بنفسج

كيف تتعامل معه مع طفلك المتمرد؟

الأحد 14 مايو

فإن كان ابنك متمردًا، فعالج تمرده بالحب لا بالإكراه والصراخ، فحين تعطي ابنك شعورًا بأنك تحبه فإنه سيعطيك أكثر ويستجيب لتوجيهاتك، فأنجح وسيلة لعلاج التمرد أن يخاف ابنك من فقدان حبك له، فالحب قيمة كبيرة في نفوس الأبناء تجاه والديهم، وثاني وسيلة هي التفسير والشرح فعندما تقول له لا تذهب للبحر، فسر له قرارك وقل له لأن الشمس اليوم حارقة، والشرح دائمًا ينبغي أن يكون متعلقا به لا بك.

أكثر الحلول الأجنبية في التعامل مع الطفل المتمرد تدعونا أن نحترم رغباته ونعطيه حريته ونعامله كما يريد، وكل هذه الحلول تتفق مع الفلسفة التربوية الغربية التي تدعم ثقافة الحرية الشخصية وثقافة اللذة المادية وثقافة صراع الأجيال، وتصور لنا أن المراهق من عمر عشرة إلى ثمانية عشر يعاني من اضطرابات كثيرة وعلينا مراعاتها، ومع كل هذه الحلول التي يصدرونها للآخرين تجد عندهم الانحرافات السلوكية كثيرة مثل الاغتصاب والعنف والتحرش والإجهاض والشذوذ والخمور والمخدرات وهجران الأهل والإباحية والعلاقات المحرمة بين الجنسين، وغيرها من مشاكل المراهقين.

ولكننا نحن لدينا فلسفة تربوية مختلفة عنهم، لأننا نؤمن بأن الله هو الذي خلق النفس البشرية وهو أعرف بمفاتيحها، وقد أعطانا الله نظامًا تربويًا يهذب النفوس، فهل سيتمرد الطفل لو تربى على الإنضباط على الصلاة خمس مرات باليوم؟ وهل سيتمرد لو تدرب على الصيام وضوابطه؟ وهل سيتمرد لو تربى على برالوالدين وطاعتهم؟ وهل سيتمرد لو تربى على المودة والرحمة بالبيت؟ وهل سيتمرد لو رأى احترام الحقوق والواجبات بين أفراد العائلة؟

إن التمرد يولد مع الدلال المفرط أو الشدة المفرطة أو من التجاهل المفرط أو التمييز المفرط، وكل هذا التفريط نهى عنه القرآن والسنة وطبائع الأطفال هي نفسها طبائع الكبار لأن النفس البشرية واحدة، وقد وصف الله النفس البشرية عشرة أوصاف، فلو عرفنا كيف نتعامل مع هذه الأوصاف لعالجنا مشكلة التمرد.

فالصفة الأولى أنه يخاصم بشدة (خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين) والثانية ينكر ويجحد (إن الإنسان لربه لكنود)، والثالثة عجول (وكان الإنسان عجولا)، والرابعة يئوس قنوط (وإذا مسه الشر جزوعا)، والخامسة ينسى (يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى)، والسادسة الطغيان ( كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى)، والسابعة الجهل (وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا)، والثامنة الضعف (وخلق الإنسان ضعيفا)، والتاسعة الخوف والجزع والمنع (إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا)، والعاشرة يلقى اللوم على غيره (لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني).

فهذه الطبائع موجودة في كل إنسان من سن الطفولة، فإن كان الطفل متمردًا فهذا يعنى أننا لم ننتبه لهذه الطبائع العشرة ونهذبها بأخلاق عكسها، فمثلًا الخصام والجدل يقابله القناعة والطاعة، والإنكار والجحود يقابله الإيمان بالله، والعجلة تقابلها التأني والحكمة، واليأس يقابله الأمل والثقة بالله، والنسيان يقابله التذكر، والطغيان يقابله معرفة الذات، والجهل يقابله التعلم، والضعف يقابله التوبة والتقوي بالله، والقاء اللوم على الآخرين يقابله تحمل المسؤولية، والخوف والجزع يقابله الصبر والعطاء، فهذه عشرة مقابل عشرة، هكذا تكون التربية بمنهج قرآني واضح يعالج كثير من المشاكل التربوية ومنها التمرد.

فإن كان ابنك متمردًا، فعالج تمرده بالحب لا بالإكراه والصراخ، فحين تعطي ابنك شعورًا بأنك تحبه فإنه سيعطيك أكثر ويستجيب لتوجيهاتك، فأنجح وسيلة لعلاج التمرد أن يخاف ابنك من فقدان حبك له، فالحب قيمة كبيرة في نفوس الأبناء تجاه والديهم، وثاني وسيلة هي التفسير والشرح فعندما تقول له لا تذهب للبحر، فسر له قرارك وقل له لأن الشمس اليوم حارقة، والشرح دائمًا ينبغي أن يكون متعلقا به لا بك، وثالث وسيلة لعلاج التمرد هو الجزاء والشكر والدعاء، فإذا حقق نتائج جميلة أو أعمال طلبناها منه نكافئه بالشكر والدعاء، وآخر وسيلة لعلاج التمرد هو الحوار الهاديء، وأحيانا تحتاج للعقوبة والتأديب في حالة لو استمر بتمرده ولم يستجيب لك، فهذه هي معادلة التعامل مع الطفل المترد.