بنفسج

"النساء شقائق الرجال": كيف نستقرء هذا الحديث؟

الإثنين 31 اغسطس

يحدثنا النبي الكريم -عليه الصلاة والسلام- بحديث من أعظم الأحاديث، لتضمنه معان ترفع من قدر المرأة وتعلي مكانتها، إذ تزامنت بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - في وقت كانت قد اعتادت النساء فيه على التعرض للمهانة، والتقليل من قدرهن في عصور ما قبل الإسلام، وما رافق ذلك من عدم احترام طبيعة المرأة النفسية والجسدية، فأتى الإسلام بقاعدة يرسّخ فيها مبدأ "النساء شقائق الرجال".

وفي هذا الحديث رسالة صريحة للرجال، خاصة مع قرب عاداتهم من "الجاهلية" وقتها، بأن المرأة ذات قدر لا يقل عن قدر الرجل؛ بل ربما تفوقه في القدر في بعض حالاتها، وإنه لمن إعلاء شأن المرأة وتبجيلها، الأخذ بعين الاعتبار طبيعتها النفسية والجسدية في كثير من التشريعات، فكان على الرجل- في بعض الأحيان- تحمل تكاليف تزيد عن تكاليف المرأة، في المقابل، على المرأة في أحيان أخرى تكاليف أخرى تختلف عن الرجل، وكل ذلك كان في ظرف زماني كانت مكانة المرأة مهمشة فيه، فأتى الإسلام ليُخفي هذه الظواهر بشكل تدريجي، ليصبح للمرأة دورًا حيويًا في الأسرة والمجتمع.

| في السياق الأسري: هُن شقائق الرجال 

شقائق 90.jpeg

تباينت معاملة الشعوب للمرأة ما بين إفراط وتفريط عبر العصور، وتباينت نظرتهم إليها، ولم يقف الأمر عند الإهانة أو التقليل من القيمة؛ بل وصل الأمر إلى اعتبارها شيطانا يوحي بالشرور وسببا في كل المصائب التي تصيب الرجل في بعض العصور، ولو نظرنا لحال المرأة في سياق الأسرة عند عصور ما قبل الإسلام، فيمكننا تلخيص الأمر بالآتي:

| أولا: المرأة عند اليونانيين القدماء: لقد كانت المرأة مسلوبة الحرية ولم يكن هنالك أي تشريع يحمي حقوقها، فقد حرمت من حق الحياة إذ إن كل أب كان يقتل ما لا يقل عن سبع بنات من كل عشر يولدن له، بل وكانت حياتها الزوجية كلها تقوم على مبدأ الرق؛ فيقوم الزوج بشراء زوجته من والدها، ومهتمها الوحيدة هي الإنجاب، فإن لم تنجب كانت تعود إلى بيت والدها، كما كانت تحرم من التعليم والتثقيف- إلا من بعض الاستثناءات-، فوظيفتهن الأساسية كونهن عشيقات لمتعة الرجال والإنجاب لهم.

| ثانيا: المرأة عند الرومان القدماء: لم تتجاوز قيمة المرأة في الأسرة الرومانية القديمة عن كونها سلعة تباع وتشترى، فتنتقل ملكيتها من الأب إلى الابن إلى الزوج بطريقة البيع بالقبض كأي سلعة تباع وتشترى، وانتشر اتخاذ المرأة سلعة للعب واللهو وانحلت عقود الزواج، فكانت المرأة تطلق مرات كثيرة في سبيل المال والجاه، وكانت تخرج للمجتمع في سبيل نشر فكرة الاختلاط الفاسد للمتعة واللهو، ثم إذا ما وجد من خروجها حاجة تحبس بحجة التدين والتشدد.

لا ننكر أن المرأة حظيت ببعض الحرية في بعض العصور مثل مكانتها عند الفراعنة والبابليين، ولكن هذا الأمر لا ينفي بأن هذه الحرية إنما كانت سبيلا لإيصال المجتمع لأسباب الانحلال الأخلاقي الذي يؤدي بدوره إلى تفكك الأسرة وضياعها، ولا ينفي أيضا أن الغالب كان إهانة المرأة والامتهان من مكانتها.

| ثالثا: المرأة في الهند قديما: سادت قوانين ظالمة في ذلك العصر مثل أن يلزم الرجل باغتصاب زوجة المستقبل بالقوة، أو يحصل عليها مقابل مبلغ من المال، ولم يكن يعرف للمرأة أي حق مستقل، فهي إما أن تنسب للأب والزوج أو أي رجل من القبيلة، وإما أن تحرق حية وراء زوجها، وليس لها أي حق بالاستقلال بأي شكل، لعل من أشد الأمور غرابة أن ما سأذكره هنا من امتهان المرأة لا زال موجودا حتى العصر الحالي، بل وتحارب كل فكرة لتغيير هذا الامتهان الذي يقع بالمرأة لذلك كثيرا ما نرى الحملات ضد المسلمين وحملات التعذيب.

لا ننكر أن المرأة حظيت ببعض الحرية في بعض العصور مثل مكانتها عند الفراعنة والبابليين، ولكن هذا الأمر لا ينفي بأن هذه الحرية إنما كانت سبيلا لإيصال المجتمع لأسباب الانحلال الأخلاقي الذي يؤدي بدوره إلى تفكك الأسرة وضياعها، ولا ينفي أيضا أن الغالب كان إهانة المرأة والامتهان من مكانتها.

| رابعا: مكانة المرأة في الجاهلية: ويطلق لفظ الجاهلية على العهد الذي سبق الإسلام، فقد كان ينظر فيه للمرأة بنظرة دونية وتحقيرية على مستوى الأسرة، وكانت تُعامل كالمتاع من قِبل زوجها، وتحرم من الميراث والنفقة، بل ولم تكن تُرحم وهي طفلة، فتوأد خوفًا من العار، حتى إذا كبرت تُكرَه على البغاء والزنا للمتاجرة بها، بل وكانت الأم تورث للابن كمتاع من ممتلكات الأب، ولم يكن هنالك حد لتعدد الزوجات فكان يقع الظلم على الزوجات والهجر وكان بعضهم يطلق المرأة ليوقع الضرر بها فإذا ما اقتربت عدتها من الانتهاء، يرجعها إليه بقصد الإضرار بها ثم يطلقها مرة أخرى، وكانت هنالك الكثير من الأسر التي تدفع بناتها إلى البغاء طلبا لسعة العيش.

| المرأة والأسرة في الإسلام

شقائق4.jpg

بعد أن استعرضت لمحة سريعة توضح المهانة والذل الذي كانت تعيشه المرأة قبل الإسلام على مدى عصور كثيرة، أبين الآن كيف عالج الإسلام أمر المرأة وسد أي طريق موصل لظلم المرأة أو امتهانها:

فإن نظرنا أولا لحق الحياة، فإن الإسلام ضمن للمرأة حق الحياة ورتب عقوبات شديدة على القتل، وساوى في ذلك المرأة والرجل، فمن قتل امرأة كمن قتل رجلا، لذلك لم تعد ظاهرة وأد البنات موجودة في المجتمع، بل وبيّن أن أصل المرأة والرجل واحد: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا".

وأتى الرسول الكريم ليغير الكثير من الأخطاء التي كانت تتعرض لها المرأة، فإن نظرنا للزواج فإنه حقيقة لا يتم شرعا إلا برضا الفتاة عن الخاطب وتقبلها له، وشرع الإسلام المهر كحق للزوجة، وكانت فكرة المهر بمثابة تقديم الزوج المهر كبرهان على قدرته الكاملة بالالتزام بالأمور المالية من نفقة وغيرها تجاه زوجته، وبرهان على رغبته بها كزوجة دون قصد التلاعب، إذ ألزم نفسه بالتزام مالي، والمهر يدل على جعل الإسلام للمرأة ذمة مالية تستقل بها عن الرجل مع بقاء مفهوم النفقة واجبا على الرجل، إذ المرأة تملك حق فتح المشاريع الخاصة بها واستثمار أموالها بنفسها.

وفي الحقيقة إنما شرع الزواج للتكاتف والتعاضد بين المرأة والرجل، وليؤدي كل منهما دوره في المجتمع، ودوره في بناء أسرة مستقرة، كما راعى الإسلام حالة المرأة النفسية وأسقط عنها تشريعات كالصلاة والصيام في بعض ظروفها الخاصة، بل والزوج ملزم بمراعاة الحالة النفسية للمرأة، فالطلاق الواقع وقت الحيض أو النفاس باطل لا يقع، ولا ننسى وصية النبي – عليه الصلاة والسلام – "رفقا بالقوارير".

شقائق1.jpgولم يقتصر الإحسان في الأسرة على الزوج والزوجة، بل ويقول النبي الكريم:" مَنْ وُلِدَتْ له ابنةٌ فلم يئِدْها ولم يُهنْها، ولم يُؤثرْ ولَده عليها ـ يعني الذكَرَ ـ أدخلَه اللهُ بها الجنة"، فجاء الأمر للأب بأن يحسن إلى بناته، بل وجاء ذم إيثار الذكر عليها أو تفضيله، ولم يقتصر الأمر على الأب بل جاء الأمر للإخوة أيضا بالإحسان إلى أخواتهم: "مَن كان له ثلاثُ بناتٍ أو ثلاثُ أخَوات، أو ابنتان أو أُختان، فأحسَن صُحبتَهنَّ واتَّقى اللهَ فيهنَّ َفلهُ الجنَّةَ".

وإن نظرنا إلى موضوع الميراث فإن ما هو سائد عند الكثير على أنّ المرأة على النصف من الرجل في الميراث كقاعدة عامة غير صحيح، بل ومعايير التفاوت في الميراث لا علاقة لها بالذكورة ولا بالأنوثة، فالرجل مثلاً حين يتوفى ويترك بنتاً وأماً وأباً فإن البنت تأخذ النصف، والأم تأخذ الثمن والأب يأخذ أقل من حصة البنت، ذلك لأنّ معايير الميراث في الإسلام تنبثق من منظورين: الأول: درجة القرابة، والثاني: حكمة الله في موقع الجيل الوارث، فكلما كان الجيل صغيراً مستقبلاً للحياة كان نصيبه من الميراث أكثر من غيره، والحالة التي تتفق بها درجة القرابة وموقع الجيل الوراث، ترث بها المرأة على النصف من الرجل.

والاستقراء للحالات المختلفة على مدى تاريخ التشريع الإسلامي، تُبيّن أن المرأة ترث أكثر من الرجل أو مثله فيما يزيد عن ثلاثين حالة، بينما ترث المرأة على النصف من الرجل في أربع حالات فقط، وفي هذه الحالات ما لله من حكمة في الفرق بين العبء المالي المُلقى على عاتق الرجل، والعبء المالي للمرأة، بما يتضمن من إعفاءات وتخفيفات عنها في كثير من التكاليف المالية والبدنية وإلقائها على عاتق الرجل، كمسألة النفقة ولو كانت الزوجة غنية، مع إيجاد ذمة مالية خاصة للمرأة تستطيع بها التصرف بمالها كما تشاء، كما ألزم الرجل بدفع المهر دون المرأة، على الرغم من أن كلاهما منتفع من الزواج.

شقائق2.jpg
وإن نظرنا لمفهوم القوامة فإن قوامة الرجل في حقيقتها قوامة تكليف للرجل، وتشريف للمرأة، فقوامة الرجل تعني قيامه بشؤون المرأة، من توفير النفقة والحياة الطيبة، وسبل حمايتها وحماية أهل بيته لها بما يندرج تحتها من تفاصيل، والقوامة إنما جعلت على الرجل مراعاة للفروق بين الرجل والمرأة، فلم تكلف المرأة بإرهاق نفسها بالنفقة على أبنائها وأهل بيتها، بل إن مالها حق لها تنفقه كيف شاءت، ولا يحق لأحد بإجبارها على إنفاقه أو أخذه بغير حق.

إن المتأمل في حياة نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام يرى دفء الأسرة المسلمة، وتكريمها للمرأة وإن ذلك يظهر في معاملة النبي -صلى الله عليه وسلم- لنسائه؛ إذ كان رحيمًا بهن، عطوفًا عليهن، محسنًا إليهن، مدافعًا عن حقوقهن، قائما على شؤون بيته، يخدم نفسه وأهله ويبين لنا كيف أتى الإسلام ليرفع من قدر المرأة كزوجة، ويحث على معاملتها برحمة وعطف، ويساهم في محاربة ما يهينها، وكيف أوصى الأبناء ببر أمهم بل وشدد عليه، فأصبحت أحق الناس بصحبة أبنائها، كرّمها كطفلة، وأوصى بحفظ كرامتها، وحياتها، وحيائها، فكان الإسلام مكرمًا لها أمًا وأختًا، وابنة وزوجة.

| هٌن شقائق الرجال في ميدان العلم والمعرفة 

شقائق 4.PNG

إن من جهل بعض فئات المجتمع، وقلة درايتها أن تظن بأن الإسلام يأمر بترك المرأة على جهلها، ثم يأمرها بتربية أبنائها، وهي لا تمتلك القدرة على تعليمهم ومعاونتهم، ونقض هذه المعاني من ثمرات الحديث الشريف أيضًا، فإن المرأة مماثلة للرجل في طلب العلم، بل ولو نظرنا لتاريخ المرأة في سياق العلم، فإنه تكاد تندثر سير الصالحات من النساء من الأعمال التاريخية، وفي نظري أرى أن سبب هذا الاندثار تصدير صورة الرجل العالم للمجتمع من قبل البعض باستمرار، في حين تخفى سير العالمات المسلمات ويقل الحديث عنها.

 كما يمكن عزو ذلك إلى ابتعاد أكثر أفراد المجتمع عن الكتب الأصيلة التي لم يتوانى العلماء بذكر سير عالمات مسلمات برعن في علوم الطب والفلك والفقه وغيرها، وانتظار وجبات القراءة السريعة من التلفاز ومواقع التواصل، فيمكنني هنا الإرشاد إلى كتابين للتوسع في مثل هذا الأمر فمثلا كتاب"صفحات مشرقة من سيرة العالمات المسلمات" وكتاب "العالمات المسلمات من ورثة الأنبياء" والأمر كذلك في العلوم الشرعية فإندثار ذكر جهود المسلمات يخيَّل للمجتمع أن الفقه وعلوم الشريعة قامت على جهود الرجال دون النساء، فلا نغفل عن النساء اللواتي حضرن درس العلم في المسجد النبوي، وكُنَّ جزءًا فاعلًا في النسيج المجتمعي، حتى ضجت غرف أمهات المؤمنين، وكُنَّ أشبه بالمنتديات الثقافية التي يَرِدها كل سائل وباحث.

شقائق6.jpg

وفي ذلك تقول عائشة رضي الله عنها: ”نعم النساء نساء الأنصار؛ لم يكن يمنعهن حياؤهن أن يتفقهن في الدين”، حملن الرسالة بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وكُنَّ لواءً وذخرًا وحمىً لهذا الدين، إذ استمر إقبال الصحابة على حجرات النبي ليأخذوا عن عائشة - رضي الله عنها - الفقه، ويقول أبو موسى الأشعري في ذلك: “ما أشكل علينا أصحابَ رسول الله حديث قط، فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علمًا”.

وهذه نماذج لنساءٍ كُنَّ ذوات علم، وعلى قدر من اعتناق الحق، وحفظ مواثيق هذا الدين، السيدة شفاء بنت عبد الله، فكانت أول معلمة في الإسلام، أجادت القراءة والكتابة وتعليم الصبيان، حتى شاع عنها؛ رجحان العقل، وحدة الذكاء، وصواب الرأي، فاستعملها عمر بن الخطاب على شؤون السوق. والسيدة عُمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية، فحفظت حديث عائشة، وكانت أعلم ثلاثة بحديث عائشة -رضي الله عنها- وأظهرت قدرة فائقة على الحفظ، وروى عنها البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.

شقائق5.jpg

وبدأت السيدة زينب بنت علي، مجالس العلم بعد أن شهدت مقتل الحسين، فسافرت إلى المدينة ثمَّ إلى مصر لتقيم فيها، وتعلم أهلها الفقه، وكان لها مجلس تحضره النساء اللواتي يردن تفقهًا، وحذت حذوها فاطمة بنت الحسين التي خلدت ذكر الحسين، وما حل بآل البيت بالشعر. وكذلك أختها سكينة بنت الحسين التي اعتنت بالأدب والأدباء، وكانت تحب العربية وتجمع الأدباء حولها، حتى كان لها ما يعرف اليوم (بالصالون الثقافي) الذي يتناول أمور الدين، والفقه، والأدب، والعلم.

ولم تنحصر الريادة النسوية على آل البيت من النساء، بل تجاوزتهم إلى عموم المسلمين، فهذه الكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج الإبري، اشتهرت بحسن الخط، وكانت تكتب للخليفة، كما كتبت في الحديث والوعظ والتذكير واللغة والتاريخ والأدب. ويذكر أنه كان يحضر مجلس الموطأ خمسمائة طالبة يحفظن موطأ الإمام مالك -رحمه الله-، ويحفظن المطولات في الفقه، ولا نغفل عن السيدة نفيسة بنت الحسن، تلميذة الإمام مالك التي حضرت مجلسه، ثم ارتحلت إلى مصر؛ لتبدأ مجلسها الخاص، حتى عُدَّ الشافعي - رحمه الله - من تلاميذها، ولم ينقطع عنها حتى وفاتها، وكذلك تلميذة ابن تيمية فاطمة بنت عباس البغدادية.

| حقيقة عمل المرأة وموقف الإسلام منه

شقائق7.jpg

إن فكرة عمل المرأة من الأفكار المقبولة في سياق الحديث عن نظرة الدين للمرأة، بل والأدلة على مشروعيتها كثيرة من القرآن والسنة وسير الصحابيات ونساء النبي، وقد ثبت أن المرأة كانت تعمل جنبا إلى جنب مع الرجل في مجالات مختلفة كالتعليم والتطبيب والتمريض والإفتاء والتجارة، والمرأة مكلفة بالعمل كما الرجل مكلف به، يقول تعالى: "للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن" فهنا نسب الكسب للمرأة دلالة على ما تكتسبه بعمل يدها، وقد عملت كثير من النساء عهد النبي عليه الصلاة والسلام وبشرهن بالأجر العظيم.

فقال: "أطولكن طاقة أعظمكن أجرا"، وخير مثال على هذا تعليم النساء القراءة والكتابة، ومشاركتهن في غزوات مع النبي عليه الصلاة والسلام، وكن يمرضن ويداوين الجرحى، ويمكن تقسيم عمل المرأة إلى قسمين كالتالي:

| أولا: عمل لا يمكن الاستغناء فيه عن المرأة أبدا لأهميتها في شغله، كالتطبيب والتمريض والتعليم، ومثل هذه الأعمال لا بد من تهيئة طائفة من النساء لإشغال مثل هذه الأماكن، وسد الحاجة فيها، وفي ذات الوقت لا بد من مراعاة ضوابط الالتزام باللباس الشرعي، وتجنب الاختلاط إلا للحاجة، ليكون عمل المرأة سادًا للحاجة لا بابًا للفتنة والفساد.

شقائق3.jpg
| ثانيا: عمل يقوم به الرجل، ولا تتوقف فيه حاجة الأمة على للنساء، وهذا مما يجوز للمرأة مزاولة الأعمال الخاصة به بحسب الضرورة والإمكانيات والمقدرة، وبحسب الضوابط الخاصة بعمل المرأة من تجنب الاختلاط إلا لحاجة، و في حقيقة الأمر، إن عمل المرأة في العصر الحالي في مثل هذه المجالات لا يخلو من كونه حاجة للاستمرار بحياة كريمة، ولو بأقل إمكانياتها، فيتوجب هنا مراعاة ضوابط الخروج، وضوابط الاختلاط من كلا الجنسين.

إن المتعمق في التشريع الإسلامي وأحكامه يظهر له حقيقة تكريم المرأة وإعلاء شأنها عن أن تكون سلعة ومجرد متعة للرجال، فكانت التكاليف الكثيرة في سبيل حماية حقها وإعطائها مكانة رفيعة عالية، وإعلاء قدرها بالعلم والحياء لتتحول مكانة المرأة من متاع للرجل كما ينظر لها الجاهليون إلى مكون هام يساهم في رفعة المجتمع وجعله مكاناً أفضل، فالمرأة مشكاة نور متى ما أحسنت استثمار نفسها كانت نورا يضيء عالم من حولها، وكانت رفيقة تسهل أوجاع الحياة وتيسر السير رغم صعوبات الحياة.