بنفسج

"أي بني.. أي بنيتي"... حماة لأول مرة

الإثنين 15 مارس

ما أشبه الأمس باليوم، تذكرت يوم أمس، البعيد، حينما دخلت بيت حماتي لتلبية دعوة الغداء الأول وأنا ابنة التاسعة عشرة، أصغر عائلتها سنًا، المدللة (باعتبار ذلك)، والتي كان يفخر عمي (حماي) باختياره صاحبة الحسب والنسب، لابنه البكر، عروسًا. كنت حينها أرتدي فستانًا سكري اللون، مزينًا ببروش ذهبي، ولا زلت أحتفظ به في خزانة ملابسي منذ ثلاثة وعشرين عامًا ونيفًا، لجماله وجمال ذكرياته.

وفي يوم أمس، القريب، دخلت عروس ابني عبد الرحمن بيتنا لتلبية دعوة طعام الغداء، هي وأهلها الكرام، الفتاة التي ارتضيناها (بخلقها وحسبها) ليسكن قلبه بها، وليبنيا معًا بيت الأنس والرضا في السراء والضراء. ارتدت، حينها، فستانًا جميلًا أحمرَ، شهد معها هذا اللقاء، وهذا الموعد، فسيبقى طوال العمر فستان هذا اليوم.

فقطعة سكر ستدخل إلى بيتنا، ليصبح لدي ثلاث أميرات، أتحسس في وجودهن البنات والصديقات، فتصبح شريكة مجالس البنات الخاصة، وحفلات سمرنا الليلية العائلية التي نُذهب بها متاعبنا، وغصات أمزجة الناس المختلفة في أعمالنا.

خلال تجهيزاتها لزفافها، وبعد الزفاف، ستبتاع أجمل وأشيك منه، بل وأحدث، ولكن هذا الفستان جميل بذكرياته، ستنقلها لخليلاتها وبناتها كما فعلن سابقاتها. فارتباطنا ببعض قطع ملابسنا، ليس لجمالها، وإنما لجمال ذكرياتها، ومعزة الشخوص الذين عاشوا معنا تلك الأحداث. فالمرأة فينا يعيش في قلبها أول لقاء، وأول هدية، وأول تذكار، وأول اهتمام، فهي كينونة من المشاعر والذكريات المختلفة التي لا يحسها سواها. لم يكن هذا اليوم يومًا مقدرًا في قلب العروسين فحسب، بل هو يوم طفى على سطحه الجمال والكمال، فلفح كل الوجوه التي دعوناها لتعيشه معنا.

فقطعة سكر ستدخل إلى بيتنا، ليصبح لدي ثلاث أميرات، أتحسس في وجودهن البنات والصديقات، فتصبح شريكة مجالس البنات الخاصة، وحفلات سمرنا الليلية العائلية التي نُذهب بها متاعبنا، وغصات أمزجة الناس المختلفة في أعمالنا. بني الغالي: يا جمال حظها بك، ويا حسن أقدارها التي قدرت لها هذا الارتباط الأبدي، فكن لها الحبيب والصديق والرفيق، لترى في عينيك الدنيا بأكملها.

عروستنا الجميلة: يا (حظه) بك، ويا جمال الاجتهاد والاختيار، كوني له صيفه المنعش، وشتاءه الدافئ، وربيعه المزهر، وخريفه الهادئ، ليراك حورية الأرض. طالما كنت أردد عبارة ساقها الأدب (فاختصرت) فصولًا من كتب. "من أطعم ولدي تمرة سقطت حلاوتها في فمي"، فهي لدي قاعدة حياة، تُراني أقدر كل من أحب أولادي، أو أسند لهم معروفًا بالنصح والإرشاد والعلم، أو حتى بابتسامة تظهر على محياهم، أوطرفة أظهرت ثناياهم، أحب أصدقاءهم وأصحابهم، وأنا في الأغلب لا أعرف وجوههم، وإنما لجمال عوالقهم، وطيب رفقتهم، فما بالك فيمن ستضمه بحلاوة طبعها، وطيب عيشها، وجمال روحها، ورجاحة عقلها.

فنصيب السعد الأكبر لقلبيكما، ونصيب السعد الكبير لقلبي كلما أراكما، أو أنطق بكلمة (كنتي)، هذه الكلمة الجديدة في قاموسي وأحاديثي، فلأول مرة سأكون حماية، لن أقول إنني سأكون أمًا، فالأم لا يُبدلها أي مخلوق على وجه تلك المعمورة، وإنما حماية بقلب أم. أتمنى أن ننجح معًا، لتبقى عائلتنا العائلة الذهبية، كما أحب بعضهم أن يطلق عليها، ولأول مرة حماية.