بنفسج

سوار عن زوجها وسيم أبو شعبان: المرافق الأمين وبطل عملية نحال عوز

السبت 11 يناير

بكل ما تعنيه كلمة الفقد من ألم وحسرة، لكن يملؤها الرضاء واليقين، تحدثت سوار أبو شعبان، زوجة الشهيد وسيم أبو شعبان، عن زوجها الذي قضى شهيدا مع القائد المجاهد إسماعيل هنية ، متذكرة أجمل لحظاتهم ومرتكزة على وعودها له وللشهداء.  من قلب الغربة، وبين فقد الحبيب ومواساة المقربين، ترسم زوجته صورة شهيدها وسيم، رجل في مقام ألف رجل، تسكب في كلماتها الصورة الإنسانية والقيمية للشهيد الذي كان رفيقها في الحياة وموجهها في الطريق إلى الصبر والرضاء والثبات.

سوار عن زوجها الراحل

عائلة وسيم.jpg

نشأ وسيم أبو شعبان في أحضان غزة، تلك المدينة الصامدة التي لا تعرف الخضوع منذ صغره، وتربى على حب القرآن قراءةً و حفظاً، وصقلت شخصيته على الإيمان العميق وحب الجهاد، برع وسيم في العلم والعمل، لكنه كان دائمًا يرى أن مهمته الحقيقية هي الجهاد في سبيل الله.

بدأ وسيم حياته مجاهدًا في صفوف كتائب القسام، وشارك في عمليات بطولية، كان أبرزها مشاركته عملية ناحل عوز التي وصفها بأنها من أعظم الأعمال التي تقرب العبد إلى الله، و رغم بطولاته، كان وسيم شديد الكتمان، لا يُظهر ما يقوم به من عمل جهادي، ولم يُعرف دوره في هذه العملية إلا بعد استشهاده، عندما أعلنت كتائب القسام عنه بفخر.

زوجتة سوار أبو شعبان، المرأة الصابرة وأمٌّ لأربعة أطفال (أنس، مالك، ميرال، وأركان)، لم تكن مجرد شاهدة على مسيرة وسيم؛ بل كانت شريكته في الصبر والتحدي، تقول سوار: "وسيم كان عالمي، كان زوجًا وأبًا وابنًا وأخًا وصديقًا ورفيقًا، رغم قصر الأوقات التي كان يقضيها معنا بسبب طبيعة عمله، إلا أن كل لحظة معه كانت مليئة بالبركة والسعادة".

تتحدث بحب عن شخصيته المميزة، فتقول: "كان وسيم محبًا ومعطاءً، قنوعًا وراضيًا دائمًا، أكثر ما يميزه رقّة قلبه وتأثره بالقرآن، كان يأمرنا بالصلاة على وقتها، خاصة صلاة الفجر، ويوصي بتلاوة القرآن باستمرار، حتى بعد استشهاده، عاهدنا أنفسنا أن نبقى كما أرادنا أن نكون". رحلة وسيم وسوار بدأت من غزة منتصف عام 2019، حيث انتقلا إلى تركيا ومنها إلى قطر.

 كان وسيم يدرك أن الغربة اختبار جديد لصبره وثباته، لكنه لم ينسَ هدفه الأسمى: خدمة دينه ووطنه، تقول زوجته: "رغم صعوبة الغربة، إلا أن وسيم كان دائم التوجيه لنا بالتمسك بالصلاة والقرآن، كان يطمئننا بأن العودة إلى غزة ستأتي في وقتها، وأن علينا أن نبقى صامدين".

رفيق القائد: 16 عاماً من الوفاء

إسماعيل هنية.jpg

قبل 16 عامًا، انطلق وسيم في مسار جديد، ليصبح مرافقًا للقائد الشهيد إسماعيل هنية. لم يكن وسيم مجرد مرافقٍ عادي، بل كان رفيقًا أمينًا، مستعدًا دائمًا لفداء قائده بروحه، تقول زوجته سوار: "كان وسيم يرى في القائد إسماعيل هنية أبًا وأخًا وصديقًا، كان يرافقه ليس فقط لحمايته، بل ليكون قريبًا منه، يتذاكران القرآن، ويتعاونان على طاعة الله".

بدأ وسيم حياته مجاهدًا في صفوف كتائب القسام، وشارك في عمليات بطولية، كان أبرزها مشاركته عملية ناحل عوز التي وصفها بأنها من أعظم الأعمال التي تقرب العبد إلى الله...

تميز وسيم بحرصه الشديد وإخلاصه في عمله، ما جعله أحد أكثر المرافقين قربًا ومحبة لدى القائد هنية، ورغم انشغاله الكبير، كان وسيم يجد وقتًا ليعود إلى بيته أبًا حنونًا وزوجًا محبًا.


يوم الرحيل: "لحظة الفقد"

استشهاد وسيم أبو شعبان.jpg

في طهران، و بتاريخ 31/7/2024 م  كان وسيم يؤدي مهمته كرفيق ومرافق، وفُجع العالم الإسلامي باغتيال الشهيد القائد إسماعيل هنية، ومرافقه الشخصي الشهيد وسيم أبو شعبان، في عملية جبانة أعلنت إسرائيل مسؤوليتها عنها لاحقا. تقول سوار: "عندما سمعت بخبر اغتيال مرافق القائد إسماعيل هنية، وقع في قلبي أن وسيم قد استشهد، كان إحساسًا غريبًا بين الصدمة والرضا.

عاشت سوار أصعب اللحظات عندما وصلها خبر استشهاد وسيم، تقول: "جاءني الخبر كالصاعقة، شعرت وكأن العالم من حولي يتوقف، أخبرت أولادي أن والدهم نال الشهادة، فتجلدنا جميعًا بالدعاء والصبر، كان أنس، ابني الأكبر، أول من قال: ’نياله بابا، استشهد!‘". تضيف: "رفضت أن يشاهد أبنائي والدهم بإصابته المفجعة في الرأس، أردت أن تبقى صورة أبيهم الجميلة في ذاكرتهم، ودعته وحدي، وحمدت الله على الشهادة التي طالما تمناها".

تقول سوار : "أكرمنا الله بعائلة القائد الشهيد إسماعيل هنية، الذين كانوا أهلًا لنا في الغربة رغم مصابهم الجلل، وقفوا معي و مع أبنائي وقفة وفاء وعطاء، و لن  أنسى وقفة الشيخة لولوة الخاطر وزيرة التربية و التعليم في قطر التي زارتنا في بيتنا وواستنا باستشهاد زوجي وسيم".

إرث وسيم: الأب والقدوة

أطفال وسيم أبو شعبان.jpg

ترك وسيم خلفه أربعة أطفال (أنس، مالك، ميرال، وأركان)، وكل واحد منهم يحمل في قلبه جزءًا من إرث أبيه. تقول سوار: "أركان، ابني الأصغر، أتم عامه الأول يوم استشهاد والده، وأعد وسيم أن أربيهم على خطاه، وألا أحيد عن الطريق الذي رسمه لنا".

تؤكد سوار أن رسالتها الآن هي تربية أبنائها كما كان يتمنى وسيم، خصوصًا صغيرها أركان، الذي أتم عامه الأول يوم استشهاد والده، تقول بحزم: "وسيم ترك إرثًا كبيرًا، وسأحرص أن يكون أبناؤه خير امتداد له، و سنعود إلى غزة في أقرب وقت، إن شاء الله، ونكمل مسيرته".

الشهداء حاضرون دائمًا، وإن غابت أجسادهم، فهم بيننا، كل يوم نزداد إصرارًا على المضي قدمًا، وعندما نزور قبر وسيم كل جمعة، نقرأ سورة الكهف، نجدد العهد معه، ونخبره كيف سنجعلهم يندمون على دمائنا...

تختم سوار حديثها برسالة للأمة الإسلامية: "الشهداء حاضرون دائمًا، وإن غابت أجسادهم، فهم بيننا، كل يوم نزداد إصرارًا على المضي قدمًا، وعندما نزور قبر وسيم كل جمعة، نقرأ سورة الكهف، نجدد العهد معه، ونخبره كيف سنجعلهم يندمون على دمائنا، و تضيف "عيونكم على أيتام غزة، فهم الذين سيردون الصاع صاعين، فالقادم يحمل بصمة وسيم وكل شهدائنا، وسألقاه عند حوض النبي، حيث لا وداع ولا فراق". 

وسيم أبو شعبان، رجل جمع بين الجهاد والحب، بين التضحية والوفاء، استشهد وسيم، لكنه ترك إرثًا خالدًا وحكايةً تروي للعالم، ستظل ذكراه حيّةً في قلوب كل من عرفه، وستبقى سيرته مشعلاً ينير درب الأحرار في كل زمان ومكان.