بنفسج

المقاطعة خيارنا: أنا مستغني مش مقاطع

الجمعة 17 نوفمبر

المقاطعة الاقتصادية للاحتلال وأعوانه هو خيار الشعوب الحرة، فليس بقوة السلاح وثقل الآلة العسكرية ونوعها، ومقدار تأثيرها، والبعد التدميري الذي تقدر عليه، ولا قوة وصولها، ولا نوع المواد الكيميائية وشدة فتكها، ليس بالطائرات الجوية والدبابات المدفعية، ولا بالمتفجرات التي تحملها الصواريخ، بل بسلاح آخر يستطيع الكل حمله؛ صغيرًا أو كبيرًا، سليم البدن أو مريضًا، امرأة ورجلًا، كلنا في مكان ما نستطيع استخدامه والوقوف على ثغر من هذه المعركة، فقول الحق لا يحتاج سلاحًا، وكونك جنديًا لا يتطلب وقوفًا مكانيًا وفيريائًيا على أرض المعركة لتكون جزءًا منها.

الحرب المستمرة: سؤال الدور والفعالية 

هل قتلك 1.webp
حملات مقاطعة عالمية وعربية، توضح الصورة أحد أساليب المقاطعة التي انتهجها الشعب الكويتي 

 إن سؤال الدور والفاعلية في الحرب لا يزال يتكرر كل يوم، وهذا سؤال تجاوز وقته بزمن، فلم نعد نقول أننا لا نستطيع إلا البكاء، أو جلد الذات والشعور بالخزي، أو أيًا من هذه الأوصاف التي تتجاوز اليائس، إذ ليس لدينا خيارات في الحرب إلا المقاومة والصمود، وسبل المقاومة ليست واحدة. وهنا نتحدث عن سلاح المقاومة الناعم، وهو أداة تفاوض وضغط وتعبئة، يقوم بدور محايث للسلاح أو بدونه.

 وتعتبر القوى الناعمة أخطر وأشد تأثيرًا من غيرها، ذلك أن تأثيرها يستقر في العقول ووعيها، وينفذ في ذاكرتها الجمعية والفردية. لذلك فإن القوى العظمى والدول القوية تحرص أشد الحرص على تفعيل قواها الناعمة في كل الأوقات وليس في الأزمات والحرب فسحب، بل إن نظريات العلوم السياسية توليها اهتمامًا ودراسة، وتفسّر من خلالها سياسات الدول الخارجية والداخلية. وإن أدواتها وسبلها ووسائلها تتعدد ورسائلها الموجهة كذلك، بحسب الجهور المتلقي، فبعض أدوات المقاومة الناعمة تُمرر عبر الثقافة، وبعضها من خلال التعليم، وكذلك التجارة، والدول وحوكمتها، وكذلك العلاقات الدولية والدبلوماسية.

لاقت المقاطعة رواجًا مساندًا للمقاومة في كل أنحاء الحرب، فلم يقاطع العرب فقط، بل قاطع المتعاطفون في كافة الدول، حتى أميركا ذاتها. فنجد ماركات عالمية مثل سلسلة مطاعم ماكدونالذز فارغة، وكذلك مجموعة كافيها ستاربكس، وغيرها من العلامات التجارية الشهيرة التي لم تكن فارغة يومًا.

القوة الناعمة هي نوع من النفوذ الذي يمارس من خلال إقناع أصحاب القرار من خلال الجذب السياسي أو الأخلاقي أو الثقافي دون الاضطرار إلى حمل السلاح، وإن سياق حرب الطوفان التي بدأت منذ السابع من أكتوبر في استهلال المقاومة في غزة الضربة على مستعمرات الكيان الاستعماري الإسرائيلي وضعها أمام تساؤلات متكررة، خصوصًا أما العالم الذي لا يعرف عن الحق الفلسطيني كثيرًا، وهذه الأسئلة في معظمها تركز على هجمة حماس وقتل الأبرياء وتقطيع الرؤوس وغيرها من الدعاية الإسرائيلية التي كررت مرارًا أنه حماس هي وجه داعش والنازية، بل وجندت إعلامها لنشر هذا التصور للضغط على الرأي العام العالمي، وحشد القوة والإعلام والصورة إلى جانبها.

ولكن ما حصل هو الوعي الذي جابهنا به هذه الدعاية الصهوينية، وهو وعي امتد من أصغر طفل فينا، إلى عجوز مقعد، لأن هذا القوة الناعمة التي بين أيدينا يستطيع الكل المجابهة بها، إذ أن المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي بالمساهمة بحشد الدعاية، ودعم المقاطعة وإسناد المقاومة بالرواية. واستطاع الإعلام العربي والفلسطيني تثبيت الروايات وأنسنة الحرب والتركيز على المشاهد الإنسانية من الشهداء وحيواتهم، وقصص التجويع والحرمان واقتحام المستشفيات وقطع الموارد الطبية ووالماء والكهرباء وأكثر من ذلك بكثير. وهذه كل هذه أدوات حرب مساندة للآلة العسكرية المدمرة التي تمتلها إسرائيل.

مقاطعة الاحتلال الإسرائيلي

مقاطعة 2.webp
وفقًا للـ BDS وحتى تكون المقاطعة موجهة وموجعة للاحتلال وأعوانه، يجب التركيز على مقاطعة هذه الشركات

ونحن بالمقابل، نمتلك حقنا بالأرض، ونمتلك روايتنا، ونمتلك سلاحًا ناعمًا آخر وهو التظاهر والاعتصام، وكذلك المقاطعة، وهو أسلوب ليس بالجديد المستخدم، وإنما يستدعى في الصراعات العالمية وكل شعب له حق يحشد من خلال المقاطعة، وهو أمر لا يستهان به البتة.والمقاطعة تكون على عدة أصعدة، أولها:

 | مقاطعة منتوجات الاحتلال ذاته : دون تهاون في ذلك حتى لو لم يتوفر البديل.

| مقاطعة العلامات التجارية التي يمتلكها يهود صهاينة.

| مقاطعة العلامات التجارية التي تدعم الاحتلال ودولته وآلته العسكرية أو حتى تتعاطف معه، ووكالاته في كل أنحاء العالم.

| مقاطعة فكرية وثقافية ومعرفية وفنية لكل الكثقفين والأكاديمين وجامعاتهم وأدبياتهم التي تروج للاحتلال وروايته.

لاقت المقاطعة رواجًا مساندًا للمقاومة في كل أنحاء الحرب، فلم يقاطع العرب فقط، بل قاطع المتعاطفون في كافة الدول، حتى أميركا ذاتها. فنجد ماركات عالمية مثل سلسلة مطاعم ماكدونالذز فارغة، وكذلك مجموعة كافيها ستاربكس، وغيرها من العلامات التجارية الشهيرة التي لم تكن فارغة يومًا.

وقد روج الحملات الكبيرة الممتدة لكل المنتوجات والماركات التي تجب مقاطعتها، ومنها من اقترح بدائل، فأصبحت الحملة ممنهجة في كل دول العالم دون اتفاق مسبق. وهذا ما يسمى بالتأثير الجمعي الإيجابي وهو يتأثير يمتد من رقعة إلى اخرى ومجموعة إلى أخرى، ويستخدمون ذات الأساليب والأدوات والخطابات دون اتفاق أو تعاقد مسبق.

فعالية المقاطعة الاقتصادية للاحتلال وأعوانه

مقاطعة ج.jpg

سمعنا الكثيرين ممن قالوا أن المقاطعة ليست بالمؤثرة، وكلامهم غير صحيح والدليل على ذلك أن الكثير من المراكات التي قوطعت أعلنت أنها لا تدعم الكيان، وبعضها قام بتخفضيات كبيرة مثل سلسة متاجر كارفور، ستاربكس، مع أن الاقتصاديين يقولون إن المقاطعة بحاجة إلى دورة مالية كاملة تظهر نتاجها بعد مرور ثلاث أشهر على الأقل.

أما بالنسبة للشركات التي يتوجب علينا مقاطعتها، فهي كثيرة وباتت لا تخفى على أحد، فعلى سبيل المثال لا الحصر للماركات الخاصة بالتجميل وهي كثيرة ممن يمتلكها يهود صاينة، مثل: لوريال، ماك، ميبلين، فيشي، لاروش، جارنيير، كلين آند كلير، ذا بودي شوب، وعيرها من العلامات التجارية البارزة التي ظهر انها تدعم جيش الاحتلال بشكل مباشر وهي متواطئة في قتل الأطفال وإراقة الدماء في غزة.

ونحن لسنا ببعيدين عن الدعاية التي صورتها إريال وهي شركة منظفات "إسرائيلية" وداعمة، تعلن نفسها "مؤنسنة" متعاطفة مع جنود الاحتلال الذين لا ينامون الليل بينما يرعون الحدود، وهم بحاجة إلى من يراعاهم ويغسل ملابسهم! وهذا تلاعب بالعقول وإثبات على وجوب المقاطعة وهو شيء لازم وواجب.