لطالما ذُكرت سيرتها في المجالس تذكيرًا بمعاني الصبر والبذل والاحتساب، تلك المرأةُ التي صبرت على دربِ الجهاد منذ زواجها بالشيخ المجاهد الأسير جمال أبو الهيجا عام 1980، بكل ما يحمله هذا الدرب من مخاطر، وتحملت في سبيل الله الاعتداءات والانتهاكات بحق أسرتها ومنزلها، تفارق الحياة دون وداعات حزنًا وقهرًا وكمدًا؛ زوجها الأسير وابنها الشهيد وأبناءها الأسرى.
رحيلٌ دون وداعٍ أخير

أسماء أبو الهيجا (أم عبد السلام)، زوجة المجاهد الأسير جمال أبو الهيجا، ووالدة الشهيد حمزة أبو الهيجا، ووالدة الأسيرين في سجون الاحتلال عبد السلام وعاصم، والمختطف في سجون السلطة عماد، وأخيرًا ابنتها الأسيرة المحامية بنان التي اختطفها الاحتلال عن حاجز قبل أيام.
تعاني أم العبد منذ سنوات من أمراض وأورام تتطلب العلاج الذي حرمها منه الاحتلال لمراتٍ عدَّة، وساءت حالتها في الأسابيع الأخيرة؛ إذ كانت في مستشفى الاستشاري في رام الله، تتلقى العلاج والرعاية والمكثفة، تهتم لأمرها وحالها ابنتها بنان التي اعتقلها الاحتلال قبل أيَّامٍ على حاجزٍ عسكري أثناء عودتها من المستشفى إلى منزلها، وبعدها لم يبق في جوار أم العبد إلا ابنتها ساجدة أبو الهيجا، تعيش مرارة الأيَّام وحسرة آلام والدتها ومكابدتها لفراق أبنائها وزوجها، حتى ارتقت فجر الإثنين 12 أيار/ مايو 2025 إلى مثواها الأخير دون وداعٍ أخير! لو أننا نرتب لسرد محطاتٍ من نضال المرأة الفلسطينية وتضحياتها، لوقفنا عند كلٍّ منها ولوجدنا من الأمثلة والنماذج الكثير.
اقرأ أيضًا: الأسيرة تسنيم عودة: اعتقال بسبب صورة والدها
إلا أننا يمكننا الوقوف طويلًا عند مسيرة حياة أم العبد، كسرديةٍ واحدة تلخص محطاتٍ عدَّة من هذه التضحيات.. وأولها مطاردة الزوج واستهداف المنزل، إذ طورد زوجها القائد في كتائب القسام جمال أبو الهيجا وبترت يده بعد استهدافه بشكل مباشر عام 2001، كما وتعرض منزل العائلة للقصف أكثر من مرة، ودمِّر عام 2002 بصواريخ الأباتشي، واعتقل الشيخ اعتقاله الأخير والأطول بتاريخ 24 آب/ أغسطس 2002 حتى يومنا هذا.
لم تكتف أم عبد السلام بمساندة زوجها في مسيرته النضالية، بل شاركته الدرب واعتقلت عام 2003 اعتقالًا إداريًا لمدة تسعة أشهر في محاولةٍ للضغط على زوجها خلال التحقيق معه، وكانت مثالًا يتحذى به في الصبر والتضحية، ولم تثنها تجربتها الأليمة على تربية أولادها تربيةً جهادية سليمة.
عانت أم العبد من مرض السرطان منذ سنين طويلة، وكانت تتردد للمستشفيات لتقلي العلاج، تدهور وضعها الصحي عام 2016 وكانت حالتها تستدعي السفر إلى الأردن لإجراء عملية استئصال ورم من الدماغ، إلا أن الاحتلال منعها من السفر حينها فازداد وضعها الصحي تعقيدًا، وعاشت لسنوات مع المرض حتى اضطرت العائلة لنقلها لمستشفى الاستشاري في رام الله وأجرت عددًا من العمليات الجراحية، لتفارق الحياة دون وداعِ عائلتها لها ووداعها لهم.
استشهاد الابن واعتقال البقية

تعيش الأم الفلسطينية صراعًا بين أن تحمي أبناءها من استهدافات الاحتلال، وبين تربيتهم تربية عقدية إسلامية سليمة، فتدفع بهم للتضحية والبذل في سبيل الله والوطن. كانت معالم التربية جليةً على الأبناء ومسيرة حياتهم، فابنها الشهيد حمزة أبو الهيجا، الذي ارتقى مشتبكًا في مخيم جنين عام 2014 وأصبح رمزًا للمقاومة والنضال آنذاك، وابنيها عبد السلام وعاصم اللذين اعتقلا أكثر من مرة، وكلاهما الآن في سجون الاحتلال.
وابنها عماد الدين الذي خرج قبل أسابيع من سجون الاحتلال لتعتقله أجهزة أمن السلطة حتى يومنا هذا، وآخرهم ابنتها بنان التي اعتقلت بتاريخ 7 أيار/ مايو 2025 على حاجز جبارة جنوب طولكرم أثناء عودتها من المستشفى بعد مرافقتها لوالدتها.
تعيش الأم الفلسطينية صراعًا بين أن تحمي أبناءها من استهدافات الاحتلال، وبين تربيتهم تربية عقدية إسلامية سليمة، فتدفع بهم للتضحية والبذل في سبيل الله والوطن. كانت معالم التربية جليةً على الأبناء ومسيرة حياتهم، فابنها الشهيد حمزة أبو الهيجا، الذي ارتقى مشتبكًا في مخيم جنين عام 2014 وأصبح رمزًا للمقاومة والنضال آنذاك، وابنيها عبد السلام وعاصم اللذين اعتقلا أكثر من مرة، وكلاهما الآن في سجون الاحتلال.
وابنها عماد الدين الذي خرج قبل أسابيع من سجون الاحتلال لتعتقله أجهزة أمن السلطة حتى يومنا هذا، وآخرهم ابنتها بنان التي اعتقلت بتاريخ 7 أيار/ مايو 2025 على حاجز جبارة جنوب طولكرم أثناء عودتها من المستشفى بعد مرافقتها لوالدتها، إذ ارتقت إلى جوار ربها بعد أيامٍ قليلة من اعتقال الابنة، وكأنها ماتت مرضًا وحزنًا وكمدًا.
بعد وفاة أم العبد زوجة الأسير جمال أبو الهيجا فجر اليوم، الاحتلال سمح لابنتها الأسيرة بنان أبو الهيجا بالاتصال مع عائلتها لدقائق معدودة أثناء تواجدها في معسكر سالم للتحقيق، في محاولة للإمعان بتعذيبها نفسيًا.. ومع كل ما عانته العائلة من انتهاكات الاحتلال وأعوانه، تواصل العائلة صمودها ونضالها وتضحياتها في وجه هذا الاحتلال، لتكون أيقونة نضالٍ وتضحيةٍ فلسطينية، لن تُنسى قصتهم ومسيرتهم في تأريخ النضال الفلسطيني.