السبت 23 سبتمبر
"ريتاج في شب اسمه محمود أبو سعن مستشهد". ركضت ريتاج نحوي بعد صلاة الفجر تصرخ "يا إمي محمود"، كان نطقها ثقيلًا على اللسان، نور بيتنا قد غادر الدنيا، لم أصدق أن ابني الرضي قد اُست.شهد.
أنا أفنان الحصري والدة الشهيد محمود أبو سعن (18) عامًا من طولكرم، اُس.تشهد ابني بعد إطلاق جنود الاحتلال الرصاص عليه فأصابته رصاصة في الرأس بشكل مباشر، أصابتني نوبة عدم التصديق وقتها، ابني ش.هيد! أنا أصبحت أم الش.هيد!
لطالما كان محمود مهذبًا حتى في خصامه "حبيبتي يما ازعلي مني بس تغضبيش علي".. كيف أخبره الآن أنه نور عيوني فكيف أغضب عليه! كيف أخبره أن الدقائق في بعده سنوات! كيف أواسي أشقائه أمير وعمر وريتاج ونورا، كانت صدمة البداية مسيطرة عليَّ لكن سرعان ما لملمت شتات نفسي وأقسمت أن أفتخر بلقب أم الشهيد على الدوام، احتسبته عند الله منذ اللحظة الأولى وصليت ركعتين لله وقلت لأبي: "يابا ادعيلي بالصبر! وصبرت، وحزنت أيضًا ولكن لطف الله أحاطني من كل جانب.
لو سألقب محمود سأطلق عليه لقب "حبيب الكل"، قريبًا من أخواله كصديق ومن جده الذي يرافقه في المسجد، فقد كان متطوعًا في العمل الخيري في رمضان الأخير، ومسؤولًا عن صندوق التبرعات في المسجد.
في آخر ليلة له كان برفقة جدته قبلها بسويعات تدعو له بأن يرضى الله عنه، خلال مرحلة الثانوية العامة لم ينفك عن ذكر الشهادة والشهداء؛ أحب لقاء الله فاصطفاه ربه، واكتشفنا بعد استشهاده أنه كتب وصيته خلال فترة امتحاناته بتاريخ 15/4/2023.
نجح ابني البار في الثانوية العامة قبل استش.هاده بوقت قليل، وكنت سعيدة جدًا به، وإذ به يقول لي: "ليش اشتريتي فستان يما جايتك فرحة أحلى من هاي الفرحة". لم أفهمه وقتها، كان يقول لشقيقه "حلمت إني شهيد!"
قد كان محمود المحب لفلسطين مستعدًا لبذل روحه في سبيل الله، طلب الشهادة ونالها، كان يأمل أن يزور الأقصى خلال فترة امتحاناته أخبرته بعد الامتحانات سنذهب لكنه استش.هد وظلت الأمنية. رحم الله ابني بطل فلسطين، وأسأل الله أن يربط على قلبي.