ما زالت الحرب الدائرة في غزة تكشف لنا مدى اعتماديتنا على منتجاتٍ اتضح بعد البحث والتفتيش أنها داعمة للاحتلال الصهيوني بشكل مباشر، ورغم أن واقعنا يفرض علينا الاعتماد على منتجات الغير إلا أن ذلك لا يعفينا من مسؤولية البحث عن منتجاتٍ غير متورِّطة بدمائنا لأننا سُنسأَل يوم القيامة عمّا كان بإمكاننا فعلُه وليس عمّا نحن عاجزون عنه، فإن عجزنا عن النصرة الفعلية لأسباب لا يتسع المقام لذكرها ونعرفها جميعاً لا يُعقَل أن نعجز عن مقاطعة مُنتَج. والشركة التي نتناولها في مقال اليوم تلاقي حاليًا رواجًا واسعًا إثر ترويج المشهورين على مواقع التواصل الاجتماعي لها، فضلًا عن أطباء التجميل ومختصي البشرة، وبعض الصيادلة وأصحاب المراكز التجميلية.
لماذا علينا مقاطعة شركة The ordinary؟
بداية شركة The ordinary هي مجموعة متطورة من المنتجات في عالم العناية بالبشرة، وهي علامة تجارية تابعة لشركة Estee lauder companies، ومؤخراً عُقدَت صفقة ضخمة وفقاً لرويترز؛ إذ أعلنت الشركة أنها أبرمت صفقة بقيمة مليار دولار مع DECIEM وهي الشركة الأم لعشر علامات تجارية للتجميل بما في ذلك العلامة التجارية للعناية بالبشرة the ordinary.وقد ذاع صيت الشركة ووصل إلى العرب لتميّز منتجاتها بخلوّها من الزيوت الحيوانية وأصباغ قطران الفحم والزئبق ولذا فهي آمنة تماماً وتُعرَف بمنتجاتها العلاجية.
وبموجب هذه الصفقة فإن هذه الشركة أصبحت جزءًا من الشركة الأكبر Estee lauder companies، التي يعتبر ملاكها من الصهاينة المتطرفيين، ومن أكبر الداعمين للاحتلال الإسرائيلي في الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي فإن جزءًا من أرباح هذه الشركة يذهب لشراء الأسلحة وقتل الفلسطينيين في غزة والضفة.
ويُظهِر هذا أن العداوة بيننا وبين أمثال هذه الشركات عداوة قديمة تتعلق بجذور حقوقنا المسلوبة، وأغلبها يكون داعمًا أصيلاً للاحتلال مما يوضح أن خسّتهم ومعاداتهم لنا ليست بالحدث الجديد الطارئ، بل يكادون أن يكونوا من الممولين المؤسسين للسرطان المتفشّي بيننا والذي سبَّب مصائب المسلمين الحالية.
من هو لوراند لوردر: Ronald S. Luader؟
وهنا نود التنويه إلى رئيس إدارة إستي لودر:، وهو رونالد لودر هو صهيوني معروف يقدّم مساعدات مالية للعديد من المؤسسات التي تدعم الاحتلال، كان أيضًا رئيسًا لمؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأميركية الكبرى، والرئيس السابق للصندوق القومي اليهودي JNF وهي وكالة حكومية شبه رسمية تأسست عام ١٩٠١ لشراء الأراضي في زمن الخلافة العثمانية للتهيئة لإقامة دولة الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية.
ولعلّ هذا يزيد ذنبَ من يقتني هذه المنتجات عن علم لأن الحكاية لم تبدأ للتوّ، وحرب غزة لم تكن لتحدث أصلاً لولا سلبهم لأراضينا انطلاقًا من محاربتهم لديننا وعقيدتنا، ولذا نسعى لكشف هؤلاء وإعادة تسمية الأشياء بمسمياتها الحقيقية بعدما مُيّعت المبادئ واقتنع البعض بأن الإنسانية هي المرجع، وأننا وهُم يمكن أن تكون بيننا علاقةٌ غير العداوة.
فهذه الإبادة الجماعية التي تستمر منذ عشرة أشهر في قطاع غزة تذكرنا ألّا قيمة للإنسانية في عُرف أعدائنا، فلماذا يكونون أوفياء لكُرهنا ولحربهم معنا أكثر منا رغم أن عقيدتنا تقتضي أن نكون الأشدّ براءً منهم واستغناءً عنهم؟ ولماذا نسمح لهم بالابتسام في وجوهنا عبر شعارات براقة مزيفة بينما صواريخهم تحرق جلود الغزيين، أنرضى أن نعالِج بشرتنا على حساب الحروق والتشوهات التي تصيب بشرة وجلود إخواننا؟
تعريف عام ببعض منتجات الشركة
تتراوح المنتجات بين مستحضرات ترطيب البشرة وعلاج جفافها وتفتيحها وتقليل التجاعيد. منها على سبيل الأمثلة سيروم الأرجرلين وهو من أكثر منتجاتها مبيعًا، ويستخدَم لعلاج ومحاربة تجاعيد البشرة التي تظهر بسبب تعابير الوجه المتكررة فيقلل تأثيرات هذه التعابير بتثبيط حركات عضلات الوجه. لكن لا بد لنا أن نستذكر تعابير وجوه أهلنا في غزة البائسة الباكية المقهورة التي يجب تلاحق كل مؤمن حر وتدفعه للبحث عن بديل ملائم لهذا المنتَج.
ومنها أيضًا، نياسيناميد سيروم niacinamid ordinary: أحد أشكال ڤيتامين B3 وله دور في تقليل احمرار البشرة وتهيّجها وله دور في تقليل مظهر علامات التقدم في السن، يعمل على تحسين ملمس الجلد. وهنا يحضرنا مسنّةٌ فلسطينية أطلق عليها الجنود كلبًا يهاجمها لإجبارها على الخروج من بيتها دون اعتبارٍ للتقدم في للسنّ ولا لأي اعتبار إنساني آخر، وتلك عادتهم لا نستغربها، إلا أن تجاعيد تقدّمنا في السنّ تستحيي وتأنف من استخدام مثل هذا المنتج.
كريم ڤيتامين سي ذا أورديناري The ordinary vitamin C suspension 23، كريم للوجه من المنتجات التي اشتهرت بشكل واسع في وقت قصير لفعاليته في توحيد لون البشرة وتجديد خلاياها وترطيبها كما يحارب الشيخوخة المبكرة ويحافظ على نضارة الجلد ومرونته وهو خالٍ من الكحول والسيليكون وخالٍ من الروائح المسببة للحساسية.
أما واجبنا فأن نملك الحساسية بل الإيمان والكافي بحيث يكون ولاؤنا لقضايانا أشد من لهاثنا خلف رفاهيتنا، وإنْ كانت التأثيرات العلاجية لهذه المنتجات هي الدافع لاستخدامها فالأَولى بنا ألّا نلجأ إليها بوجود غيرها مما يعطي النتيجة نفسها، وأن نبحث عن البدائل قدر إمكاننا خاصة أن هذه المنتجات تظلّ محسوبة بطريقة أو بأخرى على مستحضرات التجميل وليست متعلقة بمسألة حياة أو موت مما ينفي _غالباً_ أن هناك أي ضرورة لاستخدامها، طبعاً دون أن ننسى استشارة الأطباء حول البديل الأنسب كيلا نضرّ أنفسنا بإساءة اختياره.
وإن الأهمّ في الأمر ليس هذا المنتج أو سواه بل أنْ نجعل غزة وقضايانا الإسلامية صوب أنظارنا وتكون من أولوياتنا عندما نختار وسائل حياتنا اليومية، كيلا نعيش هذه الحياة على حساب إخوتنا الأبرياء، وألّا نتصرف بأنانية ولا نتخذ شعارَ أنا ومن بعدي الطوفان، بل نحتكم لديننا الذي يحثنا على الغيرية والإخاء لا على التملص من أوجاع أبناء جلدتنا.