لكل فرد منا في هذه الحياة الكثير من الطموحات التي تدفعه للعمل من أجل تحقيق إنجازات ونجاحات لا يمل من الحديث عنها ومشاركتها مع الآخرين، لكن خلف ستار هذا النجاح هناك ما لا يشعر به إلا صاحبنا، هو وحده من يشعر برهبة النجاح والخوف من الفشل.

أذكر جيدًا، في كل يوم، ذلك الشعور الذي كاد يفتك بي لولا عناية الرحمن، ذلك الشعور الذي جعل مني دمية لمخاوفي،  أذكر جيدًا خفقان قلبي الشديد في يوم امتحان مصيري كنت قد حضرت له جيدًا، فخوفي حينها كان قادرًا على أن يسلب مني الكثير من الأشياء بمنتهى السهولة.

 هل فكر أحد منا كيف لهذه المخاوف أن تؤثر على أجسادنا، ليس فقط من الجانب السيكولوجي، بل أيضًا على الجانب الفسيولوجي. كيف أن هذا الخوف المتواصل قد يصيب أجسامنا بالعديد من الأمراض، علاوة على أنه قد يكون السبب في تغير مسار حياتنا! إليكم بعض هذه الأثار 

| القلق والذعر

يُعرف القلق على أنه حالة مزاجية تتصف بالشعور بعدم الارتياح والخوف من حدوث أمر ما، وغالبًا ما يكون قائمًا على المواقف التي تعرض لها الإنسان سابقًا.

وغالبًا ما يكون الذعر عبارة عن ردة فعل الجسم للخوف، وهذا قد يؤدي إلى جملة من الأعراض الفسيولوجية، من بينها التعرق، وتسارع في نبضات القلب، والغثيان.

| آثار الخوف على صحة القلب

يؤثر الخوف على عمل القلب والأوعية الدموية؛ فالخوف الشديد وعلى المدى الطويل الذي قد يستمر لعدة شهور أو حتى سنين يتسبب في مشاكل خطيرة للقلب، فالخوف يعمل على اندفاع هرمون الأدرينالين الذي يُفرز من الغدة الكظرية، والمعروف بهرمون الكر والفر، حيث يعمل على زيادة ضربات القلب، كما ويعمل على تضيق الأوعية الدموية لزيادة ضغط الدم فيها ودفع الدم إلى العضلات لتزوديها بالأوكسجين والغذاء. 

قد يؤدي زيادة مستوى الأدرينالين على المدى الطويل إلى تلف القلب، وذلك لأنه يتسبب في فتح قنوات الكالسيوم بداخل القلب، فيندفع الكالسيوم من خلالها إلى خلايا القلب، الأمر الذي يتسبب في انكماش عضلة القلب، وفي حالة الهلع، أو الخوف الشديد، لا يتوقف الكالسيوم عن التدفق، وبالتالي، فإن عضلة القلب لا يمكنها الاسترخاء، ويتطور ما يسمى بعدم انتظام ضربات القلب أو الرجفان البطيني.

| ضعف المناعة

على المدى القصير، يزيد الخوف والتوتر من استجابة الجهاز المناعي، لكن على المدى الطويل يتسبب في ضعف جهاز المناعة، حيث أنه يعمل على زيادة في إفراز هرمون الكورتيزون، والذي يؤثر سلبًا على عمل كل من خلايا (T-cell)، وكريات الدم البيضاء، الأمر الذي ينعكس سلبًا على مناعة الجسم بسبب نقص الخلايا والإفرازات المسؤولة عن تنظيم الجهاز المناعي.

| آثار الخوف على الجهاز الهضمي

يؤثر الخوف على المدى القصير على عمل الجهاز الهضمي؛ فيؤدي إلى فقدان الشهية وبطء عملية الهضم، وكذلك على المدى الطويل، يؤدي إلى حدوث العديد من المشاكل في الجهاز الهضمي؛ مثل الإمساك أو الإسهال أو عسر الهضم واضطرابات المعدة، كما ويؤدي الضغط العصبي المزمن إلى مشاكل أكثر خطورة مثل متلازمة القلون العصبي. 

| الرُهاب وقلة الثقة بالنفس 

يُعرف الرهاب، والذي يكون بالعادة مرتبطًا بأمر ما على أنه الخوف المتواصل من مواقف أو نشاطات أو حتى كائنات معينة، يحدث عند رؤيتها أو التفكير بها؛ مثل رهاب العناكب أو الخوف من الحيوانات والطيور. وغالبًا ما يمر الشخص الذي يعاني من الرهاب بالضيق مما يعيشه لإدراكه بأن الخوف الذي يعاني منه غير منطقي، لكنه لا يستطيع التخلص منه، وربما يحتاج للخوع للعلاج النفسي لدى خبير مختص.

كما ويعمل الخوف في الكثير من الأحيان إلى فقدان الثقة بالنفس، فالإنسان الذي يخاف كثيرًا تنخفض لديه ثقته بنفسه، بل من الممكن أن تؤدي إلى الاكتئاب أيضًا.

| تفويت الفرص وإضاعتها

يمكن للخوف أن يجعل الناس يفوتون الكثير من الفرص، وتمنعهم من القيام بالكثير من الأمور التي تعود عليهم بالمنفعة، فقد تدفعهم لتغيب عن المواعيد المتعلقة بصحتهم، كمواعيد الفحوصات الدورية، وكذلك قد تدفعهم لتجنب التجمعات الأسرية والأصدقاء وغيرها من الأنشطة المهمة للصحة النفسية بشكل عام.

| الاكتئاب

يُعرف الاكتئاب على أنه اضطراب مزاجي أو عاطفي يسبب شعورًا مستمرًا بالحزن، ويؤثر على طريقة تفكير وتعامل الشخص مع الأنشطة اليومية والأحداث المحيطة.

إن شعور المرء بالخوف المستمر من القيام بالعديد من الأمور الحياتية أو حتى الإقدام على أي عمل جديد، يولد شعورًا بالحزن والعجز وقلة الثقة بالنفس، والتي بدورها تسبب الاكتئاب.