بنفسج

كل ما تودين معرفته عن زكاة الفطر

الخميس 11 يونيو

حين تغرب شمس اليوم الأخير من رمضان، وينتهي هذا الشهر المبارك الفضيل، يكون قد بقي على كل نفس أمر واحد فقط، ليكتمل صيامها، وتتم واجباتها ألا وهو "زكاة الفطر"، وسميت بذلك لأنها طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ.وهي مبلغ محدد من المال يدفعه معيل الأسرة، عنه وعن كل من تلزمه نفقتهم كالزوجة والأبناء، وأحيانًا الأمهات والآباء.

وحكمها أنها فرض، وتجب على كل نفس مسلمة، ذكرًا كانت أو أنثى، صغيرة أم كبيرةً، حرة أو عبدة، وسواء أصامت أم لم تصم (لسفر أو مرض أو صغر سن)، أما الحمل فلا يجب إخراجها عنه إجماعًا، ولكن إذا ولد طفل قبل غروب آخر يوم من رمضان، فإن صدقة الفطر تلزمه (حتى لقال بعض العلماء أنه يستحب إخراجها عن الجنين لفعل عثمان).

وهي واجبة حتى على الفقير (إذا كان يملك في يوم العيد وليلته قدر زائد عن قوته وقوت عياله، ويزيد عمن تلزمه نفقتهم وحوائجهم الأصلية من طعام وشراب ومسكن وملبس)، وتسقط عن الذي لا يجد ما يكفيه في ليلة العيد ويومه، لأن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها؛ وهو قول الجمهور، وبذلك التعريف قد يُعفى منها كثير من المنكوبين.

وأما مقدارها، فحسبما جاء بالحديث: "كُنَّا نُعْطِيهَا صَاعًا مِنْ طَعَامٍ (أي البر وهو القمح)، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ"، والمقصود أي طعام يقتات به أهل البلد، سواء كان شعيرًا أو ذرة أو دخنًا... والصّاع كيل قديم لقياس المقادير، وتختلف كثافته بحسب جنس الطّعام؛ ومقدار الصاع: أربع حفنات باليدين المعتدلتين الممتلئتين.

واليوم اختلف الزمان وأصبحنا نستعمل الكيلو غرام، والصّاع من الدّقيق يعادل 2000 غ، والصّاع من الأرز يعادل: 2300 غ، وهكذا.
وهكذا كانت تُخرج طعامًا ومن قوت أهل البلد؛ ولذا ذهب الأئمة الثلاث مالك والشافعي وأحمد إلى أنه لا يجوز إخراجها مالًا، وخالفهم أبو حنيفة مستدلًا بأمور منها قول صحيح: «أَدْرَكْتُ الصحابة وَهُمْ يُعْطُونَ فِي صَدَقَةِ رَمَضَانَ الدَّرَاهِمَ بِقِيمَةِ الطَّعَامِ» مصنف ابن أبي شيبة (2/ 398- 10371).

| الأقرباء أولى بالمعروف 

يجوز دفع زكاة الفطر للأقرباء والإخوة والأخوات بلا خلاف. ويجوز دفعها للأبناء المستقلين والمتزوجين، وأما دفعها للآباء (أو الأبناء) فيجوز بشرط: أن يكونوا فقراء محتاجين، ولكن إذا اشتد فقرهم وصار الأب (أو الابن) مكلفًا بالنفقة على الآخر، فعندها لا يجوز.ويجوز أن تتبادل بعض العائلات دفعها، فتعطي كل واحدة للأخرى زكاتها!

حكم زكاة الفطر واجبة حتى على الفقير.سميت بذلك لأنها طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، وتُدفع للفقراء والمساكين والمحتاجين، ويجوز أن توزع زكاة الشخص الواحد على أكثر من فقير، ويجوز إعطاء الفقير الواحد زكاة أكثر من شخص.
 
وبالرغم من اختلاف الأئمة على شكل إخراجها -إن كان من قوت البلاد أم نقداً- إلا أن من ينظر إلى فقه المقاصد، ومصالح الناس يجد في إخراجها نقدًا تيسيرًا على المزكّي والفقير.

أما في الرأي الذي يجد في إخراجها نقدًا تيسيرًا على المزكّي والفقير؛ وذلك لأن أكثر الفقراء يبيعون ما يُدفع لهم بنصف سعره؛ فيستفيد التاجر ويخسرون! فلا حرج من دفع زكاة الفطر نقدًا، وقد حدث هذا منذ عهد الصحابة، وهذا ما كنا نعرفه في الشام ونمشي عليه، وإليه مال جدي علي الطنطاوي وبه كان يفتي.

والأصل أن تُخرج في البلد الذي يكون فيه المرء وقت وجوبها، سواء في بلده أو غيرها (وأهل البلد التي خرجت منها أولى بها)، ولكن مَعَ الْحَاجَةِ إليها في بلد آخر، أو وجود غرض شرعي لنقلها، كصلة رحم وقرابة أو طالب علم... فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ جواز نقلها؛ وهذا الأولى في ظل الظروف التي تمر بها الأمة لشدة حاجة الناس، ووجوب تكافل المسلمين وتعاونهم مع إخوانهم ووقت إخراجها على التوسعة، فيمكن أن تُخرج في أي وقت من رمضان، ولو في أوله (عند الشافعية)، وذهب مالك وأحمد إلى أنه لا يجوز إخراجها قبل الثامن والعشرين من رمضان تأسيًا بالصحابة.

على أن أفضل وقت لأدائها في آخر يوم من رمضان، بعد غروب الشمس وقبل خروج الناس لصلاة العيد، ولا يجوز أبدًا تأخيرها عن هذا الموعد، لأنها لن تقبل بعدها، لما رواه الشيخان وغيرهما من أنهم أمروا بزكاة الفطر قبل خروجهم إلى الصلاة: "مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ".