بنفسج

زوجة الأب "لا بتحب ولا بتنحب"

الثلاثاء 29 نوفمبر

التعامل مع زوجة الأب
التعامل مع زوجة الأب

أن ترتبط الروح بروح تألفها فهذا ضرب من الفطرة، فكيف إذا ارتبطت، بل والتحمت بكل ما أوتيت من حُب بروح ألفتها رغم خزعبلات مجتمعنا التي تقول: "مرت الأب لابتحب ولا بتنحب!. والتي تضع طرقًا لكيفية التعامل مع زوجة الأب دون التعرض لبطشها كما يُشاع. 

لكن حكايتي هنا مختلفة كنت زوجة الأب ولكن سعيت أن أغير المفهوم الدارج في المجتمع، لأخبركم عن الطفلة مريم التي دخلت منزلهم وهي طفلة صغيرة لديها رهبة من مصطلح "زوجة الأب".

كانت مريم ولَم تزل فراشة ملونة بكل ألوان الحياة، تتنقل بين زهور الألم وبساتين أحلامها، وترسم في مخيلتها أبسط أحلام الأطفال. أن تستيقظ على صوت أمها تناديها لفطور شهيّ ساخن في الصباحات الباردة، صباحات لا يطفئ بردها إلا دفء قلب الأم وحضنها، ويداها اللواتي يشددن وثاق الظفيرة؛ فتنعقد في قلبها ألف عقدة حب وابتسامة.

غير أن الأحلام لا تأتي كما نتمنى دائمًا، ولم تُرسم القصة كما تمنت صغيرتي أنا. عاشت مريم في بيت جدتها بعد انفصال والدتها عن والدها، لتذهب الأم لبلدها الأصلي- أوكرانيا- وتبقى الضفيرة بين يدين أمينتين رسم الدهر عليهما آلاف المحن، يديّ جدتها.

 كيفية التعامل مع زوجة الأب

التعامل مع زوجة الأب

وأي تحفة كانت مريم! تبلغ الآن الثالثة والعشرون، تخرجت من جامعتها بتفوق بل وكانت الأولى على الجامعة، تحمل في قلبها أجمل الأخلاق وأصدق المشاعر لأخوتها، فقد رزقها الله أحمد وأمير وإبراهيم.

وزوجة أب تحُب وتُحبُ كل لحظة جمعتها بحبيبتها مريم أولًا، ونصفها الذي لا يبرح في كل يوم حتى يلتحم بنصفه ويختتم يومهما بضحكات تملاء أركان حجرة النوم.

ورغم كل الحب والاهتمام اللذين حظيت بهما في بيت جدتها، إلا أن حلمها في أن تعيش بين أمها وأبيها لم يتبدد، حتى وصلت الحادية عشر من عمرها وقرر الأب أن يتزوج، ثارت مريم وأخذ الحزن ما أخذ من قلبها وانتزعت تلك الأحلام من جذورها، كانت تنام على أمل وحلم، وأصبحت تنام والدموع تملأ عينيها والوسادة، وهي تفكر في طرق للتعامل مع زوجة الأب الجديدة.

كابوس جديد بدأ يطاردها، كابوس زوجة الأب! رضخت أخيرًا صغيرتي لواقع بدا لها أنه لن يتغيّر، وقررت أن تتقبل ما يدور من حولها من تحضيرات لفكرة زواج والدها وتستمع لأقاربها وهم يخطبون تلك الفتاة وأخريات، والمناقشات العائلية الساخنة عن تفاصيل العرس وغيرها.

إلى أن جاء الحسم والتقت مريم بخطيبة بابا! وكانت العناية الربانية بأن يكون الحب والمودة بينهما من أول لقاء، طفلة تستدرج العطف من عينيها وكأنهما قصيدتان بل ديوانان لشاعر فقد أمه ويبحث عنهما في عيون أمهات العالم ..استطاعت مريم أن تستوصل الماضي بالحاضر لتفتح الصفحة الجديدة بيديها الصغيرتين، لتقول لي: أنا هُنَا أعطيكِ الأمومة من غير مخاض، أصهر سنين العمر ونصبح صديقتين حميمتين، أختان من رحمين مختلفين، وكأنها تقول لي تعالي لنقلب الموازين وتصبح (مرت الأب تحب وتنحب).

التعامل مع زوجة الأب
مريم في طفولتها وشبابها

كان قدري مريم وكنت لها ما كنت من محاولات ناجحة مرة وفاشلة عشرات المرات بأن أجاهد نفسي لأسُد فراغات، بل وفوهات بركانية تسببت بها غياب الأم، كنت أحاول وأحاول ولَم أيأس، وكأنني في مصنع زجاج يشكل الزجاج المتكسر ويصهره في كل يوم حتى يخرج أجمل التحف.

وأي تحفة كانت مريم! تبلغ الآن الثالثة والعشرون، تخرجت من جامعتها بتفوق بل وكانت الأولى على الجامعة، تحمل في قلبها أجمل الأخلاق وأصدق المشاعر لأخوتها، فقد رزقها الله أحمد وأمير وإبراهيم، وزوجة أب تحُب وتُحبُ كل لحظة جمعتها بحبيبتها مريم أولًا، ونصفها الذي لا يبرح في كل يوم حتى يلتحم بنصفه ويختتم يومهما بضحكات تملاء أركان حجرة النوم، لم تحتاج مريم طوال سنوات عمرها أن تغوص بين صفحات "جوجل" للبحث عن نصائح لكيفية التعامل مع زوجة الأب، فقد كنت نعم الأم لها، أخذت قلبي وأخذت قلبها.

أن تكوني زوجة أب فهذا شرف كبير ووسام لا يُقلّدُ لأي إنسان، أن تكوني على يقين أن الله حباكِ بل واصطفاك بهذه المنزلة، وأن يكون حبكما نموذجًا تتفاخرين به، أن تتخرج ذات الضفيرة الشقراء بين آلاف الطلاب وتقفين في دقيقة ويدور شريط الذاكرة إلى الوراء في لحظة تتعالى التصفيقات وتذرف الدموع.

لحظات لا تُقدر بثمن ولا بموازين البشر الذين زرعوا فينا من طفولتنا كره زوجة الأب؛ وأصبحوا يتداولون الأقاويل عن سوء كل زوجات الأب بلا اسثناء، وتقديم النصائح للفتيات اللواتي لديهن زوجة أب في كيفية التعامل مع زوجة الأب.. فهي الساحرة الشريرة! أن تلبس هذه الزهرة ثوب الزفاف لتصبح أجمل عروس رأتها العيون، ونرسم أنا وأنت أدق تفاصيل الزفاف الأسطوري الذي طالما حلمنا بِه معًا؛ وقد كان! وقريًبا يا مريمتي أجمل أمٍ لأجمل قطعة من روحي.