بنفسج

لست الحبايب... هذا إعلان ممول!

الأربعاء 17 مايو

ترقبوا المفاجآت...ترقبوا العروض الخرافية...ترقبوا يوم الهدايا في عيد ست الحبايب! يال هذه الإعلانات التي تطاردني منذ بداية آذار، لا بل منذ بداية العام، فالمواسم متتابعة، ولا تكاد مناسبة تنتهي إلا وتبدأ أخرى! وها هو عيد الأم قادم. أكره هذا العيد مذ توفيت أمي. بل وكنت أخشى اقتراب تاريح 21 آذار، وأخشى صباحاته المليئة بأغنيات فايزة أحمد "ويارب تخليكي يا أمي"! بل إنني لا أستطيع ترديد هذه الأغنية، حتى لو تظاهرت بأنني سعيدة لأجل الأمهات وأبنائهن. لازمني هذا الشعور حتى عندما كبرت وأصبحت أمًا، لم يتلاش رغم أنهم كانوا يقولون لي: فقيدة الأم يعوضها إحساس الأمومة عندما تنجب!
الحبيب.jpg

ترقبوا المفاجآت...ترقبوا العروض الخرافية...ترقبوا يوم الهدايا في عيد ست الحبايب! يال هذه الإعلانات التي تطاردني منذ بداية آذار، لا بل منذ بداية العام، فالمواسم متتابعة، ولا تكاد مناسبة تنتهي إلا وتبدأ أخرى! وها هو عيد الأم قادم. أكره هذا العيد مذ توفيت أمي. بل وكنت أخشى اقتراب تاريح 21 آذار، وأخشى صباحاته المليئة بأغنيات فايزة أحمد "ويارب تخليكي يا أمي"! بل إنني لا أستطيع ترديد هذه الأغنية، حتى لو تظاهرت بأنني سعيدة لأجل الأمهات وأبنائهن. لازمني هذا الشعور حتى عندما كبرت وأصبحت أمًا، لم يتلاش رغم أنهم كانوا يقولون لي: فقيدة الأم يعوضها إحساس الأمومة عندما تنجب!

ولكن هذه الكلمات لم تكن سوى مواساة، فلا إحساس يضاهي وجود الأم مهما بلغ من عمر. هذه أحاسيسي في يوم كهذا، أما عن فكري، فيكاد لا يتوقف وإن حاولت إيقافه، النظر بعين الفلسفة في يوم كهذا.

إنكم تعملون أن الأيام كلها للأمهات، وأدري أنني لست صاحبة هذه المقولة، ولكن تسمية هذه الأيام وتحويلها إلى أعياد لا بدّ يصب في السوق الرأسمالية وفوهتها العظيمة، ويعتمد بالتأكيد على توسيع مساحات الاستهلاك وتعدد أسمائها؛ بدأت برأس السنة وعروض أعياد الميلاد، والجمعة السوداء، ومن ثم عيد الحب، وهنا هنا عيد الأم؛ عروض لا تفوتكم بمناسبة يوم الأم؛ فاجئ ست الحبايب، هدية الغالية علينا!

وهذه أيام عرض وطلب ضخمة كذلك لمشاهير السوشال ميديا، إنها مواسمهم التي يجنون أرباحهم منها، والدعاية والإعلان لها، وهذا يعني أن العرض يزداد عليهم، وكذلك طلب أجر الإعلان في ازدياد، أي أنهما في علاقة طردية، وهذه هي قانون السوق التجاري. ونحن نتسابق على طول الموجه، ومش ملحقين عالمواسم والعروض!

وإن كان فليكن، ولكن، لماذا تُهدى الأم مكنسة كهرباء، أو جلاية، أو مقلاة هوائية؟! هل لأن هذه السوق اللعينة طبعت في رؤوسنا أن الأم هي ماكنة لأداء الأعمال المنزلية، وهذا بالطيع دليل دامغ أن الأم ليست مقصودة في هذا اليوم، بل هي أداة كما كل الأدوات التي تتلاعب بها الأسوق، فهي تؤمن بالعملات وقوة التدفق، والعرض والطلب، والعوامل التي تسهم في رفعهما.

أووه، لقد اكتشفت أنني لم أكن المقصودة في طفولتي لكي تتأذى مشاعري بهذا القدر في يوم الأم. وربما أعود فأحبه، بل وأقتنصه عندما يكبرن بناتي ويهدينني هدايا ثمينة!