بنفسج

يا كل الضفة: إفطارنا مقدسي "ومقلوبتي" بانتظاركم

الأحد 02 مايو

هل رأيتم البهلوانات على أبواب القدس، والزينة والأضواء والأناشيد، أجل أجل، إنه رمضان القدس البهية. هذا ما تقوم به الحواري المقدسية جميعها، يتبرع الأهالي في هذه الحارات لاستقبال رمضان، وأجملها دائمًا حواري باب حطة. ما يميز هذه التحضيرات من إضاءة وزينة أنها ليست عشوائية، بل نُسقت على أيادي أشخاص متخصصين لتخرج بأجمل بشكل، بتبرع سخي من الدول المجاورة، لا أحد يتوانى، لا أحد يتقاعس، بل يتنافسون في تزيين الجميلة وتجهيزها للشهر المبارك لاستقبال الضيوف.

| استعداد بأبهى صورة

القدس1.jpg
فتيات يلعبن عند قبة الصخرة

أما عن داخل المسجد الأقصى، فمن المعتاد أن يتبرع الأهالي بمواد تنظيف ومعطر للسجاد، بالإضافة لكافة الأدوات اللازمة لتجهيز المسجد الأقصى المبارك. لا شك أننا جميعًا شاهدنا فيديو لنساء يقمن بتنظيف بلاط المسجد الأقصى بالماء، هؤلاء هم أهالي الداخل الفلسطيني الحبيب، يأتون بحافلات منظمة بالتعاون مع المقادسة، ويُسمح لهم بالدخول يوم السبت، وهو يوم لا اقتحامات الاحتلال، ومع ذلك، فلا يخلو الأمر من المضايقات، كما أن هذا الأمر ممنوع لأهالي القدس ولا يوجد تغطية قانونية لهم للقيام بمثل هذه الأعمال، أي إن هذا يعتبر خرقًا للقانون الإسرائيلي يعاقبون عليه. يا لمنظر الفتيات الصغيرات ما أجمله، لله درهن، ينقلن الماء وينظفن البلاط وهن مستمتعات!

أما الشماسي التي توضع بشكل منظم في كل عام لوقاية المصلين من الحر؛ فهي من تنظيم ومسؤولية الأوقاف. يوجد فعاليات وأجواء احتفاء واستقبال للمصلين وترفيه للأطفال على أبواب الأقصى كالبهلوانات والمهرجين، وكلها عبارة عن جهود فردية من الشباب المقدسيين، لإدخال الفرحة والسرور على قلوب الأطفال، وتوزع الحلوى ابتهاجًا. وفي الحقيقة، كلنا نفرح، ونبتهج، وتكاد قلوبنا تقفز عند سماع النشيد الرمضاني المترنم!

القدس 5.jpg
شوارع القدس

أما المقلوبة الفلسطينية، فلها شأن في رمضان، ترمز للتحدي والمقاومة والدعوة إلى الرباط، إذ أصبحت وسيلة يتخذها المرابطون لحشد المصلين ودعوة أهالي الضفة والداخل الفلسطيني للتوجه للمسجد الأقصى المبارك والرباط فيه، وتحضر عادة في أيام الجمعة لقلة التضييقات والسماح للأهالي من خارج القدس بالدخول. ولا عجب أن المقلوبة وورق العنب أصبحتا محورًا هوياتيًا نغضب فيه الاحتلال، وهي رمز يعزيز صمود أهالي القدس.

| اجتماع الأحبة الرمضاني

القدس4.jpeg
سوق القدس

أما الموائد الرمضانية التي نشاهدها عادة، والتي تكفي لأعداد كبيرة من المصلين، فهي بتبرع من دول وجهات خارجية، وبتنسيق من الأوقاف والاحتلال حتى يتم إدخالها، أما في حال أراد شخص التبرع بشكل شخصي، فإنه يواجه صعوبة كبيرة بإدخال الوجبات، ويمنع من الاحتلال، فأحيانًا يوزعها على المتوجهين للمسجد الأقصى، إذ يحمل كل منهم عدد وجبات قليلة ليست كالموائد الرمضانية التي تدخل بشاحنات كبيرة ومجهزة.

تفرش الموائد على مد النظر، تمر وماء ولبن ووجبات ساخنة مجهزة، يتنافس الشباب في تجهيز الموائد في أجواء روحانية. تُقام الصلاة بأصوات جميلة، نبتهل بالدعاء، نرى الأحبة من أنحاء شتى، ونعقد الصداقات، أعرف من يؤتون باستمرار من القرى والمدن الفلسطينية المختلفة، أسأل عنهم ويسألون عني، ونتواصل، ونشجع من لا يأتون عادة بتنظيم رحلات إلى المسجد الأقصى.

موا.jpg
الإفطار في باحات الساحات بالأقصى

للأسف، لا نمارس عباداتنا، من اعتكاف، ودروس، وصلاة وقيام كما نشاء في رمضان، فالاحتلال يضييق علينا فيها كثيرًا، ويسمح عادة بالاعتكاف في العشرة الأواخر من رمضان، ويتم ما يعرف بالاعتكاف العلمي، وهو عبارة عن مجموعات وحلقات تُعطى طوال الليل من قبل علماء أو شيوخ، وفي نهايتها يُعطى المتعلمون شهادة، ويكونون غالًبا من أهل الضفة الغربية. أما باقي الأيام، فهناك دروس اعتيادية، ولكن الاحتلال لا يسمح بها إلا داخل المصليات.

أما عن مقلوبتي، فأدعو أهل الضفة، المصلين والمعتكفين، ليتناولوها فطروًا شهيًا، وهي بالفعل مقلوبة شهية، أفلا نقلبها في الأبواب والساحات، شهية لأنها بطعم صمودنا ورباطنا، لأننا ندعو بها أهلنا من شتى بقاع فلسطين ليرابطوا، ليؤموا المسجد مرارًا. وأظن أنها مقلوبة ترضي أذواق الجميع، بالزهرة والبطاطا والجزر أحيانًا، وكل من ذاقها أخبرني بأنها شهية ومميزة. ومن هنا فإني أدعوكم لتناولها في الساحات البهية.