لطالما كان يلفت نظري مفهوم المينيماليزم فبدأت التعرف والبحث وتكوين نظرة عن ماهينته فـ ما هو مفهوم المينيماليزم؟ نعيش في زمن طغت فيه المادة على الجوهر، وتبدّلت به المعايير، واختلطت المفاهيم، فنجد الكثير من الأعين تنساق خلف المظاهر الخدّاعة، وتشغلها تلك المعايير التي فرضها علينا المجتمع الحديث لتقييم الفرد بناء على ممتلكاته.

 فخلق ذلك بيننا الروح التنافسيّة للرغبة في امتلاك المزيد والمباهاة بالأكثر، لنتفوق على من حولنا ونحظى - ظناً منّا - بالمزيد من القيمة والاحترام، إلى أن وصلنا لمرحلة أصبحت تملكنا فيها الأشياء بدلًا من أن نملكها، ونعمل لأجل امتلاكها بدلًا من أن تكون مسخّرة لخدمتنا. بسبب هذا وأكثر، وجدت أنّه من الضروري أن أدعوكم للتعرّف إلى نظام حياة يدعو إلى العيش ببساطة يُعرف باسم "المينماليزم".

ما هو المينيماليزم؟

المينيماليزم حركة فنيّة ظهرت في أمريكا في الستينيات تدعو لتبسيط الأعمال الفنية وحذف التفاصيل غير اللازمة منها، ثم تمّ إدخال هذا المفهوم على العديد من المجالات؛ كالعمارة والأدب وغيرها، إلى أن أصبح أسلوب حياة. فالمينماليزم؛ نمط عيش يعني التبسيط، وهو أسلوب حياة يعتمد على التقليليّة والاستغناء عن كل ما هو غير لازم وغير مُستخدم والاحتفاظ فقط بالمهم، لننعم بحياة أفضل حياة منظّمة خالية من الفوضى وتكدّس الأشياء من حولنا.

 

يعتمد هذا النظام على تقليل الأشياء والمُمتلكات إلى حدّها الأدنى، والاكتفاء بما لدينا طالما أنّه يكفي حاجتنا، والاحتفاظ بما نستخدمه بالفعل، والاستغناء عن كلّ ما هو زائد عن حاجتنا، وعدم طلب المزيد من الأشياء إلا بداعٍ و مبرر، وهذا كلّه بهدف التخلّص من السيطرة الماديّة على حياتنا والتركيز على الجوهر، وعلى ما هو حقيقي.

في البداية، لنتعرف على ما هو  المينيماليزم؟ هو حركة فنيّة ظهرت في أمريكا في الستينيات تدعو لتبسيط الأعمال الفنية وحذف التفاصيل غير لازمة منها، ثم تمّ إدخال هذا المفهوم على العديد من المجالات؛ كالعمارة والأدب وغيرها، إلى أن أصبح أسلوب حياة. فالمينماليزم؛ نمط عيش يعني التبسيط، وهو أسلوب حياة يعتمد على التقليليّة والاستغناء عن كل ما هو غير لازم وغير مُستخدم والاحتفاظ فقط بالمهم، لننعم بحياة أفضل حياة منظّمة خالية من الفوضى وتكدّس الأشياء من حولنا.

اقرأ أيضًا: أول الطريق "خطة".. عن مواسم الهجرة إلى الذات

فيدعونا هذا الأسلوب إلى تقليل الأشياء والمُمتلكات إلى حدّها الأدنى، والاكتفاء بما لدينا طالما أنّه يكفي حاجتنا، وعدم طلب المزيد من الأشياء إلا بداعٍ و مبرر، وهذا كلّه بهدف التخلّص من السيطرة الماديّة على حياتنا والتركيز على الجوهر، وعلى ما هو حقيقي، ويضيف قيمة لحياتنا؛ كالروحانيات والعلم والعلاقات الاجتماعية وتطوير الذات لنتمتّع بحياة أفضل .

 كيف نتّبع مفهوم المينيماليزم كأسلوب حياة؟

| احذر الاكتناز كي لا تغرق بكوم من الفوضى: الاكتناز سلوك نفسيّ قد يصل للحد المرضيّ، وهو عبارة عن صعوبة التخلّص من المُقتنيات والأشياء غير مستخدمة، وتجميع الأشياء التي لا فائدة منها لشعور الشخص بالحاجة الدائمة للاحتفاظ بهذه الأشياء ظنًا منه أنّه قد يحتاج إليها فيما بعد، ممّا يؤدي إلى تراكم العديد من الأشياء في المنزل أو المخازن والغرق في فوضى عارمة. 

وهنا يأتي دور المينيماليزم لمعالجة هذه المشكلة، فيدعوك للتخلّص من كل ما هو غير لازم وغير مُستخدم، وبمعنى أوضح: "المينيماليزم لا يدعوك للتخلّص من الأشياء التي تحبها، بل يدعوك للتخلّص من الأشياء التي تُبعدك عن ما تُحب. فأنت حين تتخلّص من كلّ ما هو غير لازم ستقضي على الازدحام والفوضى، وتفتح المجال لنفسك للاستمتاع بما هو حقيقي، وتتمكّن من التركيز على ما هو مهم بالنسبة لك.

مثال للتطبيق العملي لهذه الخطوة: ابدأي بأيّ غرفة من المنزل، ولنفترض غرفة النوم، وابدأي بتفريغ الأدراج ورفوف الخزانة واحدًا تلو الآخر، قفي قليلًا أمام خزانتك، وتأمّلي الرفوف المكدّسة بالكثير من الملابس والحقائب: هل بالفعل ترتدي كل ذلك؟ أعتقد أنك ستجدين العديد من القطع التي لم ترتديها منذ سنين، وأخرى لم تعد تلائم مقاسك وغيره.

إذاً، ما الفائدة من الاحتفاظ بها؟ ابدأي بالتخلّص من كل هذه الفوضى لتحظي بخزانة أكثر تنسيقًا وترتيبًا، والتخلّص من القطع غير اللازمة يساعدك في اختيار وتنسيق ملابسك بشكل أسرع وأجمل. لو وجدتي صعوبة بالتخلّص من هذه الأشياء اتبعي أسلوب التدريج، كأن تستغني في اليوم الأول عن 3 قطع، وفي اليوم التالي 6 قطع، وهكذا يوم بعد يوم تضاعفي عدد الأشياء المُسْتغنَى عنها، ليس في خزانة ملابسك وحسب، بل طبقي ذلك على كل غرف المنزل من أدوات المطبخ وألعاب الأطفال والكتب وأشرطة الفيديو وغيره.

اقرأ أيضًا: دفء النعم: ماذا يعني أن تكون ممتنًا؟

| تسوّق بحكمة وذكاء وتوقف عن الإهدار: الإهدار في التسوّق هو شراء الشخص أشياء لا يحتاج إليها، أو يشتري أشياء أكثر من المقدار المحتاج إليه. ولحل هذه المشكلة عليك التوقف عن شراء كل ما ليس لك به حاجة، وعند احتياجك لشيء اشتريه بالقدر الذي تحتاج إليه. اشترِ الأكثر جودة، حتى لو بسعر أعلى، أفضل من أن تشتري شيئًا منخفض الجودة سريع التلف، وتضطر لتغييره كل فترة، ويتحوّل منزلك إلى مستودع متكدس بالخردوات والكهربائيات والأشياء التالفة.

كما لا تنزل السوق إلّا ومعك قائمة المشتريات التي يحتاجها المنزل، وحاول ألّا تشتري شيئًا زائدًا عن هذه القائمة.  تلجأ الكثير من النساء للتسوّق دون حاجة فقط لتخفيف الشعور بالحزن أو الملل، وهنا عليك إيجاد وسائل أخرى للتخلص من هذه المشاعر؛ كالمشي في الطبيعة مثلًا، أو ممارسة هوايتك المفضلة والتمارين الرياضيّة أو لقاء الأصدقاء.

| كن ممتنًا:  واغمر قلبك بالرضى، ولا تقارن حياتك بحياة الآخرين، ولتربط سعادتك بأهداف حقيقية وأشياء معنوية ذات قيمة، واحرص على أن تملك الأشياء بدلًا من أن تملكك ويصبح كل همّك الحصول عليها.

 فوائد العيش بنمط  المينيماليزم

| من الناحية الصحية "النفسية والجسدية": التخلّص من الضغط والتوتر؛ عند اتباعك هذا الأسلوب، سيكون تركيزك على امتلاك ما ينفعك وما أنت بحاجة إليه، بالفعل، وبالتالي سيوّلّد ذلك عندك الشعور بالرضى والقناعة، وستتخلص من شعور القلق الدائم لضرورة مجارات الآخرين، والتفوّق المادي عليهم بالممتلكات وغيرها. الشعور بالسكينة وصفاء الذهن؛ ليس هناك أي مجال للمقارنة بين منزل مكتظ بالأثاث والصناديق والأدوات والكراكيب، ومنزل منظّم، فيه فقط الضروري، وما هو مهم وتشعر بمجرد النظر إليه بالترتيب والفسحة والراحة والإشراق.

صحة أفضل وجسد أقوى؛ ولأن المينيماليزم هو أسلوب يشمل كل جوانب الحياة، فإنه من الضروري أن ينظّم لك وجباتك كمًّا ونوعًا، فتأكل ما يمدّ جسدك بالطاقة والفائدة بالقدر المعقول دون إفراط ولا تفريط، وبالتالي، ستتمتع بصحة جيدة لأن المعدة بيت الداء والدواء.

اقرأ أيضًا: الخروج من منطقة الراحة: عالم جديد في انتظارك!

| من ناحية العمل والإنتاجية:  توفير الوقت وحفظ الطاقة؛ كلّما قلّ عدد الأشياء التي تمتلكها كلّما قلّت المهامات الواجبة عليك، بالتالي، ستتمتع بوقت فراغ إضافي تقضيه بالراحة والتعلّم والتأمّل والهوايات والعلاقات الاجتماعية؛ فعلى سبيل المثال، عندما يكون بيتك خالٍ من الكراكيب والتكدّس سيسهل عليك تنظيفه، وبالتالي ستحافظ على وقتك وطاقتك.

المزيد من التركيز والإبداع؛ بالتخلّي عن كل ما هو غير مهم ستزداد فرصتك للتفكير والتركيز والإبداع والنجاح بعملك أو دراستك أو مشروعك، فهناك حكمة جميلة تقول: "إن أردت الطيران، عليك التخلّص من كل ما يُثقل كاهلك".

| من الناحية الاقتصادية: يدعو المينيماليزم لترشيد عملية الشراء وتنظيم النفقات، فلا تشتر إلا ما أنت بحاجة إليه، وبالتالي سيساعدك على توفير المال وحفظه لاستثماره بما ينفع وما يُضيف السعادة الحقيقية لحياتك، كالسفر والتنزّه وتطوير النفس والتعلم والمشاريع الخيرية.

 الإسلام والمينيماليزم

من الجدير بالذكر أن كلّ ما يدعو إليه المينيماليزم موجود من قبل في ديننا الحنيف وتعاليمه: فيدعونا إلى الزهد باتزان، كما قال ابن القيم: "ليس الزهد أن تترك الدنيا من يدك وهي في قلبك إنما الزهد أن تتركها من قلبك وهي في يدك". ويحذّرنا من الإسراف والتبذير يقول الله تعالى: "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ". ويعلّمنا أن نأخذ ما نحتاجه من الدنيا على قدر حاجتنا فيقول سيدنا محمد ﷺ :"بحسب ابن آدم لُقيمات يُقمن صلبه".

ويدعونا لتهذيب النفس وعدم تلبيّة رغباتها لأنها لا تكتفي وتطمع بالمزيد، كما قال عمر بن الخطاب مُحذرًا جابر: "أوَ كلما اشتهيت اشتريت؟؟".  وفي الختام بعد أن علمنا ما هو المينيماليزم؟ أدعوكم لمشاهدة الفيلم الوثائقي Minimalism الذي سيعرض عليكم تجارب من قاموا باتباع هذا النمط، ويحدّثكم عن الأثر الإيجابي لتستفيدوا من تجاربهم وتلهمكم قصصهم.