بنفسج

"لما بدت الحرب": شهادات من العدوان الأخير على غزة

الخميس 18 اغسطس

في غزة وحدها لا يجوز للمرء أن يبني ذكريات، لأنّ الذكرى تقدّس البقاء، أما هناك فستفنى لا محالة، بفعل صاروخٍ متعمد. في غزة وحدها [1]، يصبح الفقد سمفونية الحياة، ينتظره أهلها كما ينتظرون مجريات الأحداث الاعتيادية، هو واقعٌ لا مفرّ منه، هو جزءٌ من كلٍّ لا يتجزّأ، يعدّون له العدّة، والمقاومة والثبات، لكنّه يأتي مباغتًا.

في غزة وحدها، تزفّ الأمهات شهداءهنّ عرسانًا إلى الجنة، ترفقنهنّ بترانيم الزغاريد ومرارة الدموع، وشموخٍ وعزّة قلّ أن يرى مثلها: "هذه المرأة تلد أولادًا فيصيروا فدائيين، هي تُخلّف وفلسطين تأخذ" [2]. يغبطها الآخرون لأنّها أمّ الشهيد، في غزّة وحدها، يتمنّى المرءُ أن تثكله أمّه، لأنّ مراتب الشرف من مراتب الشهداء، يقول للفاقدة نيالك، يا ريت أمّي بدالك.

في غزّة وحدها، تلتهبُ ثورة المواجهة بين صاحب الحق ومغتصبه فلا تخمد أبدًا، هي تحفظ مكانها السّاحليّ المطلّ على البحر فترث تقلّبه، مدّه وجزره، وتمتصُّ الضربات المتراشقة من أيدي المتربّصين، من الرومان والفينيقيين، وحروب العثمانيين ومهازل الإنجليز وعدوان الاحتلال، وتدفع وحدها الثّمن غاليًا لكنّها تقاوم دائمًا.

| "غزة" تحت النيران

inbound8001961369870672981.jpg
الاعتداءات الإسرائيلية المباغتة على غزة لم تتوقف منذ أعوام وهذه الصورة شاكلة للإنفجارات التي تحدث

ويأتي العدوان المباغت الأخير استكمالًا لسلسلة من الاعتداءات التي وجهّها الاحتلال إلى القطاع منذ سنة 2008، 2012، 2014 وصولًا إلى السنتين الجاريتين، مع اختلافٍ في شدّة التصعيد وعوامل القصف والظروف المحيطة والتداعيات. وقد وصلت حصيلةُ الشهداء هذه المرة إلى ثلاث وأربعين، بينهم خمسة عشر طفلًا، ومئات الجرحى، وعشرات المباني التي تحولت إلى ركام، وعشرات الأماني التي صارت حطامًا، والكثير من التحامل والصبر الممزوج بالقهر.

ستلجأ بنفسج هذه المرّة إلى الصمت، لأنّ أصواتَ أهل القطاع أشدّ وأقوى من أن تُقطع، ولأنّ الرواية الإنسانية أصدق من أيّ رواية إعلامية، وستجعل هذا التقرير ملاذًا لشهاداتٍ مختلفةٍ عاين أصحابها العدوان وقصّوا تفاصيله بقلوبهم قبل ألسنتهم، كلّ حسب منظوره ورؤيته، لا غرض من ذلك سوى التوثيق، والمقاومة بالكلمةِ، وطرق جدرانِ الخزّان ولأنّ الصوت أقوى من الرصاصة. "نحنُ بحاجة لإيصال صوتنا ولأناس شرفاء أمثالكم يكونون عونًا لنا"، تقول آلاء حمادة لبنفسج، وشهادتها شرف لنا ومسؤولية في عاتقنا.

تكمل آلاء لــ "بنفسج": الأطفال في غزة يعرفون الحرب أكثر ممّا يعرفها غيرهم من أطفال العالم، لأنّهم كبروا على قصصها وحديثها، فصارت جزءًا من طفولتهم. أطفالنا بحمد الله صغارًا كبارًا أصبحوا يدركون ويميّزون بين صواريخ العدوّ وصواريخ المقاومة لدرجة أنهم أحيانًا يقفون على الشبّاك ويعرفون ما هو الصاروخ الصاعد الذي سوف يصل إلى العدوّ، فيفرحون ويهللون ويكبّرون. وعندما يرون أيضًا، وللأسف، الصواريخ النازلة من قبل العدوّ، حينها تنتابهم مشاعر الصغار فيصرخون،  أحاول بث الطمأنينة في أطفالي بلحظات الحرب، وتهدئتهم من خلال إشغالهم بنشاطاتٍ مختلفة، وإعلامهم بوجود أبطالٍ يدافعون عنهم وعن الأرض والقدس".

| من فرح النجاح إلى مأساة العدوان

 
يقول هيثم كوارع - متخصّص في الدراسات الإقليمية والدولية- عمّا قبل العدوان: " كان يوم الجمعة، كنا بنجهز أنفسنا للتوجه لحضور حفل تخرج أختي من كلية الطب. كنا كتير فرحين، أمورنا جيدة، اشتريت بوكيه ورد لأختي.. كنا مستعدين العصر ننطلق، شاءت الأقدار بعدها أن نستمع إلى أصوات قصف مدفعي وقصف من الطائرات الحربية التي حلقت بكثافة، سمعنا صوت ضجيج، فعرفنا أن هناك هدف تم الإغارة عليه بشكل مفاجئ".

عندما بدأ العدوان الأخير يوم الجمعة، لم تكن تفصل بينه وبين إعلان نتائج التوجيهيّ وحفلات التخرّج أيام كثيرة، والدليل أنّ الكثير ممّن حاورتهم بنفسج من أهل القطاع كانوا إما في حفلة تخرّج أو في الطريق إليها عند اللحظات القليلة التي تسبق شنّ القصف، لكنّ الاحتلال كعادته، ما يلبث أن ينغّص الفرحة في كل مناسبة، لتتحوّل لحظاتُ الحديث عن النجاح والتخصص والمستقبل، إلى حالاتٍ من الترقب ومتابعة الأخبار التلفزيونية.

يقول هيثم كوارع - متخصّص في الدراسات الإقليمية والدولية- عمّا قبل العدوان: " كان يوم الجمعة، كنا بنجهز أنفسنا للتوجه لحضور حفل تخرج أختي من كلية الطب. كنا كتير فرحين، أمورنا جيدة، اشتريت بوكيه ورد لأختي.. كنا مستعدين العصر ننطلق، شاءت الأقدار بعدها أن نستمع إلى أصوات قصف مدفعي وقصف من الطائرات الحربية التي حلقت بكثافة، سمعنا صوت ضجيج، فعرفنا أن هناك هدف تم الإغارة عليه بشكل مفاجئ".

 ابنة أختِ هيثم حين يسألها بنية الاطمئنان على حالها، فتجيبه ببراءة الطفولة، وأثر الرّعب: "والله يا خالو أنا خايفة جدًّا جدَّا ورجليا ملزقين بعض ومش عارفة أنام. وخايفة أنو إسرائيل يقصفونا ونموت كلّنا".

"يفرح العدو كثيرًا حينما يتمكّن من قتل أحد القادة، لأنه يظنّ أنّه يعمل على إخلال في بنية التنظيم العسكري، وهو يريد أن يبدأ الحرب بفريسة أو بغنيمة مباغتة حتّى ينتصر معنويًّا، ويوهم جمهوره بأنه كسب الجولة" يشرح هيثم التكتيكات الحربية للعدوّ، والتي بدأت بقصف برج يحوي أكثر من ثلاثين شقة سكنية في غرب مدينة غزة، بهدف استهداف القائد تيسير الجعبري أبو محمود، أحد قادة الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي.

| جدول "الغزاوي" في الحرب

غزة1.jpg
طفل من غزة ينقل ممتلكات منزله المتبقية من تحت الركام

الاستهداف شمل كذلك وحدات الاستطلاع الواقعة في الحدود، واستشهد على إثرها خمسة شبان، كما يقول هيثم. "توالى رد المقاومة بدءًا من الساعة التاسعة ليلًا، وقامت قوات الاحتلال في نفس الليلة بقصف على بعض بيوت المدنيين… هذه المجازر خلفت ضحايا من أطفال ونساء وكبار في السن ناهيك عن الفزع. أغلب القصف يكون دون سابق إنذار، ودون تحذير" يضيف. ويؤدّي كلّ ذلك إلى خسائر وتضرّر كبير، باعتبار أنّ قطاع غزة هو الأكثر كثافة سكانية في الكوكب.

سألنا هيثم عن أول ما يفعله الغزاوي حينما يبدأ القصف، فشرح لنا ارتباط أي صوتٍ عنيف حتى لو كان صوت ألعابٍ نارية في لاوعي الغزاويّ بالقصف والدمار والموت، مع كل حالات الاستنفار والجري التي تعقب ذلك. "أول ما يفعله الغزاوي هو فتح مواقع الأخبار، والاطّلاع على صفحات النشطاء والصحفيين لمعرفة ماهية القصف والآثار المترتبة. أيضا مما يفعله هو الاتصال بأبنائه وتجميعهم والاطمئنان على أحبابه، ثم فتح النوافذ والأبواب جميعها حتى نتجنب كسر الزجاج من ضغط الانفجارات".

وقد عاين هيثم لحظاتِ القصف، وكان شاهدًا لتفاصيل المواقف الذي تزامنه. ولعلّ رمزية هذا العدوان مرتبطةٌ بصوت الطائرة، شأنها بهذا الارتباط شأن الحروب التي عايشتها الشعوب الخاضعة للاستعمار (رمزية الطيارة الصفرا في مخيال الشعب الجزائريّ إبان الاستعمار الفرنسيّ): "كنا حينما نرى الطائرة وهي قادمة ومغيرة نضع أيدينا على قلوبنا ونقول الله يستر، رأينا الطائرات ليلا وهي تقصف، وكنا نسمع صوت الصاروخ وهو مغير. وميض الانفجار بكون عالي جدا مع صوت عالي ومزلزل". ووصف بدقّة حالة المباني عند القصف فقال: "تشعر بأنّ المنزل يخلع من الأرض، ويرتفع إلى الأعلى".

| "وقتيش دورنا"

غزة.png
سيدة مسنة تجلس فوق منزلها المدمر بلباس الصلاة

الأعمار في غزة تقاسُ بالحروب والأحداث، ولا تقاسُ بالأيّام. تقول إحداهنّ للزميلة بهية النتشة في حسابها على الانستغرام: "من أول ما وعيت ع الدّنيا وصوت الطيارات دايمًا ملازمنا.. بكلّ تصعيد أو عدوان بنّام وبنصحى على نفس السؤال: وقتيش دورنا؟ وكبرت الطفلة وكبر معها الخوف من الفقد وصار عندها أطفال وصارت تمثل عليهم أنها مش خايفة عشان ما يخافوا". والأهل هنا يحملون همّ النوم، كما يحملون همّ الحياة، والنّوم أصعب لأنّ أي غفلة قد تؤدّي إلى انهيار البيت فوق أعين النائمين، لكن من ذا الذي يقدر على التفطّن الدائم؟

طقم الصلاة هو اللباس الرسميّ للحرب، كما وصفته آية لبنفسج. وجميع النساء يهرعن إليه عند سماع صوت القصف "كان الصّوت مرعبًا، أسرعتُ لارتداء طقم صلاتي وغادرتُ المبنى مع أخواتي. كنا ننتظر مقدم أبي الذي تأخّر.. خوف أمّي عليه كان كبيرًا". أصحابُ الأسر والعائلات يصبح لديهم همٌّ مضاعف، والأمّ تفكّر في زوجها وأطفالها أكثر ممّا تفكر في نفسها.

بعد هدوء الأوضاع، ذهبت رغد لمواساة صديقتها التي فقدت والدها خلال القصف، تصفها رغد بأنّها كانت متفوقة جدًّا ونالت التوجيهي بعلامة مشرّفة، "نجاحها صار مرتبط بغصّة فقد والدها، يا حسرتي عليها". والواقع أنّ كلّ فرح في غزة لا بدّ وأن يرتبط بمأساة وحزن، كلّ ناجحٍ يلتمسُ شهيدًا، وكلّ عريسٍ يفتقدُ أسيرًا.

تضيفُ إحدى الغزّاويات: "مش ممكن تتخيّلي، كل يوم بالحرب بتتطلعي بأهل البيت وبتحفظي ملامحهم، بتخافي يطلعوا ما يرجعوا، وقبل ما أنام هذا إزا عرفت أنام بصير أتطلع فيهم، يمكن أصحى مالاقيهم عايشين"، فالمدة بين انبعاث نفسٍ وانقطاعه للأبد قضيةُ صاروخ ومباغتةٍ عدوانية لا أكثر، والموتُ قدرٌ محتوم في كلّ الأحوال.

بعد هدوء الأوضاع، ذهبت رغد لمواساة صديقتها التي فقدت والدها خلال القصف، تصفها رغد بأنّها كانت متفوقة جدًّا ونالت التوجيهي بعلامة مشرّفة، "نجاحها صار مرتبط بغصّة فقد والدها، يا حسرتي عليها". والواقع أنّ كلّ فرح في غزة لا بدّ وأن يرتبط بمأساة وحزن، كلّ ناجحٍ يلتمسُ شهيدًا، وكلّ عريسٍ يفتقدُ أسيرًا.

| الحرب ضربةٌ غادرة
أن تكون في الحرب، ليس كأن تتحدّث عنها"، تقول الإعلامية  آلاء الرملاوي: ""الأمور صعبة، نصبر ونصفق لصواريخ المقاومة، ولكنّ في نفس الوقت نخاف، ونمرّ بحالات هلع". والآثار النفسية التي تصيبُ الصغار بوسعها أن تخلق عاهاتٍ داخلية قد لا يزول أثرها أبدًا "حتى الآن صغيرتي لا تستطيع النوم، بعض الآثار النفسية على الأطفال هي التبول اللاإرادي، التأتأة… أمور جدا صعبة نعاينها بعد كلّ حرب. والصبر من الله".
 
على الصّعيد الشخصيّ، تحتضن آلاء أطفالها وتنزل بهم إلى الدور الأرضي، كما تحاول إشغالهم بالرّسم والطعام، ومشاهدة التلفاز وإغلاق آذانهم "عند وقوع القصف، نجد أنفسنا نضمّهم كما تضمّ الدجاجة صغارها".

"أن تكون في الحرب، ليس كأن تتحدّث عنها"، تستهلّ الإعلامية والناشطة الشبابية آلاء الرملاوي شهادتها بهذه الحقيقة المهمّة، وتؤكّد في حوار لها مع بنفسج على أنّ أجواء الحرب ليست بالهيّنة، وتداعياتها من رعبٍ وحيرةٍ تصيبُ الكبار والصغار على حدّ سواء، "الغزيّون أشخاص عاديون فينا الصالح والطالح، لكنّ ما يساعد على التحلي بالصبر هو بحكم الترابط الأسري والعائلي، بحكم الحروب والانتفاضات القديمة التي عايشها آباءنا وأهلينا" لكنّ، التعايش لا يعني أبدًا التعوّد أو التقبل الدائم، تشرح آلاء.

تكمل:"الأمور صعبة، نصبر ونصفق لصواريخ المقاومة، ولكنّ في نفس الوقت نخاف، ونمرّ بحالات هلع". والآثار النفسية التي تصيبُ الصغار بوسعها أن تخلق عاهاتٍ داخلية قد لا يزول أثرها أبدًا "حتى الآن صغيرتي لا تستطيع النوم، بعض الآثار النفسية على الأطفال هي التبول اللاإرادي، التأتأة… أمور جدا صعبة نعاينها بعد كلّ حرب. والصبر من الله".


اقرأ أيضًا: يحيا الفلسطيني بموته!


على الصّعيد الشخصيّ، تحتضن آلاء أطفالها وتنزل بهم إلى الدور الأرضي، كما تحاول إشغالهم بالرّسم والطعام، ومشاهدة التلفاز وإغلاق آذانهم "عند وقوع القصف، نجد أنفسنا نضمّهم كما تضمّ الدجاجة صغارها"، لكن بحكم أنّ هذه الجولة هي الخامسة مع بعض الجولات التصعيدية، تكتسب طريقة التوعية وتهيئة الأطفال وإعدادهم نفسيًّا الكثير من التمهيد للحقيقة، وبعضًا من التبسيط والتحايل بما يناسب أعمار الأطفال: "نشدّ من عزمهم، مثلًا نقول لأبنائنا: يا ماما عادي هذا صاروخ المقاومة، ادعولهم، يا رب اجعله مسهلا ومدمّرا لأعدائنا. إذا نزل صاروخ الأعداء نقول خليكو رجال خليكو قوايا، لكن نحتضنهم في نفس الوقت لأنّ الأمر صعب. قدما نحكي كلام إنشاء، إلا أنّ الضعف قاتل".

| أطفال كبروا قبل الآوان
inbound5682305649685577265.jpg
أطفال فلسطينيون يبكون في جنازة أحد أقربائهم التي اُستشهد في العدوان الأخير على غزة

لماذا يتحدث أطفال غزة بكل هذا اليقين؟ يراود هذا التساؤل الكثيرين من خارج فلسطين، خاصةً حينما يرون كلماتهم في الإعلام ومقاطع الفيديو التي تنمّ عن وعي وعمرٍ أكبر من عمرهم. تعلّق الإعلامية آلاء على هذه النقطة بقولها: "الواقع يفرض عليك نفسه، في أطفال عندنا كبروا قبل أوانهم. الطفل الآن اعتاد على مشاهد الدم والدمار والقصف، وباتت جزءًا روتينيًا، وبات متوقعًا في كل لحظة أن تبدأ ما يسميه أهل غزة "بالـحفلة الليلية"، فالأمر وإن كان مرعبا لكن باتوا جزءا منه".

كما عزت آلاء استمداد بعض الأطفال للصبر والثقة بالنفس من واقع المشاهدات اليومية ومتابعة الأخبار والتحاليل السياسية مع العائلة، والحوارات اليومية التي ينشئهم الأهل عليها حول عداوة إسرائيل، والظلم والعدوان الذي يتعرض له الوطن، وهم يستمدّون القوة من جلد آبائهم ورموز المقاومة. أمّا قصص الحرب والأسى فهي عديدةٌ وكثيرة، لكلّ منها تفرّدٌ ورمزيةٌ خاصّة وجميعُها مفجعة. تقول آلاء بأنّ أكثر القصص المؤثرة في أهل غزة خلال العدوان الأخير هي استشهاد الطفل خليل حمادة، وحيد أمّه الذي أنجبته بعد أربعة عشر عامًا من الحرمان والانتظار، ثمّ نعته شهيدًا وفقدته في غمضة عين.

هناك أيضًا قصة الأب الذي استشهد مع أبنائه الثلاثة في منطقة البريش هي قصة أيضا مؤثرة، أيضًا الأطفال الذين قتلوا في منطقة الفالوجة أربعة إخوة من عائلة نجم -صبر الله أهاليهم-". وبين طيّاتِ كلّ قصة حكايةُ وجودٍ ولحظة فناء. إلى متى سيستمرّ كل هذا الألم يا ترى؟ لا ندري. كلّ ما نعلمه هو أنّ غزة كحمزة -رضي الله عنه-، كلاهما عتيد عنيد مغدورٌ ولا بواكيَ له.


| هوامش ومراجع

[1] استعمال مصطلح غزة هنا على سبيل الاستعارة الجزئية، حيث ينوب فيها الجزء "غزة" عن الكل "فلسطين".

[2] غسان كنفاني، رواية "أمّ سعد".