بنفسج

" بابا مش بنك": كيف نتعامل مع الطفل كثير الطلبات؟

الأربعاء 02 فبراير

مقال مترجم بتصرف لموقع بنفسج
مقال مترجم بتصرف لموقع بنفسج

ما أجمل عالم الأطفال، هذا صحيح، ولكن التحديات والصعوبات المرافقة لتربية الأطفال وتنشئتهم في عالم اليوم تزداد صعوبة، فالعديد من العوامل تدخل في تنشئتهم وتؤثر على صحتهم النفسية وعلى تصرفاتهم وردود أفعالهم بشكل كبير. "الأطفال الصارخون"! رعب الأمهات والآباء، خاصة في المناطق العامة وبين الناس، تلاحقهم النظرات والهمهمات هنا وهناك، أعطوه ما يريد وليسكت، أو هدّدوه ليسكت، أو اضربوه ليسكت! حتى أن هذه الفكرة المخيفة أصبحت الدعاية الأكثر شهرة لوسائل تنظيم الحمل عالميًا في العام الماضي.

إذًا، ماذا نفعل إذا طالب الطفل بكل إلحاح وبشكل مستمر بالكثير من الأشياء؟ هل نخضع للنظرات والدمعات والصرخات؟ هل أحرم طفلي من الخروج إلى السوق أو المحال أو التجمعات؟ هل أرفض له كل طلباته؟ بالتأكيد لا! ولكن الحل ليس حركة واحدة بل معرفة تراكمية تقومون ببنائها لدى طفلكم مرة تلو المرة.

دعونا في البداية نتفق أن التربية السليمة والتفاعلية هي حلم سامٍ لكل أم وأب، فلنعتبر أننا نقوم بتركيب لوحة مقعدة من قطع "البازل" هل يمكن أن ننجح بالمهمة دون أن نرسم صورة ذهنية للمخرج النهائي؟ لا بالتأكيد، إذًا، فليكن الهدف الأساسي من التربية لأطفالنا هو "إخراج أطفال أصحاء وأسوياء وقادرين على التمييز والتفكير إلى المجتمع".

| تأسيس الثقافة المالية

ماذا نفعل إذا طالب الطفل بكل إلحاح وبشكل مستمر بالكثير من الأشياء؟ هل أرفض له كل طلباته؟ بالتأكيد لا! ولكن الحل ليس حركة واحدة بل معرفة تراكمية تقومون ببنائها لدى طفلكم مرة تلو المرة.
 
إن المشاكل المالية تمثل جزءًا رئيسيًا من مشاكل الأسرة الحديثة، والتأسيس السليم للثقافة المالية في الأسرة هو أمر يضمن مواجهة هذه الأسرة لمشاكلها كوحدة واحدة، حتى أطفالها، تنشأ لديهم القدرة على التكيف مع الظروف المادية الراهنة. 

دعونا نبدأ بتقريب "قطع البازل" قليلًا، فهنا زاوية التفكير، وهنا زاوية التعاطف وهناك زاوية الشخصية، وهنا زاوية الاهتمامات والاحتياجات، وأبرز تلك الاحتياجات هو "المال". المال هو الترجمة لرغبات الطفل وطريقة تفكيره في الأشياء، والحصول عليها، وطريقة تفكيره في ذاته وترتيب أولوياته واحتياجاته.

إن تعليم طفلك على كيفية التعامل مع المال، وقيمته، والتعب المترتب خلال اكتسابه يُعد من أفضل الدروس التي يمكن أن تبدأ بتعليم طفلك عنها في الحياة. فعندما يتعرف الطفل إلى ماهية المال، وطرق ادخاره وإنفاقه، فإنه سيكتسب أساسيات التعامل مع الظروف والأوضاع المالية في وقت لاحق، ومن المهم جدًا أن لا يقلل الوالدان من أهمية ذلك، وأن يتعاملا مع الطفل في كل مرحلة عمرية بشكل يلائم تلك المرحلة؛ وهنا، نتساءل كيف يمكن معالجة هذا الأمر وتوضيحه لأطفالنا؟ دعونا نتخيّل هذا السيناريو:

أنت وطفلك تشاهدان برنامج الأطفال المفضل على شاشة التلفاز، وفجأة يعرض إعلان تجاري تظهر فيه لعبة أطفال جميلة أو آلة إلكترونية جذابة تحتوي على ألوان مدهشة وسمعت طفلك يقول: "أمي أريد هذه اللعبة"ربما يكون طفلكما صغيرًا جدًا، ولا يعلم عن المال شيئًا، ولكنكما تحدثتما معه عن "المال" وما يمثله في حياته حسب مرحلته العمرية، هذه بالتأكيد خطوة رائعة، وإذا لم تقوما بها بعد، فيجب البدء بها فورًا.

إن تعليم طفلك على كيفية التعامل مع المال، وقيمته، والتعب المترتب خلال اكتسابه يُعد من أفضل الدروس التي يمكن أن تبدأ بتعليم طفلك عنها في الحياة.
 
فعندما يتعرف الطفل إلى ماهية المال، وطرق ادخاره وإنفاقه، فإنه سيكتسب أساسيات التعامل مع الظروف والأوضاع المالية في وقت لاحق. 

إن المشاكل المالية تمثل جزءًا رئيسيًا من مشاكل الأسرة الحديثة، والتأسيس السليم للثقافة المالية في الأسرة هو أمر يضمن مواجهة هذه الأسرة لمشاكلها كوحدة واحدة، حتى أطفالها، تنشأ لديهم القدرة على التكيف مع الظروف المادية الراهنة. وهناك العديد من الأساليب التي يستطيع الوالدان تنفيذها لتعليم أطفالهم العادات الجيدة عن المال نلخصها في ست نقاط رئيسة، وهي:

| كن قدوة: عادة ما يتعلم الطفل من خلال ما يشاهده وما يسمعه من حوله. فعلى الوالدين أن يمثلا نموذجًا حسنًا أمام طفلهم ليكتسب عادة إنفاق المال بشكل جيد. وتذكّر أنك مسؤول عن كيفية تطوير طفلك لمهاراته المالية في وقت مبكر. بالتأكيد، إن المهارات المالية لا تعني فقط الحفاظ على المال ولكن تعني الشعور بقيمة ما نملك، وهو أمر يكتسبه الطفل من شعور "الرضا" وتكرار "الحمد لله" من قبل والديه مع شرح العديد من جوانب النعم في حياة الطفل والبدء في مرحلة مبكرة.

| استخدام الحصالة: إن استخدام الحصالة المناسبة لطفلك، وتعليمه حفظ النقود داخلها، سيمكّنه من شراء الألعاب والأدوات الإلكترونية التي يريدها. فمن خلال هذه الطريقة يستطيع الطفل مشاهدة المال وهو ينمو ويزداد أمام ناظريه. وفي نفس الوقت عليك تذكيره بأن النقود ستختفي من الحصالة، إذا لم يتم ادخارها بشكل كاف؛ وبذلك يتعلم متى وكيف يستخدم هذه النقود.

| كسب المال: كنك تحديد بعض الأعمال والوظائف المنزلية التي يستطيع طفلك القيام بها، وتقديم مكافأة مالية له على ذلك. من خلال هذا الأسلوب سيتعلم الطفل أنّ الحصول على المال بحاجة لبذل مجهود، وتضحية أحيانًا. لكن من المهم تذكيره بأنه لا يستطيع الحصول على أجر مقابل كل عمل أو مهمة بسيطة؛ كونه يحمل جزءًا من المسؤولية تجاه الوظائف المنزلية، باستثناء الأعمال التي تتطلب مجهودًا خاصًا، والتي تستحق المكافأة. ويمكن أيضًا أن تتحدثا لطفلكما عن يومكما في العمل، وعن مقدار الجهد الذي تبذلانه من أجل إسعاده وإسعاد الأسرة.

إن استخدام الحصالة المناسبة لطفلك، وتعليمه حفظ النقود داخلها، سيمكّنه من شراء الألعاب والأدوات الإلكترونية التي يريدها. فمن خلال هذه الطريقة يستطيع الطفل مشاهدة المال وهو ينمو ويزداد أمام ناظريه.
 
وفي نفس الوقت عليك تذكيره بأن النقود ستختفي من الحصالة، إذا لم يتم ادخارها بشكل كاف؛ وبذلك يتعلم متى وكيف يستخدم هذه النقود.

| فعلُ الخيرات: عوّد طفلك على التبرع بجزء من ماله للجمعيات والمنظمات الخيرية، فهذا سيشعره بأهمية وأثر العطاء على الآخرين. كما أن هذا الأسلوب سيعلّمه أن جزءًا من ماله يهدف لمساعدة الأخرين وليس فقط لشراء الحاجيات والألعاب. وفي هذا السياق نمِّ لديه مفهوم الصدقات، والأجر العظيم الذي أعدّه الله تعالى للمتصدقين. لا شك أن هذه الطرق ستؤثر إيجابيًا على طفلك من ناحية تعامله مع المال، وهنا نعود للنقطة الأولى وهي بالغة الأهمية: كن أنت قدوة طفلك في شعورك بالرضا تجاه ما تملك ورغبتك في مشاطرة مواردك مع مجتمعك.

| الرضا قيمة هامة في حياة الطفل: وهي من القيم العليا في حياة الطفل والتي تعطيه استقرارًا عاطفيًا وعقليًا عبر مراحل نموه وتطوره الذهني والنفسي، وهي لا شك قيمة هامة لا تبنى بيوم واحد بل بحاجة إلى التكرار على مسامع الطفل عن النعم التي لا تحصى والتي أكرمنا الله تعالى بها، ويجب على الوالدين كذلك أن يعملا على شراء بعض الاحتياجات التي يحبها الطفل ويرغب بها ضمن ميزانية الأسرة وقدراتها حتى لا يشعر الطفل بالحرمان.

| لا إفراط ولا تفريط: ليس هناك أسوأ من تلبية كافة مطالب الطفل دون تردد إلا أن لا تلبي أيًا منها، وهنا نعلي صوتنا إلى جانب المتخصصين النفسيين بأن نقول (التوازن) ومحاولة الوصول إلى درجة معقولة منه هو سر أساسي في نجاحكم في صقل هوية أبناءكم، إن المحاولات المستمرة لإرضاء الطفل وتلبية طلباته -بغض النظر عن منطقية تلك الطلبات ومناسبتها- قد يوفر للأهل راحة لحظية، ويعطي الطفل سعادة آنية، ولكن وللأسف لن تدوم هذه السعادة حينما تتعارض رغباته مع بعض الممنوعات، كالسهر المتأخر وتناول الحلوى بشكل كبير أو مع بعض الأشياء غير الممكنة لتكلفتها أو مناسبتها لواقع الطفل وأسرته.

يشير المختصون النفسيون أن "التدليل المبالغ فيه وإن كان مدفوعًا بالحب والعواطف الطيبة إلا أنه كثيرًا ما ينقلب إلى عكس المراد على المدى البعيد"، فلا تجعل مستقبل طفلك في خطر! وعلى الرغم من انشغالات الحياة المتعددة، ورغبتنا في تقديم كل ما هو جميل ورائع لأطفالنا، وإبعاد الحرمان والضرر عنهم، إلا أن التنشئة هي مسؤولية الوالدين الأولى، وإنه من خلال بناء حوار مع الطفل يمكننا أن نفهم ما يدور في عالمه، ويمكننا كذلك أن نوصل له رسائل تبني في مخيلته قيمًا ثابتة تنمو مع الزمن والممارسة.