والشجارات على أبسط الأمور، يخلق لديه ردّ فعل يجعله هاربًا من فكرة الزواج خوفًا من هذه المواقف، ومتجنبًا لفكرة الإنجاب خوفًا من أن يضع أطفاله في نفس الموقف يومًا ما.

الشجارات العائلية شيء طبيعي، ولكن يحدث مرات قليلة وعلى مواقف عادية، أما عندما يكون الموقف، مثل كشف خيانة الأب للأم، هنا لا يمكننا لوم الابنة على قراراتها، فهي أصبحت تنظر إلى كل رجل بعين والدها.

بعض النساء تخاف من فكرة الحمل، والإنجاب، واكتئاب ما بعد الولادة، تخاف أن تكره طفلها بعد الاكتئاب هذا، لأن ذلك يحصل، وهو أمرٌ طبيعي، كل ما عليها فعله هو الاستعانة بأحد أفراد العائلة، واستشارة الطبيب. إنما تختلف وجهات النظر؛ البعض لديهن خوف ورهبة من هذا الموضوع، وخاصةً إذا كانت تمرّ بظروف اجتماعية صعبة جعلتها تنهار نفسيًا وتركت فيها ندبات، ربما شريكها غير داعم، ربما رأت فيه الإهمال وعدم الالتزام. فذلك يجعلها تلغي الفكرة كليًا.

 ▶ الخلافات في العلاقات الزوجية: الأطفال هم الضحية

استكمالًا للفكرة السابقة، اكتشاف أن الشريك غير مؤهل لتحمّل المسؤولية، يمكن أن يؤجل موضوع الإنجاب فترة، بينما تتأكد من وضعها الزوجي، هل سيستمر؟ تلعب هنا قضية الارتباط بالطرف الآخر ومدى التعلق والحب، بينما تفضل بعض النساء الحصول على الطلاق لأنها لا تريد إنجاب أطفال من هذا الرجل غير المسؤول، تفضل أخريات البقاء بدون أطفال، لأنها تريده، ولكنها لا تريد ثمرة حبهما، كي لا تذبل باكرًا.

 الخوف من المسؤولية

https://www.todaysparent.com/wp-content/uploads/2017/03/Regretting-Motherhood-Messy_V4.gif

ربما مسؤولية أن تكوني أمًا مثالية! الخوف من مسؤولية مستقبل الطفل، منذ نشأته وحتى عندما يصبح لديها أحفاد؛ الجميع يفعلها، تحاول الأمهات أن تكنّ مثاليات على الرغم من عدم القدرة على فعل ذلك تمامًا. الطفل لا يأتي بكتيّب يشرح حياته وما هو جيد من أجله أو ما هو سيء، وسترتكبين الأخطاء في التربية.

الأخطاء في اتخاذ القرارات الخاصة به، وأحيانًا الأخطاء في معاملته! لا يمكن للأمهات والآباء أن يكونوا مثاليين في التربية، ولكن ليست كل الإناث تتقبل هذه النقطة بصدرٍ شَرِح! أو حتى ليست كل النساء يمكنها فعل ما بوسعها حتى، فأنا شخصيًا أرى أمامي عشرات الأمثلة لأمهات لم يتمكنّ من فعل ما بوسعهنّ حتى من أجل أطفالهنّ، لذا لستِ مضطرة أيتها السيدة، أن تأتي بإنسان على هذه الحياة إذا لم تتأكدي أنه بمقدورك تحمّل المسؤولية.

بكلّ شفافية، هناك امرأة أعرفها، حالتها المادية سيئة، سيئة جدًا، ولديها 6 أطفال أكبرهم فتاة لم تتم الـ 15 عامًا ربما، أعتقد أنه من الغباء الحضور بكائن إلى هذه الحياة، والاتكال على الله، سبحانه وتعالى، فقط في الرزق، الله سبحانه أعطانا العقل لنفكر، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اعقلها وتوكل"! وبالرغم من أن كل شيء بتيسيرات الله، إلا أن هذا التصرف غير عقلاني ولا يمكننا التفكير فيه بهذه الطريقة.

 الاستكفاء الزوجي: بعض الشركاء يفضلون حياتهم كما هي

في استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث (Pew Research) عام 2018، شمل بعض الأشخاص البالغين في الولايات المتحدة الأمريكية – دون سن الخمسين – والذين لم يصبحوا آباءً بعد، قال حوالي 4 أشخاص من كل 10 من هؤلاء أنهم لا يتوقعون أن يصبحوا والدين يومًا ما، بمعنى أنهم لا يريدون أن يصبحوا آباءً وأمهات، وهم مسرورين بحياتهم هكذا.

تشير الكثير من الأبحاث أن الزوجين غير المنجبين يميلون إلى أن يكونوا أكثر سعادة من الوالدين! ربما هو ما يدعم قرار البعض بعدم الإنجاب إذا كان لديهم قناعة ولو بنسبة 20% بعدم الإنجاب.

في دراسة أخرى أُجريت عام 2018 أيضًا مقرّها معهد الدراسات الأسرية، نظرت هذه الدراسة في بيانات 40 عام من إنجاب الأطفال واقترانه بالسعادة في أمريكا، وكانت نتيجة الدراسة أن الأمهات المتزوجات المنجبات كُنّ أقل سعادة من المتزوجات اللاتي لم ينجبن أطفال.

حذارِ، منصتنا المهتمة بشؤون المرأة لا تشجع على عدم الإنجاب، ولكن تنوّه إلى تقبّل النساء اللواتي لا يردن الإنجاب لمجرد أنهن لسنَ مقتنعان بالفكرة أو لسنَ مؤهّبات لذلك، وخاصةً في حال موافقة الشريك على هذا الموضوع، هنا لا يوجد مبرر للتكلّم أصلًا في الموضوع من جانب المجتمع!

 تفضيل الحياة المهنية على خطوة الأمومة

امومة 8.PNG

في استطلاع شمل حوالي 124 امرأة ليست أمًا، سُئلن عن سبب اختيارهنّ عدم إنجاب الأطفال، تراوحت الدوافع بين نسبة 64% شملت النساء اللواتي فضّلنَ أنماط حياتهنّ الحالية بدون أطفال، إلى 9% منهنّ فضّلن إعطاء الأولوية للمسيرة المهنية. على الرغم من أن الإنجاب لا يقف عائقًا تمامًا يسدّ الطريق إلى النجاح في الحياة المهنية، ولكن لا يمكن إنكار عرقلته لها، وأحيانًا، يشكل ضغطًا لا يمكن للمرأة تحمله، فتضطرّ للتخلي عن حياتها المهنية لصالح تربية الأطفال.

طبعًا لا نلغي دور الزوج في التربية بالتأكيد، ومن الممكن أن يساعدها لتتمكن من التوفيق بين الأمرين، ولكن لنكن واقعيين، هل كل الرجال تفعل ذلك؟ أو حتى نصفهم؟! لا أعتقد.

لذا تعتقد بعض الإناث أنه لا يمكن التوفيق تمامًا بين هذين الأمرين، دائمًا هناك جانب سينجح على حساب الآخر، فتختار التركيز على حياتها المهنية، وتكتفي بمحبة أطفال أقربائها، أو حتى حيوانها الأليف!

| هل هناك نساء لا تحبّ الأطفال؟ ممكن..

بعض النساء قلن إنهن لم يشعرن أبدًا بأنهن ستكنّ أمهات، فإحداهنّ شرحت أنها ببساطة لا تمتلك تلك المشاعر الأمومية.
 
 الأخرى بررت الموضوع بمثال صغير: هي لا تحب القطط فلا تمتلك واحدة، وكذلك الأمر لا تحب الأطفال، فلمَ يجب أن تمتلك واحدًا؟!
 
هناك نساء ورجال لا يحبون الأطفال! لا يبغضونهم، لا يكرهونهم بالتأكيد، ولكن لا يحبون امتلاك كائن وتربيته وتحمل مسؤوليته، وتحمّل همه طوال العمر.

في مشهد تلفزيوني نادر من الموسم الرابع من مسلسل House of Cards، طُرح على الشخصية كلير أندروود - التي لم تنجب لأسبابها الخاصة - سؤال من ضيفتها، التي كانت أمًا: "هل تندمين على عدم الإنجاب؟". وكان ردّ الشخصية لضيفتها الأم: "هل ندمتِ يومًا على الإنجاب؟". صوّر هذا المشهد الشخصية "مجتمعيًا" على أنها "كارهة للأطفال"، أو "باردة"، أو ربما "مشكوكٌ في أمرها أخلاقيًا"!

في مقابلة أيضًا مع إحدى الإناث التي لا تحب الإنجاب، وتدعى ليز سكوت (Lise Scott)، قالت: "لقد رأيت مدى صعوبة ذلك عندما أصبحت أعمل كمربية، أدركت أن الأطفال رائعون لبضع ساعات فقط!"، وتابعت: "أسأل الناس عما إذا كانوا نادمين على وجود أطفالهم، وقد سمعت الكثير من "نعم"! بالطبع يندم البعض على كونهم آباءً، ولكنهم لا يستطيعون قول ذلك علنًا!"

باختصار، هناك نساء ورجال لا يحبون الأطفال! لا يبغضونهم، لا يكرهونهم، ولا يحملون ضغينة تجاه هؤلاء الصغار بالتأكيد، ولكن لا يحبون امتلاك كائن وتربيته وتحمل مسؤوليته، وتحمّل همه طوال العمر. أحد أهم التعليقات التي جاءت على استفتاء أجرته مدونة هافينجتون بوست، عندما سُئلت النساء عن أسبابهنّ:

  • لماذا أحتاج إلى شرح عبارة "أنا لا أحب الأطفال"، ما هو الجزء غير المفهوم في هذا التعليق؟
  • أنا فقط لا أحب الأطفال، لا أعتقد أنهم لطيفون.
  • لا أحبهم. لم أحبهم حتى عندما كنت واحدًا منهم.

بعض النساء قلن إنهن لم يشعرن أبدًا بأنهن ستكنّ أمهات، فإحداهنّ شرحت أنها ببساطة لا تمتلك تلك المشاعر الأمومية، والأخرى بررت الموضوع بمثال صغير: هي لا تحب القطط فلا تمتلك واحدة، وكذلك الأمر لا تحب الأطفال، فلمَ يجب أن تمتلك واحدًا؟! قالت إحداهنّ أيضًا أنها علمت أنها لن تنجب أطفال، لا تحبهم، فقد كانت صديقاتها الفتيات يلعبن بالدمى، بينما لم تفكر هي بذلك، بل كانت تحب اقتناء أدوات المطبخ. بعضهنّ لم تتحمل مجالسة الأطفال أبدًا، فلمَ ستصبح أمًا؟

| دعم اليوم العالمي لمنع الحمل

اختُير يوم 26 سبتمبر/أيلول اليوم العالمي لمنع الحمل، ويقوم الناشطون في هذا اليوم بتحسين الوعي بجميع أشكال وسائل منع الحمل، لمساعدة النساء والأهالي بشكل عام على اتخاذ قرار واعي ومستنير بشأن حياتهم الجنسية والإنجابية، فكما نعلم، مكّنت وسائل منع الحمل بجميع أشكالها النساء من التحكم بأجسادهنّ، سواء من حيث إنجاب عدد أقل من الأطفال، أو عدم الإنجاب أبدًا.

يعتمد الكثيرون اليوم، باتفاق الزوجين، على استخدام إحدى وسائل منع الحمل، مبدأيًا، لعدم نيتهم في الإنجاب، وأحيانًا يتحول الأمر – باتفاق الزوجين أيضًا – إلى قرار يتخذانه سويًا بعد الإنجاب، لذا اعتُبر اليوم العالمي لمنع الحمل احتفالًا داعمًا للشركاء الذين يختارون عدم الإنجاب طوعًا، وبالتالي، التشجيع على اعتبار هذه القضية قضية شخصية وطبيعية، ويجب أن نتعوّد على الالتقاء بأناسٍ غير منجبين بإرادتهم.

في النهاية، أعتقد كثيرًا أن أغلبكم وأغلبكنّ لن تشاطرني الرأي بأننا لسنا مسؤولون عن حريّة الإنجاب للنساء، أو ربما لا تشاطرني الرأي بكل ما أسلفت ذكره، ولكن أكرر أنني أنا من الإناث اللواتي يرغبن مستقبلًا في الإنجاب، لذا هذا المقال لا يعبّر عن شخصيتي، إنما لا يمكنني التعميم في الإحساس ولا يمكنني وضع نفسي مكان أي أنثى في العالم، المبررات السابقة قائمة على إحصائيات ونتائج قائمة على العلم، وأطلب من القرّاء من الجنسين فقط ألّا يدينوا هؤلاء النساء، فقط تفهّموا وجهات النظر والدوافع الناضحة لهذه القرارات.