بنفسج

حوار مع محارب الهم "همام"

السبت 11 مارس

ما هو الهم يا صاحبي يا هُمام؟ الهمّ كيمياءُ معقدة تسري في أحشاء المرء، فتترُكُ نُدَبًا يصعُبُ محوها، بل ويصعُبُ تجاوزها أو حتى العيش معها!  الهمّ وحشٌ يتخفى تحتَ عباءَة السكوت، وأحيانًا يتلوّن كحرباء عجوز، تتظاهر بالصبى، لتُغري صاحبها بأن كلّ شيء على ما يُرام.  الهمّ مرضٌ يفتك بالأرواح الجميلة تحديدًا، فهي أرواحٌ ذاتُ أرضٍ رِطبة مفعمة بالخصوبة والإنتاج. 

ما هو الهم يا صاحبي يا هُمام؟ الهمّ كيمياءُ معقدة تسري في أحشاء المرء، فتترُكُ نُدَبًا يصعُبُ محوها، بل ويصعُبُ تجاوزها أو حتى العيش معها!  الهمّ وحشٌ يتخفى تحتَ عباءَة السكوت، وأحيانًا يتلوّن كحرباء عجوز، تتظاهر بالصبى، لتُغري صاحبها بأن كلّ شيء على ما يُرام.  الهمّ مرضٌ يفتك بالأرواح الجميلة تحديدًا، فهي أرواحٌ ذاتُ أرضٍ رِطبة مفعمة بالخصوبة والإنتاج. 

ألِهذا الحدِّ تكرَه الهم؟  (متهكمًا) بل الهمُّ يكرهني! فقد سأم من مجابهتي له ومن عنادي. هل تنوي الاستمرار في هذه المعركة؟ ألازال عندك جَلَد؟ جَلَد؟! نعم، أو ربما بقايا جَلَد. ولكنني لا أنوي خوض المزيدِ من المناورات، فقد غيّرتُ سياستي في التعامل مع الهم. لم أفهم! أهو تِكنيكٌ جديد؟ 

ثم بعد انتهاء المدّة المحددة أنهض من جديد بعد أن فرغت حمولتي، وأعود أدراجي حيثُ كنتُ في حياتي السابقة. ممم مثيرٌ للاهتمام! ولكن ماذا لو لم تستطع النهوض ثانيةً؟ ماذا لو ضللتَ طريق العودة؟ نعم هذا أمرٌ قابلٌ للحدوث، ولكنني أعددتُ قائمة أعودُ لها في كلِّ مرّة أهمُّ فيها لزيارة تلك المنطقة المحايدة التي ذكرتُ لك. 

نعم، يمكنك قولُ ذلك. يكمن هذا التكنيك بإيجاد منطقة محايدة بيننا، فيذهب كلٌّ منا (أنا والهم) لهذه المنطقة كلما احتاج الأمر. مثال؛ ألجأ لها أنا حين تعصف بي الذكريات الأليمة، المحاولات التي باءَت بالفشل، الفقد..، فألقي بأحمالي فيها لعدة لحظات أو لعدّة أيام، وأنتظر.. ثم يأتي الهم، ويزيدُ الأمرَ سوءًا وحزنًا وتعقيدًا لحين أن أفرغ من انفعالاتي ودموعي، ويفرغَ الهمُّ من مهمّته المنشودة. 

ثم بعد انتهاء المدّة المحددة أنهض من جديد بعد أن فرغت حمولتي، وأعود أدراجي حيثُ كنتُ في حياتي السابقة. ممم مثيرٌ للاهتمام! ولكن ماذا لو لم تستطع النهوض ثانيةً؟ ماذا لو ضللتَ طريق العودة؟ نعم هذا أمرٌ قابلٌ للحدوث، ولكنني أعددتُ قائمة أعودُ لها في كلِّ مرّة أهمُّ فيها لزيارة تلك المنطقة المحايدة التي ذكرتُ لك. 


اقرأ أيضًا: شغاف القلوب.. توضأ بالمحبة واقترب


هذه القائمة متجددة متقلبة وبعدّة أشكال، تتغيرُ حسب الظروف والمزاجات، وأحيانًا تبقى على ذات الشكل لعدّة سنوات.  في هذه القائمة أدوات حربية أقاتلُ فيها الهمّ حين يشتدُّ بأسه عليّ. بالطبع أقوى الأدوات، يقيني بالله أنّ الهمّ مؤقتٌ بتوقيت هذه الدنيا الفانية!  وأن الله أكبرُ من كل شيء، ولكن على الرّغمِ من يقيني هذا فأنا أحتاج لحظاتٍ أعيشُ فيها كآبتي المتواضعة المناسبة لمقاسي كبشرٍ ضعيفٍ مهزوم.

وتحتوي هذه القائمة أيضًا على أُناس "وهميين" أوبخهم تارةً وأبكي على كتفِ أحدهم تارةً أُخرى.  هذهِ القائمة المجنونة هي نتاجُ حروبي السابقة مع الهم، فكلُّ صفعةٍ تلقيتها منه كان لها الأثر الكبير في روحي. وعلى الرغم من كونها دروسًا مجانيةً إلا أنني تلقيتها مُكرَهًا.

هل تؤمن بمساعدة البشر للبشر في هكذا أحوال؟  في حالتي هذه؟ لا، لا أعتقد، فأنا بطبعي لا أُتقنُ لغة البشر في التعبيرِ عن الهم، لقد وُلدتُ مقاتلًا لا أجيدُ سِوى خوض المعارك بسيفي الصَدِء!  كيف ترى نفسك اليوم؟ هل أنتَ مهموم؟ هل أنت سعيد في حياتك؟ 

أنا مهمومٌ سعيد.  (سُئل علي بن أبي طالب رضي الله عنه: مَن أشدُّ جند الله؟ قال: الجبال، الجبال يقطعها الحديد، فالحديد أقوى، والنار تذيب الحديد، فالنار أقوى، والماء يطفئ النار، فالماء أقوى، والسحاب يحمل الماء، فالسحاب أقوى، والرِّيح تعبث بالسَّحاب، فالريح أقوى، والإنسان يتكفَّأ الريح بيده وثوبه، فالإنسان أقوى، والنوم يغلب الإنسان، فالنوم أقوى، والهم يغلب النوم، فأقوى جند الله هو الهمُّ، يُسلِّطه الله على من يشاء من عباده).