بنفسج

فداء للذبيح وقصص أخرى: كيف أثري عقلية طفلي حول الأضحى؟

السبت 02 يوليو

ها نحن قد وصلنا لأهم أيام في العام، العشر الأُوَل من ذي الحجة، خير أيام طلعت عليها الشمس. ويمكننا أن ننقل هذا الإحساس بأهمية بتلك الأيام العطرة، بطرق مختلفة، لإدخال السرور والبهجة على قلوب أطفالنا، وجعل عيد الأضحى مناسبة مميزة لهم ينتظرونها كل عام. ما بين البالونات، وشراء الملابس الجديدة الخاصة بالعيد، وشراء كدة على شكل خراف، أو بعض الأنشطة اليدوية، مثل: تلوين مناسك الحج، وعمل لعبة على شكل خروف، وحكي القصص المناسبة لأعمار الاطفال عن سبب تقديس المسلمين لتلك الأيام العشر.

 سنستعرض ذلك بشيء من التفصيل بعد قليل - بطريقة بسيطة وسلسة. لا بد، بالطبع، مراعاة الفروق الفردية بين الأطفال، فالطفل مرهف الحس ذو الخيال الخصب، لا يجب أن نبالغ له في التركيز على بعض تفاصيل، كالذبح أو ما شابه، ونتجاوزها لنركز على معاني أهم مثل عدم اتباع الشيطان والامتثال لأوامر الله عز وجل.

| القصة

بب.png

لا يختلف أحد على أهمية القصة في حياتنا، ونحب دائمًا البحث عن القصة وراء الاحتفالات والأعياد والأيام المهمة، ولماذا خلّدنا هذا اليوم بالذات؛ فيوم العمال، مثلًا، كان تخليدًا لحركة العمال الذين قُتلوا وهم يطالبون بتحسين أوضاع العمل السيئة، ولا تختلف أعيادنا عن ذلك؛ فالأعياد في الإسلام هي الأخرى مرتبطة بقصة/سبب ما، ويا حبذ أن قصّها على أبنائنا لنربطهم أكثر بدينهم بشكل عميق.

فعيد الفطر مرتبط بالركن الرابع من أركان الإسلام وهو الصيام، بعد شهر طويل من العبادة والتقرب إلى الله. وعيد الأضحى مرتبط بالركن الخامس من أركان الإسلام وهو الحج. وبقية الأركان لها طابعها الخصوصي، فالشهادة هي الركن الأول، وهي شرط دخول الإسلام، والركن الثاني هو الصلاة، ونمارسها خمس مرات يوميًا، ولها عيد أسبوعي وهو صلاة الجمعة. والزكاة ركن يمارسه من وسع الله عليه رزقه وبلغ النصاب، وهو متفاوت بيت الناس، وهناك زكاة مرتبطة بانتهاء شهر رمضان احتفالًا بالفطر. وهكذا يكون لكل ركن الاحتفاء المناسب له. بالنسبة لعيدنا الحالي وهو عيد الأضحى المبارك، فهو مرتبط بالركن الخامس، ويأتي بعد يوم الحج الأعظم، يوم عرفة، وهو خير يوم طلعت عليه الشمس، وكان صيامه سنة مؤكدة عن نبينا الحبيب -صلى الله عليه وسلم-.

أما عن شعيرة ذبح الأضحية، فهناك قصة حدثت لأبي الأنبياء سيدنا إبراهيم -عليه السلام- وزوجته هاجر وابنه إسماعيل الذي حفظه الله في هذا الوادي الجاف، فبعد أن بلغ معه السعي وجد إبراهيم أن هناك إشارة تتكرر معه بتقديم ابنه قربانًا لله! كانت الأوامر تأتي للأنبياء على شكل وحي أو حلم يتكرر، وهذا ما حدث معه.

أما عن الحج؛ فهو مليء بالمناسك التي تخلد لحظات مهمة لبشرٍ اختارهم الله لحمل رسالته وهداية من بعدهم؛ فالسعي بين الصفا والمروة، جاءت، عندما جاء أمر الله نبيه إبراهيم -عليه السلام- بوضع ذريته التي انتظرها بعد أعوام في واد غير ذي زرع. بقيت زوجة إبراهيم هاجر وابنهما إسماعيل وحدهما في هذا المكان، وكانت السيدة هاجر تسعى بجد بين جبلي الصفا والمروة تحاول أن تجد ماءً لطفلها الرضيع، حتى أتمت سبع مرات وعادت لطفلها يائسة، فإذا به، عز زجل، يفجّر نبع زمزم تحت قدمي الطفل الصغير، في إشارة واضحة إلى أننا لا بد لنا من الأخذ بالأسباب بلا تقصير، ولكن الرزق من عند الله.

أما عن شعيرة ذبح الأضحية، فهناك قصة حدثت لأبي الأنبياء سيدنا إبراهيم -عليه السلام- وزوجته هاجر وابنه إسماعيل الذي حفظه الله في هذا الوادي الجاف، فبعد أن بلغ معه السعي وجد إبراهيم أن هناك إشارة تتكرر معه بتقديم ابنه قربانًا لله! كانت الأوامر تأتي للأنبياء على شكل وحي أو حلم يتكرر، وهذا ما حدث معه، ولكن هل هذا معقول؟ هل يريد الله منها شيئًا بهذه القسوة؟

ا1.png

لا بد أن نحكي للأطفال- بدءًا من عمر تسعة أعوام، أو قبل ذلك إن استوعب الأمر -السياق الذي حدثت فيه تلك القصة، فسيدنا إبراهيم جاء في وقت كان تقديم القرابين والأضاحي البشرية ثقافة شائعة بين الحضارات القديمة؛ مثل الأزتك في المكسيك و الإنكا¹ والصينيين، وشعوب كثيرة أخرى، (ليس من بينها اسطورة عروس النيل فلم يؤثر تقديم قرابين بشرية عند المصريين القدماء في كتابات المؤرخين القدماء²)، فكأن الله أراد أن يقضى على هذا الطقس الوحشي الهمجي باستبداله بأضحية حيوانية نتقرب بها إلى الله، مع إدراك ان الله عز وجل لا يحتاجها في شيء وهو غني عن العالمين، ولكنه يرى مدى تقوانا لتفضيل الفقراء باللحم الجيد الطيب عند الذبح.³ لنخبر أولادنا أن اتباع أمر الله لا يأتي إلا بخير حتى وإن لم نفهم هذا الخير في البداية، وأن الصبر على العبادة والأوامر من شيم المرسلين.

أما شعيرة رمي الجمرات؛ فهي إحياء لمقاومة تلك الأسرة الكريمة (سيدنا إبراهيم والسيدة هاجر وسيدنا إسماعيل)، عندما جاءهم إبليس يوسوس لهم بعدم اتباع أمر الله في التضحية بسيدنا إسماعيل قبل أن يفتديه بذبح عظيم. فرجموه، في أماكن مختلفة، فكانت جمرات العقبة الثلاث تذكرة لنا بهذا الإخلاص والانصياع لأوامر الله عز وجل.

يمكن للعمر الأكبر- من عمر 11 حتى 13 - ذكر مناسك الحج باستفاضة، ومتابعة شعائر الحجاج عبر التلفاز، والتأمل في تجمع مختلف الجنسيات والأعراق والألوان من البشر في مكان واحد يفعلون نفس الأمور معًا، لا فارق ولا فضل لأحد على أحد، الجميع تقريبًا يلبس نفس الشيء، هذا معنى وإحساس في غاية الروعة والجمال.

| كيفية إحياء السنة ودمج الاطفال في الأجواء؟

ممك.png

| صلاة العيد بالمسجد: يمكن إحياء سنة التكبير المطلق خلال العشر الأوائل من ذي الحجة، كأنه نشيد قصير من خلال اختيار مسجد قريب وشرح كيفية صلاة العيد وأدائها، أو الحرص على صلاتها جماعة في المنزل لو حالت ظروف الوباء من تجمعات أعداد كبيرة لصلاة العيد. لو كان ذلك متاحًا، يمكن إعداد أكياس صغيرة تحتوي على تمرة وتهنئة بسيطة بالعيد وبالونة وتوزيعها على الأطفال المتاحين (في المسجد أو الجيران أو الأقارب).

| الزينة بأنواعها: فروع النور الصغيرة baby light تعجب الأطفال كثيرًا وتنشر بهجة على أي احتفال.

| اصطحاب الأطفال عند توزيع الأضحية:  إن كانت الأسرة ستضحي، ربما كان غير مناسب لبعض الأطفال حضور طقس الذبح، ولكن لا بأس من اصطحابهم معنا عند توزيع الأنصبة على الفقراء والعائلة.

هناك بعض الأطعمة الشهية التي تصاحب العيد الكبير، وهذا مختلف من بلد لآخر، ولكن بشكل عام الطعام، والتجمع عليه من ضمن الطقوس الجميلة المبهجة للصغار والكبار على حد سواء. كانت هذه مقترحات متنوعة للأطفال بمختلف أعمارهم اغتنامًا لتلك الأوقات الجميلة ولتذكيرهم بها والتأكيد عليها، وكل عام ونحن جميعًا بخير وحفظ من الله.

| الهوامش

[1]  القرابين البشرية

[2] أسطورة عروس النيل وردت في المقال

[3] مقال آخر عن الشعور التي قدمت قرابين بشرية

[4]³ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٣٦) لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ(٣٧) الحج

[5] البدن: الإبل والبقر

[6] صواف : واقفة صفا أو مربوطة رجل دون ثلاثة أرجل لمنعها من الهرب

[7] وجبت جنوبها: وقعت بعد الذبح

[9] القانع: وهو الفقير الذي لم يسأل تعففًا

[10] المعتر: الفقير الذي يسأل لحاجته.