بنفسج

الشاعرة تسنيم عبد القادر: حروف تنسج نشيد الثورة

الأربعاء 08 يونيو

تعاقبت السنوات ولما يغادر الودّ قلبها، بل كبر الوفاء معها تحفظه لأهله، تبتسم وكأنها ترى من بعيد طيف معلمتها التي لازال اسمها يتردد صداه في عقلها وقلبها، والتي مدتها بالنصح لاختيار اللغة العربية تخصصًا في دراستها الجامعية، وتكبر الابتسامة وهي تستذكر كيف أوصلتها رعايتها لموهبتها الشعرية وتنميتها، لأن تحظى بلقب "شاعرة المقاومة" من الكاتب الدكتور أيمن العتوم خلال استضافته لها في برنامج له على إذاعة "حياة أف أم" الأردنية، ولقب "أميرة الشعر" الفلسطيني من المحاضر في جامعة النجاح الوطنية الدكتور مأمون مباركة، حين حلّت ضيفة على إذاعة القرآن الكريم.

| بذور الموهبة

 
تسنيم رائد عبد القادر حازت على لقب "شاعرة المقاومة" من الكاتب الدكتور أيمن العتوم خلال استضافته لها في برنامج له على إذاعة "حياة أف أم" الأردنية، ولقب "أميرة الشعر" الفلسطيني من المحاضر في جامعة النجاح  الدكتور مأمون مباركة، حين حلّت ضيفة على إذاعة القرآن الكريم.
 
بذور الموهبة لدى تسنيم لم تكن وليدة هذه المرحلة المفصلية، فقد برزت في طفولتها ملامح هذه الموهبة بحبها للقراءة والكتابة والإلقاء الشعري، ولقيت حينها الرعاية العائلية من والدها الذي قدمها للمشاركة في إذاعات محلية لقراءة كتاباتها.

تتلقف تسنيم رائد عبد القادر (31 عامًا)، تلك الأيام من ذاكرتها سريعًا كأنها اليوم، وترى نفسها على ذلك المقعد في الصف العاشر بمدرسة قريتها عوريف جنوب محافظة نابلس، تخطّ قصيدتها الأولى، فتخرُج معها معالم موهبتها، التي لقيت التوجيه فنمت وباتت شجرة وارفة.

تقول عبد القادر: "كان قراري بالانتقال من الفرع العلمي بالثانوية العامة للأدبي ودراسة اللغة العربية في جامعة النجاح، خطوة لا أندم عليها، بل كانت أولى خطواتي بالاتجاه الصحيح نحو صقل موهبتي، ويعود الفضل لمعلمة اللغة العربية (جمانة سيف) التي أرشدتني لذلك، بعد أن كانت تشجعني لإلقاء ما أكتب في الإذاعة المدرسية، وعلى يديها تعلمت بحور الشعر".

بذور الموهبة لدى تسنيم لم تكن وليدة هذه المرحلة المفصلية، فقد برزت في طفولتها ملامح هذه الموهبة بحبها للقراءة والكتابة والإلقاء الشعري، ولقيت حينها الرعاية العائلية من والدها الذي قدمها للمشاركة في إذاعات محلية لقراءة كتاباتها. تبين تسنيم: "قبل الصف العاشر كانت تشدني العربية بين دفتي مادة اللغة العربية، ثم توسعت في قراءة كتب مكتبة المدرسة، وأظنني في حينها كنت قارئة جيدة وأكتب بشكل بسيط وعشوائي بعض الخواطر والشعر، وكنت أملك حس الإلقاء الشعري، فقدّمني والدي لعدة إذاعات محلية، لأشارك فيها بقراءة ما أكتب. وكان المستمع الأول لي".

| تجارب ثرية

inbound3015060732556758012.jpg
الشاعرة تسنيم عبد القادر في حفل تخرجها وعلى مكتبها الخاص

شكّلت فترة الدراسة الجامعية لـ "عبد القادر" فرصة لإثراء الموهبة، فكانت خلالها عضوًا مؤسسًا للجنة الثقافية التي عمدت لتنظيم اجتماعات أسبوعية للشعراء، من جامعة النجاح والجامعات الأخرى وشعراء الوطن، فنهلت من معين القصيد ما نهلت، وأثبتت بقلمها حضورًا لافتًا مستمدة إلهامها من عدد من الشعراء الكبار، منهم البحتري، هارون هاشم رشيد، سميح القاسم، معروف الرصافي، وأيمن العتوم".

نحو الإعداد والبحث التلفزيوني، اتجهت مسيرة عبد القادر، والتي أثرتها تجربة العمل في شركة إنتاج في الأردن، رأت فيها فرصة مميزة أهّلتها لخوض تجارب جديدة، تبين عبد القادر: "العمل في شركة ضخمة مثل شركة Dreamer media production تجربة ثرية فتّحت الأفق أمامي وقرّبتني من الحلم الأكبر، وهو أن أكون كاتبة أناشيد، خاصة أنها شركة معروفة بين شركات الإنتاج، وهو ما ساعدني في الوصول والعمل في أماكن مختلفة كباحثة ومعدة برامج تلفزيونية".


اقرأ أيضًا: المعلمة فداء زعتر: أثر الفراشة يُرى ويدوم طويلًا


انطلقت تسنيم بعد انتهاء تجربتها هذه للتدقيق اللغوي، ومن ثم العمل الإداري في روضة أطفال، لتجمع بذلك خيوط تجارب عدة مكّنتها اليوم من أن تكون ما أرادت، وتصبح ضيفة العديد من المؤتمرات والمهرجانات الشعرية، واللقاءات الصحفية، التي أثبتت تسنيم فيها وجودها، وتركت كلماتها بصمتها فيها، فهي وجدت موهبتها ولم تدعها، كما تقول، وتضيف: "على الإنسان تنمية موهبته حتى تكبر وتزدهر، وأنا عملت على نفسي جيدًا في هذا الجانب".

| نحو تأليف النشيد الثوري

 
من قصيدة نشرتها على صفحتها الشخصية، كانت تسنيم على موعد مع انطلاقة جديدة، نحو الكتابة للنشيد، وخرجت تلك القصيدة بعنوان "بشرى النصر" للنور نشيدًا بصوت المنشد عبد الفتاح عوينات، ليشكّل هذا الحدث نقطة مفصلية في مسيرتها. "تجربة جميلة وجدت نفسي فيها"، تصف عبد القادر، خطوتها الأولى باتجاه الكتابة للنشيد، تجربة كبرت وبات اسم تسنيم عبد القادر مرتبطًا بالنشيد الثوري المقاوم الذي تمجد فيه بكلمات جزلة الشهداء والأسرى والصمود الفلسطيني، وتنصر مقدساته.

من قصيدة نشرتها على صفحتها الشخصية، كانت تسنيم على موعد مع انطلاقة جديدة، نحو الكتابة للنشيد، وخرجت تلك القصيدة بعنوان "بشرى النصر" للنور نشيدًا بصوت المنشد عبد الفتاح عوينات، ليشكّل هذا الحدث نقطة مفصلية في مسيرتها. "تجربة جميلة وجدت نفسي فيها"، تصف عبد القادر، خطوتها الأولى باتجاه الكتابة للنشيد، تجربة كبرت وبات اسم تسنيم عبد القادر مرتبطًا بالنشيد الثوري المقاوم الذي تمجد فيه بكلمات جزلة الشهداء والأسرى والصمود الفلسطيني، وتنصر مقدساته.

إلى القدسِ تهفو وترنو القلوب.. وتُنزعُ في راحتيها الخطوب.. بها نَستدِلُ ولسنا نُذَلُ.. وفي الروح ظِلُ إليه نَؤوب.. إم الفحم يا مقدّرة (يا توأم القدس الحنون).. يا محوطة ومزنرة (يا درع أقصانا المتين).. أم الفحم أم الرجال أم الزلم يوم النزال.. حرة واسمك بالختم درة على التيجان.

هي بعض أبيات مما نظمته عبد القادر من سيل وفير من القصائد، طرقت فيها باب القدس والأراضي المحتلة عام 1948، والدول العربية وهي التي ترى بوضوح، وتؤكد على الدور العظيم والكبير للنشيد الثوري في إيصال الرسائل، وشحذ الهمم، وتخليد البطولات والدفاع عن القضية الفلسطينية العادلة في وجه الاحتلال وجرائمه.

"الكلمات بوقتها وحدثها لها تأثير كبير، وتأثير ممتد لما بعد الحدث، وفلسطين كلها أحداث، وكلها حالة استثنائية وأنا ابنة البلد، وعليّ أن أكتب وأنصر بكلمتي القضية، وأستلهم ما أكتب من هذه الأحداث".

تطرب اليوم تسنيم عبد القادر، وهي تسمع كلماتها تتردد نشيدًا، وتبث نفسًا ثائرًا في القلوب، وباتت كلماتها تستخدم في مهرجانات فنية في فلسطين وخارجها، بل وأصبحت في كل بيت ومركبة ومكان. وتؤكد: "أشعر بالفخر والسرور وأنا أسمع كلماتي يحفظها الجمهور ويتأثرون بها، وأشعر أنني أديت رسالة عظيمة لا بُدّ لي من الاستمرار في تقديمها، لنصرة قضية فلسطين بأقل القليل".

وتضيف: "الكلمات بوقتها وحدثها لها تأثير كبير، وتأثير ممتد لما بعد الحدث، وفلسطين كلها أحداث، وكلها حالة استثنائية وأنا ابنة البلد، وعليّ أن أكتب وأنصر بكلمتي القضية، وأستلهم ما أكتب من هذه الأحداث". وتشعر عبد القادر أن النشيد الأقرب إلى قلبها من كلماتها هو "يا جنين يا ثورة"، والذي لا يزال حيًا ويتجدد، ونشيد "انزل صل بالأقصى"، والذي جاء على إثر حادثة وضع الاحتلال البوابات في المسجد الأقصى التي دفعتها لدعوة الفلسطينيين للنزول للأقصى من خلال كلماتها.

| الحلم الأكبر

inbound6346806875545516132.jpg
الشاعرة تسنيم عبد القادر مع عائلتها

لكل صعود عقبات، ترى عبد القادر أن الإرادة كفيلة بتهوينها وتجاوزها، من أبرزها خوف الأهل من خوض غمار النشيد الوطني تحديدًا، وما يتبعه من الوقوع في دائرة الخطر الممكن أو المساءلة، إضافة لعقبات مادية لدى المنتجين تعيق وتؤخر إنتاج ونشر بعض الأعمال.

"كل مشروع حالي يتبعه مشروع أكبر.. كل حلم وصلت إليه يتبعه حلم أوسع" تقول تسنيم، وتضيف: "حاليًا توقفت عن العمل خارج المنزل، وأكتفي بكتابة النشيد والتفرغ لرعاية طفلتي الجديدة التي رزقت بها مؤخرًا، على أمل العودة إلى عملي العام الدراسي القادم في إدارة رياض الأطفال".

أرادت فكانت ما تريد، وبدا مشوارها زاخرًا بالتجارب، والتي تطمح للمزيد منها، وتؤكد: "الفرصة تأتي مرة واحدة وعلى الإنسان استغلالها والسعي للتغيير دائمًا والتجربة، وعن نفسي عملت بجد واجتهاد حتى وصلت لما وصلت إليه اليوم من حضور مؤثر". وتتابع: "الكتابة مسؤولية كبيرة، وعليّ أن أبدع فيها، ورغم ظروفنا كنساء تحديدًا، فإننا قادرات على الإبداع، ومن يرد يستطيع".