مراجعة وتدقيق الأخصائية النفسية دعاء عبد الحميد

"أنا متعبة جدًا"، تنهدت. كانت الساعة الثالثة عصرًا، ولم أستطع مقاومة الرغبة المُلِحَة في النوم. كنت قد نمت جيدًا في الليلة السابقة، ومع ذلك شعرت بجفوني ثقيلة، وبدت لي الأريكة مريحة جدًا، حتى في وسط الفوضى التي صنعها أطفالي الصاخبين الثلاثة، كان جسدي عازمًا على سباتٍ حتى فصل الربيع. منذ أيامي الجامعية، دائمًا ما كانت أيام الخريف الباردة تشعرني بالتعب، بالحزن، بالجوع، وبالوحدة. هذه التغيرات كانت في أوجّها عندما كان أطفالي رضّعًا، ولكن على مدار السنوات تعلمت ببطئ كيف أتحكم بحزني المرتبط بفصل الخريف".

يدعى حُزن الخريف أو كآبة الشتاء، باضطراب الوجداني الموسمي (SAD) Seasonal Affective Disorder. وهو نوع فرعيٌّ من الاكتئاب، يبدأ في أواخر الخريف أو مع بدايات الشتاء، ويذهب مع بداية الربيع. يمكن أن يتجلى في صور عديدة؛ فيتراوح بين كآبة شتائية خفيفة إلى حالة منهكة.

يشعر الناس ممن يختبرون الاضطراب الوجداني الموسمي بأعراض؛ كالحزن، الغضب أو الانفعال السريع، والتوتر، والتعب طوال الوقت. كما أنهم يرغبون دائمًا بالمأكولات ذي السعرات الحرارية العالية كالسكريات والنشويات، والتي تؤدي لزيادة في الوزن، عدا عن تجنبهم الخروج من المنزل أو المشاركة في الأنشطة الاجتماعية.

| الاضطراب الوجداني الموسمي

 

"إن قضاء الوقت في الطبيعة، يمكنه زيادة النشاط الجسدي، وتخفيف القلق، وتحسين مَلَكة الإبداع، وتعزيز الشعور بالرضا عن الحياة".

من الممكن أن يكون أمر قضاء الوقت أكثر تحديًا إذا كنتِ تعيشين في المدينة، إلا أنه من المثير للاهتمام، أن العيش في المدينة قد يخفض من خطر التعرض للاضطرابات النفسية، بما في ذلك الاضطراب الوجداني العاطفي.

لذا يمكنك: أن تختاري نشاطًا خارجيًا للاستمتاع به على مدار الشتاء، كالمشي مثلًا، أو أن تخرجي مع أطفالك وتحظوا ببعض المرح، أو أن تنضموا للتجمعات العائلية والأصدقاء.

الكثير من النقاشات تدور في الأوساط العلمية حول منشأ ومسببات الاضطراب الوجداني الموسمي، إذ لا يفهم العلماء تمامًا كيف يمكن لبعض الأشخاص الإصابة به بينما لا يُصاب به البعض الآخر. فالبعض من الناس ولسببٍ ما، في بقاع معينة من العالم، يكونون أكثر حساسية للتغير الموسمي وقلة ضوء النهار، ولكن العلماء لم يصلوا لحالة تامة من التفسير والتعميم، لهذا، فهم لا يتفقون على سبب واضح في تفسير حدوث أو تطوّر هذا الاضطراب.

تتفاوت الإحصائيات في إصابة والتشخيص بهذا الاضطراب، جندريًا، فالنساء معرضات غالبًا لهذا الاضطراب أكثر من الرجال بنسبة 4 إلى 1، كما أنه الأكثر شيوعًا بين صفوف الشباب والمراهقين. هل أنتِ مصابة بحزن في فصل الخريف أو الشتاء؟ شاركنا لكِ في الأسفل خمسة طرق مثبتة لتساعدك في السيطرة على الاضطراب الوجداني الموسمي، حتى تستمتعي بفصليّ الخريف والشتاء على أكمل وجه.

| ابحثي عن المساعدة

"بعد إنجابي لطفلي الثالث تعرضت لاكتئاب ما بعد الولادة، وكان شديدًا ومنهكًا، لقد كانت تجربة مخيفة بالفعل. لقد أردت السعي للحصول على مساعدة، ولكنني شعرت بالوحدة والحيرة والخجل. بعد شهورٍ عديدة من الضياع، أخذت موعدًا لمقابلة الطبيب. ولدهشتي كان رؤوفًا وداعمًا، لا أظن أنني الحُطام الأمومي الوحيد الذي عبر من بابه. لو كان بإمكاني العودة بالزمن، ستكون النصيحة الوحيدة التي أقدمها لنفسي هي: "لا تنتظري، اذهبي واحصلي على المساعدة!"

إذا كنت تختبرين أعراض الاضطراب الوجداني الموسمي (أو أي شكل من الاضطرابات النفسية)، عليكِ أن تعرفي أنك لستِ وحيدة. من المهم أيضًا أن تتكلمي بما تشعرين به، لذا، عندما تقومين بأخذ موعد، قد يبدو الأمر مهمةً ضخمة، ولكن تذكري أنك تستحقين أن تكوني معافاة وبصحة جيدة وسليمة! فليكن لك دور في إزالة وصمة العار المرتبطة بالمرض النفسي، لا تكوني خائفة أو خجلة للتكلم عنه مع عائلتك أو أصدقائك. احجزي موعدًا للتكلم مع مختص في المهن الصحية والطبية (طبيب، طبيب نفسي، أخصائي نفسي).

| اخرجي إلى الطبيعة

" لقد وضعت أولوية لنفسي أن أتحدّى نفسي يوميًا للخروج مع أطفالي والتمتع بقدر من الطبيعة، مهما كانت الصعوبة في الخروج من المنزل في أشهر الخريف والشتاء، ومهما كانت المدة حتى لو اقتصر الموضوع على جولة سريعة حول الحي. "إن قضاء الوقت في الطبيعة، يمكنه زيادة النشاط الجسدي، وتخفيف القلق، وتحسين مَلَكة الإبداع، وتعزيز الشعور بالرضا عن الحياة". من الممكن أن يكون أمر قضاء الوقت أكثر تحديًا إذا كنتِ تعيشين في المدينة، إلا أنه من المثير للاهتمام، أن العيش في المدينة قد يخفض من خطر التعرض للاضطرابات النفسية، بما في ذلك الاضطراب الوجداني العاطفي.

 لذلك، فإن الخروج والتنزّه هو أمر أكثر أهمية لمن يعيشون في المدينة. لذا، يمكنك أن تختاري نشاطًا خارجيًا للاستمتاع به على مدار الشتاء، كالمشي مثلًا، أو أن تخرجي مع أطفالك وتحظوا ببعض المرح، أو أن تنضموا للتجمعات العائلية والأصدقاء، وممارسة العديد من الفعاليات الجمعية كتناول الطعام، أو تنفيذ ألعاب المقالب والتحديات، أو ممارسة الرياضة، المشاركة في الندوات الثقافية.

| جربي العلاج الضوئي

يعتبر أحد أكثر طرق العلاج المقترحة للأشخاص لمن يعانون من الاضطراب الوجداني الموسمي، والتي أثبتت فعاليتها. لم أستخدم هذه الطريقة قط، ولكني أتساءل كل خريف إذا ما يجب علي أن أجربها، يشمل العلاج النفسي الضوئي قضاء فترة من الوقت تمتد من ٣٠ إلى ٤٠ دقيقة أمام ضوء ساطع بقوم ١٠٠٠٠ لكس.

| طبّقي فنيات العلاج السلوكي المعرفي

 

يعتبر العلاج السلوكي المعرفي أحد أفضل الأساليب التي استخدمتها لتعزيز ورفع مستوى صحتي النفسية. إذا لم تسمعي مسبقًا عن العلاج السلوكي المعرفي، فهو أحد أنواع من العلاج النفسي.

 

فعند الأشخاص المصابين باضطراب الوجداني الموسمي، يتم تحدي الأفكار السلبية المتعلقة بالشتاء والظلام، وتقييم مدى صحتها ومعالجتها وتحويلها لأفكار إيجابية.

 

من الرائع أن يكون العلاج المعرفي السلوكي منهجًا علاجيًا فعّالًا ومتساويًا بمقدار فعالية العلاج النفسي الضوئي للاضطراب الوجداني الموسمي، عدا عن كونه علاجًا طويل الأمد لهذا النوع من الاكتئاب.

يعتبر العلاج السلوكي المعرفي أحد أفضل الأساليب التي استخدمتها لتعزيز ورفع مستوى صحتي النفسية؛ فبعد اكتئاب ما بعد الولادة الجحيمي الذي عايشته، تم تحويلي من قبل طبيب إلى مختص نفساني لجلسة جَمعية في العلاج السلوكي المعرفي.

إذا لم تسمعِ مسبقًا عن العلاج السلوكي المعرفي، فهو أحد أنواع من العلاج النفسي. ويساعد الناس على تغيير الطريقة التي يفكرون بها تجاه أمر معين. فعند الأشخاص المصابين باضطراب الوجداني الموسمي، يتم تحدي الأفكار السلبية المتعلقة بالشتاء والظلام، وتقييم مدى صحتها ومعالجتها وتحويلها لأفكار إيجابية. من الرائع أن يكون العلاج المعرفي السلوكي منهجًا علاجيًا فعّالًا ومتساويًا بمقدار فعالية العلاج النفسي الضوئي للاضطراب الوجداني الموسمي، عدا عن كونه علاجًا طويل الأمد لهذا النوع من الاكتئاب.

يا للسخرية! كنت قلقة جدًا حول الانضمام لمجموعة من الأفراد، ولكن مع مرور ما يقارب ٦ أسابيع من الجلسات الدورية الجمعية، تعلمت الكثير من الأدوات والاستراتيجيات لمساعدتي في عملية التفكير، وبناء المعتقدات والأفكار المعرفية بشكل سليم وصحي.

لقد كان للعلاج السلوكي المعرفي تأثير إيجابي كبير على حياتي. لذا يمكنك أن تستفسري من طبيب نفسي، أخصائي نفسي عن العلاج السلوكي المعرفي، كعلاج لاضطراب الوجداني الموسمي. وأن تنضمي إلى جلسات جمعية يُمارَس فيها العلاج السلوكي المعرفي، وتُمارسي القراءة التثقيفية في العلاج المعرفي السلوكي وفوائده على حل الأزمات النفسية ومشكلاتها، وأهميته على الصحة النفسية.

| حركي جسدك!

 

التمارين الرياضية المنتظمة ضرورية لحياة صحية، وأكثر ضرورة إذا كنت تعانين من الاضطراب الوجداني الموسمي في الأشهر الشتوية.

فهي لا تساعد فقط على طرد التوتر والغضب، ولكنها تساعد أيضًا في التغلب على بعض أعراض الاضطراب السلبية، كزيادة الوزن والعزلة. لهذا عليكِ أن تجربي شيئًا جديدًا! كمتعة تجربة رياضاتٍ جديدة، ومقابلة أناس جُدُد.

وتُجربي التمرّن في المنزل إذا كان الخروج غير متاحًا، وتكوني نشيطة مع زوجك، مع أصدقائك، مع أخواتك، وأهم شيء، مع أطفالك! وإشراكهم في الرياضات التي تمارسيها، لخلق حالة من المتعة والتي تنعكس إيجابًا على رفع مستوى الصحة النفسية.

يُعَد القيام بتمارين رياضية منتظمة، هو آخر ما أود فعله خلال أشهر الشتاء، ولكنني أجبر نفسي على ذلك. قبل عدة سنوات بدأت رفع الأثقال، إنها عملية صعبة، خاصة عندما أفضل أن آخذ قيلولة على ممارسة هذا النوع من التمارين الرياضية، ولكنها تُبقي جسدي وعقلي سليمين خلال أشهر الشتاء.

التمارين الرياضية المنتظمة ضرورية لحياة صحية، وأكثر ضرورة إذا كنت تعانين من الاضطراب الوجداني الموسمي في الأشهر الشتوية. فهي لا تساعد فقط على طرد التوتر والغضب، ولكنها تساعد أيضًا في التغلب على بعض أعراض الاضطراب السلبية، كزيادة الوزن والعزلة.

لهذا عليكِ أن تجربي شيئًا جديدًا! كمتعة تجربة رياضاتٍ جديدة، ومقابلة أناس جُدُد. وتُجَدولي التمارين خلال أسبوعك بأنواع مختلفة من الرياضيات، وبأوقات زمنية مناسبة؛ استجمام خارجي، تمرين داخلي، رياضات فردية، رياضات جماعية. وتُجربي التمرّن في المنزل إذا كان الخروج غير متاحًا، وتكوني نشيطة مع زوجك، مع أصدقائك، مع أخواتك، وأهم شيء، مع أطفالك! وإشراكهم في الرياضات التي تمارسيها، لخلق حالة من المتعة، والتي تنعكس إيجابًا على رفع مستوى الصحة النفسية.