بنفسج

لأول مرة خارج البلاد.. العيد مش حلو إلا بالأقصى

الأربعاء 05 يوليو

اتصلت بعائلتي وقلت العيد ليس جميلًا إلا بالأقصى لم تكن غربة كانت تجربة، رسمت وأعادت تشكيل الكثير من المعاني بداخلي، فتحديدًا أنا نشأت بعائلة ممتدة كبيرة، اجتماعاتنا فيها لا تتوقف، واليوم الأول من العيد يوم مليء أتعب فيه دائمًا ويمر بشكل جميل مع اجتماعنا جميعًا ومحطاتنا الكثيرة عند بيت جدتي، دار حماي، مع أشقاء زوجي، بيت أهلي لا ينتهي يوم العيد الاول عندي إلا الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل مع كثير من الحركة والتنقل والمجاملات والعيديات. انتهى بساعة واحدة تقريبًا بأجواء غريبة وجلسنا بعدها في شقتنا بالبجامات.    

كان لي شرف تجربة شعور العيد في الغربة مرة، لم تكن غربتي طويلة، سافرت مع زوجي وأولادي لمنطقة في رومانيا ذات مرة حتى يكمل زوجي ترتيبات رسالة الدكتوراة، جلسنا لثلاثة أشهر فقط في العاصمة بوخارست، كانت تجربة غنية حقًا من كل النواحي، وافق ذهابي شهر رمضان المبارك في أيامه الأخيرة فشعرت بشعور المسلم الذي يقطن في بلد أوروبي وغربي، فيه غالبية غير مسلمة، الناس يتحركون ويمارسون حياتهم بشكل طبيعي وأنت صائم والوقت طويل جدًا من الثالثة فجرًا إلى ٩ ونصف مساءًا لا يوجد أذان، لا يوجد مساجد، أجواء غريبة، ملابس فاضحة جدًا، لا يوجد طعام حلال إلا بشكل نادر، وصعوبة في إيجاد منتجات حلال أيضًا وحلويات حلال فالأطعمة مليئة بالجيلاتين الحيواني، الكحول، وعدة إضافات لا أعلمها، مواد غريبة يجب أن نقرأ عنها.

كمسلمة ملتزمة جدًا، بحثت وسألت صديقات لي يعشن بالغربة، كيف يمكن لنا أن نعيش كمسلمين بكامل إلتزامنا ببلد كرومانيا، أصبحت لدي صورة واسعة عن الطعام، الصلاة، الوقت، الناس، كل شيء.

جاء العيد بعد أسبوع من ذهابي كنت مصرة أن أذهب لصلاة العيد وأتعرف على المسلمين هناك، كانت أروع تجربة في حياتي، خطبة باللغة التركية ترجمها أحد الاخوة السوريين بطريقة مقتضبة، بمخارج حروف غير صحيحة ولكنة لا تشبه العربية أقيمت الصلاة، أقامها شخص تركي جزاه الله عنا كل خير، لكن كان فيها الكثير من الأخطاء النطقية بمخارج الحروف وعلم التجويد أيضًا، أصبت باحباط لشدة التجاوزات التي حصلت خلال الصلاة وبعدها، لكني كنت سعيدة جدًا بأن أعداد كبيرة من المسلمين يجلسون معي ويحتلفون في نفس المكان، قاموا بتوزيع الهدايا على الأطفال، في ساحة طويلة مر العيد خلال ساعة ونصف وانتهى.

جلست أتأمل وجوه المارة، ابتسامات الناس، بهجة الصغار، المسافة التي قطعتها لأصل، فكرت كيف يشعر المسلم وهو مبتور من عائلته ومن وطنه يعيش كفرع في شجرة هو لها لا ينتمي.

اتصلت بعائلتي وقلت العيد ليس جميلًا إلا بالأقصى لم تكن غربة كانت تجربة، رسمت وأعادت تشكيل الكثير من المعاني بداخلي، فتحديدًا أنا نشأت بعائلة ممتدة كبيرة، اجتماعاتنا فيها لا تتوقف، واليوم الأول من العيد يوم مليء أتعب فيه دائمًا ويمر بشكل جميل مع اجتماعنا جميعًا ومحطاتنا الكثيرة عند بيت جدتي، دار حماي، مع أشقاء زوجي، بيت أهلي لا ينتهي يوم العيد الاول عندي إلا الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل مع كثير من الحركة والتنقل والمجاملات والعيديات. انتهى بساعة واحدة تقريبًا بأجواء غريبة وجلسنا بعدها في شقتنا بالبجامات.

 اختلف مفهوم العيد لدي وقتها مع كثير من الامتنان أنني لست من المغتربين. من طبيعتي أحب التجارب المختلفة والغنية حتى لو كانت قصيرة أو لا تستحق، تجربة السفر كانت تجربة هامة وغنية لي ولعائلتي أعدت فيها تشكيل نفسي، وترتيب أوراقي، وقدرتي على مجاراة الخرائط والمواقع، غادرت بوخارست قبل ثلاثة أعوام وعدت لها في الصيف الفائت أعرفها شبرًا شبرًا، وكأنها القدس.

لم أستعمل أي خريطة وشعرت كأنها أحد أحياء البلدة القديمة في القدس. أحن لها عندما أذهب لأماكن الأشجار الكثيفة وفي كل عيد أتذكر تلك اللكنة التركية، تعيد تشكيلنا كل تجربة تمر في حياتنا وتترك فينا شيئًا لطيفًا يبقى عبقه داخلنا مهما تظاهرنا بنسيانه، لا تحرموا أنفسكم من السفر من التجارب والمغامرات ففيها إعادة صياغة المفردات وإعادة تشكيل وتهذيب الذوات.