بنفسج

حين تحدق في وجه القهر فترى غزة

الأربعاء 03 سبتمبر

كيف يكون القهر في غزة؟
كيف يكون القهر في غزة؟

القهر شعور غريب يجتاح النفس فجأة دون استئذان، كأنه نهر جارف لا يرحم. قد يكون مصدره شخصًا، موقفًا، أو حتى الحياة نفسها، لكنه دائمًا يترك أثرًا عميقًا في القلب والعقل. القهر ليس مجرد غضب عابر أو خيبة عابرة، بل هو ثِقل ثقيل على الروح، يجبر الإنسان على مواجهة ضعفه، شعوره بالعجز، وفقدانه القدرة على التحكم بما يحدث حوله.

عندما يسيطر القهر على الإنسان، تتغير نظرته إلى العالم؛ تصبح الأصوات مزعجة، والوجوه مألوفة لكنها غريبة، والفرص التي كانت تبدو قريبة تصبح بعيدة لا تُنال. القهر يجعل الإنسان يتراجع، يخفي مشاعره وأفكاره، ويعيش في صمت داخلي مؤلم. إنه شعور يرهق النفس والجسد معًا، ويحوّل كل خطوة في الحياة إلى عبء، وكل قرار إلى معركة.

وأحيانًا يكون القهر نتيجة ظلم مباشر: كالإهانة، أو التجاهل، أو الظلم الاجتماعي، وأحيانًا أخرى نتيجة تراكم الإحباطات الصغيرة اليومية. وفي الحالتين يترك أثرًا على السلوك والشعور. الشخص الذي يعيش تحت وطأة القهر المستمر قد يشعر بالمرارة تجاه الآخرين، أو باليأس من التغيير، وقد يختار العزلة لحماية قلبه من مزيد من الأذى.

لكن، رغم مرارته، يحمل القهر درسًا خفيًا؛ فهو يكشف حدود الإنسان، ويُظهر نقاط ضعفه وقوته في آن واحد. إنه يعلّم الصبر، ويدفع إلى البحث عن طرق لمواجهة الظلم، أو مسارات لتخفيف الشعور بالعجز. من يواجه القهر بوعي ويتعلم كيف يتجاوزه، يصبح أكثر قدرة على فهم الآخرين، وأقوى في مقاومة قسوة الظروف التي قد تفرضها الحياة أو المجتمع.


اقرأ أيضًا: حروبٌ أُخرى: ما لم يحدثكم به الإعلام عن غزة


غير أنّ القهر، إن لم يُفرّغ أو يُعالَج بطريقة صحية، قد يتحول إلى سجن داخلي يربط الإنسان بماضيه المؤلم، ويجعله يدور في دائرة من الغضب والكراهية واليأس. والتعامل معه يتطلب وعيًا وصراحة مع النفس، وأحيانًا مشاركة الآخرين أو طلب الدعم النفسي، حتى لا يتحول الألم إلى عائق دائم يمنع الإنسان من العيش بحرية وسعادة.

في النهاية، القهر كسجن، ومفتاحه بيدك أنت. إذا وعيت بنفسك امتلكت القدرة على فتحه، وإن لم تصحُ فستبقى عالقًا في سجنه طوال حياتك.