بنفسج

الإدارة المالية للأسرة: تنظيم أم حرمان؟

الثلاثاء 07 يوليو

يرتبط نجاح الأسر واستقرارها بعوامل عدة، من بينها التخطيط المالي الجيد؛ والذي يتطلب وضع موازنة منزلية واضحة لترتيب الإيرادات والمصروفات، وذلك تجنبًا للمصاريف العشوائية التي تؤدي إلى سوء توزيع الدخل، ونقص بالموارد، وبالتالي، أزمات مالية ينتج عنها نزاعات بين الزوجين مما يلقي بآثار سلبية على استقرار الأسرة وتماسكها.  إن وضع موازنة مالية للأسرة يعني التنظيم والتخطيط وليس البخل والحرمان، فعديد من الأسر لا تحقق أهدافها المرجوة، ليس بسبب نقصٍ في مواردها، بل لعدم معرفة أفرادها بأسس الإدارة السليمة التي بموجبها يمكن تعويض أي نقص في الموارد.

ماذا نعني بالتخطيط المالي للأسرة؟ نقصد به تحديد كافة النفقات وترتيبها حسب الأولوية لتوزيع إيرادات ومدخولات الأسرة وفقها؛ عبر تحديد موازنة واضحة للأسرة، ويُفضَل البدء بإعداد موازنة سنوية ينبثق عنها موازنات شهرية، علمًا بأن الأخيرة تساعد على تحقيق الأهداف قصيرة، وتُجنب أي أزمات مالية شهرية لاحقًا، وصولًا لتحقيق الأهداف الاستراتيجية على مدار العام.  إذًا، تحديد الهدف هو الخطوة الأهم لنجاح الإدارة المالية، إذ يُشكّل دافعًا قويًا للشخص للسعي وراءه خلال فترة زمنية محددة دون إغفال وضع أولويات لهذه الأهداف، على سبيل المثال؛ شراء بيت، اقتناء سيارة، سفر، تقاعد، تأمين دراسة الأبناء...

وحتى تعم الفائدة؛ إليكم خطوات مقترحة من تجربتي الشخصية تساعدكم على وضع الموازنات الخاصة بكم، وبالتالي، تنظيم شؤونكم المالية. بداية، نؤكد أن الموازنة تقوم في الأساس على توزيع الموارد على الاحتياجات، وإعطاء كل بند حقه دون زيادة أو نقصان لضمان تحقيق الأهداف المرجوة.

| تحديد بنود المصاريف

عيلة.PNG
 

كــ قائمة على هذه الشاكلة: إيجار، فواتير شهرية، مصروف سيارة، مواصلات، مواد غذائية، علاج، صيانة، أقساط مدرسة، التزامات عائلية، مناسبات، اشتراك نادي رياضي، ادخار ... الخ. مع إعطاء أولوية للمصاريف الشهرية الثابتة والمهمة، ومن ثم تليها المصاريف الأقل أهمية أو التي يمكن تأجيلها، ويجب أن تُدرج البنود كافة لضمان تغطية جميعها.

| تقدير تكلفة هذه البنود

وتتأتى هذه الخطوة مع الخبرة والتدوين المستمر؛ ذلك أن التدوين مهم كونه يحفظ كافة التفاصيل وإمكانية الرجوع لها لاحقًا، كما أنه يرفع القدرة على التخطيط للأشهر القادمة وتحديد المصاريف الرئيسة مسبقًا، ومن المكن الاستعانة بالعديد من البرامج مثل الإكسل، أو تطبيقات خاصة بالتخطيط ومتوافرة على الأجهزة الذكية.

| تحسبًا لأي ظرف ثالثًا: تخصيص مبلغ للطوارئ

إذا لم يكن بند الطوارئ كافيًا، يجب تقييم بنود المصاريف الثانوية، ويمكن تأجيلها لتغطية البند الطارئ مثل؛ الملابس، اشتراك النادي الرياضي، الرحلات.

| توزيع الدخل على المصاريف للتقيد بالمبالغ المقترحة

ويفضل سحب الدخل على مراحل، لتجنب أية مصاريف غير لازمة والتقيد قدر الإمكان بالمصاريف المحددة. ولنأخذ في الاعتبار أن توفر مبلغ كاش كبير وأعلى من المصروفات المتوقعة يسهل عملية صرف النقود على بنود غير هامة، وبالتالي، سنصل لمرحلة إسراف لا ادخار فيها؛ لذا يُفضل اقتطاع مبلغ الادخار – حتى وإن كان بسيطًا- من مطلع الشهر للالتزام بمبلغ الدخل المتاح فقط.

وثمة ملاحظات نؤكد على أهميتها، لذا يجب ألا تفوتنا، وأهمها: توافر عدة مصادر للدخل يعطي امتيازًا إيجابيًا للأسرة وإمكانية لتحسين مستوى المعيشة، معرفة كيف سيوزع الدخل والتسجيل المستمر هام جدًا للمتابعة والتخطيط، التفاهم والانسجام بين الزوجين أساس للتخطيط الناجح، وبالتالي، الأسرة السعيدة، إشباع الحاجات الأهم ثم الأقل أهمية،  مراعاة المستوى المعيشي للأسرة بما يتناسب مع واقعها؛ والمرونة عند تطبيق الموازنة مع تخصيص جزء من الدخل للظروف الطارئة، مراعاة ألا يطغى بند على الآخر والاهتمام بالادخار، مراعاة الأسعار السائدة للسلع والخدمات والظروف الاقتصادية.

| العجز المالي

عيلة 2.jpg
 

"الكثير من الناس ينفقون أموالًا لا تخصهم ليشتروا أشياء لا يحتاجونها، ليجذبوا انتباه أشخاص لا يحبونهم". "ويل روجرز". تقع العديد من الأسر بأزمات مالية نتيجة لقلة الوعي بإدارة شؤونهم المالية، والإنفاق المبالغ فيه والذي يتجاوز إمكانياتهم ومصادر دخلهم؛ وتكمن أهم أسباب العجز المالي في الآتي: النزعة الاستهلاكية الخاطئة بهدف التباهي والتفاخر والتقليد، وشراء سلع غير لازمة أو بكميات تفوق احتياجات الأسرة.

بالإضافة إلى الشراء العشوائي بالتقسيط، فلا مانع إذا كان منظمًا وللحاجة الماسة فقط. وتحديد الحاجات الماسة أمر في غاية الأهمية، وذلك لتجنب الوقوع في فخ تسهيلات البائعين أو البنوك الذين يسعون لأهداف ربحية؛ ذلك أن التقسيط خيار جيد في حال السلع التي تدر دخلًا مثل: شقة للإيجار، سيارة أجرة. لأنها تعد نوعًا من الادخار إذا كان أحد أهداف لأسرة هو شراء هذه السلع. والاستدانة غير المنظمة، لا سيما بطاقات الائتمان التي تستنزف دخل الفرد.

| مقترحات لتلافي العجز المالي

| الوعي الاستهلاكي: رفع الوعي السليم لجميع أفراد الأسرة، خاصة الأطفال. وهنا، تقع المسؤولية الكبرى على الأم التي تدير شؤون المنزل وتعزز السلوكيات الاستهلاكية الصحيحة لدى الأبناء، وبدون دعم وتعاون الأب مع الأم بهذا الخصوص لا يمكن تحقيق الهدف المنشود.

| عدم الاستدانة: الابتعاد عن الديون؛ وحذار أن تكون طريقة حياة. ردد قوله صلى الله عليه وسلم (اللَّهُمَّ اكْفِنِى بِحَلاَلِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِى بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ) وقوله (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ، وَقَهْرِ الرِّجَالِ)

| القناعة: فهي كنز لا يفنى، فالإنسان بطبعه يحب الإنفاق وامتلاك الأشياء لحد الإسراف أحيانًا، لكن التربية السليمة والقناعة والرضى بما قسم الله لنا، وعدم المقارنة مع الآخرين بما أن كل منا له ظروفه الخاصة، كل ذلك له أثر كبير في كبح جماح رغباتنا.