بنفسج

عن اختصار المسافات.. نحن وأباؤنا

الأربعاء 17 مايو

ربما المطلوب منا كآباء وأمهات أن نخلق عادات "إيجابية" في حياة أطفالنا، تساعدهم على النمو للمستقبل، وتكسبهم مهارات حياتيه مختلفة تمكنهم من مواجهة التحديات، وتمنحهم التميز عن أقرانهم، وتقلل من عثرات تحقيقهم للأحلام والطموحات. هذا الأمر لا يمكن أن يكون بمعزل عن فكرة "الاستمرار والالتزام" بالتأكيد فهي المحكّ الهامّ الذي يحوّل أي سلوك غير منظم إلى عادة يومية مستمرة.
المسافات.jpg

نمكث سنوات من أعمارنا ونحن نحاول ترسيخ عادة جديدة. نقرأ عشرات الكتب، ونستمع لعشرات المحاضرات أيضًا. وبصورة متوازية نضطر في أحيان كثيرة إلى دفع مبالغ للمشاركة في كورسات تدريبية تساعد في الالتزام بالعادة الجديدة التي نريدها. 

ويتجاوز الأمر إلى تنزيل كافة التطبيقات المساعدة في دفعنا للاستمرار بها بصورة تكون خفيفة على النفس تبعث فيها البهجة. ومع كل هذا قد نخفق في خلق هذه العادة وجعلها جزءا من حياتنا ( الأمر الذي أستوقفني مؤخرًا في هذا السياق، ماذا لو بذل آباؤنا وأمهاتنا شيئًا من الجهد المتواضع لترسيخ بعض العادات في حياتنا منذ الصغر، عادات مثل (تناول الطعام الصحي، ممارسة الرياضة، كتابة المذكرات اليومية، قراءة كتاب، الاستيقاظ باكرًا، التخطيط اليومي) لربما اختصرنا الكثير من الوقت والجهد، وحمينا ذاتنا من دنوّ الثقة الذي يعترينا مع كل شعور إحباط ناتج عن عدم الالتزام بهذه العادات.

الطفل الذي شبّ منذ صغره على عادات معينة، الآن وهو شاب يوظف طاقاته لاكتساب عادات أخرى جديدة "متقدمة" تمكنه من تحقيق الازدهار في حياته، والوصول إلى ما يحلم به. قياسا بشاب يحاول ترسيخ عادات بالنسبة للشخص الأول هي "أوليّة" وتم تجاوزها وترسيخها بفضل الوالدين. 

لا أعتقد أن كلا النموذجين يتطابقان في النتائج والتقدم. لأنه باختصار العادات تسير وفق منهج بنائي. يعني (لا يستطيع أن يكون الشخص باحثا ما لم يكن قارئا) فالعمل البحثي مبنيّ أصلا على عادة القراءة، ومن يريد أن يصبح باحثا ويفتقد لعادة القراءة سيكون الأمر أشبه بنحتٍ في الصخر.

ينطبق الأمر على شخص يريد أن يحافظ على لياقته البدنية لكنه يفتقد إلى عادة ممارسة الرياضة. فالعادات إذن تبنى وفقها الخطوات المستقبلية والنجاحات وما نريد أن نصبو إليه، وهذا بالفعل أمر خطير.

لذا، ربما المطلوب منا كآباء وأمهات أن نخلق عادات "إيجابية" في حياة أطفالنا، تساعدهم على النمو للمستقبل، وتكسبهم مهارات حياتيه مختلفة تمكنهم من مواجهة التحديات، وتمنحهم التميز عن أقرانهم، وتقلل من عثرات تحقيقهم للأحلام والطموحات. هذا الأمر لا يمكن أن يكون بمعزل عن فكرة "الاستمرار والالتزام" بالتأكيد فهي المحكّ الهامّ الذي يحوّل أي سلوك غير منظم إلى عادة يومية مستمرة.

اصنعوا العادات في حياة أطفالكم، قللوا من أيام ثقال سيبذلونها سعيًا لترسيخها، احفظوا أموالهم من صرفها هدرًا في كورسات تدريبية لعشرات الساعات تحت عناوين كيف تصبح قارئاً، أو كيف يمكنك إنقاص وزنك، أو كيف تحافظ على لياقتك البدنية. ما أنت عليه الآن هو بسبب عاداتك اليومية. وما سيكون عليه أطفالك مستقبلاً هو بفضل عادة تصنعها أنت "الآن" لهم.