في الآونة الأخيرة بدأت تتكرر على مسامعنا مصطلحات طبية جديدة ومن ضمنها مقاومة الإنسولين، الذي يرتبط مع العديد من الأمراض والمشاكل الصحية، أهمها السكري وزيادة الوزن، فما هو مقاومة الأنسولين؟ وكيف يُشخّص؟ وكيف اعرف اني اعاني من مقاومة الانسولين؟ وما هو العلاج الأفضل لمشكلة مقاومة الإنسولين؟
في البداية دعونا نتعرف على هرمون الإنسولين ووظيفته في الجسم؛ هو هرمون يفرز من غدة البنكرياس، ويعمل على تسهيل عملية دخول سكر الغلوكوز الموجود في الدم الى داخل خلايا جسم الإنسان، حيث يتحول سكر الغلوكوز داخل الخلايا إلى طاقة ليتم استهلاكها في عمليات الجسم الحيوية.
حيث ترتفع نسبة الغلوكوز في مجرى الدم بعد تناول الطعام، واستجابة لذلك، يقوم البنكرياس بإفراز الإنسولين في مجرى الدم ليساعد الغلوكوز في الوصول إلى الخلايا التي تحتاجه. وهذه العملية تعيد كمية السكر في مجرى الدم إلى المعدل الطبيعي.
ما هي مقاومة الإنسولين؟
تحدث مقاومة الإنسولين عندما لا يستجيب جسم الإنسان بشكل جيد للإنسولين المفروز من البنكرياس، بحيث لا يستطيع الإنسولين إدخال الغلوكوز بشكل جيد إلى داخل الخلايا، فيبقى جزء من الغلوكوز في الدم، وبالتالي يواصل البنكرياس بإفراز المزيد من الإنسولين وضخه إلى الدم، في محاولة للسيطرة على مستويات الغلوكوز المرتفعة بالدم، ولكن تستمر صعوبة دخول الغلوكوز إلى داخل الخلايا، مما يسبب ارتفاع مستويات السكر في الدم.
كيف اعرف اني اعاني من مقاومة الانسولين؟ وما هي أسباب الإصابة بمقاومة الإنسولين بالأصل.. للأسف، فإن السبب الرئيس وراء الإصابة بمقاومة الإنسولين لا يزال غير معروف بشكل كامل حتى هذه اللحظة، ولكن يمكن ربط الإصابة ببعض العوامل التي تساعد على تطوير مقاومة الإنسولين عند بعض الأشخاص.
أهم العوامل المرتبطة بمقاومة الإنسولين
| العوامل الوراثية والعمرية: ترتبط مقاومة الإنسولين ببعض العوامل الوراثية بحيث تنتشر بين أفراد بعض العائلات أكثر من غيرها، إضافة لانتشارها في العائلات التي تكثر بها حالات زواج الأقارب، ومن الملاحظ أيضًا بأن الأشخاص فوق سن الـ 45 عامًا هم أكثر عرضة للإصابة بمقاومة الإنسولين.
| عوامل مرتبطة بطبيعة النظام الغذائي ونظام الحياة: تبين انتشار مقاومة الإنسولين بشكل أكبر بين الأشخاص الذين يتبعون نظام غذائي عالي السعرات الحرارية، أو الأنظمة المعتمدة على تناول كميات كبيرة من السكر والدهنيات، التي لا تعتمد على مبادئ التغذية الصحية، إضافة لارتباط مقاومة الإنسولين بنظام الحياة الخالي من الحركة والرياضة، وهذا ما جعل مقاومة الإنسولين مرتبطة بشكل كبير مع مشكلة زيادة الوزن، بحيث يعاني معظم المصابين بمقاومة الإنسولين من مشكلة السمنة وزيادة الوزن، كما تبين أيضًا بأن التدخين مرتبط بالإصابة بمقاومة الإنسولين.
اقرأ أيضًا: المكملات الغذائية: تصحيح لمفاهيم شائعة وخاطئة
| العوامل النفسية: ومن الملفت بأن الضغوطات النفسية وقلة النوم من أهم العوامل التي تؤدي للإصابة بمقاومة الإنسولين.
| الارتباط المرضي: فـ كيف اعرف اني اعاني من مقاومة الانسولين؟ من خلال الارتباط المرضي بأمراض أخرى، فلنوضح ترتبط الإصابة بمقاومة الإنسولين ارتباطًا وثيقًا مع اضطرابات الغدد الصماء، مثل متلازمة تكيس المبايض ومتلازمة كوشينغ ومرض السكري من النوع الأول والثاني، إضافة لارتباطه بارتفاع ضغط الدم ومرض التهاب الكبد سي، ومشكلة تخزين الدهون الزائدة في الكبد والبنكرياس، ووجود مستويات عالية من الالتهاب.
أعراض مقاومة الإنسولين وتشخيصه
هذه العلامات والأعراض تعتمد على تغيرات غير مفهومة في بيولوجية الفرد، وليس من الضروري وجود كل هذه الأعراض أو حتى بعضها لدى كل المصابين بمقاومة الإنسولين، ولكن كيف اعرف اني اعاني من مقاومة الانسولين؟ غالبًا ما توجد بعض هذه الأعراض عند المصابين بمقاومة الإنسولين، ومن أهمها:
• الشعور بالإجهاد والإعياء الدائم.
• ارتفاع في نسبة السكر في الدم.
• عدم القدرة على التركيز وتشويش في الرأس.
• الانتفاخ المعوي، بحيث تنتج معظم هذه الغازات من الكربوهيدرات في النظام الغذائي وغالبًا يكون مرضى مقاومة الإنسولين عند الأشخاص الذين يعانون من مشاكل بالهضم والامتصاص.
اقرأ أيضًا: لحرق الدهون وخسارة الوزن: إليك هذه التمارين البيتية
• زيادة في الوزن بشكل ملحوظ وتراكم للدهون في أماكن معينة كالكرش والذراعين والأرداف، وصعوبة فقدان الوزن الزائد.
• ارتفاع في مستوى الكولسترول والدهون الثلاثية في الدم، وارتفاع ضغط الدم.
• الشعور بالنعاس دائماً خاصة بعد تناول الكربوهيدرات والسكريات.
• تغير في الحالة المزاجية والاكتئاب.
• وجود بقع غامقة اللون وخشونه في أماكن ثنايا الجلد وخاصة في منظقة الرقبة.
تشخيص مقاومة الإنسولين: كيف اعرف اني اعاني من مقاومة الانسولين؟
لأقول لكم "كيف اعرف اني اعاني من مقاومة الانسولين؟" يُشخّص مقاومة الإنسولين من خلال مجموعة من الفحوصات الجسدية والمخبرية عن طريق طبيب متخصص في الغدد الصماء. الفحوصات الجسدية تتلخص في قياس وزن الجسم، وقياس ضغط الدم، والكشف عن ثنيات الجلد.
أما الفحوصات المخبرية؛ فهي فحوصات السكر بالدم بعد صيام 8 ساعات، وفحص السكر التراكمي، وفحص تحمل الغلوكوز الفموي، فحوصات الكلسترول والدهون الثلاثية.
ما هو علاج مقاومة الإنسولين؟
للأسف، لا يوجد علاج جذري لمقاومة الإنسولين، ولكن تعتمد العلاجات على زيادة حساسية الإنسولين وتقليل الأعراض، إضافة إلى الوقاية من المشاكل الصحية التي من شأنها أن تصيب الجسم كمضاعفات لمقاومة الإنسولين، ويشمل علاج مقاومة الإنسولين شقين مهمين ومتلازمين، وهما: العلاج الدوائي، والتدخل التغذوي وتحسين نمط الحياة.
| العلاج الدوائي: يقوم الأطباء بوصف بعض أنواع الأدوية التي تساعد الجسم على تقليل المقاومة الكلية للإنسولين، والأدوية التي تعمل على تحسين حساسية الجسم للأنسولين عن طريق تقليل كمية الدهون المركزة المنتشرة في جميع أنحاء الجسم.
| التدخل التغذوي وتحسين نمط الحياة: من أهم السبل في علاج مقاومة الإنسولين فقدان الوزن الزائد بطريقة صحية ومناسبة، ولكن عادة ما تعمل مقاومة الإنسولين على صعوبة أو بطء في تنزيل الوزن، لذلك يجب على من يعاني من مقاومة الإنسولين أن يتمتع بالصبر لتنزيل الوزن.
أما في ما يخص الكاربوهيدرات، فيعتبر النظام الغذائي لمقاومة الإنسولين من الأنظمة مقيدة الكربوهيدرات، فيتم تناولها بكميات محددة حسب الاحتياج كل شخص، واختيار الكربوهيدرات المعقدة، مثل خبز القمح والشعير، البرغل، الفريكة، وتجنب الكربوهيدرات البسيطه مثل الأرز، والمعكرونا، والخبز الأبيض.
ويجب التنويه بأن النظام الغذائي لمقاومة الإنسولين يجب أن يكون دقيق ومحكم لتحقيق الهدف المرجو، بحيث يعتمد النظام على الأغذية التي تزيد من حساسية الإنسولين، وهي:
أغذية منخفضة المؤشر الغلايسيمي ( يُصنِّف المؤشر الغلايسيمي الأطعمة التي تحتوي على الكربوهيدرات حسب إمكانية رفعها لمستوى السكر في الدم) أي أنها الأغذية التي لا ترفع مستوى السكر بالدم بشكل سريع، ومن الأمثلة عليها: البقوليات، الحبوب الكاملة.
كما يجب أن يحتوي النظام على كمية وفيرة من الألياف الغذائية التي تساعد على موازنة نسبة السكر في الدم، وأهم مصادر الألياف الغذائية هي الخضار والفواكه والحبوب الكاملة والبقوليات، كما يفضل اختيار أنواع الفواكة منخفضة المؤشر الغلايسيمي، مثل: الفراولة، الجريب فروت، الخوخ، التفاح الأخضر، الكرز، وتجنب أنواع الفواكه عالية المؤشر الغلايسيمي، مثل: العنب الأسود، التين، البلح، ومن الجدير بالذكر بأن عصائر الفواكه الطبيعية لا تعتبر بديلًا للفواكه، لأنها تفتقر للألياف الغذائية، وتعتبر مرتفعة المؤشر الغلايسيمي.
اقرأ أيضًا: دون أن تشعري.. عادات يومية تمهد للإصابة بالسكري
أما في ما يخص الكاربوهيدرات، فيعتبر النظام الغذائي لمقاومة الإنسولين من الأنظمة مقيدة الكربوهيدرات، فيتم تناولها بكميات محددة حسب الاحتياج كل شخص، واختيار الكربوهيدرات المعقدة، مثل خبز القمح والشعير، البرغل، الفريكة، وتجنب الكربوهيدرات البسيطه مثل الأرز، والمعكرونا، والخبز الأبيض.
وفي ما يتعلق بالبروتين، فيجب اختيار البروتينات قليلة الدهون، مثل لحم الدجاج والأسماك ولحم العجل الأحمر، وتجنب اللحوم عالية الدهون مثل لحوم المواعز، وإدخال البيض للنظام الغذائي، واختيار الأجبان قليلة الدهون. إضافة إلى كل ما سبق، فلا بد من تجنب الأغذية المصنعة، والمشروبات المحلية، والأغذية الغنية بالدهون المهدرجة والمشبعة مثل المقالي والسمن النباتي والحيواني.
اقرأ أيضًا: السكري عند الأطفال: معضلة تحل بهذه الطرق
ولا بد أن نتحدث عن دور الرياضة في تحسين حساسية الإنسولين؛ فممارسة الرياضة لمدة 30 دقيقة 5 أيام في الأسبوع ستعمل على تحسين حساسية الإنسولين بشكل كبير، حتى ولو اقتصرت على رياضة المشي.
| تحسين نمط الحياة: وإذا كنا نتحدث عن نظام حياة صحي؛ فالإقلاع عن التدخين هو جزء أساسي في هذه النظام، خاصة بأن الدراسات وجدت علاقة واضحة بين جرعة النيكوتين ومقاومة الإنسولين، فكلما زادت الجرعة زادت مقاومة الإنسولين.
وأخيرًا؛وضحنا هنا ما هي مقاومة الأنسولين؟ وكيف اعرف اني اعاني من مقاومة الانسولين؟ وما هي أعراض مقاومة الأنسولين؟ فـ إذا كنا نسعى لتحسين حساسية الإنسولين؛ فيجب اتباع هذه النصائح التي ذكرناها بشكل مستمر، وجعلها نظام حياة مرن ودائم، فهذا النظام يحدث فرقًا كبيرًا في الوقاية من مرض السكري، ويساعد اتباع العادات الغذائية والصحية على السيطرة على مقاومة الأنسولين بشكل أفضل وتقليل المخاطر التي قد تنتج عنه.
