نود هنا تدوين ما يقوله الحفاظ تحت عنوان: تجربتي وحياتي بعد حفظ القرآن. والأمر لا يقف عند انتهاء رحلتي كنت أتوقع رحلتي مع حفظ القرآن الكريم، بتتويجي حافظة لكتاب الله، ثم اللحاق بزمرة الذين يُطلق عليهم "حفظة لكتاب الله"، وبعدها تبدأ عجلة الحفظ والتثبيت إلى أن يشاء الله. تقول إسراء حرزانة، وهي طالبة جامعية وإحدى الحافظات لكتاب الله، عن المرحلة التي تلي في مرحلة محددة كان هدفي من الحفظ أن أحفظ الآيات وأن أتلوها غيبًا دونما خطأ أو لعثمة.
كان تصورًا سطحيًا أن أحفظ القرآن لمجرد الحفظ والتسميع والمسابقة للختم، نعم، هو هدف نبيل وفضل شريف، لكن التحويم حوله حجب عني بعض ما كنت إليه أحتاج وأتوق وأتشوق، إنه الإحساس والارتباط والشعور والتأثر والتدبر والعمل.
بركة حفظ القرآن ... بركة الأعمال: نعرف الكثير من الحفاظ والحافظات لكتاب الله من الذين توجهنا إليهم بالسؤال عن حياتي بعد حفظ القرآن، ولكن السؤال المهم أيضًا هي كيف تكون الحياة مع حفظ القرآن مع كثر من الأعمال الأخرى مثل أعمال البيت اليومية بالنسبة لربات البيوت، والطلاب والطلبات الذين يقدمون امتحاناتهم وواجباتهم، وكذلك العاملون والعاملات، فكان لا بد من التوجه إليهم بالسؤال: كيف يكون حفظ القرآن ومراجعته وتدبره مع الاعمال الأخرى، فأجاب جلهم أن تنظيم أوقاتهم بحيث تتواءم مع حفظ كتاب الله هي بركة لهذه الأوقات، فتعطي شعورًا بالدوام والغنى والرزق والإنجاز والفائدة.
تقول عائشة وهي أم لثلاثة أطفال أكبرهم في سن العاشرة أنها تحفظ القرآن وتحفظه لأبنائها، إلى جانب أعمالها المنزلية وكذلك دأبها على تدريس أبنائها وتحضيرهم للواجبات والاختبارات: أنظم وقتي وأبكر في أداء أعمالي والقرآن جزء أصيل منها ولا ينفصل عنها بأي حال، فمنذ صلاة الفجر أراجع وردي، وعندما أبدأ أعمال المنزل أستمع للآيات التي أحفظها على التلفاز وأرددها بشكل دائم، كما أنني أداوم على تسميع أبنائي وتحفيظهم بين كل الأوقات، وبفضل الله نشهر أنها أوقات تدوم ببركة القرآن، ونستشعر هدوء البيت وسكينته والطمأنينة التي نعيشها لا تقدر".
"يومًا بعد يوم تزداد قناعتي أن حفظ القرآن يعيد تشكيل الأهداف والمشاعر والشخصية والقلب والوجدان تشكيلًا إلهيًا، ويزداد إدراكي مع كل محطة من البركات تمام الإدراك واليقين أنه ما زاحم القرآن شيئًا إلا وبثّ فيه الحياة"
وتقول إسراء: "يومًا بعد يوم تزداد قناعتي أن حفظ القرآن يعيد تشكيل الأهداف والمشاعر والشخصية والقلب والوجدان تشكيلًا إلهيًا، ويزداد إدراكي مع كل محطة من البركات تمام الإدراك واليقين أنه ما زاحم القرآن شيئًا إلا وبثّ فيه الحياة". وأما أسما ثابت وهي حافظة لكتاب الله وطالبة في جامعة بيرزيت فتقول:" إن فُتح لك باب الحفظ من أي مكان عُض عليه بالنواجذ ولا تتركه بسبب فتور أو ضيق وقت أو كسل. ف والله ما زاحم القرآن شيئًا إلا باركه".
استغناء بالقرآن: أما عن حياتي بعد حفظ القرآن لآخرين يواجهون الابتلاءات ومصاعب الحياة، فقد هون كتاب الله عليهم عظيمها وصعبها وألمها، الأسيرة وفاء نمر تقول إنها اعتقلت وهي تحفظ 25 جزءًا، وبداية الاعتقال لم تستطع استكمال لحفظ ولكن بمعية الله وصديقاتها اللات ساعدنها على الحفظ والتسميع والاختبار تمكن من ختم القرآن وستميعه داخل الأسر. تقول: "الحمد لله لدي شعور متأكدة منه، فمهما كانت التجربة صعبة والظروف صعبة، لن تنال عزيمة شخص كان قد قرر أن يصنع التجربة بيده، حتى لو كانت صعبة.
دائمًا أقول أننا من نصنع التجربة وليست التجربة من تصنعنا. كان القسم مغلقًا، ووقفت الأسيرات على أبواب غرفهن، كانت صديقتي عريفة فعالية الختمة ومقدمتها، ومن ثم قرأت سورة الملك ودعوت بدعاء الختمة ودعوت للبلاد والأسيرات". ونذكر علا جودة التي بدأت مسيرتها مع القرآن بعمرٍ صغير، فقد حفظته وثبتته عندما كان عمرها 17 عامًا، ومن ثم التحقت بملتقى القرآن في جامعة النجاح.
وأتمت ختمها الثاني للقرآن في عام 2022، وكانت تخطط وتعد لسرده كاملًا في سرد صفوة الحفاظ الذي كان سيعقد في شهر 7 من عام 2024، لكن الاحتلال قرر انتزاعها من رحلتها باعتقالٍ وحشي بتاريخ 11/6/2024 أي قبل أقل من شهر على موعد السرد. ولكنها ثابرت وأصرت وشدت عزيمتها وعزيمة الأسيرات معها وأتمت السرد في زنازين الدامون، وهذه حياتي بعد حفظ القرآن.
تقول علا جودة: "يوم الأربعاء بتاريخ 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، صليت الفجر ودعوت الله أن ييسر أمري ويشرح صدري وابتدأتُ بالسرد بعد الصلاة مباشرة، تناوب الأسيرات على التسميع، استغرق السرد مني أكثر مما توقعت بسبب قمعة حدثت للأسيرات في ذلك اليوم، ولم توقفني هذه القمعة عن المواصلة، رغم الظروف السيئة والقهر الذي مررت به في ذلك اليوم إلا أنني أصررت على إكمال السرد".