بنفسج

ساذج نصار: قلم المرأة والوطن

الأربعاء 09 اغسطس

مارست النضال على طريقتها الخاصة، فعملت هنا وهناك لأجل فكرة تؤمن بها، لم تكن من المنهزمين اليائسين، بل في كل فترة حياتية لها تخلق جوًا جديدًا يليق بها، وتعكف على كل عمل نضالي، من سيدة كاتبة إلى ثورية وناشطة وطنية، لم يهمها اعتقال أو إبعاد، يكفيها أن تقول كلمة الحق في وجه الظلم، دعمت، فكتبت لهن وبهن، فكتبت في مقال لها لنساء فلسطين: نحن معشر النساء والبنات يجول في عروقنا نفس الدم الذي يجول في عروق الرجال؛ فيجب ألا نتخلف عن الرجال في العمل لسلامة الوطن، ولا يجوز أن تترك اللبؤةُ الأسدَ يعمل وحده للمدافعة عن العرين والأشبال، وهي تقف وقفة المتفرج الجامد، نحن نصف مجموعة الأمة، وأعمال الرجال الوطنية تبقى ناقصةً إذا لم ترافقها أعمالكن".

ساذج نصار: السيرة الذاتية

ساذج نصار، المولودة على ساحل البلاد في حيفا في عام 1900. والدها من أصول إيرانية سكن عكا ويُدعى الشيخ بديع الله بهائي. أنهت دراستها من مدرسة راهبات الناصرة في حيفا، ثم بدأت رحلتها في العمل الصحافي عام 1923 في جريدة الكرمل.

التقت في "الكرمل" مع شيخ الصحافيين نجيب نصار، وبدت بوادر الإعجاب بينهما في الظهور وتزوجا. وظلت برفقته تدعمه لنجاح الكرمل الذي أسسها بقوة وشاركته في إدارتها أيضًا، وفي العام 1926 افتتحت زاوية بالجريدة عنونتها "صحيفة النساء"، وقدمت فيها مواضيع اجتماعية تخص النسوة.

نحكي هنا عن أول سيدة اعتقلها الانتداب البريطاني بتهمة دعم الثوار بالعتاد والسلاح، ساذج نصار، المولودة على ساحل البلاد في حيفا في عام 1900. والدها من أصول إيرانية سكن عكا ويُدعى الشيخ بديع الله بهائي.

أنهت دراستها من مدرسة راهبات الناصرة في حيفا، ثم بدأت رحلتها في العمل الصحافي عام 1923 في جريدة الكرمل. التقت في "الكرمل" مع شيخ الصحافيين نجيب نصار، وبدت بوادر الإعجاب بينهما في الظهور وتزوجا. وظلت برفقته تدعمه لنجاح الكرمل الذي أسسها بقوة وشاركته في إدارتها أيضًا، وفي العام 1926 افتتحت زاوية بالجريدة عنونتها "صحيفة النساء"، وقدمت فيها مواضيع اجتماعية تخص النسوة.

بقيت ساذج نصار تدعم النساء وتكتب لهن، نصحتهن بأن لا يفرقن بين الأبناء، ودعتهن إلى أن يهتمن بالتعليم فلا قوة مثله، وكانت تحشد النساء وبث روح الهمة في قلوبهن للدفاع عن البلاد فها هي في مقال لها تقول باللفظ: "الوطن يناديكن فلبين نداءه عاجلًا، واجمعن المال واشترين الأراضي وأْلَفْنَ مشاغل الخياطة واستغنين عن مصنوعات الخصوم ونادين بعضكن بلزوم التعاون والتضامن مع أبناء الوطن".


اقرأ أيضًا: فاطمة البديري.. صوت "هنا القدس" الذي غادرنا


عايشت ساذج الانتداب البريطاني على فلسطين، وعملت على النضال والوقوف ضده، ودعت النساء الفلسطينيات إلى العمل في السلك السياسي والنضالي للوقوف ضد عنجهية الاستعمار، وظلت بقلمها الحر تناضل بطريقتها حتى اعتقلتها سلطات الانتداب البريطاني عام 1938، بدعوى أنها امرأة خطيرة، إذ اتهمتها بدعم الفدائيين بالأسلحة، وبذلك كانت أول امرأة تتعرض للاعتقال آنذاك، واستمر اعتقالها لمدة أحد عشر شهرًا في معتقل بيت لحم. وفور اعتقالها ثار الرأي العام الفلسطيني وطالبوا بفك أسرها إذ نظموا الحملات التضامنية معها.

بعد أشهر عديدة من الاعتقال، أُفرج عنها؛ فاستمرت بالعمل من مكان ما توقفت بالكرمل حتى أغلقتها سلطات الانتداب البريطاني عام 1944، فظلت برفقة زوجها حتى وفاته ودفنه في الناصرة ثم في النكبة غادرت الوطن كما فعل الكثير.

نشاطات واهتمام بالمرأة

جريدة الكرمل.webp
حريدة الكرمل التي عملت بها ساذج نصار

تعج حياة ساذج نصار بالأحداث المحورية التي ذكرها التاريخ من بعدها، فها هي تساهم في تأسيس جمعية الاتحاد النسائي في حيفا عام 1930 مع زميلتها مريم الخليل، ووضعت بصمة واضحة لها في إضراب 1936. إضافة إلى أنها أولت اهتمامًا كبيرًا بالمرأة الريفية وسعت لدمجها في الحياة النضالية اليومية ضد الانتداب البريطاني.

عكفت ساذج على حضور المؤتمرات النسائية، وأبرز ما حضرته المؤتمر النسائي الشرقي في القاهرة في عام 1938، إذ دعاها للحضور الاتحاد النسائي المصري برئاسة هدى شعراوي، وألقت خطابًا تضمن رؤيتها للقضية الفلسطينية، ومطالبتها بإنهاء الانتداب البريطاني. وحضرت ساذج أيضًا عام 1944 المؤتمر النسائي العربي العام في القاهرة، ودعت مجددًا العرب للعمل على نجدة فلسطين من الاستعمار والحشد اليهودي آنذاك.


اقرأ أيضًا: وداد بهلول: ماذا يعني الاشتباك من مسافة صفر؟


واصلت عملها النضالي ضد الانتداب حتى النكبة الفلسطينية في العام 1948، فلجأت للعيش في لبنان، ولأن القلم سلاحها الوحيد ظلت تكتب عن فلسطين وعن الإجرام الذي تعرض له الفلسطينيون بالنكبة، فنشرت في جريدة اليوم اللبنانية، ولم تطل رحلة اللجوء في لبنان فانتقلت إلى سوريا لتبدأ مشوار جديد للكتابة في الصحف فكتبت مع صحفية القبس.

عايشت حياة اللاجئين بعد هجرتها القسرية من فلسطين؛ فحاولت أن تتأقلم قدر استطاعتها، فبعد وفاة رفيق دربها ظلت تصدح بصوتها في كل المحافل باسم القضية الفلسطينية تكتب بقلمها، بغية التغيير، واستمرت في حياتها برفقة ابنها فاروق حتى غادرت الحياة في عام 1970 في سوريا.