في عٌرف الاحتلال جميعنا متهم ولن تظهر براءتنا، فكيف بمن يسرد الرواية ويقص الحكاية؟ ينقل الصحفي الفلسطيني صور الحقيقة، فيعاقب بالقتل، يستهدف الاحتلال الإسرائيلي الصحفيين والصحفيات في غزة منذ ما يُقارب العام والنصف، فهل غُيبت الصورة؟ يُوثق الصحفي الفلسطيني الواقع، حتى إذا غاب عنه حفظته الذاكرة، وقرأه التاريخ، وصانه الشعب عن النسيان.
زميلات مهنة ورسالة كُنّ، صحفيات يُعرفن هويتهن بفلسطين، حضرن فيها ولها، ونحن في بنفسج نوثق هذا الحضور غير العابر. نتابع في هذه السلسلة سرد سير الصحفيات الفلسطينيات اللواتي قتلهن الاحتلال الإسرائيلي في حرب الإبادة الجماعية على غزة، لنتناول في هذا التقرير صحفيات أربع هُن: فاطمة الكريري، آيات خضورة، إيمان الشنطي، وحنين بارود.
الصحافية الشهيدة إيمان الشنطي

ولدت في عام 1986، متزوجة من حلمي عابد ولديها من الأطفال بلال وعمر وألمي وبنان، درست الصحافة والإعلام، وتنقلت في عدة وسائل إعلامية، لتثبت نفسها في كل منها، ومن أبرز الأماكن التي عملت بها إذاعة الأقصى فقد عرفت مقدمة برامج، ووبرنامجها "أصل الحكاية" عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
استُهدفت إيمان في منزل عائلها في حي الشيخ رضوان، فقتلها الاحتلال رفقة زوجها وأبنائها الثلاثة بلال وعمر وألمى، في ما نجت بنان بإصابة متوسطة، لتكون الناجية الوحيدة من العائلة. كتبت قبل استشهادها ب 3 ساعات عبر صفحتها على "فيسبوك"، منشورًا قالت فيه: "معقول إنه لساتنا عايشين حتى الآن.. الله يرحم الشهداء".
كان لدى إيمان شغفًا كبيرًا بمجال صناعة الأفلام الوثائقية، تتواصل مع صناع الأفلام في الخارج لتطرح عليهم الأفكار والرؤى، فتنال الإطراء من طرفهم، قبل العدوان الإسرائيلي كانت لديها فرصة للعمل خارج غزة، سافرت لأجلها ولأجل خوض الحلم الكبير الذي تحب حيث العالم الوثائقي، لكن المحاولة فشلت ومع ذلك لم تيأس، كما هي محبة للتاريخ، تغوص بين الكتب لتبحث وتقرأ في التاريخ الفلسطيني.
الصحافية الشهيدة فاطمة الكريري

صحافية فلسطينية تعمل في مجال الإعلام منذ سنوات، تخرجت في جامعة الأزهر في غزة، متزوجة ولديها 3 أبناء: لانا، قصي، وسالي، من سكان جباليا "الأمن العام"، عملت في وسائل إعلامية مختلفة، آخرها قناة القدس اليوم، لتعرف ببرنامجها "أهل البلاد"، فكانت ترتدي ثوبها الفلسطيني العتيق لتظهر على الشاشة رفقة الجدات لتروي قصص البلاد القديمة وذكرياتها.
آخر ما كتبت فاطمة على قصتها الخاصة عبر "الإنستغرام": "وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ"، وبعدها رحلت بشكل فجائي بسبب القهر الذي أدى إلى موتها في أزمة قلبية حادة.
استُشهدت في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، إثر تعرضها لأزمة قلبية حادة. رفضت فاطمة وعائلتها الصغيرة النزوح لجنوب غزة وفقًا لأوامر جيش الاحتلال الإسرائيلي، وظلت صامدة في شمال غزة تعاني رفقة أطفالها المجاعة والنزوح والقصف العنيف، نجى أطفالها من الموت مرات ومرات، بعد استهداف مدراس بمخيم الشاطيء. آخر ما كتبته على قصتها الخاصة عبر "الإنستغرام": "وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ"، وبعدها رحلت بشكل فجائي لتترك ندبة لا تزول في قلوب محبيها، وأطفالها الذي تركتهم يعانون ألم فراق الأم.
الصحافية الشهيدة آيات خضورة

حصلت آيات على بكالوريوس في الإعلام الرقمي من جامعة القدس المفتوحة، عملت محررة في أحد المواقع، ومسؤولة علاقات عامة في إحدى الوكالات، إضافة إلى عملها في مجال "الفويس أوفر"، كما حصلت على تدريب في التعليق الصوتي، نالت على إثره شهادة معتمدة من حاضنة الأعمال والتكنولوجيا BTI.
كانت آيات تظهر في فيديوهات تنشرها عبر حسابها "الفيسبوك" لتحكي عن الأوضاع في شمال غزة، وتحديدًا بيت لاهيا التي تخرج فيديوهاتها منه، تمنت في حياتها أن تموت جسدًا واحدًا، قصفها الاحتلال رفقة عائلتها فانقطعت أحلام آيات للأبد. نعت العائلة شقيقتها غدير خضورة فكتبت: "يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّة فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي".
استشهاد ستي الغالية أم عمر خضورة، استشهاد أخي الغالي ضلعي الثابت روحي وعمري، أيوب عمر أيوب خضورة، استشهاد نبض قلبي وتوأمي وروح قلبي آيات عمر ايوب خضورة، استشهاد أختي حبيبة قلبي والحنونة سعاد عمر أيوب خضورة، استشهاد أخوي الغالي الشقي، أدهم عمر أيوب خضورة، وادعو بسلامة الناجين من أهلي ادعولهم ربنا يشفيهم ويطمني عليهم يا رب.
الصحافية الشهيدة حنين البارود

تعود أصولها إلى قرية بيت داراس في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولدت في مدينة غزة وعاشت حياتها فيها، درست تخصص التحاليل الطبية، إلا أن شغفها في الإعلام دفعها لدراسة البكالوريوس في الصحافة،ثم حصلت على درجة الماجستير في الإعلام، إضافة إلى الدكتوراه في التخصص ذاته، ولكنها استُشهدت قبل إتمام مناقشة الدكتوراه بعشرة أيام.
نشطت في المجال الإعلامي، وتميزت في التصوير الفوتوغرافي، عرفت خلال مسيرات العودة فنشطت في التغطية الإعلامية والتصوير، تدرجت في عدة مؤسسات إعلامية حتى عملت في مؤسسة القدس. هي ابنة مخيم الشاطيء، وعملت خلال الحرب كعضو لجنة طواريء مخيم الشاطيء، استُشهد لها في الحرب 4 أشقاء.
تقول عنها صديقتها إسراء العرعير في حوار سابق مع مجلة بنفسج: "تميزت في مجال التصوير الفوتوغرافي والفيديوهات خاصة في مسيرات العودة حيث كانت تعمل بكل حب وتحدثني عن شوقها الكبير لبلدتها التي هجرت منها عام ١٩٤٨ " بيت داراس. ورغم ثقل المآسي التي توالت عليها منذ بداية الحرب بفقد والدها وأشقائها إلا أنها كانت صابرة ومحتسبة وظلت مواصلة لعملها الإعلامي لنقل قصص الشهداء".