بنفسج

تأملات ذاتية...فيما علمتني إياه الحياة

الخميس 11 يونيو

بعد انقضاء يوم ميلادي، جلست مع نفسي لأتأمّل فيما مضى من سنين عمري، وأدوّن بعض نقاط تعلّمتها خلال هذه سنوات، أو لنقل، دروسًا علّمتني إياها الحياة والمواقف، وأحببت أن نتشاركها معًا:

| الحب: رحلة البحث عن الحب تبدأ منذ لحظة عثورك على أول وميض لحب الإله في قلبك، فإذا أردت حبًا صادقًا دائمًا أبديًا، فليس هناك أجمل من الحب بين العبد والرب، استشعر محبة الله في قلبك أولًا، ومن ثم اجعل من تلك المحبة دافعًا لطاعته ومنطلقًا لتمنح الحب والعطف والرحمة لجميع مخلوقاته.

| تقبل الصعاب: في هذه الحياة، عليك تقبّل فكرة التنقّل بين ضفّتي الراحة والألم، السعادة والحزن، الصحة والمرض، الفراق ولمّ الشمل، كل شيء ونقيضه! الحياة ليست ورديّة، والواقع قد يحمل الكثير من الصعاب، استقبل مصائب الزمان بنفس راضية بأقدار الله موقنة أن أمر المؤمن كله خير، إن أصابته ضراء صبر، وإن أصابته سراء شكر.

| أنت جيشك الوحيد: مهما قدّم لك الناس من دعم، أنت جيشك الأول، لذلك، اعتن بنفسك جيدًا، لا ترض لها أقل مما تستحق، دللّها، قدّرها، اصحبها في نزهة وحاورها، استمع لنفسك وصوتك الداخلي، حاسب نفسك لكن لا تجلدها، تقبّل نقائصك لأن تقبل ذاتك، ومن ثم الوعي بعيوبك هو الخطوة الأولى للتغير.

 |اعتني بنفسك: البكاء نعمة من الله، وهو شكل من أشكال التفريغ النفسي، ليس عيبًا ولا ضعفًا، أنت لست روبوتًا، من حقك التعب، البكاء، الانسحاب المؤقت لأخذ فترة راحة. رفض التواصل مع الآخرين لبعض الوقت. كلها أمور من حقك، اسمح لنفسك أن تعيش لحظات ضعف، وطبعًا، دون أن يسيطر ذلك الضعف عليك. هي أيام، وربما ساعات، وستعود من بعدها أفضل وأقوى مما كنت عليه.

| قل "لا": في بعض الأحيان ليس عليك أن تبرّر كل شيء للناس، حينما يكون الأمر لا يناسبك، أو الطلب يفوق طاقتك ومقدرتك ارفضه وقل "لا"، قلها بوضوح وقوة ممزوجة بشيء من اللطف، هكذا ببساطة "لا"، من دون أن تتبعها بأي تبريرات ولا توضيحات، وإلا سيعتاد الناس منك على ذلك، وستجد نفسك مضطرًا لتبرير كل شيء تفعله!

 | وثق الذكريات: كل لحظة تعيشها ستتحول إلى ذكرى، أصنع لنفسك تاريخ من الذكريات السعيدة، واحرص على توثيقها "أقولها مجددا احرص على توثيقها"، لأنه قد تأتي عليك أيام صعبة وتكون ذكرياتك وصورك تلك هي زادك الوحيد، ويكون مجرد استرجاع هذه الذكريات والصور سبب في شفائك وسعادتك.

 | حدد أهدافك: املئ وقت فراغك بما ينفع، واربط حياتك بأهداف ليس بأشخاص، أما الأشخاص الرائعون الذين تهديهم الأيام لنا، فما هم إلا عون لنا في طريق الوصول لأهدافنا، وجودهم الجميل نحمد الله عليه، لكن غيابهم وإن أوجع قلوبنا لن يوقفنا عن متابعة الحياة والمسير نحو تحقيق غاياتنا وأهدافنا.

 |  استمتع بالتفاصيل: أيقظ الطفل الذي بداخلك واعطه حقه. امنح نفسك الوقت للراحة والتسلية والضحك، بل وحتى اللعب والجنون، استشعر نعم الله من حولك، واستمتع بتفاصيل يومك الصغيرة، فنجان قهوتك، كتابك المحبّب، برنامجك المسلي، وجبتك المفضّلة، زهورك ونباتاتك التي تعتني بها بشكل يومي. استمتع بما تحب مهما كان الذي تحبه تافهًا بنظر الآخرين.

 | ساعد الآخرين: عطر العطاء لا ينفد. جرّب أن تبذل مما تملك وستجد يد إحسانك العطرة تزرع في دربك زهور الخير، وتنمو ثمار الفضل جزاء من الله لما قدمت. معروفك سيعود إليك حتى، وإن بذلته لمن لا يستحق، والبذل هنا لا يعني البذل المادي وحسب. جرّب أن تشرح لأحدهم ما استعصى عليه فهمه في محاضرة ما، جرّب أن تعطي أحدهم وصفة لطبخة مميزة تجيد صنعها، جرّب أن تصغي بالحب لبوح أحدهم وشكواه، جرّب أن تهدي أحدهم شيء لطيفًا، وافعل هذا كلّه دون انتظار المقابل لما تقدمه، ولا حتى الشكر؟ ولا حتى الشكر.

 وأخيرًا الحياة لا تتوقف برحيل أحد النهايات الحزينة، قد تكون بوابة لبدايات سعيدة أكثر جمالًا وإشراقًا. نعم.. كل شيء في هذه الحياة مؤقت، فاحرص على الاستمتاع بكل ما تملك قبل زواله، وكل شخص في حياتك معرّض للرحيل بسبب موت أو ظروف أو سفر أو حتى خذلان. لذلك، احرص على أن لا تُدخل حياتك إلا من يستحق ومن يترك أثر جميلًا في قلبك حتى بعد رحيله، واحرص أنت على أن لا تترك في حياة الآخرين إلا ذكرى طيبة والأثر الجميل.