بنفسج

سيرة نفسية مختصرة لطفل تمتع بالرضاعة الطبيعية

الأحد 09 اغسطس

يتم الاحتفال في الأسبوع الأول من شهر آب/ أغسطس في كل عام، بالرضاعة الطبيعية على مستوى العالم، وتزخر المنصات الاجتماعية بالحديث عن فوائدها الجسدية لكلا الطرفين، يتم ذلك، بسبب ملاحظة عزوف الكثير من الأمهات عن الرضاعة الطبيعية – مع مقدرتهن الجسدية على ذلك - حيث تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن 38% فقط من الأطفال في جميع أنحاء العالم، تقتصر تغذيتهم على الرضاعة الطبيعية لمدة ستة أشهر.

بينما تختار بعض الأمهات ألا ترضع طفلها، تضطر أخريات إلى عدم فعل ذلك، بسبب شح الحليب لديها، كما قد تُنصح بعضهن من جهة طبية، باللجوء إلى الحليب الصناعي، لاعتماد الأم على أدوية قد تسبب الضرر للطفل، أو بسبب إصابتها بمرضٍ معدٍ تستحيل معه الرضاعة دون إصابة طفلها به، كالإيدز مثلا، أو بسبب قيامها بعملية جراحية، سابقة كاستئصال الثديين في حالة سرطان الثدي، كما من الممكن أن تكون الأم غير قادرة على إرضاع طفلها، بسبب إصابتها باضطراب نفسي، مثل اكتئاب ما بعد الولادة، أو الفصام، وغيرها. إن الهدف الأسمى في ذلك كله، هو مصلحة الطفل، وأن تكون الأم في حالة نفسية تسمح لها برعاية طفلها، وغمره بجوٍ من المرح والحب والاهتمام.

| فوائد الرضاعة الطبيعية

Syg0sH8gFN.jpg
تمطر الشركات المصنعة لبدائل الحليب الطبيعي الأمهات وابلًا من المعلومات غير الصحيحة، والمتحيزة، عن طريق الإعلانات والادعاءات الصحية لمنتجاتها، لذا، علينا العمل باتجاه معاكس، ونرفع الوعي بأهمية الرضاعة الطبيعية، لنخفف من أثر تلك الشركات على الأمهات خاصة اللاتي يخضن التجربة للمرة الأولى، والأمهات ذوات التعليم البسيط.

إن الرضاعة الطبيعية تقدم فوائد جسدية جمّة لكل من الطفل والأم؛ حيث يعتبر اللبن غذاءً آمنًا متاحًا يحتوي كل ما يلزم الرضيع من عناصر مغذية كي ينمو بصحة جيدة، كما أنه يحتوي على مضادات تساعد على حمايته من أمراض الطفولة الشائعة، كالإسهال والالتهاب الرئوي، ويصبح الطفل أقل عرضة لمتلازمة موت الرضيع المفاجئ والسمنة. في حين تقدم الرضاعة الطبيعية للأم فرصة طبيعية لتنظيم النسل (رغم عدم ضمانها الكامل)، كما تقلل من خطر الإصابة بسرطان الثدي والمبيض، وتساعدها على العودة إلى وزن ما قبل الحمل بشكل أسرع.

انفو الرضاعة.jpg

لكن فوائد الرضاعة الطبيعية تتجاوز تلك الفوائد الجسدية، كما تتجاوز أيضا ميزة توفير الوقت والمال، لتشمل الفوائد النفسية التالية، مقصد حديثنا اليوم:

| وقت تواصل: إن الوقت الخاص الذي تقضيه الأم وطفلها عند الرضاعة، هو وقت تواصل نادر بينهما، يتواصلان بصريًا بلا مشتتات، ويتلامسان بطريقة خاصة، يسهم ذلك كله في خلق رابطة قوية بينهما، يسودها الأمان وتدوم عبر السنين.

| تطور ذهني: تربط العديد من الدراسات بين الرضاعة الطبيعية من جهة، والتطور الذهني والعاطفي، ولاحقًا مستوى الذكاء من جهة أخرى. حيث أظهر الأطفال الذين تم إرضاعهم طبيعيًا، مستوى ذكاء أعلى، ومهارات اجتماعية، وتطورًا معرفيًا أفضل، مقارنة بغيرهم ممن تم إرضاعهم صناعيًا.

| تخفض من الحساسية للألم: إن آليات الرضاعة الطبيعية، وتلامس جسم الطفل مع الأم، تحفز إفراز هرمون الأوكسيتوسين الذي يقلل من الحساسية للألم، ويقلل الالتهاب، ويسهم بالنمو والشفاء، ويخفف من التوتر.

| تطور أداء الطفل: كما تشير دراسات أخرى إلى ارتباط الرضاعة الطبيعية، والأثر الإيجابي لتطور الطفل كأداء ذاكرته، والتطور اللغوي المبكر، ومهاراته الحركية، وتحصيله العلمي. أظهر بحث – عبر التصوير بالرنين المغناطيسي - تناسبًا طرديًا بين طول فترة الرضاعة الطبيعية، والتطور الإيجابي لدماغ الطفل.

| تطور اجتماعي وعاطفي: هناك علاقة تربط بين الرضاعة الطبيعية، والتطور الاجتماعي، والعاطفي لدى الطفل؛ حيث كان الأطفال الذين تم إرضاعهم طبيعيًا ذوي نشاط وحيوية أكبر من الآخرين، كما أشارت دراسات، أنهم أقل توجهًا للعنف في أعمارهم اللاحقة. لوحظ أن لديهم أيضا تحيزًا أكبر نحو المشاعر الإيجابية.

| تقليل التوتر: تشير دراسات إلى ارتباط الرضاعة الطبيعية بمعدلات أقل لاكتئاب ما بعد الولادة عند الأم، والذي يعتبر اضطرابًا شائعًا، حيث تبلغ نسبته في مجتمعنا 27% في دراسة أُجريت مؤخرًا. إن هرمون إدرار الحليب (البرولاكتين) لديه أثر آخر على جسم الأم، فهو يقلل من التوتر على الدماغ، وبالتالي، تصبح الأم أكثر هدوءًا وطمأنينة، مما يجعلها أقدر على التحكم بالتوتر الناجم عن التحول في حياتها بسبب مجيء الطفل الجديد.

وأخيرًا، علينا أن لا ننسى أن الرضاعة الطبيعية هي حق أساسي من حقوق الطفل الأولى في حياته، وأن الأم هي حامية ذلك الحق، وعن طريقها، يصل الرزق لمستحقه، لذا، عليها حمايته، والعمل على إيصال الأمانة ما استطاعت إلى ذلك سبيلًا.