بنفسج

جميلة الشنطي: حضن مجتمعي يتحصّن بالمقاومة

الجمعة 20 أكتوبر

لا يزال الاحتلال الإسرائيلي لليوم الحادي عشر على التوالي يقصف بيوت المدنيين في قطاع غزة بلا هوادة، كأنّما يغطي على خيباته ومخاوفه بقتل الأبرياء. كلّ ساعة نُنبأ بمقتل رجال أو نساء، يعرفوننا ونعرفهم، ونرثي أطفالًا بالمئات. الشهيدة هذه المرة امرأة من نوع خاصّ، أمضت كلّ حياتها في العطاء والكفاح والجهاد ونصرة القضية الفلسطينية؛ جميلة عبد الله الشنطي عضو المكتب السياسي لحركة حماس تغادرنا إلى جوار الرحمن بعد 68 عامًا من خدمة القضية إثر قصف منزلها بمدينة غزة بغارة جوية ليلة الأربعاء، لتصبح بذلك ثالث عضو في حماس يتم اغتياله منذ بدء عملية طوفان الأقصى. فمن هي الشهيدة أم عبد الله؟ ولماذا اغتالها الاحتلال الإسرائيليّ؟ 

جميلة الشنطي: السيرة والمسيرة 

جميلة 1.jpg

معلمةٌ ووزيرةٌ وسياسيةٌ فلسطينية، ولدت  سنة 1957 في مخيم جباليا. درست اللغة الانجليزية بجامعة عين شمس في مصر سنة 1977 أين تحصلت على شهادة البكالوريوس والتحقت بجماعة الإخوان المسلمين لتستفيد من منهجهم الحركيّ وفكرهم الاجتماعيّ لاحقًا بعد انضمامها إلى حركة حماس؛ إذ كانت من الرعيل الأول عند تأسيس الحركة سنة 1987، وتولّت عدة مناصب داخلها أبرزها رئاسة مجلس الشورى الخاص بالنساء. 
 

جميلة 2.jpg

جميلة الشنطيّ معلمةٌ برتبة وزيرة، درّست في المملكة العربية السعودية لمدة عشر سنوات، وهي صاحبة مسيرة أكاديمية زاخرة؛ إذ تحصلت على شهادة الماجستير في أصول التربية من الجامعة الإسلامية في غزة، وحاضرت فيها لسنوات عديدة، ثمّ استكملت مسيرتها، ونالت شهادة الدكتوراه في الإدارة التربوية من جامعة دبي بالإمارات في 2013، السنة نفسها التي تولت فيها وزارة شؤون المرأة في حكومة قطاع غزة لتكون أول امرأة تصل إلى هذا المنصب.

جميلة 3.jpg

كانت الشهيدة أم عبد الله أولى وأبرز القيادات النسائية لحركة حماس، أشرفت على العمل النسويّ الخاص بالحركة، وكانت مسؤولة عن ملف القرآن الكريم ودور الجامعات في الحركة، وهي ذات فكرٍ نهضويّ يمنح للمرأة أولوية بارزة في مسيرة كفاحها، ويشيد بدورها في العمل السياسيّ، ويؤمن بأهميّة وجودها كعضو في المكاتب السياسية ومشاركتها في صنع القرار وتعزيز مكانتها في المناصب القيادية. وهي بالمناسبة أول امرأة تصل إلى رتبة عضو في المكتب السياسي لحركة حماس سنة 2021، بعد أن كانت عضوية المرأة مستبعدةً لدواعٍ أمنية تبقيهم آمنات من الاغتيالات الإسرائيلية. 

جميلة4.jpg

في حوار لها مع شبكة الجزيرة بخصوص عضويتها تقول: "نحن كنساء في حماس لم نكن يومًا مغيّبات عن مراكز صنع القرار في الحركة، ويؤخذ برأينا ونحن نمارس العمل السياسي ومنتظمات فيه [...] أمّا عن عضوية المكتب السياسيّ فقد كان غياب المرأة لدواع أمنية، ثم اختلفت الأمور بعد تجربة الحرب الإسرائيلية على غزة سنة 2014، أصبح الكل مستهدفًا." 

جميلة الشنطي: اسم بارز في قائمة الاغتيالات 

جميلة 5.jpg

لم تكن هذه المحاولة الأولى للكيان في اغتيال جميلة الشنطي؛ فقد سبقتها محاولة أخرى سنة 2006 عندما استهدف بيتها من قبل الطائرات الإسرائيلية واغتيلت زوجة أخيها عوضًا عنها بسبب وجودها خارج المنزل لحظة الاستهداف. ويرجع السبب الأبرز في محاولة اغتيالها آنذاك إلى نجاح مسيرة نسائية كبيرة قامت بقيادتها في الثالث من نوفمبر سنة 2006 احتجاجًا على الحصار الذي فرضه الاحتلال على مجموعة من المقاومين الذين تركزوا في مسجد شمال قطاع غزة؛ حيث نجحت في كسر هذا الحصار على المقاومين، وفي لفت انتباه الاحتلال الإسرائيلي إلى قيادتها وقوة ممّا جعلها مستهدفة. 

الشهيدة جميلة التي كان اسمها من أبرز الأسماء في قائمة الاغتيالات الإسرائيلية تختم مسيرتها الحافلة بشهادةٍ ونكاية. شهادة في سبيل الله الذي لا يضيع عنده أحد، ونكاية في الاحتلال الذي ضايقته بمقاومتها وكفاحها حتى النفس الأخير.