بنفسج

خبطة قدم وتلويح معصم: طفولتنا تغني فلسطين

السبت 19 سبتمبر

لمّا أن كانت الرقصات أحد أهم صور التراث والحضارة التي تُعبر بشكلٍ أو بآخر عن ثقافات الشعوب والأمم، وتثير العواطف التي يشعر بها الشعوب إزاء أوطانهم، كما تشير كل رقصة، بالبنان، إلى أصولها والبقعة التي نشأت منها، غدا من الأهمية بمكان تعلّم فنون هذه الرقصات التي تمثل بحدّ ذاتها ثقافات متنقلة ومتحركة عبر الفضاء الواسع، ومن هنا انبثقت فرقة Off-Stage Kids Band  الفلسطينية من مدينة رام الله.

على وقع أنغام الدبكة الفلسطينية وكلمات الأغنية الشعبية الشهيرة "وين ع رام الله وين ع رام الله، ولفي يا مسافر وين ع رام الله، ما تخاف من الله ما تخاف من الله، سرقت قليبي ما تخاف من الله" يتراقص أطفال الفرقة بحركاتٍ وخطوات مدروسة لها معانٍ موحدة ومشتركة في عالم الرقص الشعبي الفلكلوري، يرتصون وينفصلون كخلية واحدة تُشكّل فريقًا طفوليًا فلسطينيًا، تتسامى فيه آيات الفن والإبداع.

| دمج التراثي بالمعاصر

 
بدأت  نرمين صافي عملها الفني، وتحديدًا الاستعراض المسرحي للأطفال قبل 4 سنوات، وذلك من خلال تأسيس فرقة Off-Stage Kids Band  الفلسطينية.
 
 كانت الفكرة من وراءها إشغال الأطفال بتقديم عروض منوعة على المسرح، خاصة في مجال الرقص والدبكة والرقص التعبيري، وتتناول الفرقة الكثير من الفنون الجميلة، بحيث لا تقتصر على الدبكة الفلسطينية التراثية، إنما تدمجها مع المعاصر.

تقول مؤسِسة فرقة Off-Stage Kids Band نرمين صافي: "بدأت عملي الفني، وتحديدًا الاستعراض المسرحي للأطفال قبل 4 سنوات، وذلك من خلال تأسيس هذه الفرقة التي كانت الفكرة وراءها إشغال الأطفال بتقديم عروض منوعة على المسرح، خاصة في مجال الرقص والدبكة والرقص التعبيري وكذلك Hip hop، أيضًا Breakdance، والعديد من الرقصات حول العالم".

وتتناول الفرقة الكثير من الفنون الجميلة، بحيث لا تقتصر على الدبكة الفلسطينية التراثية، إنما تدمجها مع المعاصر، وتقدم عروض لبنانية، شامية، عراقية وتركية، وهناك رقصات عديدة من دول مختلفة كالهند وباكستان، وأخرى أفريقية، وفي سؤالي عن الفكرة من تعدد الفنون؟ تُجيب: "الهدف هو أن يصبح لدى الأطفال قدرة على الإلمام بمعظم ثقافات العالم، ونحقق ذلك من خلال تكرار هذه الثقافات في كل عروضنا، ولكن بالتركيز على أغاني وإيقاعات مختلفة".

ويأتي هدف صافي وفريقها المكون من 25 شخص فنان ومدرب وممثل، من إيجاد هذه الفرقة في تخفيف ارتباط الأطفال الوثيق بالأجهزة الإلكترونية، وتوظيف طاقاتهم بشكل إيجابي على المسرح لينطلقوا أمام الجمهور بثقة تامة دون خوف وتردد؛ مما ينعكس على شخصياتهم عمومًا، مؤكدة على أهمية الدمج بين أطفال الفرقة أنفسهم لتكوين صداقات فيما بينهم، فتتجلى روح الصداقة والعائلة الواحدة على الأداء الإيجابي الفعّال على المسرح وأمام الجمهور.

| حضور لافت

ث44.png

وتحدث أعضاء الفرقة الأطفال المتميزون عن تجربتهم، فقالت لانا أبو شلبك (11 عامًا): "انضممت للفرقة منذ تأسيسها، وتلقيت العديد من الدورات في رقص الزومبا، والباليه. أعزف أيضًا على آلة القانون التي عملتْ على تقوية الإيقاع لدي". أما كريم السعدي (13 عامًا) الذي شارك لانا سنوات الانضمام للفرقة، قال: "حاليًا أنا مهتم جدًا بالاستعراض المسرحي الذي أتدرب عليه مع Off-Stage بشكل احترافي". وكذلك عبّرت ليان أبو عين (14 عامًا) عن سعادتها بالتدرب على الرقص المعاصر، معهم وأبدت اهتمامها كذلك في الغناء والتأليف.

ويتسم تدريب الأطفال في الفرقة بثلاث سمات تذكرها صافي: "نعمل أولاً على العامل النفسي من خلال تكوين صداقات بين أعضاء الفرقة، والتركيز على إدراك كل طفل مدى أهمية العمل الذي يقوم فيه. ثانيًا الإيقاع، حيث نهتم على ضبطه ليعرف كل عضو متى يقف، ومتى يستمر، ومتى يتشارك مع زميله على المسرح بدّقة عالية. ثالثًا، تميُز العمل الذي نقدمه من خلال تنويع الثقافات العالمية، وإدخال رقصات جديدة، وإتقان أخرى لتقديمها بحرفية وحس عالٍ".

https://www.facebook.com/nermin123/posts/1454205244775614

ويعمل الأطفال على رسم البسمة من خلال تواجدهم في معظم المناسبات الفلسطينية، تقول ليان: "شاركت في عروض كثيرة بفلسطين، على مسرح القصبة برام الله وأخرى في الطيرة، وأتواجد دائمًا في الفعاليات التي تقيمها بلدية رام الله"، حيث كانت عضو في مجلس بلدية أطفال رام الله. أما كريم، فأكد مشاركته في كافة عروض الفرقة داخل فلسطين، وعلى استعداد للمشاركة في خارجها كذلك، وقد تواءم حديثه مع لانا بقولها: "آمل أن أشارك في عروض مع الفرقة خارج فلسطين حتى نصل للعالمية انطلاقًا من القدس".

| لغة واحدة

تؤكد نرمين صافي تحقيقهم الكثير من النجاحات منذ أن انطلقوا، تقول: "حاولنا أن يكون لنا بصمة في كل مكان، وجرى تكريم الفرقة من سلطة المياه الفلسطينية عن مشاركتهم في أوبريت حبال المطر الذي أقيم في مارس 2019 على مسرح وسينما القصبة برام الله". وكذلك تم تكريمهم بمشاركتهم في عروض مجانية لمرضى جمعية الثلاسيميا، وتنوعت مواقع عروضهم من رام الله إلى القدس، بيت لحم والكثير من المحافظات الفلسطينية.

"ما الأنشطة التي تسعون إلى تقديمها في مختلف عروضكم؟"، أجابوا: "نركز في أنشطتنا على أن تجمع بين ثقافات العالم، وتكون اللغة التي تقول إن جميع البشر واحد باختلاف ألوانهم وأشكالهم وجنسياتهم، ولذلك لم نميز بين ثقافة وأخرى نستعرضها على المسرح، ومن الأنشطة التي تميزت فيها Off-Stage Kids Band نشاط رقص استعراضي على أغنية "عاليا اليا عيني اليا"، وهي أغنية من أداء فرقة تكّات السورية التي تعمل على تقدم أغاني تراثية شامية بشكل معاصر، وتقدمها من منظور آخر.

ث43.png

تقول صافي: "جسدنا هذه الأغنية التراثية الجميلة، وقد لفتت نظر فرقة تكّات كثيرًا، وقدمنا العرض في بيرزيت حيث أحبّ الناس أدائنا فيها"، تستدرك: "من خلال هذا العرض أدركنا جيدًا أن الأطفال يتمسكون بالتراث أكثر عندما يتم دمجه مع المعاصر بأفضل صورة ودون إخلال بجوهره الأصيل".

ولم تكتفِ الفرقة بتقديم العروض الاستعراضية الغنائية، إنما تعد منصة لتقديم مواهب الأطفال الاستعراضية من خلال تقديمها عروض ترفيهية لهم بالمسرحيات والرقصات المنوعة، أما عن مضمون المسرحيات، تُجيب: "هي مسرحيات ترفيهية هادفة نقوم نحن بكتابتها وتمثيلها مع شخصيات خاصة بنا، أو شخصيات من عالم ديزني وعالم الأفلام، ولدينا 13 شخصية من عالم الأطفال المميز". وللفرقة طاقم كامل يُقدم أفضل الفقرات الترفيهية للصغار في الحفلات.

| سفراء فلسطين

فرقة.jpg
الفرقة في مخيم شبابيك عام 2018 لدعم مرضى السرطان

اتفق جميع أطفال الفرقة على أهمية دور الأهل في الوصول لموهبة الطفل وتعزيزها لديه واستثمارها بالشكل الإبداعي، وكما يقول الكاتب الفلسطيني أدهم الشرقاوي: "كيف يُمكِنُ للبذرة أن تُصدِّق أنَّ شجرةً ضخمةً مخبَّأةً داخلها، ما تبحثُ عنه موجودٌ في داخلك". إن كل حس إبداعي ينمو لدى الطفل ويصبح شخصية متميزة في المستقبل بالدعم والتشجيع، تقول نرمين: "بعد 4 سنوات من العمل الدؤوب، أصبح لكل طفل متابعيه وجمهوره، وأصبح يستشعر أهمية عمله وفنّه".

إن للفرقة طموح عالٍ في اعتلاء المسارح العالمية وتقديم مسرحياتها وعروضها من هناك، تقول صافي: "نأمل في أن نُطلق مهرجانات خاصة بنا نقيمها في أماكن مفتوحة، وعندما يدخلها الطفل ينسى كل همّ وحزن عاشه من قبل، ويغوص في عالم الأطفال المنوع الملون والجميل، فهدفنا رسم البسمة على وجوه كل أطفال العالم، ونراعي نفسياتهم التي يعيشونها في ظل الواقع الحالي".

وحمل الأطفال رسائلهم لأطفال فلسطين وأطفال العالم كله، فكانت رسالة لانا هي أن حلمك سيتحقق بإصرارك وعملك ومثابرتك، ويمكن للهِواية أن تصنع الكثير، فيما قال كريم: "رسالتي لكل أطفال فلسطين هي مهما كانت موهبتك اعتبر حلمك جسرك لتحقق ذاتك بكل تحدٍ وإصرار"، ووافقتهم ليان الرأي: "أقول للأطفال اسعوا وراء موهبتكم حتى تصلوا لما تتمنون وسيتحقق حلمكم، فلا شيء مستحيل".

ويبقى حلم الفرقة ممثلة بهؤلاء الأطفال، تقديم عروض لكافة ثقافات العالم، بحيث ينتشر اسم فرقة Off-Stage Kids Band من فلسطين، ويقدم عروض في كل دولة يجسد ثقافتها، تشير صافي: "نسعى أن يصبح أعضاء الفرقة الصغار سفراء فلسطين، ونأمل بتحقق حلمنا حتى يعرف العالم أننا نمد يد السلام للعالم أجمع، للهند، إسبانيا، تركيا، الأردن، العراق، لبنان، وكل بقعة على وجه الأرض".