بنفسج

عُريب أبو هاشم: اخترت لطفلتي تعليمًا منزليًا

السبت 26 نوفمبر

التعليم المنزلي
التعليم المنزلي

قد تنقلُكَ رحلَتُكَ العلمية الجامعية لعالمٍ آخر، بتخصصٍ آخر تكتشفُ فيه ذاتك ومحارة عقلك، وتُبحرُ في غماره حُبًّا وشغفًا لتلقي المزيد، وانتزاع بهجة الحياة من خلال نقر أيقونة عالم الأمومة "طفل سعيد لأسرةٍ سعيدة." "عُرَيب أبو هاشم"، فلسطينية مقيمة في تركيا، أمٌ لطفلتين، هما مريم ومرفت. درست تكنولوجيا المعلومات، ثم دبلوم التأهيل التربوي لمنهج "المونتيسوري"، لتجد نفسها تُشرق في عالم الطفل وتربيته واهتماماته، وتناقش أفكاره عبر ورش عمل ودورات إلكترونية بالتعاون مع مختصين، كتعلم القراءة بالقاعدة النورانية، ودورات في الطبخ، والرسم بالأشكال الهندسية، ومبادئ البرمجة .وتقرر ولادة ضوء المدرسة المنزلية أو بما يُسمى التعليم المنزل مع طفلتيها، ومغامرة جديدة تتطلب جهوزية مختلفة.

| تجربة التعليم المنزلي

التعليم المنزلي
 
حياة عُريب الأم، صاحبة المدرسة المنزلية لطفلتيها تأخذنا للتعرف على مسيرتها العلمية مذ كانت صغيرة وماذا كانت تفتقد؟ تضيف: "كنت مثقفة جدًا ومجتهدة، كوني نشأت في أحضان أسرة في كل غرفةٍ مكتبة، وتحت كل وسادة كتاب أو قصة.
 
 فلم يكن الكتاب المدرسي ملجئي الوحيد، ومصدري للتعلم وكسب المزيد، وهذا أكثر ما كنت أفتقده كوني أنسى ولا أحفظ، والاختبارات هي المقياس الوحيد لزيادة الرصيد من الذكاء والحفظ والاجتهاد.

وفيما يتعلق ببدايات اهتمامها بالطفل، تقول عُريب: "بعد ولادتي لمريم، درست دبلوم التأهيل التربوي في منهج المونتيسوري حتى أستطيع التواصل مع ابنتي وأفهمها بشكل أكبر وأعمق، وأدرس مراحل النمو المختلفة للطفل لأعيش أمومة واعية وآمنة، من حيث المعلومة، وتوقع ردة الفعل، وكيفية التعامل معها."

حياة عُريب الأم، صاحبة المدرسة المنزلية لطفلتيها تأخذنا للتعرف على مسيرتها العلمية مذ كانت صغيرة وماذا كانت تفتقد؟ تضيف: "كنت مثقفة جدًا ومجتهدة، كوني نشأت في أحضان أسرة في كل غرفةٍ مكتبة، وتحت كل وسادة كتاب أو قصة، فلم يكن الكتاب المدرسي ملجئي الوحيد، ومصدري للتعلم وكسب المزيد، وهذا أكثر ما كنت أفتقده كوني أنسى ولا أحفظ، والاختبارات هي المقياس الوحيد لزيادة الرصيد من الذكاء والحفظ والاجتهاد.

تكمل: "كان هذا الأمر شديد الإحباط لي خصوصًا في مادة العلوم". لم تكتفِ عُريب بحبس تساؤلاتها ورغبة عقلها عن إيجاد ما لم يألفه العالم العربي، وخلق فرصة جديدة للتعلم؛ لصنع جودة في التعليم وفارق في التعلم مع المحافظة على حياةٍ أسرية تعليمية مُزهرة تُلقي أُكلها كل حين من مدارس الحياة ومواقفها وأحداثها، لتصنع من خلالها لطفلتيها خير درس لا يأفل.


اقرأ أيضًا: لتعليم وطني حر: نضال مقدسي لعرقلة أسرلة التعليم


وحول الظروف التي خلقت وحي المدرسة المنزلية لعريب، قالت في حديثها ل "بنفسج": "كل سلبيات التعليم التقليدي؛ لم أُرِد لبناتي أن يُصبِحن قالبًا من القوالب بدءًا من المدرسة وصولًا إلى الجامعة، ثم بعدها تسأل نفسها ماذا أريد؟ ماذا أحب؟ وما هو شغفي؟". مضيفةً: "أريدهن أن يتبعن وهج طموحهن وحب شغفهن، ثم إن العالم يتوجه الآن إلى جودة الإتقان وليس شهادة الإتمام". وحول القيمة التي ترتأي عُريب تقديمها وسط شح وجودها في المدرسة التقليدية كما ترى، تؤكد: "هي نفسك، أن تعرف قوتك ومكامن ضعفك وتتحدى نفسك لثراء أكثر وأكبر دون الحاجة لضغط زمني"، موضحة: "في البيئة المدرسية التنافس على المراكز الأولى قد يخلق نوعًا من التنمر والفشل واليأس، مع عدم القدرة على تحديد الهوية والاستقلالية وتقدير الذات".

| ما هي مميزات التعليم المنزلي؟

IMG-20221117-WA0056.jpg
عائلة عريب أبو هاشم التي تتبع نظام المدرسة المنزلية والتعليم المنزلي

أما التعليم المنزلي، الأم هي الموجّه، تخلق لطفلها جوًّا دافئًا ودودًا، يدرس بحب على الطريقة التي يحب في المكان والزمان الذي يحب. مضيفة: "ذلك ما يخلق شغف تعلُّم المزيد والمحاولة وإصرار المعرفة دون انطفاء، وضخ فضول الأسئلة دون توقف، مع الترحيب بطرحها، واكتشاف إجاباتها بطريقة غير تقليدية".

تشرح ذلك بقولها: "أحيانًا نُسقِطُ درسنا من نزهة العائلة ومصادفة النملة، فيأتي درسنا عن الحشرات، ثم نعود للمنزل لنكتشفها أكثر عبر الإنترنت، وفي الطريق قد نُصادِف ورقة. إذًا حان وقت حديث رسول الله "إماطة الأذى عن الطريق صدقة"، ثم نزور البقالة، ونرى تصنيفات الألبان والأجبان والسكريات، فيبدأ درس الهرم الغذائي"، مضيفة: "نحن في عملية دائمة التعلم نقتنص فرصتها في كل حينٍ".


اقرأ أيضًا: عامٌ على المكتبة: تجربة أم


ووفقًا لعُريب، فإن التخصصية والانضباط ضمن النظام المدرسي، هو ما تهرب منه مع ابنتيها، مع الحفاظ على مواعيد يومية لحفظ القرآن، والحديث والرياضيات وتعلُّم اللغة العربية؛ قراءة وكتابة، ما يُمّكنهم من دراسة باقي المواد بأنفسهم، مضيفةً: "باقي المواد كالعلوم مثلًا، ندرس مجموعة كاملة كالفضاء، المجموعة الشمسية، الفقاريات ثم نأخذ استراحة ونعود لها في وقت لاحق. لدينا نظام يتسم بالرفق والمرونة يتغيرُ حسب الوقت والحالة الصحية ووضع الأسرة".

| تحديات التعليم المنزلي

______-______-____________-24.jpg
الأنشطة التعليمية التي اتبعتها عريب أبو هاشم في التعليم المنزلي

إذًا، فما هي التحديات التي تواجهها المدرسة المنزلية برأي عريب؟ هي فهم أبناءك ورغباتهم ومعرفة شغفهم وميولهم، ما نقطة قوتهم كي تحرص عليها وتستثمرها؟ وما نقطة ضعفهم كي تحترمها؟ أن يكون لديك صبر التعلم والتعليم والمحاولة وطول البال لحياةٍ أفضل بصحبة تعليمٍ نوعيٍ مختلف.

استمرار "عُريب" كان متصلًا بخطة بحثية عبر قصص ناجحة لرواد المدرسة المنزلية ومنهج "المونتيسوري ووالدوف"، ونجاحها لم يكن سهلًا، قائلة: "أثناء بداية رحلة التعليم المنزلي مع طفلتيّ في فلسطين، لم يكن خيارًا متاحًا، كون التعليم المدرسي إلزاميًا والمدرسة المنزلية غير مُعترف بها، وبالتالي توّجهي وتواصلي مع المعلمات كان في الخارج للإجابة عن تساؤلاتي والاستزادة من نهل التجارب. ووفقًا لعريب، فإن طالب المدرسة المنزلية متفوقٌ على أقرانه ضمن منظومة متكاملة وموسوعة متجددة وخطة محكمة واجتهاد علمي لا ينضب.


اقرأ أيضًا: اللعب ضد التعليم: ألعاب تثبت عكس ذلك.. تعرفي عليها!


إذًا، في أي حال قد يتم الالتحاق بالمدرسة التقليدية والبعد عن التعليم المنزلي؟ برأي "عُريب"؟ لدينا خيار العودة إلى الصفوف التي وصلناها، في حال أرادتا مريم ومرفت ذلك والخيار متروك لهن، أما نحن في عملية تطور مستمر وبحث دائم، وخيار العودة لا نفكر فيه أساسًا كإداريين للمدرسة المنزلية، ثم ما الذي يدفع طفلًا، له الحرية في اختيار المنهج والوقت، أن يُفكر في المدرسة حينما توفر له الأسرة عوامل التشجيع والتعلم والاكتشاف والاستقلالية، والاستعانة بحلقات تعليمية إلكترونية لزيادة الشرح والفهم؟