بنفسج

هل عفة المجتمع مسؤولية المرأة؟

الثلاثاء 16 مايو

يكثر الخطاب الديني من الاستشهاد بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء، دون أن يسبر ذلك الخطاب غور مفهوم الفتنة، بتتبع ماهيته في الكتاب والسنة. يُعزز مفهوم الفتنة في الخطاب الديني المعاصر، ببعض الأحكام الفقهية التي خصت بها الشريعة النساء دون الرجال، مستندين في هذا تحديدًا على مبدأ سد الذرائع الذي استحدثه الفقه الإسلامي لاحقًا، والذي يقوم على تشريع أحكام احترازية لتقي المجتمع من الوقوع في الفتنة، تختص هذه الأحكام عادة بالمرأة ولا تمس الرجل، بل ويصلون في هذا إلى التضييق عليها، وربما حرمانها من بعض حقوقها التي أقرتها لها الشريعة، ومارستها في عهد الرسالة الأول.

يكثر الخطاب الديني من الاستشهاد بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء، دون أن يسبر ذلك الخطاب غور مفهوم الفتنة، بتتبع ماهيته في الكتاب والسنة. يُعزز مفهوم الفتنة في الخطاب الديني المعاصر، ببعض الأحكام الفقهية التي خصت بها الشريعة النساء دون الرجال، مستندين في هذا تحديدًا على مبدأ سد الذرائع الذي استحدثه الفقه الإسلامي لاحقًا، والذي يقوم على تشريع أحكام احترازية لتقي المجتمع من الوقوع في الفتنة، تختص هذه الأحكام عادة بالمرأة ولا تمس الرجل، بل ويصلون في هذا إلى التضييق عليها، وربما حرمانها من بعض حقوقها التي أقرتها لها الشريعة، ومارستها في عهد الرسالة الأول.

تكمن المغالطة الفقهية والمنهجية هنا في جعل وظيفة عفة المجتمع المسلم ملقاة على عاتق المرأة وحدها، دون أن تكون وظيفة مجتمعية يقوم عليها الرجل والمرأة على السواء؛ فإن فرض على المرأة الحجاب، فقد فرض على الرجل غض البصر، لتكون مساحة حريتها مقيدة بمساحة حريته سواء بسواء.

وبالرجوع إلى مصادر التشريع الأولى، نلحظ كيف اتسمت آيات العفة بخطابها الشمولي دون تركيز على جنس دون آخر، وإن اختصت المرأة ببعض التفاصيل الفقهية كضرب الخمار، وعدم إظهار الزينة إلا ما ظهر منها. أما المنظومة الأخلاقية فلم يشرعها الإسلام على النساء دون الرجال؛ فالمسلم لا يكذب ولا يسرق ولا يكون بذيء اللسان رجلًا كان أم امرأة.

وتجسد هذه المساواة اعتراف الإسلام وإقراره بإنسانية المرأة في ظل أنظمة إنسانية كانت لا تعترف بإنسانيتها ولا تراها سوى خادمًة للرجل. ولما كان الإسلام قائمًا على الحياة الاجتماعية برمتها، تعنيه مصالح الرجل كما تعنيه مصالح المرأة، لم يجعل علاقتهما علاقة تناحرية أو تنافسية، ولم يجعل لجنس فضل على الآخر.

وبمنظور أكثر اتساعًا، فقد ساوى الإسلام بين الرجل والمرأة في التكليف والتدين والعبادة، فيقرن بين المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات، في الأجر والثواب، وفي الدور المجتمعي التفاعلي يذكر سبحانه: "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله".

وتجسد هذه المساواة اعتراف الإسلام وإقراره بإنسانية المرأة في ظل أنظمة إنسانية كانت لا تعترف بإنسانيتها ولا تراها سوى خادمًة للرجل. ولما كان الإسلام قائمًا على الحياة الاجتماعية برمتها، تعنيه مصالح الرجل كما تعنيه مصالح المرأة، لم يجعل علاقتهما علاقة تناحرية أو تنافسية، ولم يجعل لجنس فضل على الآخر، فلا يكون الرجل مميزًا لأنه خلق رجلًا، بل كان مناط التمييز والاختلاف هو مناط المسؤولية، في ظل علاقة تكاملية بين الرجل والمرأة.

فالمرأة في نظر الإسلام إنسان في المقام الأول، دون أن ينكر أنوثتها أو يتجاهلها أو يقلل من شأنها، ولا ينظر إلى الأنوثة كفتنة أيضًا، بل أباحت لها هذه الأنوثة مثلًا؛ التنعم بالحرير والذهب، وهو محرم عن الرجال، وحفظ لها الإسلام طبيعتها الأنثوية ولم يجبرها بمحاكاة الرجال في الزي أو الهيئة.