بنفسج

بالمعرفة والاتباع: سبل الوصول لمحبة رسول الله

الثلاثاء 19 أكتوبر

الحمد لله الذي أرسل لنا رسولًا به نقتدي، وبسيرته نهتدي، وبمحبّته نرتوي، ومراتب الإيمان نرتقي، إذ إنّه ينجو في الدارين كل من كان محبًّا للنبي ﷺ، وجاعلًا من هذه المحبّة دافعًا لاتباع سنّته وشعلةً بها يوقد همّته، وحافزًا به يتوق للتعرّف عليه، فتراه يرتشف بشوقٍ من بحور سيرته، ملتمسًا للنور من جمال شمائله ولطيف مواقفه.

جميعنا بفطرتنا نُحبّ سيدنا محمد ﷺ، لكن في حديثي اليوم لا أقصد تلك المحبّة من شوق وميل قلبي وحسب، وهو خير لا شك في ذلك، لكن ما أدعو إليه أن تقترن هذه المحبة بالاتباع والعلم والعمل، أن نحبّ حضرته قلبًا وروحًا وعقلًا وفكرًا، وأن نحبّه في حركاتنا وسكناتنا ومواقف حياتنا وكل أحوالنا، وأن يجعلنا حبّه أُناس أفضل، يقول القرطبي -رحمه الله-: "كل من آمن بالنبي ﷺ إيمانًا صحيحًا لا يخلو عن وجدان شيء من تلك المحبّة الراجحة، غير أنّهم متفاوتون، فمنهم من أخذ من تلك المرتبة بالحظ الأوفى، ومنهم من يأخذ بالحظ الأدنى كمن كان مستغرقًا في الشهوات محجوبًا في الغفلات في أكثر الأوقات".

| دلائل وجوب محبة النبي واتباعه شرعًا

النبي1.jpg

| محبّة النبي ﷺ من أعظم واجبات الإيمان:  فالله -سبحانه وتعالى- أمرنا بأن تكون محبّته ومحبّة نبيه فوق محبّة الإنسان لنفسه وأهله وماله والناس أجمعين. يقول تعالى: قُل إِن كانَ آباؤُكُم وَأَبناؤُكُم وَإِخوانُكُم وَأَزواجُكُم وَعَشيرَتُكُم وَأَموالٌ اقتَرَفتُموها وَتِجارَةٌ تَخشَونَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرضَونَها أَحَبَّ إِلَيكُم مِنَ اللَّهِ وَرَسولِهِ وَجِهادٍ في سَبيلِهِ فَتَرَبَّصوا حَتّى يَأتِيَ اللَّهُ بِأَمرِهِ وَاللَّهُ لا يَهدِي القَومَ الفاسِقينَ﴾ [التوبة: ٢٤]

| اتباع النبي ﷺ دليل صدق محبّة العبد لله: يقول تعالى: ﴿قُل إِن كُنتُم تُحِبّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعوني يُحبِبكُمُ اللَّهُ وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾ [آل عمران: ٣١]

| محبته سبب للفلاح في الدنيا والنجاة في الآخرة: عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله متى الساعة؟ قال: وما أعددت للساعة؟ قال: حبّ الله ورسوله. فقال: فإنّك مع من أحببت".

| كيف تنمّي محبة النبي ﷺ في قلبك؟

النبي2.jpg

| طاعته والاهتداء بهديه واتباع سنته: من علامة الحبّ الاتباع والاقتداء به -صلى الله عليه وسلم- فلا بُدّ أن نتبع أمره وجوبًا وندبًا، وأن نجتنب نواهيه حرمةً أو كراهةً. يقول تعالى: ﴿وَما آتاكُمُ الرَّسولُ فَخُذوهُ وَما نَهاكُم عَنهُ فَانتَهوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَديدُ العِقابِ﴾ [الحشر: ٧]. ويقول سبحانه ﴿قُل أَطيعُوا اللَّهَ وَالرَّسولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الكافِرينَ﴾ [آل عمران: ٣٢]

| كثرة الصلاة عليه مع حضور القلب: "يقول القاضي العياض: من علامة حب النبي ﷺ كثرة ذكره". -إذا كنت تحبّ النبي ﷺ وتشتاق لرؤيته وللحديث معه، فاعلم أن الصلاة عليه هي بمثابة صلة الوصل بيننا وبين روحه الشريفة، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "ما من أحد يسلّم عليّ إلا ردّ الله علي روحي حتى أردّ عليه السلام". وقال ﷺ: "صلّوا عليّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم". -وإذا كنت تتوق إلى مصاحبة النبي ﷺ وتتمنى القرب منه، ومجالسته، وصحبته في الجنة، فأكثر من الصلاة عليه. يقول رسول الله ﷺ: "أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم صلاة عليّ".

| التعرّف على شمائله وقراءة سيرته: السيرة النبوية ليست مجرد فتوحات وغزوات ومعارك ومعجزات، بل لا بد أن نبحث ونقرأ عن مواقفه -صلى الله عليه وسلم- بصفته الرسول الإنسان لنتأمل محاسنه ومكارم أخلاقه، فهذا من شأنه أن يعزّز شعور القرب من حضرته ويزيد في القلب محبته، فكيف للواحد منا أن يرتقي حاله في مراتب ودرجات حب النبي دون أن يتعرّف عليه؟ بل وكيف للإنسان أن يحب ما يجهله؟ لذلك في سعينا لمحبة النبي -صلى الله عليه وسلم- لا بُدّ أن نتعرّف على السجايا النبويّة من صفاته الخَلقية والخُلقية، فنبحث في مواقف حياته وأحواله ماذا يحب، وماذا يكره؟ كيف تصرف هنا وكيف كانت ردّة فعله هناك؟ وهكذا إلى أن نقرأ عنه ما يجعلنا نعرفه كأننا نراه، فتعظم محبته في قلوبنا ونزداد اقتداءً به وتخلُّقًا بأخلاقه.

| محبّة من يُحب وتوقير آل بيته: إن من مظاهر محبة النبي ﷺ أن نُحبّ من كان يُحبهم مِن صحابته، وأن نُحبّ آل بيته ونوقرهم. قال رسول الله ﷺ: "أحِبّوا الله لما يغذوكم من نعمه، وأحِبّوني بحبّ الله، وأحِبّوا أهل بيتي بحبّي". وقال ﷺ: "من أحبّ عليًّا فقد أحبّني ومن أبغض عليًّا فقد أبغضني". ومن دعائه صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي: "اللهم إنّي أُحِبُّهُ فأحِبَّهُ، وأَحِبَّ مَن يُحِبُّهُ". وقال ﷺ:" من كان يُحبّ الله ورسوله فليحبّ أسامة" أي أسامة بن زيد. إذًا محبة أهل بيته ومَن يُحب مِن أصحابه دليلًا على محبتنا له وجالبة لحبّه لنا ﷺ.

| برامج تعرّفنا على النبي صلى الله عليه وسلم وتعظّم محبّته في قلوبنا

توجد سلسلة من البرامج المميزة الجذابة التي تعرفنا على سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلاقته مع الصحابة وزوجاته، وكيف كان يتصرف بحنكة في كل الأمور، أقسام من تلك البرامج تعرفنا عن خلق النبي عبر مواقفه مع أهل المدينة. فلنتعرف على بعض أسماء هذه البرامج.

| برنامج السراج المنير للداعية فيصل الكاف

برنامج يتناول السيرة النبوية بأسلوب جميل ومميّز وشامل، فالحلقات مقسّمة لتتناول كل علوم السيرة من الخصائص والدلائل والشمائل والفضائل والمغازي وغيره.

| برنامج سيرة رسول الله للشيخ محمد راتب النابلسي

يتناول فقه السيرة بشكل كامل من بدايته وبحلقات متسلسلة، ويربط بينها وبين واقعنا الذي نعيشه اليوم.

| برنامج فاتّبعوني للداعية محمد السقاف

يحدّثنا البرنامج عن أخلاق وصفات النبي ﷺ وعاداته وأحواله وسُننه ويربطها في حياتنا اليومية بشكل عملي ومبسّط لكي نقتدي به.

| برنامج لو كان بيننا لأحمد الشقيري

يتناول البرنامج سلوكيات من حياتنا اليومية ويقارنها مع هدي النبي ﷺ وما دعانا إليه، ليتساءل: هل لو كان الحبيب -صلى الله عليه وسلم- بيننا لرضي عن حالنا وعن هذه السلوكيات؟ وهل لو كان الحبيب بيننا ستكون أحوالنا وتصرفاتنا على ما هي عليه الآن؟

| كتب تعرّفنا على النبي -صلى الله عليه وسلم- وتعظم محبته في قلوبنا

كتب السيرة.jpg

| كتاب الشمائل المحمديّة للترمذي: يضم هذا الكتاب صفات النبي الخَلقية والخُلقية ويبيّن لنا أخلاق النبي ﷺ، وأحواله وتعاملاته لنتعرّف عليه ونقتدي به.

| كتاب هدي السيرة النبويّة في التغيير الاجتماعي "حنان اللحام": واحد من أعظم وأجمل كتب السيرة وأكثرها تميزًا، وفيه تتأمّل الكاتبة السيرة وتستنبط منها الدروس والعبر وتقدّمها لنا لنهتدي بهديه -صلى الله عليه وسلم-.

| كتاب الرجل النبيل "علي بن جابر الفيفي":  سيأخذك هذا الكتاب في رحلة مع مواقف من حياة النبي ﷺ بأسلوب أدبي جميل، ولغة سلسة تخاطب الروح والوجدان، فيرقّ معه القلب وتدمع له العين حبًّا وشوقًا لخير المرسلين -صلى الله عليه وسلم-. اللهم اجعل محبّة نبيك نورًا يسري في أعماق قلوبنا، واجعل هديه ضياءً تستنير به دروبنا، وشفّعه فينا، واسقينا من يده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها.