بنفسج

"دقتي يا مرتي؟": لماذا يحب الآباء والأمهات أبو جوليا

الثلاثاء 14 ديسمبر

فكرت في البداية أن أعنون هذا المقال: "لماذا يحب الأطفال أبو جوليا"؛ الأسباب قد تبدو واضحة جلية للجميع؛ فالشاب خفيف الظل، ويطهو الطعام الشهي، ويبتسم للكاميرا مرددًا "يا سلاااام"، بطريقته الخاصة، ويقول الكلمات الودودة وأشهرها "حبايبنا اللزم". استطاع اختطاف قلوب الأطفال، فمحتواه يشمل كل ما يجذبهم ويشتهونه. ولكن حين فكرت في الأمر بصفتي أمًا قبل أن أكون متابعة للسوشيال ميديا، ما الذي يجعلني أترك أطفالي أمام صانع محتوى وأنا مطمئنة؟
والحقيقة أن الإنترنت، ورغم رقابة الآباء عليه بكل الطرق، من الصعب ائتمانه على صغارنا بشكل لا محدود، لكن المؤثرين كأبو جوليا حققوا المعادلة الصعبة في قيمة المحتوى المقدم ونظافته أيضًا.

| "دوقي يا مرتي"

منذ شهور؛ يشاركني ابني في أعمال المطبخ، ولكن منذ متابعته للمؤثر الطباخ أصبح يتعمد متابعة الوصفات والسؤال عن مكوناتها، بل ومساعدتي في الشراء والاستفسار عن خطوات الوصفة ومشاركتي فيها، لذلك فقد ساهم بشكل عملي في تغيير الرؤية الخاصة بأن المطبخ مكان الفتيات يُقِمن فيه حتى يصبحن سيدات وعجائزًا.

أدرك أن الأولاد والشباب أيضًا يمكنهم الطهي، بل يتحتم عليهم في بعض الأوقات من أجل الاعتماد على أنفسهم والحفاظ على صحتهم وأموالهم، وأن الطبخ ليس مهارة حياتية يحتاجها الجميع، بل يمكن أن يكون هواية نافعة ومفيدة.

"دوقي يا مرتي"؛ كتبت إحداهن عبر منشور، أن تلك الجملة هي أجمل ما قيل في الحب، والحقيقة أنا أيضًا أشاركها الرأي، فبغض النظر عن الطعام، الطريقة التي تظهر للصغار في تعامل أبو جوليا مع زوجته ترسّخ لقيمة حسن معاملة الزوجة واحترامها حتى وإن لم تكن نجمة سوشيال ميديا، مثلنا جميعًا، هي سيدة عادية لا نعرفها ولا تستعرض نفسها أو مقتنياتها ومجوهراتها، لكن يبدو لنا احترام زوجها واهتمامه النابع من حب متعقل لا يشبه الحب المنثور في صفحات وقنوات الإنفلونسرز نجوم اليوتيوب.

هذا ما نرجوه لصغارنا، قدوة حسنة تعيننا في تربيتهم وترسيخ مفاهيمنا وأخلاقنا، لا سيما بالشكل الذي يناسبهم، والذي يقدمه أبو جوليا بطابع محترم ويؤثر فيهم بشكل غير مباشر، ولكنه يغرس المعنى الحقيقي لواحدة من أهم العلاقات الإنسانية و العاطفية.

| الوطن البعيد قريب

أثناء الهبة الأخيرة في القدس والحرب على قطاع غزة؛ استخدم الشيف حساباته عبر المنصات الرقمية المختلفة للترويج للقضية وشرح إحداثيات الوضع في فلسطين وغزة تحديدًا من استهداف للأبراج، ومشكلات تلوث شاطئ غزة وغيرها، وهي خطوة قام بها قليلون جدًا من المدونين والمؤثرين في العالم الافتراضي. الكثيرون فضلوا الحفاظ على شعبيتهم وعدم التطرق للحديث في أمور قد تجلب لهم القيل والقال.

فلسطين هي وجهة العرب الأولى والأخيرة، وبوصلتنا الحقيقية، لذلك فدمجها في المحتوى العربي بهذه الطريقة يجعلها قريبة رغم بعدها وحاضرة في ساحة اهتماماتنا وأفكارنا، خصوصًا للأجيال الجديدة التي وُلدت في حيز جغرافي يرى الاحتلال كيانًا معترفًا به.

أخيرًا؛ أحلام الكسب السريع جعلت من صناع المحتوى العربي مهرجين، أشخاصًا لا يحملون فكرة ولا مبدأ نخاف على صغارنا التأثر بهم ويزيد علينا عبء التربية والحفاظ على قيم هويتنا وثقاتنا أكثر وأكثر، لذلك فالشيف أبو جوليا وغيره، أراهم ظاهرة حسنة، أتمنى أن تنتقل عدوى الإبداع للمزيد من الشباب الذين يستطيعون فعليًا صنع مناخ آمن ينمو فيه النشء الجديد.