بنفسج

"والله متمم نوره": تدمير ممنهج لمساجد غزة

الخميس 14 ديسمبر

"وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا"، و"إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر.."، وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ۚ أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ".و"في بيوت أذن الله أن ترفع.."... ذلك النور الطليق، الشائع في السماوات والأرض الفائض في السماوات والأرض ، يتجلى ويتبلور في بيوت الله التي تتصل فيها القلوب بالله، تتطلع إليه وتذكره وتخشاه، وتتجرد له وتؤثره على كل مغريات الحياة:

في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال، لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة. يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار . ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله، والله يرزق من يشاء بغير حساب.

تلك البيوت "أذن الله أن ترفع"... وإذن الله هو أمر للنفاذ - فهي مرفوعة قائمة، وهي مطهرة رفيعة... يتناسق مشهدها المرفوع مع النور المتألق في السماوات والأرض . وتتناسق طبيعتها الرفيعة مع طبيعة النور السني الوضيء. وتتهيأ بالرفعة والارتفاع لأن يذكر فيها اسم الله: "ويذكر فيها اسمه"، وتتسق معها القلوب الوضيئة الطاهرة، المسبحة الواجفة، المصلية الواهبة .

الجوامع الجامعة

قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم المساجد في غزة
دمّر القصف الإسرائيلي 250 مسجدًا في غزة حتى اللحظة، في حرب ممنهجة ضد المساجد 

وهذه الجوامع في غزة،خرجت أكثر من خمسين ألف حافظ وحافظة لكتاب الله، هي جوامع بحق، فليست لأداء الصلاة ورفع اسم الله وحسب، إنها جوامع جامعة؛ للشباب والأطفال والشيوخ والنساء، جامعة لكل غزة؛ ففيها تقوى القلوب والأبصار، ومنها يؤخذ الحصن المنيع، وفيها تبنى العقيدة، ويدفع الإيمان، ويذكى اليقين، تربط فيها أنسجة الأخوّة، وتسلك سبل الدعوة والدعاء، ويحفظ فيها كتاب الله تتابعا لا انقطاع في ذلك.

 وفي جوامع غزة جامعة للأطباء والمهندسين والمعلمين وطلاب المدارس والناس العاديين، جامعة كل الشرائح الغزاوية، وكل ما نراه من صبر وصمود ومقاومة وتحد هو منبع قاعدة عقائدية في الجوامع. لهذه الأسباب وغيرها يستهدف الاحتلال المساجد في غزة، وهو يعلم جيدًا أنها وقود الصمود والوعي والمقاومة في غزة، وقد دمر حتى الآن أكثر من 250 مسجدًا، جلها أثرية معمارية لها مكانتها عبر التاريخ. بينما العدد الكلي لللمساجد في القاطاع بحسب جهاز الإحصاء المركزي في عام 2019 بلغت حوالي 1117 مسجدًا من أصل 3434 مسجدا في كل فلسطين، بينهما 2317 مسجدًا في الضفة. وتتقسم مساجد غزة بحسب اعدادها في القطاع: 273 غزة المدينة، 178 في شمال غزة، و192 في دير البلح، و309 في حانيونس، و165 في رفح.

الجامع العمري الكبير: عمره من عمر المقاومة

المسجد العمري.png
المسجد العمري الكبير في غزة قبل تدمره قوات الاحتلال الإسرائيلي في حرب طوفان الأقصى 2023

الجامع العمري الكبير؛ وهو المسجد الأكبر والأقدم في قطاع غزة، ويقع في مدينة غزة القديمة، وقد أُطلق عليه هذا الاسم تكريماً للخليفة عمر بن الخطاب، وبالكبير لأنه أكبر جامع في غزة. كان موقع المسجد الحالي معبداً فلسطينياً قديماً، ثم حوَّله البيزنطيون إلى كنيسة في القرن الخامس ميلادي، وبعد الفتح الإسلامي في القرن السابع حوَّله المسلمون إلى مسجد. وقد وصفه الرحالة والجغرافي المسلم ابن بطوطة بـ«المسجد الجميل» في القرن العاشر الميلادي. وفي عام 1033م ضرب زلزال المنطقة فأدى إلى سقوط مئذنة الجامع العمري الكبير.

وفي سنة 1149م، حول الصليبيون مكان المسجد كاتدرائية مكرَّسة ليوحنا المعمدان، ولكن الأيوبيين دمروا معظمها عام 1187م، ثم أعاد المماليك بناء المسجد في وقت مبكر من القرن الثالث عشر الميلادي، ولكن المغول دمروه في عام 1260م، لكن سرعان ما استعاده المسلمون، ودُمِّر مرة أخرى بعد وقوع زلزال ضرب المنطقة في نهاية القرن الثالث عشر.

وفي القرن السادس عشر، أعاد العثمانيون بناء المسجد العمري الكبير، وذلك بعد حوالي 300 سنة من وقوع الزلزال. وأصيب المسجد بأضرار بالغة بعد القصف البريطاني أثناء الحرب العالمية الأولى، وفي عام 1925م رمم المجلس الإسلامي الأعلى المسجد. ولا يزال الجامع العمري نشطاً حتى اليوم، يؤمّه المسلمون لأداء صلاة الجمعة والصلوات الأخرى.

الجامع العمري الكبير؛ وهو المسجد الأكبر والأقدم في قطاع غزة، ويقع في مدينة غزة القديمة، وقد أُطلق عليه هذا الاسم تكريماً للخليفة عمر بن الخطاب.
 
كان موقع المسجد الحالي معبداً فلسطينياً قديماً، ثم حوَّله البيزنطيون إلى كنيسة في القرن الخامس ميلادي، وبعد الفتح الإسلامي في القرن السابع حوَّله المسلمون إلى مسجد.
 
وقد وصفه الرحالة والجغرافي المسلم ابن بطوطة بـ«المسجد الجميل» في القرن العاشر الميلادي.
 
في 19 نوفمبر 2023 استهدفت القوات الجوية الإسرائيلية المسجد ما أدى إلى تدمير أجزاء منه وتحطم مئذنته التي يعود تاريخ بنائها إلى 1400عام

فكان منبع الاحتجاجات والتظاهرات التي خرجت ضد الاحتلال البريطاني في تلك الفترة، وفي العام 1932 ميلادية قامت القوات البريطانية باقتحامه ما أدى إلى استشهاد عدد من المحتجين وإصابة عدد آخر.

واتخذ المسجد ولا زال دورًا بارزًا في نشر الدعوة الإسلامية، حيث تخرج من بين جنباته العديد من أفواج الطلاب الذين أصبحوا مشايخ وعلماء دين، إذ سبق أن كان المسجد بمنزلة المدرسة التي تمنح للطلبة إجازة تمكنهم من أن يكونوا خطباء أو أئمة مساجد.

وعلى الصعيد المعماري، تميز بالشكل "الباذلكي" القديم الرائع الذي يعكس في جماله وروعته بداعة الفن المعماري القديم، إضافة إلى مكتبته التي تحوي العديد من المخطوطات في مختلف العلوم والفنون.

وفي 19 نوفمبر 2023 استهدفت القوات الجوية الإسرائيلية المسجد ما أدى إلى تدمير أجزاء منه وتحطم مئذنته التي يعود تاريخ بنائها إلى 1400عام. وذلك خلال الرد الإسرائيلي على عملية طوفان الأقصى. وأعادت الطائرات الإسرائيلية قصف المسجد يوم 8 ديسمبر 2023 ودمرت أجزاء واسعة منه.

مسجد عبد الله الأيبكي

مسجد مقصوف.jpg
أحد المساجد التي تم استهدافها بالقصف من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة

مسجد الأيبكي أو مسجد الشيخ عبد الله الأيبكي هو مسجدٌ تاريخي يقع في حي التفاح في مدينة غزة. أنجز بناءه آواخر القرن الثالث عشر للميلاد، وسمي باسم الزعيم الديني المسلم عبد الله الأيبكي المملوكي الذي كان مقرباً من عز الدين أيبك أول سلطان مملوكي في مصر. ودفن ابن الشيخ عبد الله الشيخ إياد في حي الدرج في مدينة غزة، وابنه الآخر أحمد، دفن في مكان يطلق عليه اليوم مزار الشيخ آيبا. ضرب الاحتلال المسجد ولحق به أضرار جسيمة.

جامع السيد هاشم بن عبد مناف

مسجد هاشم.jpg
مسجد هاشم بن عبد مناف قبل تدمير من قوات الاحتلال الإسرائيلي في حرب طوفان الأقصى 2023

يقع في حي الدرج، أو ما يسمى عادة بـ"مدينة غزة القديمة"، ويعد من أجمل جوامع غزة الأثرية وأكبرها، وهو عبارة عن صحن مكشوف تحيط به أربع ظَلّات أكبرها ظلة القبلة وفي الغرفة التي تفتح على الظلة الغربية ضريح السيد هاشم بن عبد مناف، جدّ الرسول صلى الله عليه وسلم، الذي توفي في غزة أثناء رحلته التجارية "رحلة الصيف". وقد أنشئ المسجد على يد المماليك، وجدده السلطان عبد الحميد سنة 1850 ميلادية، وسميت مدينة غزة "بغزة هاشم" نسبة إليه. دُمر المسجد خلال حرب الطوفان كذلك في استهداف مباشر.