بنفسج

تحت ثراها كما فوقه: نابلس عرين أسودها

الأربعاء 26 أكتوبر

مشان الله يا وديع يلا، يهتف أهل نابلس، الكل تهافت إلى المشفى بصدمة، ظلوا يتبعون جسده في أمل، عُدّ يا وديع، فلديك الكثير لتفعله، عد يا وديع اهتف معنا، البلدة كلها تتدفق إلى المشفى في ساعة الفجر، نهضوا بأجسادهم ودمائهم لينعشوا أبطال البلد، هيا يا وديع، أنت من أعدت الأمل فينا، عد إلى عرينك ونحن فداء لك. نقل أهالي نابلس وديع من مشفى إلى آخر، وعادوا فيه من ثلاجة الموتى ثلاث مرات، عل النبض يعود إليه، ولو أن ترياق الحياة يُهب لهم لدفعوا أرواحهم فداء.

| شهداء نابلس أقمار على جبين الوطن

وديع يتيم الأم، لكنه كان يقول دومًا نابلس أمي! احتضنته نابلس وأمهات نابلس، بكينه، ودعنه، عوضته نابلس كما فعل. بدأ حياته شابًا "يفعل كل ما يحلو له"، يجئ ويروح، حتى قرر أن يكون أسدًا من هذا العرين. وديع الحوح قائد شرس، ومثقف متكلم، منشد وصاحب صوت جميل، لديه عدة كتابات لغوية جميلة، "صاحب القلب الطيب والكل بحبه .. البلد كلها بتسمع كلمته"، "سند خواته وسند نابلس كلها". أما وديع وله الفعل الأخير فيقول: "وضعي المادي الحمد لله منيح ومرتاح جدًا، ومو ناقصني إشي، بس واهب حياتي ودمي وجسدي للج..هاد والشه...ادة في سبيل الل.ه أنا كلي فدا الو....طن وفدا الشه....داء يا آلله شو كان حلمي الش...هادة أروح عند رفاق دربي وحبايبي وصحابي". وداعًا يا وديع، لقد تيمت نابلس من بعدك.


اقرأ أيضًا: الطبيب نهارًا.. والمشتبك ليلًا


أما حمدي شرف وعلي عنتر؛ وهم أشهر حلاقي البلدة القديمة، وأول من اكتشف أمر القـ.ـوات الخاصة في تلك الليلة، وبعد قيامهم بالصراخ وإخبار الشبان ومحاولتهم الانسحاب من المكان قتلوا بشكل مباشر. حمدي شرف والذي ارتقى وشهداء نابلس، كان قد طلب في طفولته من زملاء مدرسته أن يُزف من أمام مدرسته كما يزف الشهداء في مشهد تمثيلي. حمدي في ذلك الوقت وقبل سنوات طوال طوتها الأيام، حمله زملاء مدرسته على أكتافهم من أمام المدرسة حتى ميدان الشهداء. اليوم وبعد 20 عاما يحمل مرة أخرى حمدي شرف على الأكتاف في مشهد مهيب شهدته عشرات الآلاف زُف وإخوانه الشهداء إلى جنات النعيم.

أما حمدي قيّم؛ فمشهورٌ بارتباطه في المساجد وحبه لدينه ووطنه اغتيل في مركبته في تلك الليلة. علمت أخته فرح قيم بخبر استشهاده أثناء تغطيها الصحفية للأحداث في نابلس، دوّنت فرح على صفحتها: "روح قلب أمه استشهد يا ناس يا عالم". ووقف والده صامدًا يقول إن نجله فداء للوطن وللعرين وفداء للقدس والأقصى، وإنهم لن يهتزوا والمسيرة مستمرة. كان حمدي يعمل موسيرجيًا، يخدم أهالي نابلس بقلبه وعينيه ويشترك في الأعمال التطوعية.


اقرأ أيضًا: عرين الأسود: نابلس تستعيد مجدها


مشعل البغدادي؛ فكتب عقب اغتيال تامر الكيلاني أحد قادة مجموعات عرين الأسود في نابلس: "شهيد ورى شهيد .. الله يرحم روحك ويجعل مثواك الجن". وكان بغدادي قد علّق على المشهد البطولي للشهيد عدي التميمي قائلًا: "إن كان من الموتِ بُدًا .. فمن العار أن تموتَ جبانا، لقد كسر كل قواعد الاشتباك عدي التميمي". أما فقال: "نور عيوني مشعل، كنت بدي أجوزه وأفرح فيه وهو يقولي زوجتي حورية في الجنة، أراد الشهادة فنالها".