بنفسج

الرعاية الإلهية للأمهات

الأربعاء 17 مايو

الرعاية الإلهية في مراقبة تحوّلات ما قبل دور الأمومة ومابعده بذعر شديدٍ يصحبه هدوءٌ لافت. في كثير من الأحيان يصبن الأمهات بصدمة، ويدخلن دوّامة المقارنة، إلى أن يتقبلن رؤية مشاهد رعب التحوّل هذه، ويحاولنَ أن يتأقلمن ويتكيّفن معها. مع الوقت يقتنعن أكثر بأن الأمومة لا تسبب اضطرابًا في الحياة، وإنّما عدم جهوزيتنا ووعينا وتصوراتنا المثالية عنها، هي ما تسبب الاضطراب والضياع والتيه. هو الفخّ الحقيقي الذي نقع به.

تُذهلني الرعاية الإلهيّة التي تُحيط بالأمّهات، كيف لهنّ أن يعملْنَ في كل حالاتهنّ، هذا الفصل العجيب بين فكرة أداء الدور وبين الحالة المزاجية المتقلّبة. هذه الفاعلية الرهيبة قد يتعلمها الرجال على يد خبراء، فيما تتقنُ الأم فعل ذلك بخفّة وسهولة. مثلًا: عندما تسيطر مشاعر النعاس على الأم، لا يمنكها أن تذهب ملبية رغبتها فيما طفلها الرضيع جائع. كما يمكنها أن تسدّ جوع معدتها في أيّ شيء وعلى مدار شهور، فيما تُجبِر ذاتها على الطهي حرصًا على صحّة أبنائها. يمكن لها أن تحزم أمتعتها وتذهب في سفرٍ لمنحة دراسية وتترك وراءها أطفالًا تثق بمن يرعاهم، لكنها تؤجّل كل شيء إلى أن يقوى العود ويستقرّ. تنكر ذاتها بعفويّة لافتة.

الرعاية الإلهية هنا في القدرة على الفصل بين الرغبة والحاجة، بين اللذة وما هو واجب ومفروض. وهذا صعب أن يتم تعلّمه خارج نطاق الأمومة فذلك يحتاج لمواقف كثيرة، ولحظات مؤلمة، لأنه بالتأكيد كل مرة تؤجَّل فيها اللذةـ يصبح حضورها مضاعفاً، وطرقها لجدران الأمومة أعنف، ومحاولاتها الدائمة لتحييد هذه الأم عن فطرتها الحقيقية في أداء دورها.

الرعاية الإلهيةّ تتجلى في أن لا يصبن هؤلاء الأمهات بالجنون. في صراع الأدوار الذي تعيشه في كونها أمًا وزوجّة وامرأة عاملة، وطالبة علم، تأتيني في أوقات كثيرة أشعر بأني لست أنا، وأطرح أسئلة من قبيل ما الذي أدخلني إلى عالم الأمومة هذا، عقلي في هوس دائم بشأن الدرب الذي أهملتُ اختياره، درب الأحلام والطموحات والوظائف المرموقة والشهادات، إلى أن وصلت أنّه مهما اخترت، فإنّ الطبيعة البشرية ستتمنى دومًا الدرب الذي لم نختره.

جنونٌ لكنه يقود الكثير من الأمهات إلى حكمة عجيبة، إن حاولنَ مشاركتها قد تبدو ثرثرة لا معنى لها تحديدا للرجل. هذه الحكمة تدفع امرأة شابة وذكية تختار أن ترعى طفلًا، تعيد اختراع ذاتها بما يلائم واقع أمومتها، مهارة وفنّ!

الرعاية الإلهية في الطاقة التي لا تنفذ ولا تنتهي، تقسُم الأمهات مراراً خلال النهار في أن تمتنع عن غسل الأطباق، وطوي الملابس، وطهي الطعام، وما أن يبدأ يوم جديد تعيد الكرة ذاتها بدون تذمّر أو ململة. كيف لهذه الطاقة أن تتجدد، من أين تأتي. كيف يمكن لأمّ أن تمضي على الأٌقل 40 عامًا من عمرها تعيد القيام بالمهام ذاتها. بنفس القدر من الطاقة. بنفس القدر من الحب واللهفة من أجل رعاية أمومتها!

الرعاية الإلهية في مراقبة تحوّلات ما قبل دور الأمومة ومابعده بذعر شديدٍ يصحبه هدوءٌ لافت. في كثير من الأحيان يصبن الأمهات بصدمة، ويدخلن دوّامة المقارنة، إلى أن يتقبلن رؤية مشاهد رعب التحوّل هذه، ويحاولنَ أن يتأقلمن ويتكيّفن معها. مع الوقت يقتنعن أكثر بأن الأمومة لا تسبب اضطرابًا في الحياة، وإنّما عدم جهوزيتنا ووعينا وتصوراتنا المثالية عنها، هي ما تسبب الاضطراب والضياع والتيه. هو الفخّ الحقيقي الذي نقع به.